بسم الله الرحمن الرحيم
عظم الله لنا ولكم الأجــــــــــــــر
من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي وتاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية النجف الاشرف
وكـــــــــــــالة أنباء براثــــــــــــا
مقدّمة تمهيديّة:
إن القرآن الكريم هو الكتاب العزيز الذي تكفل بيان كل شيء ليستوعب كل ما يحتاجه الانسان في مسيرة حياته وتكامله من جانب، ولحل مشاكله من جانب آخر.
ويمتاز القرآن عن غيره من الكتب السماوية، بأن له علوماً تستقى منه، وأسساً تبتني عليه، ومن تلك العلوم علم التأويل الذي لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم، فلا بد من الرجوع اليهم لأجل الوصول اليه، ألا وهم أئمة أهل الببيت (صلوات الله عليهم) الذين نزل في بيتهم هذا الكتاب المجيد، وأهل البيت أدرى بما فيه، فهم عِدله، والعالمون به.
ومن خلال مراجعة كتب الحديث يتضح لنا الكثير من النصوص التي وردت في فضائلهم تأويلاً عن الآيات القرآنية المباركة، لهذا حاولت ـ قدر الامكان ـ جمع ما تيسر لي في هذا الفصل ما ورد في فضل سيّد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام)، لبيان مكانته في القرآن الكريم والسنة المطهرة.
وقد تم استخراج هذه الروايات الشريفة من الكتب المعتبرة في التفسير والحديث عند الفريقين، وما هو متفق عليه في الاعم الاغلب، للوصول الى ما هو مطلوب في هذا المقصد المبارك، واقتصرت فيه على ما هو صريح بحق أبى عبد الله الامام الحسين(عليه السلام)، وذلك أدءاً لحق من حقوقه(عليه السلام)علينا وخدمة له، سائلاً المولى العزيز سبحانه ان يسددني فيه ويقيل عثرتي.
وقد رتبتها بحسب تسلسل السور القرآنية الشريفة، لكن أقتصرت على ذكر اربعة عشر سورة منها وذلك تيمناً بأنوار الأربعة عشر المعصومين(عليهم السلام)وهي على التوالي:
1) سورة البقرة
مما ورد في هذه السورة الشريفة، وقد أوَّل في حق الحسين (عليه السلام)قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ}( ).
فقد روي في البحار أن آدم(عليه السلام)رأى ساق العرش وأسماء النبي والأئمة(عليهم السلام)، فلقنه جبرائيل، قل: يا حميد بحق محمد، يا عليّ بحق عليًّ، يا فاطر بحق فاطمة، يا محسن بحق الحسن والحسين، ومنك الاحسان.
فلما ذكر الحسين سالت دموعه وإنخشع قلبه وقال:
>يا أخي جبرائيل!.. في الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي..!
قال جبرائيل: ولدك هذا يُصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب.
فقال: يا أخي وما هي!؟
قال: يُقتل عطشاناً غريباً وحيداً فريداً ليس له ناصرٌ ولامعينٌ <( ).
* * *
2) سورة آل عمران
مما ورد فيها؛ ويشهد بكرم الامام الحسين(عليه السلام)قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}( ).
وذلك عندما جنى غلام له(عليه السلام)جنايةً توجب العقاب عليه، فأمر به أن يضرب، فقال: يا مولاي (والكاظيمن الغيظ).
قال(عليه السلام): خلّوا عنه.
فقال: يا مولاي (... والعافين عن الناس)
قال (عليه السلام):قد عفوت عنك.
قال: يا مولاي!... والله يحب المحسنين.
قال (عليه السلام):أنت حرُّ لوجه الله ولك ضعف ما كنت أُعطيك( ).
* * *3) سورة النساء
مما رود في هذه السورة الشريفة، بصدد بيان مصير قاتل الحسين(عليه السلام)،وإظهار مظلومية سيد الشهداء(عليه السلام)، قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً}( ).
قال رسول الله':>ولدي الحسين يًقتل ظلماً وعدواناً، ألا ومن قتله يدخل في تابوت من نار ويُعذب بعذاب نصف أهل النار وقد غلّت يداه ورجلاه وله رائحة يتعوذّ أهل النار منها، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك<.( )
* * *4) سورة الأنعام
في الآيات الكريمة التي وردت في هذه السورة المباركة، والتي يمكن ان نستفيد منها ان الامام الحسين واصحابه(عليهم السلام)بعد إستشهادهما رُدّوا الى الجنة، وأعدائهم وقاتليهم الى النار.
