أ ـ المصائب وسيلة لتفجير الطَّاقات :إِنَّ البلايا و المصائب خير وسيلة لتفجير الطاقات و تقدّم العلوم ورقي الحياة البشرية ، فها هم علماء الحضارة يصرّحون بأن أكثر الحضارات لم تزدهر إلا في أَجواء الحروب و الصراعات و المنافسات حيث كان الناس يلجأون فيها إلى استحداث وسائل الدفاع في مواجهة الأعداء المهاجمين ، أو إصلاح ما خرّبته الحروب من دمار و خراب. ففي مثل هذه الظروف تتحرك القابليات بجبران ما فات ، و تتميم ما نقص ، و تهيئة ما يلزم. و في المثل السائر : « الحاجة أُمّ الإِختراع ».و بعبارة واضحة : إِذا لم يتعرض الإِنسان للمشاكل في حياته فإن طاقاته ستبقى جامدة هامدة لا تنمو و لا تتفتح ، بل نمو تلك المواهب و خروج الطاقات من القوة إلى الفعلية ، رهن وقوع الإِنسان في مهب المصائب و الشدائد.نعم ، لا ندَّعي بأنَّ جميع النتائج الكبيرة توجد في الكوارث و إنّما ندَّعي أَنَّ عروضها يُهيء أَرضية صالحة للإِنسان للخروج عن الكسل. و لأجل ذلك ، نرى أنَّ الوالدين الذين يعمدان إلى إِبعاد أَولادهما عن الصعوبات و الشدائد لا يدفعان إلى المجتمع إلاّ أَطفالا يهتزون لكل ريح كالنبتة الغضّة أَمام كل نسيم.و أما اللذان يُنشئان أولادهما في أجواء الحياة المحفوفة بالمشاكل و المصائب فيدفعان إلى المجتمع أَولاداً أَرسخ من الجبال في مهب العواصف.قال الإِمام علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) : « ألا إِنَّ الشَّجرَةَ البَرّيّة أَصْلَبُ عُوداً ، و الرَّوائِعَ الخَضِرَةَ أرَقُّ جُلوداً ، و النباتاتِ البَدَويَّة أَقوى وَقُوداً و أَبطَأُ خُموداً » (1).و إلى هذه الحقيقة يشير قوله سبحانه : {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } [النساء: 19].و قوله تعالى : {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5، 6]. و قوله تعالى : { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 7، 8]. أي تَعَرَّض للنَّصَب و التعب بالإِقدام على العمل و السعي و الجهد بعدما فرغت من العبادة ، و كأنَّ النصر والمحنة حليفان لا ينفصلان و أَخوان لايفترقان.
ب ـ المصائب و البلايا جرس إِنذار :إِنَّ التمتع بالمواهب الماديَّة و الإِستغراق في اللذائذ و الشهوات يوجب غفلة كبرى عن القيم الأخلاقية ، و كلما ازداد الإِنسان توغّلا في اللذائذ و النعم ، ازداد ابتعاداً عن الجوانب المعنوية. و هذه حقيقة يلمسها كل إِنسان في حياته و حياة غيره ، و يقف عليها في صفحات التاريخ. فإذن لا بد لأنتباه الإِنسان من هذه الغفلة من هزّة و جرس إِنذار يذكّره و يوقظ فطرته و ينبهه من غفلته. و ليس هناك ما هو أَنفع في هذا المجال من بعض الحوادث التي تقطع نظام الحياة الناعمة بشيء من المزعجات حتى يدرك عجزه و يتخلى عن غروره و يخفف من طغيانه. و نحن نجد في الكتاب العزيز التصريح بصلة الطغيان بإحساس الغِنى ، إذْ يقول عزوجل : { كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى } [العلق: 6، 7].و لأجل هذا يعلل القرآن الكريم بعض النوازل والمصائب بأَنها تنزل لأَجل الذكرى و الرجوع إلى الله ، يقول سبحانه : { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } [الأعراف: 94].و يقول ايضاً : { وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 130].هكذا تكون البلايا و المصائب سبباً ليقظة الإِنسان و تذكرة له ، ، فهي بمثابة صفع الطبيب وجه المريض المبنّج لإِيقاظه ، الذي لولا صفعته لانقطعت حياة المريض.فقد خرجنا بهذه النتيجة و هي أَنَّ التكامل الأَخلاقي رهن المحن والمصائب ، كما أنَّ التفتح العقلي رهن البلايا و النوازل.والإِنسان الواعي يتخذها وسيلة للتخلي عن الغرور ، كما يتخذها سلماً للرقي إلى مدارج الكمال العلمي ، و قد لا يستفيد منها شيئاً فيعدّها مصيبة وكارثة في الحياة. [الشيخ جعفر السبحاني].
لذلك فلا يراودنا الشك في يوم من الايام ان الباري تعالى ممكن ان يصدر منه شيء لا يعود منه نفع الينا بل هو جلاوعلا محض الخير المطلق.
ب ـ المصائب و البلايا جرس إِنذار :إِنَّ التمتع بالمواهب الماديَّة و الإِستغراق في اللذائذ و الشهوات يوجب غفلة كبرى عن القيم الأخلاقية ، و كلما ازداد الإِنسان توغّلا في اللذائذ و النعم ، ازداد ابتعاداً عن الجوانب المعنوية. و هذه حقيقة يلمسها كل إِنسان في حياته و حياة غيره ، و يقف عليها في صفحات التاريخ. فإذن لا بد لأنتباه الإِنسان من هذه الغفلة من هزّة و جرس إِنذار يذكّره و يوقظ فطرته و ينبهه من غفلته. و ليس هناك ما هو أَنفع في هذا المجال من بعض الحوادث التي تقطع نظام الحياة الناعمة بشيء من المزعجات حتى يدرك عجزه و يتخلى عن غروره و يخفف من طغيانه. و نحن نجد في الكتاب العزيز التصريح بصلة الطغيان بإحساس الغِنى ، إذْ يقول عزوجل : { كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى } [العلق: 6، 7].و لأجل هذا يعلل القرآن الكريم بعض النوازل والمصائب بأَنها تنزل لأَجل الذكرى و الرجوع إلى الله ، يقول سبحانه : { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } [الأعراف: 94].و يقول ايضاً : { وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 130].هكذا تكون البلايا و المصائب سبباً ليقظة الإِنسان و تذكرة له ، ، فهي بمثابة صفع الطبيب وجه المريض المبنّج لإِيقاظه ، الذي لولا صفعته لانقطعت حياة المريض.فقد خرجنا بهذه النتيجة و هي أَنَّ التكامل الأَخلاقي رهن المحن والمصائب ، كما أنَّ التفتح العقلي رهن البلايا و النوازل.والإِنسان الواعي يتخذها وسيلة للتخلي عن الغرور ، كما يتخذها سلماً للرقي إلى مدارج الكمال العلمي ، و قد لا يستفيد منها شيئاً فيعدّها مصيبة وكارثة في الحياة. [الشيخ جعفر السبحاني].
لذلك فلا يراودنا الشك في يوم من الايام ان الباري تعالى ممكن ان يصدر منه شيء لا يعود منه نفع الينا بل هو جلاوعلا محض الخير المطلق.
تعليق