بسم الله الرحمن الرحيم
وبه تعالى نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
قال الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله )
حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا
المتأمل بهذه الكلمة الشريفة يدرك جيدا ان الرسول
(صلى الله عليه وآله) قد رسم من خلالها كل أبعاد شخصية الإمام الحسين (عليه السلام ).
وإذا نظر الإنسان لأول وهلة لهذه الكلمة يرى بأنها اشتملت على معنيين
الأول: حسين مني.
الثاني: وأنا من حسين.
المعنى الأول من كلمة النبي لو تأملنا فيه مليا لوجدناه يرسخ مفهومين من شخصية الحسين (عليه السلام )
المفهوم الأول : النسبي (حسين مني ) أي من نسلي وذريتي .
وقد سعى الامويون والعباسيون جاهدين لطمس هذا المفهوم النسبي للحسين(عليه السلام) بالرسول الكريم ، ومحاولاتهم الفاشلة ذكرها التأريخ ،
المحاولة الأولى : محاولة هاون العباسي
مع الإمام الكاظم أنّ هارون الرشيد دخل إلى قبر رسول الله
(صلى الله عليه وآله ) بالمدينة.
فقال: السلام عليك يا ابن العمّ.
فقال الإمام موسى الكاظم: السلام عليك يا أبه، فاغتاظ هارون العباسي من ذلك (1).
وفي مجلس آخر سأل هارون العباسي الاِمام الكاظم، بمَ تدّعون أنّكم أولاد رسول الله وورثته دوننا وكلّنا أبناء عمّ.
فقال الإمام الكاظم لهارون: أرأيت لو أنّ رسول الله خطب إليك ابنتك أكنت تزوّجه؟
فقال هارون : إي والله ! وافتخر بذلك على العرب والعجم.
فقال الإمام الكاظم: ولكنّه لو خطب ابنتي لا يسعني أن أزوّجه لاَنّه أبي، فأُفحم هارون العباسي.)
ومنها موقف يحيى بن عبد الله
ابن الحسن(2) في رده على الخليفة العباسي الرشيد ، حينما أراد أن يفتخر بقرابته من
النبي ( صلى الله عليه وآله ) يشابه إلى حد كبير جواب الإمام موسى الكاظم الذي مّر .
فانظر إلى محاورة يحيى مع هارون :
قال يحيى : يا أمير المؤمنين ، لو عاش رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) ، وخطب ابنتك ، أكنت
تزوجه ؟
قال : إي والله !
قال يحيى : فلو عاش فخطب إلي ، أكان لي أن أزوجه ؟
قال : لا ، وهذا جواب ما سألت .
فغضب هارون ، وقام من مجلسه (3)
ومنها ما ذكر ابن خلكان في (وفيات الأعيان) أن يحيى بن يعمر كان عداده في بني ليث لأنه حليف لهم، وكان شيعياً من الشيعة الأولى القائلين بتفضيل آل البيت من غير تنقيص لذي فضل من غيرهم. ثم ذكر قصة له مع الحجاج، وإقامته الحجة على أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم من آية (ووهبنا له إسحاق ويعقوب) إلى قوله تعالى: (وزكريا ويحيى وعيسى). قال يحيى بن يعمر: وما بين عيسى وإبراهيم أكثر مما بين الحسن والحسين ومحمد (صلى الله عليه وآله (4).
هذا هو المفهوم الأول الذي أراد النبي ان يرسخه في ذهنية المسلمين .
المفهوم الثاني : المفهوم الجسدي (حسين مني ) أي قطعة من جسدي لحمه لحمي ودمه دمي من آذاه فقد آذاني .