فعن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: دخل مروان بن الحكم المدينة، قال: فستلقى على السرير ـ وثم مولى الحسين (عليه السلام)ـ فقال: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ}( ).
قال: فقال الحسين لمولاه: ماذا قال حين دخل.
قال: إستلقى على السرير فقرأ : {رُدُّوا إِلَى اللَّهِ موليهم الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ}.
قال: فقال الحسين(عليه السلام):نعم، والله رُدِدت أنا وأصحابي الى الجنة، وردّ هو ـ مروان ـ وأصحابه الى النار( ).
* * *
5) سورة الانفال
مما ورد في هذه السورة الشريفة، وفيه دلالة على إختصاص الإمامة بالحسين(عليه السلام) بعد ان أخص الله تبارك وتعالى بها أبيه علياً(عليه السلام) بعد رسول الله 'وأخيه الحسن المجتبى (عليه السلام)، يقول تعالى {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}( ).
عن عبد الاعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول: > إنَّ الله عزَّ وجلّ خص عليّاً بوصّية رسول الله 'وما يصيبه له، فأقرّ الحسن والحسين ‘له بذلك ثم وصية للحسن وتسليم الحسين للحسن ذلك حتى أقضي الأمر الى >الحسين< لا ينازعه فيه أحدٌ<.( (
* * *
6) سورة التوبة
مما جاء في هذه السورة ـ التي نزلت بتوبيخ المشركين والظالمين ... ونحوهما ـ في عرض مصائب الحسين(عليه السلام)، وعظمها على النبي والزهراء وأهل البيت (صلوات الله عليهم)، والبكاء عليه، ولعن قاتليه، قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً}( ).
فعن أبي عبد الله ا (عليه السلام)قال: كان الحسين مع أُمه تحمله فأخذه النبي'وقال: > لعن الله قاتلك ولعن الله سالبك وأهَلكَ الله المتوازرين عليك وحكم الله بيني وبين مَن أعان عليك.
قالت فاطمة الزهراء ÷: يا أبت أيُّ شئ يقول؟
قال ':يا بنتاه ذكرتُ ما يصيبه بعدي وبعدك من الاذى والظلم والغدر والبغي وهو يومئذ في عصبة كأنهم نجوم السماء يتهادون الى القتل وكأني أنظر الى معسكرهم والى موضع رحالهم وتربتهم... يخرج عليم شرار أمتي....
فقالت الزهراء ÷: يا أبة إنّا لله وبكت.
فقال لها: يا بنتاه! إنَّ افضل أهل الجنة هم الشهداء في الدنيا، بذلوا أنفسهم وأموالهم {بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً} فما عند الله خيرٌ من الدنيا....<( ).
* * *
7) سورة النحل
وردت في هذه السورة آية كريمة تنص على إيتاء الامام الحسين(عليه السلام)حقه في الخلافة الحقة، وفيها ذم لظالميه وغاصبي حقه وقتلته.
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}( ).
فعن أبي جعفر (عليه السلام)في تأويل هذه الآية الكريمة قال: > العدل: شهادة الاخلاص وأنَّ محمّداً رسول الله، والاحسان: ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)والاتيان بطاعتهما، و>ايتاء ذي القربى<: الحسن والحسين والأئمة من ولده (عليهم السلام)، و>ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي<: هو مَن ظلمهم وقتلهم ومنع حقوقهم<.( )
* * *
8) سورة الإسراء
جاءت آية في هذه السورة تخبر تأويلاً بشهادة سيد الشهداء الامام الحسين(عليه السلام)، ونصرة دمه وأخذ الثأر له من قاتليه من ظالمي آل محمد جميعاً.
قال تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُوليهما بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ً}( ).
روى عبد الله بن القاسم البطل، عن أبي عبد (عليه السلام)في قوله تعالى: {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} قال: > قتل عليّ بن أبي طالب وطعن الحسن‘<.
{وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً} قال: قتل الحسين(عليه السلام).
