بسم الله الرحمن الرحيم
الأصنام الأموية في النفس البشرية
الأمة عندما وقعت في أسر هذه الحكومة المنحرفة وكانت مقيدة في سجن شر خلق الله تعالى ومن ضمن التخطيط الأموي المنحرف أراد أن تكون هذه الأمة عبدة ً من عبيدها فنصبت الأوثان الغليظة واللطيفة أمام الأمة لكي تعبد حتى يتمزق الإيمان بعالم الغيب فكانت الأصنام الغليظة هم من بني أمية وعلى رأسها يزيد بن معاوية أما الأصنام اللطيفة التي هي الأهواء والمفاسد الأخلاقية المنحرفة التي تدعو لمخالفة الأوامر الإلهية فكان يزيد بن معاوية قد نُصِّب صنما ً للعبادة من جديد بعد أن انهارت تلك الأصنام ببزوغ النور الإلهي المتجلي بالنبوة والولاية الكبرى في النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) يقول العارف المشهور محي الدين بن عربي :
((إن أغلظ الأصنام هي الأحجار والأخشاب المنحوتة وألطف الأصنام هي الأهواء الباطنية )).
فتكون الأوثان اللطيفة هي الهوى والأوثان الكثيفة هي الحجارة ومن هنا نجد الكثير من الأدعية للأئمة (عليهم السلام) وبالخصوص الإمامين الحسين بن علي والإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) التي فيها إشارة واضحة إلى وجود جهة تعتبر غير الله تعالى.
قال الإمام الحسين (عليه السلام) :
((إلهي رضا ً بقضائك وتسليما ً لأمرك لا معبود سواك))
وفي دعاء عرفة يقول (عليه السلام) : (( اللهم إني أرغب إليك وأشهد بالربوبية لك مقرا ً بأنك ربي ))
ويشير الإمام الحسين (عليه السلام) إلى ذلك الصنم الفرعوني الذي عبد من قبل فكان المجتمع آنذاك يسجد للصنم الفرعوني من جهة ويأكل الرزق الإلهي من جهة ً أخرى.
قال الإمام في دعائه الشريف : (( وقد غدوا في نعمته يأكلون رزقه ويعبدون غيره)).
وطالما كان يدعوا الإمام زين العابدين في الصحيفة السجادية ويسأل الله بقوله : ((سؤال من لا ربَّ له غيرك ولا ولي له دونك)).
ونجده في نفس الدعاء يقول : ((وكفرت بكل معبودٍ غيرك وبرئت ممن عبد سواك)).
فكانت الأدعية السجادية والكلمات القدسية التي تخرج من أعماقه هي بمنزلة الصاعقة على الأصنام الأموية من جهة والدماء المقدسة التي أريقت على دكة العقيدة والتضحيات الجسيمة التي قدمها الحسين بن علي (عليهما السلام) على أرض العشق الإلهي كربلاء من جهةٍ أخرى.
دماء الحسين (عليه السلام) حطمت الأصنام الأموية في النفس البشرية، تلك الأصنام التي طالما كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يحذر الأمة منها بخطبه وبخصوص الصنم الباطني الذي يصدُّ عن الحق ألا وهو إتباع الهوى.
قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) :
((إنما أخشى عليكم اثنتين، طول الأمل وإتباع الهوى)).
كانت الأمة تحتاج إلى هكذا إشارات وتنبيهات وعندما جاء دور الإمام الحسين (عليه السلام) أشار ونبه الأمة وأيقظها بدمائه الطاهرة التي أريقت في الطف وقد قامت تلك الدماء بعملية التكسير والإزالة الكاملة للأصنام الأموية في النفس أما الأدعية في الصحيفة السجادية قامت بتنظيف ما تبقى من الأوساخ والقاذورات الأموية من على ملكوت النفس البشرية.
على الأمة أن تتحرر من عبادة الأصنام اللطيفة في باطنه ولا يخضع لها ويكون كريما ً عزيزا ً.
يقول أحد العلماء : (( إن التحرر هو أن يعرف الإنسان كرامته وشرفه ولا يخضع إلى الذلة وحقارة النفس وأسر الدنيا وإهمال القيم الإنسانية)).
قال الإمام الحسين (عليه السلام): (( موتٌ في عز خيرٌ من حياةٍ في ذل)) . ((لا والله لا أعطيهم بيدي أعطاء الذليل ولا أفر إفرار العبيد)) . ((ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركزّ بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة)).
إن الحسين (عليه السلام) قام بتثقيف أصحابه بهذه الثقافة الأخلاقية العقائدية تجاه النداءات التي تدعوا إلى عبادة غير الله تعالى.
فكانت النهضة الحسينية المظهر الواضح للتجرد من الخضوع والذل والهوان على جميع مستوياته.
تعليق