أبو خالد الزُبالي([1]) الزيدي([2])
أبو خالد الزُبالي الزيدي إعتنق مذهب الشيعة الإماميّة لِما شاهده من الإمام الكاظم موسى بن جعفر(عليهما السلام)، الإمام السابع من أئمـّة أهل البيت(عليهم السلام) من أمر عجيب.
حدّث أبو خالد، قال: نزل أبو الحسن([3]) منزلنا في يوم شديد البرد في سنة مجدبة([4]) ونحن لا نقدر على عود نستوقد به، فقال: يا أبا خالد ائتنا بحطب نستوقد به. قلت: والله ما أعرف في هذا الموضع عوداً واحداً.
فقال: كلاّ يا أبا خالد، ترى هذا الفجّ([5]) خذ فيه فإنّك تلقى أعرابيا معه حملان حطباً، فاشترهما منه ولا تماكسه([6]) فركبت حماري وانطلقت نحو الفج الذي وصف لي فإذا أعرابي معه حملان حطباً، فاشتريتهما منه، وأتيته بهما فاستوقدوا منه يومهم ذلك، وأتيته بطرف ما عندنا فطعم منه.
ثمّ قال: يا أبا خالد، اُنظر خفاف الغلمان ونعالهم فأصلحها حتى نقدم عليك في شهر كذا وكذا. قال أبو خالد: فكتبت تاريخ ذلك اليوم، فركبت حماري يوم الموعود حتى جئت إلى لِزق ميل ونزلت فيه، فإذا أنا براكب مقبل نحو القطار([7])فقصدت إليه، فإذا هو يهتف بي ويقول: يا أبا خالد، قلت: لبيك جعلت فداك.
قال: أتراك وفينا بما وعدناك؟ ثمّ قال: يا أبا خالد، ما فعلت بالقبّتين اللتين كنّا نزلنا فيهما؟
فقلت: جعلت فداك، قد هيأتهما لك. وانطلقت معه حتى نزل في القبّتين اللتين كان نزل فيهما، ثمّ قال: ما حال خفاف الغلمان ونعالهم؟ قلت: قد أصلحناها، فأتيته بهما.
فقال: يا أبا خالد سلني حاجتك. فقلت: جعلت فداك، أخبرني بما فيه، كنت زيديّ المذهب حتى قدمت عليّ وسألتني الحطب، وذكرت مجيئك في يوم كذا، فعلمت أنّك الإمام الذي فرض الله طاعته.
فقال: يا أبا خالد، من مات، لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، وحوسب بما عمل في الإسلام([8]).
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ نسبة إلى زُبالة اسم موضع بطريق مكة.
[2] ـ الزيدي: من قال بإمامة زيد بن الإمام عليّ بن الحسين(عليهما السلام) ويقول بإمامة كلّ فاطمي، عالم، صالح، ذي رأي يخرج بالسيف.
[3] ـ كنية الإمام موسى بن جعفر(عليهما السلام).
[4] ـ مجدبة: انقطع فيها المطر، وأرض جدباء: ماحلة لا نبت فيها، والجدب خلاف الخصب، وأجدبت البلاد قحطت وغلت أسعارها.
[5] ـ الفج: الطريق الواسع بين الجبلين.
[6] ـ المماكسة في البيع: انتقاص الثمن واستحطاطه.
[7] ـ القطار من الإبل: قطعة منها يلي بعضها بعضها على نسق واحد .
[8] ـ مناقب آل أبي طالب.
تعليق