و{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُوليهما} فأذا جاء نصر دم الحسين(عليه السلام){بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} قومٌ يبعثم الله قبل خروج القائم(عليه السلام)فلا يدعون وتراً لآل محمدٍ إلاّ قتلوه.
{وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً}خروج القائم(عليه السلام).
{ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} خروج الحسين (عليه السلام)في سبعين من أصحابه عليهم....<.( )
* * *
9) سورة مريم
وردت في هذه السورة الشريفة آية تصور لنا مجزرة كربلاء، وهي عبارة عن حروف من أنباء الغيب وكما روي عن سعد بن عبد الله القمي عن الامام الحجة#، عندما سئله عن تأويلها، وقد أطلع الله تبارك وتعالى عليها عبده ونبيه زكريا (عليه السلام)ثم قصها على نبي الاسلام الاعظم'.
وهي قوله تعالى: {كهيعص}( ).
سأل سعد بن عبد الله القمي عن الحجة القائم (عليه السلام)عن تأويل (كهيعص) قال (عليه السلام) قال في حديث طويل: >.... أن زكريا سأل ربّه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرائيل (عليه السلام)فعلّمه إيّاها فكان زكريا ... إذا ذكر الحسين خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة( ).
فقال (عليه السلام)ذات يوم: إلهي ما بالي.. إذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زُفرتي( )؟
فأنبأه الله تبارك وتعالى عن (قصته) فقال: {كهيعص}.
فالكاف: اسم كربلاء.
والهاء: هلاك العترة.
والياء: يزيد (لعنه الله)، وهو ظالم الحسين(عليه السلام).
والعين: عطشه (أي عطش الحسين (عليه السلام)).
الصاد: صبره (عليه السلام).
فلما سمع ذلك زكريا (عليه السلام)، لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيهن الناس من الدخول عليه واقبل على البكاء والنحيب وكان يرثيه:
> ألهي أتفجع خير جميع خلقك بولده؟!
إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه؟!
إلهي أتلبس علياً وفاطمة ثياب المصيبة؟!
إلهي أتحلّ كربة هذا المصيبة بساحتها؟! <
ثم كان يقول: > الهي ارزقني ولداً تقرّ به عيني على الكبر( ) فإذا رزقتنيه فأفتني بحّبه ثم افجعني به كما تفجع محمداً حبيبك بولده<.
فرزقه الله يحيى وفجعة به وكان حمل يحيى (عليه السلام)ستة اشهر وحمل الحسين كذلك...الخبر( )
لهذا أشار القرآن الكريم لأستجابة دعاء زكريا بغلام أسمه يحيى، وذلك لأنه أراد ان يواسي الحسين (صلوات الله عليه)، بل طلب هذا الطلب من الله تعالى ليواسي رسول الله وعلي وفاطمة بالفاجعة الكبرى والمصاب العظيم الذي حل بالحسين وأهل بيته واصحابه (عليهم السلام)بالرغم من كبر سن يحيى وعجزه.
قال تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً}( ).
لهذا قال رسول الله 'في قول الله عزّ وجلّ: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً}: >ذلك يحيى وقرّة عين الحسين <( ).
* * *
10) سورة الحج
وردت آية شريفة في هذه السورة تُبين مدى حقد يزيد (لعنه الله) وعدائه لآل البيت، والحسين(عليه السلام)خاصة، وذلك عندما طلب يزيد البيعة من الامام الحسين... وأمر واليه على المدينة أن يأخذها له منه بالقوة والارهاب...!!!
نعم،!... ولا غرابة في ذلك..، فهذا هو دين الطغاة وديدنهم، وهذه هي الافعال التي يفتخر بها أعداء اهل بيت الوحي والنبوة، ولم يكتف يزيد بذلك أراد من أعوانه أن يأتوا بالامام الحسين (عليه السلام) من مكة الى محضر يزيد في الشام!، لكن لحنكة الامام (عليه السلام) لم يتمكن هؤلاء الطغاة من أنّ يتموا أفعالهم الدنيئة هذه؛ وذلك عندما تعامل معهم بأسلوب سياسي ثوري دقيق، وعالج الظروف والاحداث الساخنة أنذاك بحسب بما يتناسب مع كل منها، فخرج واهل بيته والثلة المخلصة من اصحابه(عليهم السلام)ليلاً، ليخط منهجه الرسالي من مكة الى المدينة بأتجاه الكوفة.. مفجراً لثورة العز والكرامة والسمو لراية الاسلام الاصيلة تحت شعار: > هيهات منا الذّلة <.
