سلام من السلام عليكم
والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين وخاتم النبيين حبيب اله العالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الأخيار الأبرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا
مفاد قوله (ع): "أحسن النيَّات".
(وَانْتَهِ بِنِيَّتِي إلَى أَحْسَنِ النِّيَّـاتِ)
في دعاء للإمام السجاد (عليه السلام) في مكارم الاخلاق
قصد الخير نيَّةٌ حسنة، ولكن ثمَّة نيَّةٌ أحسن منها.. فما هي النيَّة الأحسن؟!
الإخلاص هو أحسن النيَّات
المستفاد من الروايات الشريفات، ومن الآيات المباركات، أنَّ أحسن النيَّات هي الإخلاص لله -عز اسمه وتقدس-. قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾(7)
قد يقصد الإنسان الخير، ولكنه لا يقصد التقرُّب به إلى الله، أو يغفل عن قصد القربة لله.. فهذه النية ليست من أحسن النيَّات، وقد يقصد الخير تحبُّباً إلى الله, لأن الله يُحبُّ هذا العمل، ولأن الله أمر بهذا العمل فهو يُقدِم عليه، ويُمارسه من هذا المنطلق.. هذه هي أحسن النيَّات.
الإخلاص لله هو أحسن النيَّات، والإخلاص ليس في العبادة فحسب -وإن كان الإخلاص في العبادة شرطٌ في صحَّتها, فليس من عبادة تكون مُجزيةً إلَّا بإخلاص لله عز وجل-، إلَّا أنه ينبغي أن تكون نيَّة المؤمن في جميع أعماله، هي قصد التقرّب إلى الله عز وجل وحده. فيستشعر الإنسان في هذه الدنيا بأنَّه موظف لله عزوجل وللدين.. انظروا، إنَّ الكثير من الموظفين والعمال قد لا يعملون عن رغبةٍ ذاتية في العمل، وإنما يعملون ليرضى عنهم مسئوول العمل. لنكن نحن مع الله هكذا, نحن نصلي ليرضى عنّا الله, دائما في حُسباننا وخَلَدنا مراقبة الله عز وجل، لذلك سوف نحرص على أن نُرضيه في كلِّ عمل.
يقول النبي الكريم (ص) لأبي ذرّ -بما معناه-: "إن استطعت أن لا تأكل ولا تشرب إلا لله فافعل"(8). ينبغي أن يصل المؤمن لمرحلةٍ تكون فيها أعماله جميعا خالصةً لوجه الله, لا يريد حمداً، ولا ثناءاً، ولا مدحا، ولا يقصد أن يُرضي أحداً إلَّا الله -عز وجل-.
وهذا هو معنى الإخلاص، أن تخلص النية: يعني أن يتمحَّض القصد لله عز وجل. فالقلب قد يكون مشوباً بكثيرٍ من القصود، وقد يخلو من كلِّ قصد إلَّا قصد واحد. الإخلاص هو أن يكون قلبك مشغولا بقصدٍ واحد، وهو التزلُّف والتقرُّب إلى الله عز -اسمه وتقدس-. وعندئذ تكون كل حركةٍ وسكون، وكل فعلٍ من أفعالك محلَّ رضاً لله عز -اسمه وتقدس-. وعندئذ لن تفعل المعاصي؛ لأن القلب الذي خلص لله عزوجل يكون حريصاً على عدم قصد ما يُسخط الله عزوجل.
الإخلاص هو أحمز الأعمال
نعود ونؤكِّد على أن النية هي مدار القبول، وهي مدار الثواب في الآخرة، والروايات أكَّدت أنه "إنما الأعمال بالنيات، ولكل إمرءٍ ما نوى"(9)، وأنه لا يتحصَّل الإنسان على ثواب عمله -مهما خطُر هذا العمل وكبُر- إلَّا أن يكون هذا العمل قد صدر قربةً لله عز اسمه وتقدس.
