تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
من شبه القوم على امامة امير المؤمنين (عليه السلام) مقطع من رواية في نهج البلاغة يقول فيها الامام (صلوات الله عليه) : ((دعوني والتمسوا غيري)) وقالوا بان هذا يدل على نفي النص على الامام اذ لو كان منصوصا عليه لما جاز له رفض الامامة وقد ذكر هذه الشبهة جملة من كبار علمائهم مع الأسف لوضوح انها لا تصدر ممن له مسكة من العلم وعلى كل حال فهناك أجوبة نموذجية ذكرها علمائنا لهذه الشبهة تطلب من مضانها ونحن نذكر بعضها في مشاركة لاحقة ان شاء الله تعالى اما هنا فسنحاول تخريج هذا المقطع في المصادر السنية والشيعية ونقتصر على المصادر التي سبقت الشريف الرضي والذي نظن انه نقلها عنهم لنرى حال رجال سندها .مناقشة السند :
مقدمة :
قد يدعي البعض ان الشيعة تقول بصحة روايات كتاب نهج البلاغة جميعها وهذا الادعاء باطل لأننا نتعامل مع نصوص هذا الكتاب كما نتعامل مع باقي روايات كتب الحديث الأخرى حسب الضوابط العلمية في قبول الرواية وردها وبعد التحقيق والبحث عن اسناد هذه العبارات ومصادرها التي سبقت زمان الشريف الرضي مؤلف كتاب نهج البلاغة والتي يغلب على الظن انه قد اعتمد عليها .
لا يقال : اذا كانت الرواية ضعيفة فكيف يرويها الشريف الرضي (قده) وينسبها الى امير المؤمنين (عليه السلام) ؟
لانا نقول ان الكتاب مخصص لبيان النكات البلاغية في الكلام المنسوب لامير المؤمنين (عليه السلام) وهكذا غرض لا يقتضي التدقيق في السند .
والذين ذكروا هذه الرواية قبل السيد الشريف هم :
1- محمد بن جرير الطبري في تاريخه .
2- احمد بن اعثم الكوفي في كتابه الفتوح .
3- احمد بن يحيى بن جابر البلاذري في كتاب انساب الاشراف .
4- ابو عبد الله محمد بن محمد النعمان المعروف بالشيخ المفيد في كتابه الجمل .
واليك مناقشة السند عند كل واحد منهم :
سند الرواية عند الطبري :
قال الطبري في باب خلافة امير المؤمنين علي بن ابي طالب : " كتب الَي السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة قالا ...........الحديث .
هذه الرواية قريبة جدا مما نقله الشريف الرضي في نهج البلاغة وفيه شعيب بن إبراهيم قال عنه ابن عدي : وهو ليس بذلك المعروف ومقدار ما يروي من الحديث والاخبار ليست بالكثيرة وفيه بعض النكرة لان في اخباره واحاديثه ما فيه تحامل على السلف .(1)
وقال عنه الذهبي : راوية كتب سيف عنه فيه جهالة .(2)
والذي ذكره ابن حبان في ثقاته (3) غير هذا كما صرح بذلك ابن حجر قال : الظاهر انه غيره (4)
وأيضا فيه سيف بن عمر التميمي الضبي : ولم نر أحدا قد وثقه بشكل صريح بل هناك اجماع على تضعيفه واتهموه بالوضع والزندقة فقال ابن حجر : قال ابن معين : ضعيف الحديث وقال مرة : فليس خير منه وقال أبو حاتم : متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي وقال أبو داوود ليس بشئ وقال النسائي والدارقطني: ضعيف وقال ابن عدي: بعض احاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الاثبات وقالوا:ة انه كان يضع الحديث . قلت : بقية كلامك ابن حبان اتهم بالزندقة وقال البرقاني عن الدارقطني : متروك وقال الحاكم اتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط قرات بخط الذهبي : مات سيف زمن الرشيد .(5)
وهكذا تبين ان فقرة (دعوني والتمسوا غيري) في تاريخ الطبري لا قيمة سندية لها .