وقد وصف القرآن الكريم ان خروج الامام الحسين والذين معه من ديارهم بغير حقّ، بقوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ}( ).
فقد روي في تفسير القمي في قوله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
قال: نزلت في علي وجعفر وحمزة ثم جرت قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ}.
قال: الحسين (عليه السلام)حين طلبه يزيد لعنه الله، ليحمله الى الشام فهرب الى الكوفة( ).
* * *
11) سورة القصص
وردت في هذه السورة الشريفة آية تقص قصة خروج سيد الشهداء الامام الحسين (صلوات الله عليه) عندما خرج من المدينة الى مكة متجهاً نحو كربلاء في ظرف حساس وكان محفوفاً بالمخاطر التي تحيط به من جميع الجهات، حيث يترقبه الاعداء ليظفروا به ويقبضوا عليه لينالوا رضا المخلوق بسخط الخالق، تنقيذاً لأوامر يزيد بأخذ البيعة له بالخلافة...!!
قال تعالى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}( ).
فسار الحسين(عليه السلام)الى مكة وهو يقرأ {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين} ولزم الطريق الاعظم فقال له اهل بيته: لو تنكبت الطريق الاعظم كما فعل أبن الزبير لئلا يلحقك الطلب.
فقال: لا والله لا أفارقه حتى يقضى الله ما هو قاض.
ولمّا دخل الحسين مكة كان دخوله اليه ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان دخلها وهو يقرأ:
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}( ).
12) سورة الصافات
جاء في هذه السورة ـ في آية منها ـ ذكر نبي الله إبراهيم (عليه السلام)عندما نظر الى السماء فحسب في علم النجوم والفلك، وذلك عندما رأى النجوم في غير حالتها الطبيعية، فعلم، بل رأى ما يحل بالحسين (عليه السلام)من المصائب، فتألم كثيراً...كثيراً لذلك، وفي بعض الاخبار أنه لعن قاتليه.
قال تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ}( ).
فعن ابي عبد الله (عليه السلام)في قول الله عزَّ وجل: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ}.
قال: حسب، فرأى ما يحل بالحسين (عليه السلام)فقال: إني سقيم( ) (أي لما يحل بالحسين (عليه السلام)).
* * *
13) سورة التكوير
في هذه السورة آيتان شريفتان تعرضتا لمظلوميّة سيد الشهداء (عليه السلام)، وأنه قتل مظلوماً على يدي بني امية بلا ذنب ظلما ً وعدواناً، وقد مضى (سلام الله عليه) في سبيل الله صابراً محتسباً.
قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}( ).
عن ابي بصير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله في قول الله عزّ وجل: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}.
قال: نزلت في الحسين بن علي ‘( ).
* * *
14) سورة الفجر
في هذه السورة آربعة آيات كريمة في بشرى لصاحب النفس الزكية المطمئنة والتي رضت بقضاء الله فأرضاها بالفوز الخالد في أعلى مراتب الجنة، لذا اصبح الامام الحسين (عليه السلام)سيد الشهداء.
قال تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}( ).
فعن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه السلام)في قوله: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}.
يعني: الحسين بن علي (عليه السلام)( ).
الى غير ذلك من السور والآيات القرآنية الشريفة التي نصت على الامام الحسين (عليه السلام)، بل دلت على مقامه ومنزلته وفضيلته عند الله تعالى تأويلاً، بل ظهرت مظلوميّته، وعظم مصيبته في السموات والأرض.
* خلاصة الكلام:
وهكذا بانت بوضوح مكانة سيّد الشهداء (عليه السلام) عبَّر الوحي الإلهيّ في كتاب الله العزيز، من خلال كلمات أهل البيت (عليهم السلام) ـ تفسيراً، أو تأويلاً ـ ، وعلى أساس هذه المكانة المترتبة على مصيبة الحسين (عليه السلام)، إتّضحت مظلوميّته التي لانظير لها في تاريخ البشرية.