وهنا قد يُثار تساؤل، وهو: لماذا أُنيط كلُّ عملٍ بنية القربة، مع أنها قد تبدو من أبسط الأمور؟ فمثلاً: الجهاد, والدماء, والسيوف, والعناء, وقضاء الحوائج, وإنفاق الأموال, والصلاة في غسق الليل, هذه أعمال شاقة, وهذه قد لا يُثاب عليها الإنسان، في حين يُثاب على النيَّة -مجرَّد القصد- حتى لو لم يتوفق لأداء تلك الأعمال الشاقة؟
والجواب هو إنَّ أصعب شيءٍ، وأشقَّ شيء على الإنسان هو أن يُخلص لله في عمله. الإخلاص هو أصعب شيء يمكن أن يحظى به الإنسان، لذلك هو يحتاج إلى كثيرٍ من الرياضات، وكثيرٍ من المجاهدات، حتى يتمكَّن من الوصول إلى مرتبة الإخلاص، وهو يحتاج مضافاً لذلك إلى تسديدٍ وتوفيقٍ، من الله عز وجل. نعم، قصد الخير ليس أمراً صعباً، وخصوصاً من الإنسان ذي الطباع الخيِّرة، وأما قصد التقرّب إلى الله عز وجل, والإخلاص إلى الله, وأن يفعل العبد الفعل ولا ينتظر أن يُحمد عليه, ويقضي حاجةً لأخيه ولا يقصد أن تُقضى في مقابلها حاجته، فهذا صعبٌ جدا. فالإنسان عادةً ما يقضي حاجةً لأخيه؛ حتى لا يُقال أنه إنسان أنانيّ، ولا يحبُّ الخير إلا لنفسه.. أو يقضي حاجةً لأخيه منتظراً أن يقضي له حاجته حين يحتاج إليه.. هذه القصود مخبوءة في الضمائر, وهي تتنافى مع الإخلاص التام -قد لا تتنافى مع إجزاء التكليف, ولكنَّها تتنافى مع الإخلاص الحقيقي الذي يريده الله عز وجل-.
7 - سورة البينة/5
8- الفتاوى الواضحة -للسيد محمد باقر الصدر- ص 601.
9 - وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 1 ص 49.
الشكروالعرفان للمشرف المفيد هذا العمل بجهدي وكذلك بعض المواضيع::
والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين وخاتم النبيين حبيب اله العالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الأخيار الأبرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا
مفاد قوله (ع): "أحسن النيَّات".
(وَانْتَهِ بِنِيَّتِي إلَى أَحْسَنِ النِّيَّـاتِ)
في دعاء للإمام السجاد (عليه السلام) في مكارم الاخلاق
قصد الخير نيَّةٌ حسنة، ولكن ثمَّة نيَّةٌ أحسن منها.. فما هي النيَّة الأحسن؟!
الإخلاص هو أحسن النيَّات
المستفاد من الروايات الشريفات، ومن الآيات المباركات، أنَّ أحسن النيَّات هي الإخلاص لله -عز اسمه وتقدس-. قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾(7)
قد يقصد الإنسان الخير، ولكنه لا يقصد التقرُّب به إلى الله، أو يغفل عن قصد القربة لله.. فهذه النية ليست من أحسن النيَّات، وقد يقصد الخير تحبُّباً إلى الله, لأن الله يُحبُّ هذا العمل، ولأن الله أمر بهذا العمل فهو يُقدِم عليه، ويُمارسه من هذا المنطلق.. هذه هي أحسن النيَّات.
الإخلاص لله هو أحسن النيَّات، والإخلاص ليس في العبادة فحسب -وإن كان الإخلاص في العبادة شرطٌ في صحَّتها, فليس من عبادة تكون مُجزيةً إلَّا بإخلاص لله عز وجل-، إلَّا أنه ينبغي أن تكون نيَّة المؤمن في جميع أعماله، هي قصد التقرّب إلى الله عز وجل وحده. فيستشعر الإنسان في هذه الدنيا بأنَّه موظف لله عزوجل وللدين.. انظروا، إنَّ الكثير من الموظفين والعمال قد لا يعملون عن رغبةٍ ذاتية في العمل، وإنما يعملون ليرضى عنهم مسئوول العمل. لنكن نحن مع الله هكذا, نحن نصلي ليرضى عنّا الله, دائما في حُسباننا وخَلَدنا مراقبة الله عز وجل، لذلك سوف نحرص على أن نُرضيه في كلِّ عمل.