سند الرواية عند احمد بن اعثم الكوفي :
وردت هذه الرواية في كتابه الفتوح من دون سند بل ذكرها بعنوان (قال) وان ذكر رجاله في بداية الكتاب لكن لا يخفى ان فيهم العديد من الضعفاء مضافا الى ان احمد بن اعثم نفسه ضعيف عند أصحاب الحديث قال ابن حجر: احمد بن اعثم الكوفي الاخباري المؤرخ قال ياقوت: كا شيعيا وعند أصحاب الحديث ضعيف .(6)
ونسبته الى التشيع ليست صحيحة فهو من مؤرخي اهل السنة بلا شك لكنه بسبب نقله لبعض القضايا التاريخية التي ترتبط بفضائل اهل البيت (عليهم السلام) او التي لا تنسجم مع قداسة بعض الصحابة نسب الى الشيعة ، قال النمازي: اعثم الكوفي: هو محمد بن علي من مؤرخي العامة له كتاب الفتوح وتاريخ تاليغه سنة 204 ه .(7)
وعلى هذا فالرجل ليس شيعيا ولم تثبت وثاقته عند اهل السنة فالفقرة لا قيمة سندية لها أيضا في كتاب الفتوح .
سند الرواية عند احمد بن يحيى بن جابر البلاذري :
قال احمد بن يحيى بن جابر البلاذري : حدثنا عمرو بن محمد الناقد حدثنا إسحاق الأزرق عن عبد الملك بن ابي سليمان عن سلمه بن كهيل عن سالم بن ابي الجعد عن محمد بن الحنفية قال اني لقاعد .....الحديث .
وقال أيضا : وحدثت عن إسحاق بن يوسف الأزرق عن عبد الملك عن سلمة عن سالم عن ابن الحنفية ...
وعلى أي حال ففي السند عبد الملك بن ابي سليمان قد تكلم فيه شعبة وترك حديثه (8) وارورده العقيلي (9) وابن عدي في الضعفاء (10) واتهم بانه يهمَ (11) ويخطئ (12) .
واما سالم بن ابي الجعد فانه وان وثقه البعض لكنه كان يرسل كثيرا كما يقول ابن حجر (13) وكان من المدلسين وقد ادرجه في طبقات المدلسين (14) .
الى هنا انتهى ذكر الاسانيد السنية وهي حتى على تقدير صحتها – وقد عرفت حالها – فهي ليست بحجة علينا .
سند الرواية عند الشيخ المفيد :
قال الشيخ المفيد : روى أبو إسحاق بن إبراهيم بن محمد الثقفي عن عثمان بن ابي شيبة عن ادريس عن محمد بن عجلان عن زيد بن اسلم قال : جاء طلحة .....الحديث .
وفي السند عثمان بن ابي شيبة قال النمازي في المستدركات : لم يذكروه .(15)
ومحمد بن عجلان مشترك بين اكثر من راو واكثرهم مجاهيل .
وهكذا يتضح ان السند لا قيمة له .
فتبين ان السند من ناحية شيعية غير تام ومن ناحية سنية ضعيف ولو تم فليس بحجة
(1) الكامل في ضعفاء الرجال ج4ص4 .
(2) ميزان الاعتدال ج2ص275 .
(3) الثقات ج8ص309 .
(4) لسان الميزان ج3 ص 145 .
(5) تهذيب التهذيب ج4ص259-260 .
(6) لسان الميزان ج1ص138 .
(7) مستدركات علم رجال الحديث ج8ص 528 رقم الترجمة 17781 .
(8) تهذيب الكمال ج18ص326 .
(9) ضعفاء العقيلي ج3ص31 .
(10) الكامل في ضعفاء الرجال ج5 ص302 .
(11) تقريب التهذيب ج1ص615-616 .
(12) الثقات لابن حبان ج7ص 97 .
(13) تقريب التهذيب ج1ص334 .
(14) طبقات المدلسين ص31 .
(15) مستدركات علم رجال الحديث ج5ص209 الترجمة رقم 9257 .
حسين منجل العكيلي
تعليق