عظم الله لنا ولكم الأجــــــــــــــر
من اعداد الشيخ حيدر الربيعاوي وتاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية النجف الاشرف
وكـــــــــــــالة أنباء براثــــــــــــا
مقدّمة تمهيديّة:
إن القرآن الكريم هو الكتاب العزيز الذي تكفل بيان كل شيء ليستوعب كل ما يحتاجه الانسان في مسيرة حياته وتكامله من جانب، ولحل مشاكله من جانب آخر.
ويمتاز القرآن عن غيره من الكتب السماوية، بأن له علوماً تستقى منه، وأسساً تبتني عليه، ومن تلك العلوم علم التأويل الذي لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم، فلا بد من الرجوع اليهم لأجل الوصول اليه، ألا وهم أئمة أهل الببيت (صلوات الله عليهم) الذين نزل في بيتهم هذا الكتاب المجيد، وأهل البيت أدرى بما فيه، فهم عِدله، والعالمون به.
ومن خلال مراجعة كتب الحديث يتضح لنا الكثير من النصوص التي وردت في فضائلهم تأويلاً عن الآيات القرآنية المباركة، لهذا حاولت ـ قدر الامكان ـ جمع ما تيسر لي في هذا الفصل ما ورد في فضل سيّد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام)، لبيان مكانته في القرآن الكريم والسنة المطهرة.
وقد تم استخراج هذه الروايات الشريفة من الكتب المعتبرة في التفسير والحديث عند الفريقين، وما هو متفق عليه في الاعم الاغلب، للوصول الى ما هو مطلوب في هذا المقصد المبارك، واقتصرت فيه على ما هو صريح بحق أبى عبد الله الامام الحسين(عليه السلام)، وذلك أدءاً لحق من حقوقه(عليه السلام)علينا وخدمة له، سائلاً المولى العزيز سبحانه ان يسددني فيه ويقيل عثرتي.
وقد رتبتها بحسب تسلسل السور القرآنية الشريفة، لكن أقتصرت على ذكر اربعة عشر سورة منها وذلك تيمناً بأنوار الأربعة عشر المعصومين(عليهم السلام)وهي على التوالي:
1) سورة البقرة
مما ورد في هذه السورة الشريفة، وقد أوَّل في حق الحسين (عليه السلام)قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ}( ).
فقد روي في البحار أن آدم(عليه السلام)رأى ساق العرش وأسماء النبي والأئمة(عليهم السلام)، فلقنه جبرائيل، قل: يا حميد بحق محمد، يا عليّ بحق عليًّ، يا فاطر بحق فاطمة، يا محسن بحق الحسن والحسين، ومنك الاحسان.
فلما ذكر الحسين سالت دموعه وإنخشع قلبه وقال:
>يا أخي جبرائيل!.. في الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي..!
قال جبرائيل: ولدك هذا يُصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب.
فقال: يا أخي وما هي!؟
قال: يُقتل عطشاناً غريباً وحيداً فريداً ليس له ناصرٌ ولامعينٌ <( ).
* * *
2) سورة آل عمران
مما ورد فيها؛ ويشهد بكرم الامام الحسين(عليه السلام)قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}( ).
وذلك عندما جنى غلام له(عليه السلام)جنايةً توجب العقاب عليه، فأمر به أن يضرب، فقال: يا مولاي (والكاظيمن الغيظ).
قال(عليه السلام): خلّوا عنه.
فقال: يا مولاي (... والعافين عن الناس)
قال (عليه السلام):قد عفوت عنك.
قال: يا مولاي!... والله يحب المحسنين.
قال (عليه السلام):أنت حرُّ لوجه الله ولك ضعف ما كنت أُعطيك( ).
* * *3) سورة النساء
مما رود في هذه السورة الشريفة، بصدد بيان مصير قاتل الحسين(عليه السلام)،وإظهار مظلومية سيد الشهداء(عليه السلام)، قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً}( ).
قال رسول الله':>ولدي الحسين يًقتل ظلماً وعدواناً، ألا ومن قتله يدخل في تابوت من نار ويُعذب بعذاب نصف أهل النار وقد غلّت يداه ورجلاه وله رائحة يتعوذّ أهل النار منها، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك<.( )
* * *4) سورة الأنعام
في الآيات الكريمة التي وردت في هذه السورة المباركة، والتي يمكن ان نستفيد منها ان الامام الحسين واصحابه(عليهم السلام)بعد إستشهادهما رُدّوا الى الجنة، وأعدائهم وقاتليهم الى النار.
