الشيخ محمد نبي البلخي
الحنفي الأفغاني
إعتنق مذهب الشيعة الإماميّة عام 1375 هـ ،
ولد الشيخ في كامرد من بلاد الأفغان عام 1312 هـ من أب حنفي يدعى محمد سوراب، واُمّ شيعيّة من اُسرة تعرف بـ (تاجيك).
اجتمعت به في خراسان عام 1385 هـ سأل عن أسباب تشيّعه فأجاب : كانت عقيدتي سابقاً:
سرم خاك رهِ هر چار سرور***ابا بكر وعمر عثمان وحيدر
وحالياً:
عليّ حيدر، عليّ صفدر، عليّ اكرم***عليّ اقدم عليّ اعلم اعظم
سر بسر كنجينه دل پرزمهر حيدر است***هر كه راحبّ عليّ در دل نباشد كافر است([1])
من نگويم جملگى أهل حقند***دسته عارف نما واحمقند
آن جماعت لايق طعن وتفند***چونكه در بازار حق بي رونقند
إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وأولاده الأحد عشر أئمـّة حق([2])وأنـّه(عليه السلام)خليفة الرسول بلا فصل([3]).
قضيت إثنتين وعشرين عاماً من عمري تابعاً لمذهب أبي حنيفة([4]) حتى شملتني العناية الإلهيّة في رؤيا رأيتها في المنام، كأنّ الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) دلّني على الطريق المستقيم، ومن ذلك اليوم تركت مذهبي السابق، وإعتنقت مذهب الشيعة الإماميّة.
على أنّ هذه الرؤيا لم تكن هي السبب الوحيد في تبصّري... فهناك أسباب اُخر دعتني إلى التشيّع ترتبط مع سلوكي وتفكيري في الحياة.
كنت أعزّ ولد أبي عنده يحبّني حبّاً جمّاً ولمّا بلغت السابعة من عمري أرسلني الى المكتب وأكملت قراءة القرآن والكتب الفارسية والأدبيّة وغيرها، وفي الأثناء توفي والدي فلم استطع من مواصلة الدراسة فالتحقت بخدمة أخي (محمد أيوب خان) فلم يحسن المعاملة والسلوك معي فانفصلت عنه بعدما كنت عنده تسع سنوات. فجعلت أفكّر في اتّخاذ طريقة أصلح لي، فانتهى بي الفكر إلى تحصيل العلم والمعارف، فالتحقت بمدرسة علمية، وكانت دراستي فيها كتاب (فقه الجيلاني) وكتاب (المختصر) وكتاب (قدّوري) وكتاب (شرح الوقاية) وأمثالها من كتب فقه العامة على المولوي قاري سيلان.
وكان مما لفت نظري يوماً إلى هذه الجملة في كتاب (قدّوري) (أنّ جلد الكلب يطهر بالدباغة، امّا جلد الخنزير والانسان فلا يطهران بتاتاً).
ومعنى ذلك أنّ الانسان في رأي أبي حنيفة هو أنجس من الكلب وأخبث، والقرآن الكريم يقول (ولقد كرّمنا بني آدم) أفمن كرامة الله له أن يحكم عليه بعدم طهارة جلده، وبطهارة جلد الكلب؟ وهناك قضيّة روحيّة اُريد أن أنقلها إليكم:
إبتلى أحد زملائي الطلبة بـ (التيفوس) ولم يكن له من يمرّضه فاضطررت بحكم الوجدان أن أمرّضه، حتى عوفي من مرضه. وبعد يومين أو ثلاث ابتليت أنا بنفس المرض، فجعلت الحرارة تلتهب بي إلى حدّ لم استطع التنفّس، وكأنّي أحترق في لهب النار، ولم يكن عندي من يمرّضني، لأنّ أصدقائي الطلبة مشغولين بالبحث والدراسة ولم يكن لهم علم بحالي، ففي اليوم الثالث انقطع رجائي من الحياة، لشدّة حرارة الحمّى. فجعلت أتوسّل بأبي بكر فلم ينفع ثمّ توسّلت بعمر فلم ينجع وهكذا بعثمان، كلّ ذلك استغيث بأسمائهم بصوت عال، فلم أزدد إلاّ يأساً وخيبة.!!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وللمرّة الرابعة توسّلت بأمير المؤمنين، وإمام المتّقين، عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فصرخت باسمه الكريم ثلاث مرات كلّ ذلك بصوت عال من أعماق قلبي (أغثني يا أمير المؤمنين، فليس لي مغيثٌ ولا مُنتجَع) وفي المرّة الثالثة أحسست بعرق الصحّة ينصبُّ من جبهتي حتّى استوعب جسمي وابتلّت منه ثيابي، وغادرتني الحمّى فوراً وكأنّي نشطت من عِقال([5]) فهناك كمل إعتقادي بأمير المؤمنين(عليه السلام)، فنذرت زيارة المزار المشهور هناك ـ يعني في أفغانستان ـ المنسوب إليه(عليه السلام)، وقصدت من مدرستنا (ايوبك) نحو المزار، وبقيت هناك أيّاماً، وفي الأثناء تذكرت نصح والدتي التي كانت تصرّ عليّ بأن اتخذ التشيّع مذهباً، فإنّه الحق، وكنت أمتنع شديداً واُجيبها: يا اُمّي العزيزة أنت في اشتباه، فإنّ المذاهب الاسلامية الرسميّة أربعة: مذهب الإمام أحمد بن حنبل، والإمام الشافعي والإمام مالك والامام الأعظم([6])، والإمام الأعظم أعلمهم ونحن على مذهبه. ولو كان إمامك الإمام جعفر إماماً لكانت لمذهبه صبغة رسميّة.