يقول النبي الكريم (ص) لأبي ذرّ -بما معناه-: "إن استطعت أن لا تأكل ولا تشرب إلا لله فافعل"(8). ينبغي أن يصل المؤمن لمرحلةٍ تكون فيها أعماله جميعا خالصةً لوجه الله, لا يريد حمداً، ولا ثناءاً، ولا مدحا، ولا يقصد أن يُرضي أحداً إلَّا الله -عز وجل-.
وهذا هو معنى الإخلاص، أن تخلص النية: يعني أن يتمحَّض القصد لله عز وجل. فالقلب قد يكون مشوباً بكثيرٍ من القصود، وقد يخلو من كلِّ قصد إلَّا قصد واحد. الإخلاص هو أن يكون قلبك مشغولا بقصدٍ واحد، وهو التزلُّف والتقرُّب إلى الله عز -اسمه وتقدس-. وعندئذ تكون كل حركةٍ وسكون، وكل فعلٍ من أفعالك محلَّ رضاً لله عز -اسمه وتقدس-. وعندئذ لن تفعل المعاصي؛ لأن القلب الذي خلص لله عزوجل يكون حريصاً على عدم قصد ما يُسخط الله عزوجل.
الإخلاص هو أحمز الأعمال
نعود ونؤكِّد على أن النية هي مدار القبول، وهي مدار الثواب في الآخرة، والروايات أكَّدت أنه "إنما الأعمال بالنيات، ولكل إمرءٍ ما نوى"(9)، وأنه لا يتحصَّل الإنسان على ثواب عمله -مهما خطُر هذا العمل وكبُر- إلَّا أن يكون هذا العمل قد صدر قربةً لله عز اسمه وتقدس.
وهنا قد يُثار تساؤل، وهو: لماذا أُنيط كلُّ عملٍ بنية القربة، مع أنها قد تبدو من أبسط الأمور؟ فمثلاً: الجهاد, والدماء, والسيوف, والعناء, وقضاء الحوائج, وإنفاق الأموال, والصلاة في غسق الليل, هذه أعمال شاقة, وهذه قد لا يُثاب عليها الإنسان، في حين يُثاب على النيَّة -مجرَّد القصد- حتى لو لم يتوفق لأداء تلك الأعمال الشاقة؟
والجواب هو إنَّ أصعب شيءٍ، وأشقَّ شيء على الإنسان هو أن يُخلص لله في عمله. الإخلاص هو أصعب شيء يمكن أن يحظى به الإنسان، لذلك هو يحتاج إلى كثيرٍ من الرياضات، وكثيرٍ من المجاهدات، حتى يتمكَّن من الوصول إلى مرتبة الإخلاص، وهو يحتاج مضافاً لذلك إلى تسديدٍ وتوفيقٍ، من الله عز وجل. نعم، قصد الخير ليس أمراً صعباً، وخصوصاً من الإنسان ذي الطباع الخيِّرة، وأما قصد التقرّب إلى الله عز وجل, والإخلاص إلى الله, وأن يفعل العبد الفعل ولا ينتظر أن يُحمد عليه, ويقضي حاجةً لأخيه ولا يقصد أن تُقضى في مقابلها حاجته، فهذا صعبٌ جدا. فالإنسان عادةً ما يقضي حاجةً لأخيه؛ حتى لا يُقال أنه إنسان أنانيّ، ولا يحبُّ الخير إلا لنفسه.. أو يقضي حاجةً لأخيه منتظراً أن يقضي له حاجته حين يحتاج إليه.. هذه القصود مخبوءة في الضمائر, وهي تتنافى مع الإخلاص التام -قد لا تتنافى مع إجزاء التكليف, ولكنَّها تتنافى مع الإخلاص الحقيقي الذي يريده الله عز وجل-.
7 - سورة البينة/5
8- الفتاوى الواضحة -للسيد محمد باقر الصدر- ص 601.
9 - وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 1 ص 49.
الشكروالعرفان للمشرف المفيد هذا العمل بجهدي وكذلك بعض المواضيع::
تعليق