الحافظ محمد يونس جعفري آزاد
السنّي الباكستاني
إعتنق مذهب الشيعة الإماميّة بعد دراسة عميقة ومطالعات واسعة ودقيقة تجلّى له فيها الحقّ في مذهب الشيعة فاعتنقه.
ولد الحافظ محمد يونس في (لائل پور ـ الباكستان) عام 1939 م في عائلة ثريّة معروفة، ودرس في المدارس السنّية ونشأ على عقائدهم. جاء في كتاب منه في 8/4/1384 هـ حول تشيّعه جاء فيه:
كنت أعتقد في الإمام عليّ انّه الخليفة الرابع للنبيّ، وأنّ الثلاثة أفضل منه، والآن أعتقد أنـّه هو الإمام بالحقّ، والقرآن الناطق، وأفضل البريّة بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله).
الباعث على إعتناقي المذهب الشيعي:
هو أنّ هذا المذهب ليس حزباً أو هيئة أو مؤسسة، وإنّما هو مذهب جاء به النبيّ(صلى الله عليه وآله). وقد سعت الأمّة في مسخه وتشويهه([1]) لما تنطوي عليه من شهوات وأغراض نفسيّة انحرفت بها عن الحقّ، فأخذت في ترويج دينها المخترع لنيل المقام والجاه الدنيوي، فسكت أهل الحقّ عنها تقيّةً فظنّ عامّة الناس أنّ دينهم الرائج هو الحقّ وغيره باطل، وقد ارتفع هذا الستار عني فعلمت أنّ الذي كنت أدين به باطلا، فاشتاقت نفسي إلى التحقيق للوصول إلى الهدف وهو الحقّ والصواب.
كنت جريئاً في نفسي استهزء بالشيعة وبأئمّتهم. وقد حضرت في مجلس لهم يوم عاشوراء في بلدة (گجرانواله) سنة 1960 م. وكانوا يلطمون في مجلس العزاء. فقلت عجباً أنـّهم قتلوا الحسين ثمّ يبكون عليه ويلطمون، ولعلّهم إنّما يفعلون ذلك لما صدر عنهم من هذا العمل الفظيع ثمّ نلت منهم.
وكنت آنذاك في مدرسة (إشاعة العلوم) مشتغلا بقراءة (المشكاة) و (تفسير الجلالين) و (الهداية) و (مختصر المعاني) وغيرها.
نمت في الليل فرأيت في المنام أسدين قد توجّها إليّ يريدان افتراسي، وهما يقولان لي دع ما أنت عليه من التجاسر على آل البيت ففزعت، ثمّ رأيت مولانا محمد حسين فاضل عراق صدر المدرسين في دار العلوم المحمّديّة في (سرگودها) ومولانا محمد اسماعيل المبلّغ الأعظم([2]) وقد توجّها الي وأنقذاني من هذين الأسدين، استيقظت من النوم مدهوشاً، تركت ما كنت معتاداً عليه من السبّ والتجاسر. أخذت أبحث عن الحقّ حتّى قربت منه فلم أعلن ذلك لأنّي كنت اريد دراسة الصحاح الستّة في مدرسة (خير المدارس) في ملتان، وأشار اليّ مولانامحمد اسماعيل بذلك أيضاً.
فكنت أدرس هذه الكتب في المدرسة، واُراسل المبُلِّغ الاعظم حتى إذا بقي من الإمتحان السنوي أربعة عشر يوماً اطلّعوا على كتاب مولانا محمد اسماعيل إليّ فأخرجوني لذلك من المدرسة، فحضرت عند المبلّغ الأعظم، وحقّقت الموضوع فعلمت أنّ النبيّ الأكرم كان قد نصّب عليّاً خليفة من بعده([3]) وانّ الثلاثة([4]) لم يرد فيهم نصّ، بل أرادوا إغواء الأمّة واضلالها، إلاّ أنـّهم لم يوفّقوا كما أرادوا، فانجلى لي الحقّ وظهر الصواب.
إنّ الخليفة الذي يشغل هذا المنصب يجب أن يكون مؤمناً مخلصاً غير مشرك ولا كافر، وأن يكون منصوصاً عليه من قبل الله كما نصّ على ذلك القرآن فيما حكاه عن الخلفاء السابقين والأنبياء الماضين([5]). وأنت خبير بأنّ سنّة الله لا تتبدّل، وأن اُصوله لا تتغيّر([6]).
واذ قد عرفنا انّ الخليفة لابدّ من أن يكون مسلماً خالصاً غير مشرك، فكيف يمكننا الإعتراف بخلافة من كان الشرك يدبّ في قلبه دبيب النملة في الليلة الظلماء([7]).
وإذا علمنا أنّ الخليفة لابدّ أن يكون أعلم أهل عصره فعلينا أن نصغي إلى ما تحكي لنا عائشة عن عليّ فتقول: أمَا أنـّه أعلم الناس بالسنّة([8])، وإلى ما يقول الرسول الأعظم: أنا مدينة العلم وعليّ بابها([9]).