وهناك الكثير من الشواهد التي تؤكد على هذا المضمون منها:
الرؤية التي رأتها السيدة ام الفضل بنت الحارث في منامها ولم تهتد إلى تأويلها ، فهرعت إلى رسول الله
وسلم قائلة له : « إني رأيت حلماً منكراً كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري ؟ ... » فأزاح النبي مخاوفها وبشرها بخير قائلاً : « خيراً رأيت ، تلد فاطمة ان شاء الله غلاماً فيكون في حجرك ... » ومضت الأيام سريعاً فوضعت سيدة النساء فاطمة ولدها الحسين فكان في حجر أم الفضل كما أخبرها النبي
(صلى الله عليه وآله )(5)
المعنى الثاني : من الحديث الشريف يقول: ( وأنا من حسين)
يعني لولا نهضة الحسين وثورته لدرس الإسلام وأنتهى على يد بني أمية فكلمة النبي (صلى الله عليه وآله ) (وأنا من حسين) أي لولا الحسين لم يستقم الدين . وهو القائل في يوم عاشوراء ان كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فيا سيوف خذيني. ومن هنا نعرف بعد الكلمة القائلة : ان الدين الإسلامي محمدي الوجود حسيني البقاء .
ومن الشواهد الدالة على ذلك ماينقل انه حينما دخل الإمام زين العابدين إلى المدينة عند رجوعه من واقعة الطف ، جاءه رجل وقال له : أقتل أبوك ؟
فقال الإمام: بلا . فقال السائل اقتل أبناء أبيك ؟
فقال الإمام: بلا. فقال السائل اقتل أصحاب أبيك ؟
فقال الإمام: بلا .
فقال السائل إذا من المنتصر؟
فقال الإمام: إذا جاء وقت الصلاة وسمعت الأذان اشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله ستعرف من هو المنتصر.
ـــــــــــــــــــــــــ
المصادر
(1) الإرشاد للشيخ المفيد ج 2 ص 234 .
(2) قال المسعودي في مروج الذهب ج 3 ص 342 ،
وكان يحيى قد سار الى الديلم مستجيراً ، فباعه صاحب الديلم من عامل الرشيد بمائة الف درهم فقتل ، رحمه الله ! وقد روي من وجه آخر - على حسب تباين النسخ وطرق الرواية في ذلك في
كتب الأنساب والتواريخ - ان يحيى ألقي في بركة فيها سباع قد جوعت ، فأمسكت عن اكله ، ولاذت بناحية ، وهابت الدنو اليه فبني عليه ركن بالجص والحجر وهو حي .(يعني دفن حّي)
(3) مقاتل الطالبيين ص 315 .
(4) وفيان الأعيان ج 6 ص 174 .
(5) المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 127 .
وبه تعالى نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
قال الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله )
حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا
المتأمل بهذه الكلمة الشريفة يدرك جيدا ان الرسول
(صلى الله عليه وآله) قد رسم من خلالها كل أبعاد شخصية الإمام الحسين (عليه السلام ).
وإذا نظر الإنسان لأول وهلة لهذه الكلمة يرى بأنها اشتملت على معنيين
الأول: حسين مني.
الثاني: وأنا من حسين.
المعنى الأول من كلمة النبي لو تأملنا فيه مليا لوجدناه يرسخ مفهومين من شخصية الحسين (عليه السلام )
المفهوم الأول : النسبي (حسين مني ) أي من نسلي وذريتي .
وقد سعى الامويون والعباسيون جاهدين لطمس هذا المفهوم النسبي للحسين(عليه السلام) بالرسول الكريم ، ومحاولاتهم الفاشلة ذكرها التأريخ ،
المحاولة الأولى : محاولة هاون العباسي
مع الإمام الكاظم أنّ هارون الرشيد دخل إلى قبر رسول الله
(صلى الله عليه وآله ) بالمدينة.
فقال: السلام عليك يا ابن العمّ.
فقال الإمام موسى الكاظم: السلام عليك يا أبه، فاغتاظ هارون العباسي من ذلك (1).
وفي مجلس آخر سأل هارون العباسي الاِمام الكاظم، بمَ تدّعون أنّكم أولاد رسول الله وورثته دوننا وكلّنا أبناء عمّ.
فقال الإمام الكاظم لهارون: أرأيت لو أنّ رسول الله خطب إليك ابنتك أكنت تزوّجه؟
فقال هارون : إي والله ! وافتخر بذلك على العرب والعجم.
فقال الإمام الكاظم: ولكنّه لو خطب ابنتي لا يسعني أن أزوّجه لاَنّه أبي، فأُفحم هارون العباسي.)
ومنها موقف يحيى بن عبد الله
ابن الحسن(2) في رده على الخليفة العباسي الرشيد ، حينما أراد أن يفتخر بقرابته من
النبي ( صلى الله عليه وآله ) يشابه إلى حد كبير جواب الإمام موسى الكاظم الذي مّر .
