بسم الله الرحمن الرحيم
عاشوراء الندامة والتوبة
الندَّمُ. والندامة معناها التحسَّر من تغير رأي في أمرٍ فائتٍ كما قال تعالى: ((فأصبح من النادمين)).
قال تعالى : ((عَما َّ قليل ليصبحن نادمين)).
وأصله من منادمةِ الحزن له، والحزن هنا معناه اللوعة في القلب والألم النفسي، والتوبة معناها ترك الذنب على أجمل الوجوه وهو أبلغ وجوه الاعتذار فأن الاعتذار على ثلاثة أوجه :
إما أنَّ يقول المعتذر لم أفعل.
أو يقول فعلتُ لأجل كذا.
أو فعلتُ وأسأت وقد أقلعتُ ولا.
رابع لذلك، وهذا الأخير هو التوبة.
التوبة : في الشرع ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرَطـَ من العزيمة على تركِ المعاودة وتدارك ما أمكنه أن يتداركهُ من الأعمال بالإعادة فمتى اجتمعت هذه الأربع فقد كـَمـُـلَ شرائط التوبة.
قال تعالى : ((وتوبوا إلى الله)) ((أفلا يتوبون إلى الله)) ((ثم تاب الله عليهم)).
إن البعض يتصور الأجواء التي تحث إلى الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة والإنابة والندم هو في الموسم الرمضاني من الشهر الشريف فقط؟.
هذا التصور عار ٍ وخال ٍ من العلم والإصابة؟ بل إن التوبة والندامة في كل وقت، وما دام نـَـفـَس الإنسان باقيا ً، فإن التوبة واجبةً على نحو الفور لا على التراخي.
إن المؤمن الملتفت إلى فلسفة تكرار شهر رمضان والأشهر التي فيها محطات للانطلاقة والسير نحو التخلق بأخلاق الله تعالى، يكون قريبا ً إلى الصلاح وبعيدا ً عن غيره.
فمثلا ً ذكرى عاشوراء تلك الذكرى المؤلمة والفاجعة الكبيرة التي لا يوجد لها مثيل في تأريخ الأمة والبشرية، نجد إن من ضمن الأسرار التي تقتضي تكرار إحياء هذه الذكرى وهذه الأجواء من الحزن والبكاء على الذبيح الذي ذبح على دكةِ ومذبح العشق الإلهي الذي هو أبو عبد الله الحسين (عليه السلام).
من خلال هذه الذكرى ننطلق ونأخذ بثأر الحسين (عليه السلام) والذي هو في الحقيقة ثأر الله. وآلية الثأر هو أن نقوم بذبح قوى الإفساد والانحراف، والتي تزيد الفرد بعداً عن الحقيقة ِ التي خلق من أجلها، ألا وهي المعرفة الإلهية.
إن الفرد المؤمن الملتفت والمنتبه تجده في المناخ العاشورائي يفكر ويخطط أكثر من بقية الأوقات في تهذيب نفسه، وتأديبها، حيث يرتدي لباس التقوى والورع ويتعلق أكثر بالشريعة المحمدية التي سفكت دماء الحسين (عليه السلام) من أجلها.
فمن خلال هذه الأجواء العاشورائية التي تدعوا الفرد إلى خالقه وإلى آخرته على الفرد المؤمن الملتفت أن يقوم بعملية صقل تلك الروح ويتم تطهيرها من القاذورات والأوساخ المادية عند ذلك يصبح متلذذا ً بتذوق السنن الإلهية المقدسة.
فيشم رائحة الولاية ويصبح قلبه يعشق الحق ويطلبه في كل مكان، فلو رجع الحسين (عليه السلام) مرة أخرى إلى ساحة الوجود وإلى عالم الملك وصرخ تلك الصرخة الشهيرة : ((ألا ترون إلى الحق لا يعمل به والباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن من لقاء الله محقاً)).
لكان المؤمن يجيب لبيك يا حسين أينما كنت في هذا الوجود ويكون وقوفه موقف أصحابه في حمل أرواحهم ومعانيهم السامية .
فمن خلال عاشوراء نتعلم التوبة والندم فهي حقا ً باب التوبة إلى الله تعالى. ورد في المناجاة : ((إلهي أنت الذي فتحت لعبادك بابا ً إلى عفوك سميته التوبة فقلت توبوا إلى الله نصوحا)).
تعليق