قالت لي يوماً: ولدي العزيز إذا لم تتشيّع فسوف احرّم عليك لبني فأجبتها بما يُسيء الأدب إليها، واخذت أدعوها إلى إعتناق مذهبي السني فتأبى، وكانت شديدة التعصّب لمذهب آل البيت(عليهم السلام).
فالآن ـ وبعد مرور فترة من الزمن ـ لمست خلالها قضايا روحيّة وعلميّة تحقّقت لدي صحّة عقيدة اُمّي، وفساد ما كنتُ عليه من عصبيّة عمياء.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): حب عليّ إيمان وبغضه كفر (ينابيع المودة ص55 طبع استانبول عام 1302).
[2] ـ وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): ان خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي لاثنا عشر أوّلهم أخي وآخرهم المهدي. رواه الجويني في فرائد السمطين ج2 ص312. وجاء في آخره عن ابن عباس قيل يا رسول اللهومن أخوك؟ قال: عليّ بن أبي طالب. قيل: فمن ولدك ؟ قال: المهدي الذي يملؤها قسطاً وعدلا، كما ملئت جوراً وظلماً.
وقد سقطت سهواً، أو اسقطت عمداً كلمة (ولدي) من آخر الحديث، بدليل قول السائل فمن ولدك؟ كما لا يخفى.
وفي فرائد السمطين ج2 ص313 ط بيروت عام 1400 المطبعة الإسلاميّة عن ابن عباس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنا سيّد المرسلين وعليّ بن أبي طالب سيّد الوصيّين وان اوصيائي بعدي اثنا عشر، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم القائم وفيه ص133 ج2 منه عنه ايضاً قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: أنا وعلي والحسن والحسين، وتسعة من ولد الحسين مطهّرون معصومون. وقال الشيخ عبد الله الشبراوي الشافعي في كتابه (الاتحاف بحبّ الاشراف طبع مصر عام 1316 المطبعة الأدبية: وقد اشرق نور هذه السلسلة الهاشمية والعصابة العلوية، وهم اثنا عشر إماماً، مناقبهم علية. وصفاتهم سنية، ونفوسهم شريفة ابيّة، وأرومتهم كريمة محمدية، وهم محمد الحجّة بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين اخي الإمام الحسن ولدي الليث الغالب عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم أجمعين. وقال محمد بن طولون (مؤرّخ دمشق) الحنفي صاحب كتاب (الأئمة الإثنى عشر) طبع في بيروت عام 1377، دار بيروت، دار صادر.
عليك بالأئمة الإثنى عشر***من آل بيت المصطفى خير البشر
ابو تراب حسن حسين***وبغض زين العابدين شين
محمد الباقر كم علم درى***والصادق ادع جعفراً بين الورى
موسى هو الكاظم وابنه علي***لقّبه بالرضا وقدره عليّ
محمد التقي قلبه معمور***عليّ النقي درّه منثور
والعسكري الحسن المطهّر***محمد المهدي سوف يظهر
[3] ـ تقدمت نصوص الرسول(صلى الله عليه وآله) الصريحة عليه بالخلافة راجع ص43 و 159.
[4] ـ راجع هامش ص68 للتعرف على مذهب أبي حنيفة.
[5] ـ العقال: الحبل الذي يُشد به البعير. الرضوي: وكم من اُناس توسّلوا إلى الله تعالى به(عليه السلام)وبسائر الأئمة: من ولده، بل ومن ولد ولده أيضاً في شدائدهم فنالوا ما يأملون ببركته وبركتهم ولهم من مقام كريم وجاه عظيم عند الله تعالى. وفيهم من ليسوا من اوليائه(عليه السلام)، ولا هم من شيعته، ذكرنا طائفة من أحاديثهم في ذلك في كتابنا (هؤلاء وسائلنا إلى الله) يقول عبد الباقي العمري الحنفي الموصلي في ذلك وهو يخاطب الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام):
وأنت غوث وغيث في ردى وندى***لخائف ولراج لاذ وانتجعا
وأنت ركن يجير المستجير به***وأنت حصن لمن من دهره فزعا
(الترياق الفاروقي ط مصر عام 1316).
[6] ـ راجع ص163 لتقف على فساد المذاهب الأربعة وضلال ائمتها وقادتها وانحرافهم عن الحق والصراط المستقيم وانّ الحق مع الأئمة من أهل البيت الأقدس: قال الله تعالى (فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إلاَّ الضَّلالُ فَأَنّى تُصْرَفُونَ)يونس: 32.
تعليق