الشيخ محمد ناجي الغفري
الحنفي السوري
إعتنق مذهب الشيعة الإماميّة عام 1368 هـ لما في المذهب الحنفي من تناقضات، يقول: لم تطمئن نفسي إليه اطمئناناً ينفي الشك والريب، ولاعتقاده أنّ مذهب الإماميّة هو دين الله الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) ودعا اليه.بعث إلينا من الجمهورية العربيّة السوريّة كتاباً مؤرخاً 24/12/1382 هـ افتتحه بقوله:
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهّاب. ربّنا عليك توكّلنا وإليك المصير. ربّنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا، واغفر لنا ربّنا إنّك أنت العزيز الحكيم. والحمد لله ربّ العالمين، والصّلوة والسلام على سيّدنا محمد خاتم النبيين وآله الهداة الميامين....
إعتقادي لمذهب سيّدنا جعفر الصادق(عليه السلام) الذي هو في الواقع دين الله الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وآله)، ودعا عباد الله، وبشّر به وأنذر...
الأسباب الباعثة لي إلى إعتناق مذهب الشيعة الإماميّة:
عدّة امور، منها: قوله عزّ من قائل ) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا(([1]) وقوله أيضاً: ) وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ(([2]) ومعلوم أنّ السُبل هي الطرائق، وهي أشبه شيء بالمذاهب المعارضة لما كانوا عليه أهل بيت النبوّة، ومهبط الوحي والتنزيل.
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله): ألا أنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى، ومن تخلّف عنها غرق([3]). يرشدنا هذا الحديث الذي صدع به صاحب الرسالة المنقذ العظيم(صلى الله عليه وآله) إنّ كلّ مَن تخلّف عن أهل بيته، ولم يأخذ بأقوالهم، ويلزم هديهم غير ناج يوم القيامة، كما أنّ زمن الطوفان كلّ من تخلّف عن الركوب في السفينة كان مصيره الغرق والهلاك.
وقوله(صلى الله عليه وآله) أيضاً: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة»([4]).
يشير هذا الحديث العظيم إلى وجود إمام في كلّ عصر. ولمّا كنت في الزمن السابق حاولت أن أفهم معناه الحقيقي من اساتذة كلّهم لا يأتون بالحقيقة، وكان ضميري غير مرتاح.
ولمّا إعتنقت المذهب الإمامي سرى عني الوسواس واتّضحت لي الحقيقة التي اُتوخّاها، إذ أنّ هذا الحديث لا يتفق معناه إلاّ على مذهب الإماميّة القائلين بإمامة إمامنا المنتظر(عليه السلام)([5]) عجّل الله لنا ظهوره، ورزقنا الشهادة بين يديه بجاهه وبحرمة آبائه الطاهرين...
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ آل عمران: 103 قال الناصب ابن حجر في (الصواعق المحرقة) ص90 ط مصر
عام 1324: أخرج الثعلبي في تفسيرها عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) أنـّه قال: نحن حبل الله الذي قال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا).
قال وكان جدّه زين العابدين إذا تلى قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ) يقول دعاءً طويلا يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين، والدرجات العليّة، وعلى وصف المحن، وما انتحلته المبتدعة، المفارقون لأئمّة الدين، والشجرة النبويّة.
ثمّ يقول: وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا، واحتجّوا بمتشابه القرآن، فتأوّلوا بآرائهم، واتّهموا مأثور الخبر (إلى أن قال):
فإلى من يفزع خَلفُ هذه الأمة، وقد درست أعلام هذه الملّة، ودانت بالفرقة والإختلاف، يكفّر بعضهم بعضاً، والله تعالى يقول (وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ)(آل عمران: 105) فمن الموثوق به على إبلاغ الحجّة، وتأويل الحكم إلى أهل الكتاب؟
وابناء أئمـّة الهدى، ومصابيح الدجى الذين احتجّ الله بهم على عباده ولم يدع الخلق سدى من غير حجّة.
هل تعرفونهم؟ أو تجدونهم إلاّ من فروع الشجرة المباركة وبقايا الصفوة الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وبرّأهم من الآفات، وافترض مودّتهم في الكتاب.
الرضوي: ومن امعن نظره في كلام ابن حجر هذا عرف من هم المقصودون في كلام الإمام زين العابدين(عليه السلام) بالمبتدعة، المفارقون لأئمـّة الدين والشجرة النبويّة الذين تأوّلوا القرآن بآرائهم، واتهموا مأثور الخبر هل هم الشيعة أم السنّة، الذين قالوا في تفسير قوله(صلى الله عليه وآله) من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه: أي من كنت ناصره فعلي ناصره.
ومن الذين دانوا بالفرقة والاختلاف وكفّر بعضهم بعضاً. أهم الشيعة أم السنّة؟ واذا قرأت كتابنامهاترات بين أصحاب المذاهب الأربعة) عرفت انـّهم السنّة دون ريب.
ثمّ من هم أئمـّة الهدى، ومصابيح الدجى الذين احتجّ الله بهم على عباده وافترض مودّتهم في أمّ الكتاب في قوله عزّ من قائل (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) الشورى آية 23 هل هم الأئمـّة من أهل البيت(عليهم السلام)أئمـّة الشيعة أم غيرهم؟
وليت شعري هل عرف هذا الناصب المبتدعين المفارقين لأئمـّة الدين من هم وصار من حزبهم وأوليائهم، أم لم يعرفهم حتى مات، وهل انّه عرف أئمـّة الهدى الذين احتجّ الله بهم على عباده وافترض في صريح الكتاب مودّتهم وعن علم حاد عن طريقتهم وخالفهم أم لم يعرفهم؟
شاء الله أن يفوه هذا الرجل بهذا الكلام لتكون الحجّة عليه قائمة، يوم يقول ياويلتى لم اتّخذ فلاناً خليلا.
وهل شعر أنّ العاملين بهذه الآية إنّما هم الشيعة الإماميّة الذين تابعوا الأئمـّة الإثنى عشر من أهل بيت النبوّة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، أئمـّة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتجّ الله بهم على عباده ونصّ الرسول(صلى الله عليه وآله) عليهم بالخلافة من بعده وهم عليّ وبنوه(عليهم السلام). أم لم يشعر بذلك حتّى مات؟
[2] ـ الأنعام: 153.
[3] ـ راجع ص 25 هامش رقم 1.
[4] ـ ينابيع المودّة ص483 ط استانبول عام 1301.
[5] ـ يعني في هذا العصر، وبإمامة كلّ إمام من الأئمـّة الإثنى عشر في عصر كلّ واحد منهم.
تعليق