تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
تعد اية الولاية من اقوى ادلة امامة امير المؤمنين (عليه السلام ) لما تتضمنه من وضوح المعنى وحصر الامامة به (عليه السلام) مما دعى المخالفين للاجتهاد برد دلالتها او على الأقل تعويمها وجعلها ضبابية واذا تتبعت اشكالاتهم تجدها او على الأقل اكثرها تقوم بطرح احتمالات لدلالة الاية على أساس (اذا حضر الاحتمال بطل الاستدلال) ويتعامون عن المعنى الاولي والواضح والاقرب على الأقل للاية الكريمة ومن ضمن هذه الإشكالات اشكال ناصر القفاري في كتابه نقد أصول الشيعة وخلاصتها ان عمدة دليل الشيعة مبني على ان معنى لفظ (الولي) هو الامارة والولاية (بالكسر) وهذا مردود فان هناك فرق بين الولي بالفتح والولِي بالكسر فان الأولى بمعنى المحب ضد العداوة والثانية بمعنى الامارة والاية جائت بالفتح فيكون بمعنى المحب والناصر فتبطل دلالة الاية على امامة امير المؤمنين عليه السلام (1) ؟
والجواب :
ان التفريق المذكور بين لفظ الولاية بالفتح والولاية بالكسر قد قد اخذه القفاري من المقدسي صاحب كتاب (رسالة في الرد على الرافضة) وهو بدوره اعتمد على كتاب مختار الصحاح وقد اقتطع منه مراده وترك ما لا يناسب مرامه فبعد مراجعة كتاب مختار الصحاح نجد وبكل وضوح ان صاحب مختار الصحاح ينقل قول ابن السكيت في ضمن اقوال أخرى تخالف ما ذهب اليه ولننقل لكم تمام قوله :
ولى :
و ل ى : الْوَلْيُ بسكون اللام القرب والدنو يقال تباعد بعد وَلْيٍ وكل مما يَلِيكَ أي مما يقاربك يقال منه وَلِيَه يليه بالكسر فيهما شاذ و أَوْلاهُ الشيء فوَلِيَهُ وكذا وَلِيَ الْوَالِي البلد و وَلِيَ الرجل البيع وِلاَيَةً فيهما و أَوْلاه معروفا ويقال في التعجب ما أولاه للمعروف وهو شاذ و وَلاّهُ الأمير عمل كذا و وَلاَّه بيع الشيء و تَوَلَّى العمل تقلَّد وتولَّى عنه أعرض و وَلَّى هاربا أدبر وقوله تعالى { ولكل وجهة هو موليها } أي مستقبلها بوجهه و الْوَلِيُّ ضد العدو يقال منه تَوَلاَّهُ وكل من وُلِيَ أمر واحد فهو وَلِيُّه و المَوْلَى المُعْتِق والمُعْتَق وابن العم والناصر والجار والحليف و الوَلاء ولاء المُعْتِق و المُوالاة ضد المعاداة ويقال وَالَى بينهما وِلاَءً بالكسر أي تابع وافعل هذه الأشياء على الولاء أي متتابعة و تَوَالَى عليهم شهران تتابع و اسْتَوْلَى على الأمد أي بلغ الغاية قال بن السكيت الوِلاية بالكسر السلطان و الوَلاية بالفتح والكسر النصرة وقال سيبويه الوَلاَيَةُ بالفتح المصدر وبالكسر الاسم وقولهم أَوْلَى لك تهديد ووعيد قال الأصمعي معناه قاربه ما يهلكه أي نزل به قال ثعلب ولم يقل أحد في أَوْلَى أحسن مما قاله الأصمعي وفلان أولى بكذا أي أحرى به وأجدر ويقال هو الأَوْلى وفي المرأة هي الْوُلْيَا" انتهى
وانت تلاحظ بوضوح انه ذكر قول ابن السكيت في ضمن اقوال علماء اكبر واهم منه كسيبويه والذي يكون قوله حجة بنفسه كما هو معروف وقول سيبويه واضح في عدم التفريق بين القولين غاية ما في الامر ان اللفظ بالفتح هو المصدر وبالكسر اسم للمصدر والفرق بين المصدر واسمه هو ان المصدر هو الحدث المستند الى فاعله واسم المصدر هو خصوص الحدث فالفرق بينهما فقط هو النسبة الى الفاعل مع اشتراكهما في الدلالة على الحدث .
اذاً لا فرق في معنى الولي غاية ما في الامر انه ان كان بالفتح فيكون مصدرا أي فيه دلاله على الفاعل وان كان بالكسر فلا دلالة فيه على الفاعل ، هذا أولا .
وثانيا : انه نقل عن ثعلب ان افضل ما قيل في معنى الولي ما قاله الاصمعي وهو : "
وفلان أولى بكذا أي أحرى به وأجدر ويقال هو الأَوْلى) وهو صريح في مدعى الشيعة .
بل اكثر من ذلك فهذا الراغب الاصفهاني خريت هذه الصناعة يصرح بعدم الفرق بينهما حيث قال : " قيل الوَلاية والوِلاية نحو الدَلالة والدِلالة وحقيقته تولي الامر" (2)
ثالثا : ان هناك العديد من الروايات الصحيحة قد استعملت كلمة الولي بالفتح بمعنى السلطنة والامارة وهذا ما يخالف ما ذكره صاحب الاشكال واليك بعض هذه الروايات :
1- ما ورد في صحيح البخاري : ((....ثم توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله فقبضها أبو بكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتما حينئذ وأقبل على علي وعباس تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا والله يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم....))(3)
2- قول عمر بن الخطاب : ((لو كان سالم مولى ابي حذيفة حيا لوليته الخلافة ))(4)
وهما صريحان في استعمال لفظة ((الولي)) بالفتح بمعنى الامارة والسلطة .
(1) أصول مذهب الشيعة ج2ص828.
(2) المفردات ص533.
(3) صحيح البخاري ج6ص191-192حديث3094.
(4) تفسير ابي حيان الاندلسي ج4ص314.
حسين منجل العكيلي
تعليق