فعن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: دخل مروان بن الحكم المدينة، قال: فستلقى على السرير ـ وثم مولى الحسين (عليه السلام)ـ فقال: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ}( ).
قال: فقال الحسين لمولاه: ماذا قال حين دخل.
قال: إستلقى على السرير فقرأ : {رُدُّوا إِلَى اللَّهِ موليهم الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ}.
قال: فقال الحسين(عليه السلام):نعم، والله رُدِدت أنا وأصحابي الى الجنة، وردّ هو ـ مروان ـ وأصحابه الى النار( ).
* * *
5) سورة الانفال
مما ورد في هذه السورة الشريفة، وفيه دلالة على إختصاص الإمامة بالحسين(عليه السلام) بعد ان أخص الله تبارك وتعالى بها أبيه علياً(عليه السلام) بعد رسول الله 'وأخيه الحسن المجتبى (عليه السلام)، يقول تعالى {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}( ).
عن عبد الاعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)يقول: > إنَّ الله عزَّ وجلّ خص عليّاً بوصّية رسول الله 'وما يصيبه له، فأقرّ الحسن والحسين ‘له بذلك ثم وصية للحسن وتسليم الحسين للحسن ذلك حتى أقضي الأمر الى >الحسين< لا ينازعه فيه أحدٌ<.( (
* * *
6) سورة التوبة
مما جاء في هذه السورة ـ التي نزلت بتوبيخ المشركين والظالمين ... ونحوهما ـ في عرض مصائب الحسين(عليه السلام)، وعظمها على النبي والزهراء وأهل البيت (صلوات الله عليهم)، والبكاء عليه، ولعن قاتليه، قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً}( ).
فعن أبي عبد الله ا (عليه السلام)قال: كان الحسين مع أُمه تحمله فأخذه النبي'وقال: > لعن الله قاتلك ولعن الله سالبك وأهَلكَ الله المتوازرين عليك وحكم الله بيني وبين مَن أعان عليك.
قالت فاطمة الزهراء ÷: يا أبت أيُّ شئ يقول؟
قال ':يا بنتاه ذكرتُ ما يصيبه بعدي وبعدك من الاذى والظلم والغدر والبغي وهو يومئذ في عصبة كأنهم نجوم السماء يتهادون الى القتل وكأني أنظر الى معسكرهم والى موضع رحالهم وتربتهم... يخرج عليم شرار أمتي....
فقالت الزهراء ÷: يا أبة إنّا لله وبكت.
فقال لها: يا بنتاه! إنَّ افضل أهل الجنة هم الشهداء في الدنيا، بذلوا أنفسهم وأموالهم {بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً} فما عند الله خيرٌ من الدنيا....<( ).
* * *
7) سورة النحل
وردت في هذه السورة آية كريمة تنص على إيتاء الامام الحسين(عليه السلام)حقه في الخلافة الحقة، وفيها ذم لظالميه وغاصبي حقه وقتلته.
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}( ).
فعن أبي جعفر (عليه السلام)في تأويل هذه الآية الكريمة قال: > العدل: شهادة الاخلاص وأنَّ محمّداً رسول الله، والاحسان: ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)والاتيان بطاعتهما، و>ايتاء ذي القربى<: الحسن والحسين والأئمة من ولده (عليهم السلام)، و>ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي<: هو مَن ظلمهم وقتلهم ومنع حقوقهم<.( )
* * *
8) سورة الإسراء
جاءت آية في هذه السورة تخبر تأويلاً بشهادة سيد الشهداء الامام الحسين(عليه السلام)، ونصرة دمه وأخذ الثأر له من قاتليه من ظالمي آل محمد جميعاً.
قال تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُوليهما بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ً}( ).
روى عبد الله بن القاسم البطل، عن أبي عبد (عليه السلام)في قوله تعالى: {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} قال: > قتل عليّ بن أبي طالب وطعن الحسن‘<.
{وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً} قال: قتل الحسين(عليه السلام).