وهناك أحاديث كثيرة تنصّ على فضله وخلافته([10]) كقوله(صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه([11])، وقوله: الحقّ مع عليّ وعليّ مع الحق([12])، وقوله: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة، وقوله(صلى الله عليه وآله): يا عليّ أنت ولي كلّ مؤمن بعدي([13])، وقوله(صلى الله عليه وآله): يا عليّ لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق([14])، وقوله(صلى الله عليه وآله): يا عليّ أنت وشيعتك هم الفائزون يوم القيامة([15])، وقوله(صلى الله عليه وآله): أهل بيتي أمان لأمتي.
ومن الواضح دخول عليّ في أهل البيت، نصّ على ذلك مسلم في صحيحه عند ذكره قوله(صلى الله عليه وآله) اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي. حين نزول: التطهير([16]) وقوله: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى([17])، وقوله: أنا وعليّ من نور واحد([18]).
فحينما رأيت هذه الأحاديث ودقّقت النظر في مفاهيمها، والتفتّ إلى ما رأيت في المنام اتّضح لي وانكشف لي أنّ الحقّ هو مذهب الشيعة فقط، وأنّ هذا المذهب هو مذهب أهل البيت كما قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي([19])، حيث أوجد الملازمة بين القرآن وأهل البيت، فما دام القرآن باق فالمفسّرون له باقون أيضاً لا محالة، فلا هذا يفترق عن ذاك، ولا ذاك يفترق عن هذا، واتّضح بذلك أنّ كلّ ما يأتي من قبل أهل البيت فهو حقّ بلا شك ولا ارتياب، لأنّ الحقّ مع عليّ وعليّ مع الحقّ([20]) ولأنّ القرآن مع عليّ وعليّ مع القرآن([21]).
وهناك أحاديث اخرى بلغتنا عن النبيّ الأعظم تدلّ على انحصار الخلافة في آل البيت(عليهم السلام)([22]) لم نذكرها لئلاّ يطول الحديث([23]) ولا يخفى أنّ أبناء السنّة وإن اعترفوا بهذه الأحاديث مع وجودها في كتبهم إلاّ أنـّهم يأولونها تأويلات عجيبة غريبة([24]) لم تتّضح لي حقيقتها إلاّ بمراجعتي إلى (المبلّغ الأعظم)([25]) فهو الذي كشف الستار وأوضح الحقّ وأبانه، ودعاني إلى المذهب الحقّ، مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
قبل تشيّعي كنت أرى أنّ الخلافة الإسلاميّة من المناصب التي يمكن أن يتصدّى لها كلّ فاسق وفاجر إذا كان ذا سلطة وله نفوذ في الأمّة، وبعد تشيّعي آمنت بأنّ الخلافة وظيفة الهيّة ومن المناصب التي لا يمكن للملوك أن يتصدّوا لها فضلا عن سائر الناس وعوامِّهم.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ وقد كتب جماعة من أدعياء الإسلام في الطعن بهذا المذهب الذي جاء به الرسول(صلى الله عليه وآله)ودعا اليه منهم عبد الله محمد الغريب وإبراهيم بن سليمان الجبهان، ومحب الدين الخطيب وقد تقدّم كلامهما البذيئ في ذلك في ص 93 وكتب محمد بن عليّ الطبري الشافعي كتاباً باسم (الحجّة الناهضة في إبطال مذهب الرافضة) وعليّ بن محمد المرادي كتاباً باسم (الروض الرائض في عدم صحّة نكاح أهل السنّة للروافض) وغيرهما وقد ذكرناهم في كتابناالنصائح الواجبة في تحذير المسلمين من دين الناصبة) الذي كتبناه رداً على (النصايح المفترضة في فضايح الرفضة) و (كشف الأسرار عن الشيعة الأشرار) طبع أخيراً، كتب عليه تأليف أبي اسلام مصطفى بن محمد بن سلامة.
[2] ـ تقدّم حديث تشيّعه في ص 154.
[3] ـ راجع الأحاديث في ذلك في ص 31 و 38 و 43 و 131 و 151 و 159 و182 .
[4] ـ أبو بكر وعمر وعثمان.
[5] ـ راجع ص14 للإطلاع على الآيات الواردة في ذلك.
[6] ـ قال تعالى (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً) فاطر: 43.
[7] ـ يقول محمد بن عبد الوهاب النجدي أنّ جماعة من الصحابة كانوا يجاهدون مع الرسول، ويصلّون معه، ويزكّون ويصومون ويحجّون ومع ذلك فقد كانوا كفاراً بعيدين عن الإسلام، عن الرسائل العمليّة التسع لمحمّد بن عبد الوهاب، (كشف الشبهات) ص120 طبعة سنة 1957 م.
[8] ـ الاستيعاب ج3 ص40، نظم درر السمطين ص133، مجلة منبر الإسلام المصريّة العدد 9 عام 1388، في طريقي إلى التشيّع عن (ذخائر العقبى) و (الصواعق المحرقة) وغيرهما.
[9] ـ راجع مصادر هذا الحديث من كتب السنّة في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟).
[10] ـ أوردنا كثيراً ممّا توصّلنا إليه منها من كتب السنّة في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟).