فانظر إلى محاورة يحيى مع هارون :
قال يحيى : يا أمير المؤمنين ، لو عاش رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) ، وخطب ابنتك ، أكنت
تزوجه ؟
قال : إي والله !
قال يحيى : فلو عاش فخطب إلي ، أكان لي أن أزوجه ؟
قال : لا ، وهذا جواب ما سألت .
فغضب هارون ، وقام من مجلسه (3)
ومنها ما ذكر ابن خلكان في (وفيات الأعيان) أن يحيى بن يعمر كان عداده في بني ليث لأنه حليف لهم، وكان شيعياً من الشيعة الأولى القائلين بتفضيل آل البيت من غير تنقيص لذي فضل من غيرهم. ثم ذكر قصة له مع الحجاج، وإقامته الحجة على أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم من آية (ووهبنا له إسحاق ويعقوب) إلى قوله تعالى: (وزكريا ويحيى وعيسى). قال يحيى بن يعمر: وما بين عيسى وإبراهيم أكثر مما بين الحسن والحسين ومحمد (صلى الله عليه وآله (4).
هذا هو المفهوم الأول الذي أراد النبي ان يرسخه في ذهنية المسلمين .
المفهوم الثاني : المفهوم الجسدي (حسين مني ) أي قطعة من جسدي لحمه لحمي ودمه دمي من آذاه فقد آذاني .
وهناك الكثير من الشواهد التي تؤكد على هذا المضمون منها:
الرؤية التي رأتها السيدة ام الفضل بنت الحارث في منامها ولم تهتد إلى تأويلها ، فهرعت إلى رسول الله
وسلم قائلة له : « إني رأيت حلماً منكراً كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري ؟ ... » فأزاح النبي مخاوفها وبشرها بخير قائلاً : « خيراً رأيت ، تلد فاطمة ان شاء الله غلاماً فيكون في حجرك ... » ومضت الأيام سريعاً فوضعت سيدة النساء فاطمة ولدها الحسين فكان في حجر أم الفضل كما أخبرها النبي
(صلى الله عليه وآله )(5)
المعنى الثاني : من الحديث الشريف يقول: ( وأنا من حسين)
يعني لولا نهضة الحسين وثورته لدرس الإسلام وأنتهى على يد بني أمية فكلمة النبي (صلى الله عليه وآله ) (وأنا من حسين) أي لولا الحسين لم يستقم الدين . وهو القائل في يوم عاشوراء ان كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فيا سيوف خذيني. ومن هنا نعرف بعد الكلمة القائلة : ان الدين الإسلامي محمدي الوجود حسيني البقاء .
ومن الشواهد الدالة على ذلك ماينقل انه حينما دخل الإمام زين العابدين إلى المدينة عند رجوعه من واقعة الطف ، جاءه رجل وقال له : أقتل أبوك ؟
فقال الإمام: بلا . فقال السائل اقتل أبناء أبيك ؟
فقال الإمام: بلا. فقال السائل اقتل أصحاب أبيك ؟
فقال الإمام: بلا .
فقال السائل إذا من المنتصر؟
فقال الإمام: إذا جاء وقت الصلاة وسمعت الأذان اشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله ستعرف من هو المنتصر.
ـــــــــــــــــــــــــ
المصادر
(1) الإرشاد للشيخ المفيد ج 2 ص 234 .
(2) قال المسعودي في مروج الذهب ج 3 ص 342 ،
وكان يحيى قد سار الى الديلم مستجيراً ، فباعه صاحب الديلم من عامل الرشيد بمائة الف درهم فقتل ، رحمه الله ! وقد روي من وجه آخر - على حسب تباين النسخ وطرق الرواية في ذلك في
كتب الأنساب والتواريخ - ان يحيى ألقي في بركة فيها سباع قد جوعت ، فأمسكت عن اكله ، ولاذت بناحية ، وهابت الدنو اليه فبني عليه ركن بالجص والحجر وهو حي .(يعني دفن حّي)
(3) مقاتل الطالبيين ص 315 .
(4) وفيان الأعيان ج 6 ص 174 .
(5) المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 127 .
تعليق