و{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُوليهما} فأذا جاء نصر دم الحسين(عليه السلام){بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} قومٌ يبعثم الله قبل خروج القائم(عليه السلام)فلا يدعون وتراً لآل محمدٍ إلاّ قتلوه.
{وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً}خروج القائم(عليه السلام).
{ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} خروج الحسين (عليه السلام)في سبعين من أصحابه عليهم....<.( )
* * *
9) سورة مريم
وردت في هذه السورة الشريفة آية تصور لنا مجزرة كربلاء، وهي عبارة عن حروف من أنباء الغيب وكما روي عن سعد بن عبد الله القمي عن الامام الحجة#، عندما سئله عن تأويلها، وقد أطلع الله تبارك وتعالى عليها عبده ونبيه زكريا (عليه السلام)ثم قصها على نبي الاسلام الاعظم'.
وهي قوله تعالى: {كهيعص}( ).
سأل سعد بن عبد الله القمي عن الحجة القائم (عليه السلام)عن تأويل (كهيعص) قال (عليه السلام) قال في حديث طويل: >.... أن زكريا سأل ربّه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرائيل (عليه السلام)فعلّمه إيّاها فكان زكريا ... إذا ذكر الحسين خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة( ).
فقال (عليه السلام)ذات يوم: إلهي ما بالي.. إذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زُفرتي( )؟
فأنبأه الله تبارك وتعالى عن (قصته) فقال: {كهيعص}.
فالكاف: اسم كربلاء.
والهاء: هلاك العترة.
والياء: يزيد (لعنه الله)، وهو ظالم الحسين(عليه السلام).
والعين: عطشه (أي عطش الحسين (عليه السلام)).
الصاد: صبره (عليه السلام).
فلما سمع ذلك زكريا (عليه السلام)، لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيهن الناس من الدخول عليه واقبل على البكاء والنحيب وكان يرثيه:
> ألهي أتفجع خير جميع خلقك بولده؟!
إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه؟!
إلهي أتلبس علياً وفاطمة ثياب المصيبة؟!
إلهي أتحلّ كربة هذا المصيبة بساحتها؟! <
ثم كان يقول: > الهي ارزقني ولداً تقرّ به عيني على الكبر( ) فإذا رزقتنيه فأفتني بحّبه ثم افجعني به كما تفجع محمداً حبيبك بولده<.
فرزقه الله يحيى وفجعة به وكان حمل يحيى (عليه السلام)ستة اشهر وحمل الحسين كذلك...الخبر( )
لهذا أشار القرآن الكريم لأستجابة دعاء زكريا بغلام أسمه يحيى، وذلك لأنه أراد ان يواسي الحسين (صلوات الله عليه)، بل طلب هذا الطلب من الله تعالى ليواسي رسول الله وعلي وفاطمة بالفاجعة الكبرى والمصاب العظيم الذي حل بالحسين وأهل بيته واصحابه (عليهم السلام)بالرغم من كبر سن يحيى وعجزه.
قال تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً}( ).
لهذا قال رسول الله 'في قول الله عزّ وجلّ: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً}: >ذلك يحيى وقرّة عين الحسين <( ).
* * *
10) سورة الحج
وردت آية شريفة في هذه السورة تُبين مدى حقد يزيد (لعنه الله) وعدائه لآل البيت، والحسين(عليه السلام)خاصة، وذلك عندما طلب يزيد البيعة من الامام الحسين... وأمر واليه على المدينة أن يأخذها له منه بالقوة والارهاب...!!!
نعم،!... ولا غرابة في ذلك..، فهذا هو دين الطغاة وديدنهم، وهذه هي الافعال التي يفتخر بها أعداء اهل بيت الوحي والنبوة، ولم يكتف يزيد بذلك أراد من أعوانه أن يأتوا بالامام الحسين (عليه السلام) من مكة الى محضر يزيد في الشام!، لكن لحنكة الامام (عليه السلام) لم يتمكن هؤلاء الطغاة من أنّ يتموا أفعالهم الدنيئة هذه؛ وذلك عندما تعامل معهم بأسلوب سياسي ثوري دقيق، وعالج الظروف والاحداث الساخنة أنذاك بحسب بما يتناسب مع كل منها، فخرج واهل بيته والثلة المخلصة من اصحابه(عليهم السلام)ليلاً، ليخط منهجه الرسالي من مكة الى المدينة بأتجاه الكوفة.. مفجراً لثورة العز والكرامة والسمو لراية الاسلام الاصيلة تحت شعار: > هيهات منا الذّلة <.