[11] ـ بقيّة الحديث: اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحبّ من أحبّه وابغض من ابغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. ذكرنا أكثر من خمسين مصدراً لهذا الحديث من كتب السنّة في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟).
[12] ـ بقيّة الحديث: يدور الحقّ مع عليّ كيفما دار. ذكرنا مصادر هذا الحديث من كتب السنّة في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟).
[13] ـ ذكرنا مصادر هذا الحديث من كتب السنّة في كتابنا ( هذه أحاديثنا أم أحاديثكم ؟ ) وليس في أوّله ( يا علي ) وفي مسند أحمد ج1 ص331 رواية اخرى : أنت وليّي في كلّ مؤمن بعدي.
[14] ـ الفتوحات الإسلامية ج2 ص511 ط مصر عام 1354 مطبعة مصطفى محمد. وله مصادر اخرى ذكرناها في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟) فحبّه صلوات الله عليه إيمان وبغضه نفاق. كما في حديث آخر في (سجع الحمام في حكم الامام) ص7 ط مصر عام 1967.
[15] ـ وقال(صلى الله عليه وآله): شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة. ينابيع المودة ص55 ط اسلامبول عام 1302، وفي حديث آخر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنّا عند النبيّ(صلى الله عليه وآله) فاقبل عليّ. فقال: قد أتاكم اخي، ثمّ التفت إلى الكعبة فمسّها بيده ثمّ قال: والذي نفسي بيده انّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة.... قال: فنزلت (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) قال: فكان الصحابة إذا أقبل عليّ قالوا: قد جاء خير البريّة وفي (شواهد التنزيل) ج2 ص362 ط بيروت عام 1393 هكذا: جاء خير البريّة بعد رسول الله.
[16] ـ في صحيح مسلم عن عائشة قالت: خرج النبيّ(صلى الله عليه وآله) غداة غدو عليه مرط (: كساء من صوف أو خزّ كان يؤتزر به) مرحل (أي منقوش عليه صورة رحال الابل من شعر أسود) فجاء الحسن فأدخله، ثمّ جاء الحسين فأدخله، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء عليّ فأدخله ، ثمّ قال: (إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ينابيع المودّة ص107 ط اسلامبول عام 1302 وفي ص108 منه قال (صلى الله عليه وآله) اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً (قال ثلاثاً).
[17] ـ بقيّة الحديث (إلاّ انّه لا نبيّ بعدي) ذكرنا في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟) أكثر من عشرين مصدراً لهذا الحديث من كتب السنّة.
[18] ـ مناقب سيّدنا عليّ ص27 ط الهند.
[19] ـ بقيّة الحديث (ما ان تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً، ألا لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما) وقد تقدّم في ص29 و 68.
[20] ـ بقيّة الحديث (يدور الحقّ مع عليّ كيفما دار) ذكرنا مصادر هذا الحديث من كتب السنّة في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟).
[21] ـ متن الحديث (عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض) ذكرنا مصادر هذا الحديث من كتب السنّة في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم؟) وقد حكم الحاكم في المستدرك بصحّته وقال الذهبي في تلخيص المستدرك: صحيح.
[22] ـ مثل حديث السفينة وهو (انّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك) تقدّم الحديث في ص25 و 111 و 132 ومثل حديث الثقلين وقد تقدّم في ص29 و 68 و 111 و 175 و196 برواية مسلم في صحيحه وفيها من التأكيد بلزوم أهل البيت والتمسّك بهم وبالقرآن الكريم معاً.
[23] ـ في كتابنا (هذه أحاديثنا أم أحاديثكم) مافيه كفاية للهداية إلى الصراط المستقيم لمن فتح الله مسامع قلبه فاتّخذ إلى ربّه سبيلا.
[24] ـ كتأويلهم كلمة ( مولى ) في حديث الغدير في قوله (ص) ( ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ وفي حديث آخر : ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فقال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه ( الحديث ) فقالوا: المراد بالمولى المحبّ. ولا يخفى مافي هذا التفسير السخيف من الطعن بالرسول (صلى الله عليه وآله)الحكيم، حيث يقف (صلى الله عليه وآله) في مثل هذا الموقف العظيم أمام جمع غفير، في الحرّ الهجير، فيعلن للناس أنّ عليّاً يحبني والكلّ يعلمون ذلك فلا حاجة الى إعلانه في مثل هذا الموقف، ولا يخفى مافيه من دلالة على سخافة عقولهم في تفسيرهم المولى بهذا المعنى مع وجود القرينة المانعة من ذلك، وهي ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ إضافة إلى ذلك بخبخة عمر لمّا سمع ذلك من النبي، ورفض الحارث بن النعمان ذلك لمّا بلغه ذلك عن الرسول (صلى الله عليه وآله) كلّ ذلك يمنع من تفسير كلمة (مولى) بالمحبّ أو الناصر كما فسّرها به آخرون منهم. فهل من مدّكر ؟ ولزيادة التوضيح في ذلك راجع ص 187 و 188.
[25] ـ هو الخطيب المفوّه البارع محمد اسماعيل
تعليق