قصة اللحام مع الإمام الحسين عليه السلام
جرت أحداث هذه القصة في مدينة جنوب طهران
كان قاسم اللحام شابا مفتول العضلات غير ملتزم كارها للصلاة وفي بعض الأحيان كان شاربا للخمر
لكنه رغم ذلك كان محبا للإمام الحسين عليه السلام يحضر المآتم ويمتنع عن الخمر خلال شهري محرم وصفر ويحاول أن يصلي ويتواضع كرامة للإمام الحسين عليه السلام
في الحسينية التي يذهب إليها قاسم كانوا يخرجون بمواكب إلى الشارع وكان لديهم علم ثقيل لا يحمله إلا قاسم كأنه يقول هذا العلم خاص بي
مع مرور الزمن لاحظ أهل الموكب والحسينية تناقص عدد الحضور فأخذوا يسألونهم عن سبب تركهم للمجلس وكانت الإجابة واحدة: لن نأتي ما دام قاسم الفاسق موجود معكم
احتار القائمون على المجلس في أمرهم، فمجالس الحسين لا يمنع منها، والحاضر فيها يجب احترامه وإن كان من المذاهب والديانات الأخرى فكيف يمكنهم أن يقولوا لقاسم لا تدخل مجلس الحسين؟ وإن لم يقولوا له فسيخلو المجلس من الحضور
فقرروا أن يذهبوا جميعا -وقد كانوا سبعة- إلى بيت قاسم ليطلبوا منه بأي طريقة ترك مجلسهم، وكان بينهم رجل كبير محترم طلبوا منه أن يكون هو المتحدث وهم يسكتون
ذهب أصحاب المجلس إلى بيت قاسم وقد كان فقيرا لا يملك شيئا فاستقبلهم في غرفته المتواضعة
وبدأ الرجل الكبير بالتحدث: قاسم، أتحب الحسين؟
تعجب قاسم من السؤال، وأجاب: إي والله أحب الحسين، روحي فداء للحسين، ما معنى هذا السؤال؟!
أجاب الرجل: نحن نعرف أن قلبك أبيض لكن الناس تركوا مجلس الحسين لوجودك فيه؛ فنحن نرجوك احتراما لمجلس الحسين عليه السلام أن لا تأتي إلى المجلس خلال عشرة أيام محرم -وكان هذا في آخر ليلة من شهر ذي الحجة
أطرق قاسم رأسه وقال: لك ما تريد، لن أحضر المجلس
استبشر الناس لما سمعوا أن قاسم لن يحضر مجلس الحسين
لكن ..
ماذا عن قاسم
ذهب قاسم إلى السوق واشترى أمتارا من القماش الأسود سود بها جدران سرداب بيته المتواضع وقال هذه حسينية قاسم اللحام
بدأت أيام المحرم ولبست الناس السواد، كانت لقاسم بنت صغيرة
سألته: ألن نذهب للموكب؟
قال لها: اذهبوا أنتم الآن ثم ألحقكم، اتركوني وحدي
ذهب الجميع للموكب وبقي قاسم وحيدا، أخذ السلاسل ونزل إلى حسينية بيته وأخذ يدور وهو يضرب على كتفيه وهو يقول (يا حسين)
مضت الليلة الأولى من شهر محرم وقاسم يندب الحسين وحده في حسينية بيته، وكذلك الليلة الثانية والثالثة والرابعة أهله يذهبون للمآتم وهو وحده يلطم صدره ويصيح باسم الحسين
في الليلة الخامسة رأى أحد أصحاب المجلس السبعة رؤيا في منامه فاستيقظ وذهب لصاحبه الثاني -من أصحاب المجلس أيضا- فاتضح أنه هو الآخر رأى نفس الرؤيا بل إن السبعة كلهم رأوا ذات الرؤيا ليلة البارحة
ذهبوا لقاسم اللحام فرأوه جالسا في سرداب بيته معلقا فيه بعض قطع السواد
طرقوا الباب فسألهم عن سبب مجيئهم
قالوا له: رأينا الحسين في المنام
بمجرد أن سمع قاسم اسم الحسين انفجر بالبكاء وقال: أنا أيضا رأيت الحسين في المنام
أخبروني بما رأيتم ثم أخبركم بما رأيت
لكنهم أصروا على أن يبدأ هو برؤياه
قال قاسم: جاءني الحسين الليلة الماضية في عالم الرؤيا ومسح على رأسي وقال لي: أنا أعتذر عن هؤلاء السبعة كان عليهم أن يحترموا موقفك، يا قاسم أنا حبيبك الحسين أدعوك من الليلة القادمة للحضور إلى المجلس ولا عليك ممن يترك المجلس لوجودك فيه
حينها قال السبعة: نحن أيضا رأينا نفس هذا الحلم في عالم الرؤيا
قال قاسم: هناك شيء آخر قاله لي حبيبي الحسين، قال لي لا تشرب الخمر بعد اليوم
وأنا والله أطيع إمامي من اليوم ولن أترك ركعة من صلاة ولن أشرب قطرة من خمر طوال عمري
قال السبعة لقاسم: نحن ندعوك الليلة لحضور مجلس الحسين عليه السلام
فقال: أحضر حبا للحسين، وكأنها آخر سنة من عمري أحضر فيها مجالس حبيبي الحسين
وقال: إلهي إن رجعت للمعاصي فخذ عمري، لا أريد عمرا يدنس بالمعاصي بعد أن تبت ببركة مولاي الحسين
مضت ليلة الخامس والسادس والسابع إلى العاشر من محرم
وفي صباح يوم العاشر سمع الناس الصياح من بيت قاسم اللحام
ولما جاؤوه رأوه قد فارق الدنيا بعد أن تاب إلى الله ببركة الحسين عليه السلام
اجتمع أهل ميدان خراسان وشيعوا قاسم التائب أحسن تشييع
غسلوه وكفنوه
أتى كل واحد منهم بباقة ورد
وضعوا الورود فوق جنازة خادم الحسين وشيعوه أحسن تشييع
خادم الحسين يشيع بالورود
فهنيئا له رؤيا الحسين
وهنيئا له التوبة عن شرب الخمر
وهنيئا له التزامه بالصلاة
وهنيئا له لقاء ربه تائبا لم تدنسه المعاصي
تعليق