وقد وصف القرآن الكريم ان خروج الامام الحسين والذين معه من ديارهم بغير حقّ، بقوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ}( ).
فقد روي في تفسير القمي في قوله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
قال: نزلت في علي وجعفر وحمزة ثم جرت قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ}.
قال: الحسين (عليه السلام)حين طلبه يزيد لعنه الله، ليحمله الى الشام فهرب الى الكوفة( ).
* * *
11) سورة القصص
وردت في هذه السورة الشريفة آية تقص قصة خروج سيد الشهداء الامام الحسين (صلوات الله عليه) عندما خرج من المدينة الى مكة متجهاً نحو كربلاء في ظرف حساس وكان محفوفاً بالمخاطر التي تحيط به من جميع الجهات، حيث يترقبه الاعداء ليظفروا به ويقبضوا عليه لينالوا رضا المخلوق بسخط الخالق، تنقيذاً لأوامر يزيد بأخذ البيعة له بالخلافة...!!
قال تعالى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}( ).
فسار الحسين(عليه السلام)الى مكة وهو يقرأ {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين} ولزم الطريق الاعظم فقال له اهل بيته: لو تنكبت الطريق الاعظم كما فعل أبن الزبير لئلا يلحقك الطلب.
فقال: لا والله لا أفارقه حتى يقضى الله ما هو قاض.
ولمّا دخل الحسين مكة كان دخوله اليه ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان دخلها وهو يقرأ:
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}( ).
12) سورة الصافات
جاء في هذه السورة ـ في آية منها ـ ذكر نبي الله إبراهيم (عليه السلام)عندما نظر الى السماء فحسب في علم النجوم والفلك، وذلك عندما رأى النجوم في غير حالتها الطبيعية، فعلم، بل رأى ما يحل بالحسين (عليه السلام)من المصائب، فتألم كثيراً...كثيراً لذلك، وفي بعض الاخبار أنه لعن قاتليه.
قال تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ}( ).
فعن ابي عبد الله (عليه السلام)في قول الله عزَّ وجل: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ}.
قال: حسب، فرأى ما يحل بالحسين (عليه السلام)فقال: إني سقيم( ) (أي لما يحل بالحسين (عليه السلام)).
* * *
13) سورة التكوير
في هذه السورة آيتان شريفتان تعرضتا لمظلوميّة سيد الشهداء (عليه السلام)، وأنه قتل مظلوماً على يدي بني امية بلا ذنب ظلما ً وعدواناً، وقد مضى (سلام الله عليه) في سبيل الله صابراً محتسباً.
قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}( ).
عن ابي بصير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله في قول الله عزّ وجل: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}.
قال: نزلت في الحسين بن علي ‘( ).
* * *
14) سورة الفجر
في هذه السورة آربعة آيات كريمة في بشرى لصاحب النفس الزكية المطمئنة والتي رضت بقضاء الله فأرضاها بالفوز الخالد في أعلى مراتب الجنة، لذا اصبح الامام الحسين (عليه السلام)سيد الشهداء.
قال تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}( ).
فعن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه السلام)في قوله: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}.
يعني: الحسين بن علي (عليه السلام)( ).
الى غير ذلك من السور والآيات القرآنية الشريفة التي نصت على الامام الحسين (عليه السلام)، بل دلت على مقامه ومنزلته وفضيلته عند الله تعالى تأويلاً، بل ظهرت مظلوميّته، وعظم مصيبته في السموات والأرض.
* خلاصة الكلام:
وهكذا بانت بوضوح مكانة سيّد الشهداء (عليه السلام) عبَّر الوحي الإلهيّ في كتاب الله العزيز، من خلال كلمات أهل البيت (عليهم السلام) ـ تفسيراً، أو تأويلاً ـ ، وعلى أساس هذه المكانة المترتبة على مصيبة الحسين (عليه السلام)، إتّضحت مظلوميّته التي لانظير لها في تاريخ البشرية.
تعليق