بسم الله الرحمن الرحيم
هواء كربلاء
هواء عاشوراء قد استنشقه معسكر عمر بن سعد وكل من كان في تلك الأجواء، فكانت تلك الرياح تحرك شيبة الحسين (عليه السلام) المقدسة وبردائه وعمامته فكل من كان في الطف استنشق ذلك الهواء ونظر إلى نور وجه الإمام الحسين (عليه السلام) ولم يتحركوا تجاه هذا النور الإلهي واختاروا العيش في الظلام الأموي الدامس وازدادوا قسوة وبعدا ً عن الحق.
بينما البعض وعلى رأسهم الحر بن يزيد الرياحي عندما استنشق هواء كربلاء المتعطر بسيد الشهداء (عليه السلام) أستيقظ الوجدان في أعماق باطنه وتطهرت نفسه بعد أن كان يعيش حالة السبات والنوم والغفلة عن إمامه الذي عليه أن يطيعه، وأن يلبي نداء الفطرة والضمير والحق في أعماقه.
إن الرياح الحسينية التي تمر على قبب الأضرحة المقدسة تختلف عن غيرها، حيث أن الهواء الذي يجول حولها يتعطرُ بها ويزداد قدسية ً، إن هذه الرياح المتعطرة برائحة النبوة والولاية تختلف عن الرياح المنغمسة بالفسق والفجور والانحراف والفساد الأخلاقي التي تدعو إليه القوى الشريرة في النفس الإنسانية.
فإذا كان الفرد يستنشق ذلك الهواء، وكان كاذبا ً فإن هذا الهواء يجعله صادقاً، وإذا كان جبانا ً يجعله شجاعاً، هذا في حال إذا كان الفرد نفسه يعشق الكمال، وهكذا حتى يصل إلى مرحلة وضع جميع القوى الباطنية من جنود الجهل أسيرة بيد جنود العقل، ويضعها على دكةِ ومذبح الطاعة والعشق الحسيني.
هذه المراحل قد مر بها الحر بن يزيد الرياحي في حضوره الطف، الآن المجتمع مفتقر إلى أن يتخذ القرار والموقف ويعيش الصراع العاشورائي في أعماقه، ويحقق الانتصار على نفسه، نحن مفتقرون إلى الشجاعة الأخلاقية التي يملكها الحر الرياحي التي خلدها التاريخ وأن نتعلق بالعالم الغيبي الذي دعا له الحسين (عليه السلام) في رحلته المقدسة ولذلك أمده الله تعالى بالقوة الغيبية والنصر المؤزر حتى يجعل النفوس على مر التاريخ تقر إن هذه النهضة الحسينية في النفس البشرية هي من أجل السلطة على القلب وتهذيب النفوس وإقامة حكومة عادلة في باطن الإنسان وهي فتح الطريق التكاملي أمام الإنسانية والعروج إلى ساحة العبودية فتكون الآثار من تلك الرياح الحسينية هي جعل الفرد يعيش في عالم اليقظة وهذا هو الإنجاز العظيم الذي لا يمكن لأي أحد ٍ أن يحققه في النفوس إلا بالتأييد والتسديد الإلهي الغيبي بخلاف ذلك المدد الشيطاني الأموي المتمثل بيزيد بن معاوية المؤيد بالمدد الإبليسي المطرود من ساحة التسديد الإلهي والمحروم من الرعاية الربانية والكيد المرتدي لباس العجز والضعف .
قال تعالى : (( إن كيد الشيطان كان ضعيفا))
تعليق