بداية ...عظم الله اجور كل مسلم ومسلمة، مؤمن ومؤمنة بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره... عظم الله اجر كل شيعي جعفري حقيقي بمصاب سيد الشهداء نحيب الأرض والسماء ، نحيب الاموات والاحياء، الماء والهواء، الذبح العظيم الذي ارتضاه الله ان يكون باقيا أزليا الى قيام الساعة.... صاحب اللحد الحي والقضية الحية صاحب أكبر لا على مر التأريخ للظلم المجسد في أي عصر وزمان تمر هذه الايام العشر وهي تحمل بكل ساعاتها إنحسار الباطل واتساع الحق المبين خاصة أننا نمر بمتغيرات سريعة ونزاعات طائفية... لكن بقي أن نعرف أن الحق يحتاج الى رجال خلعوا ربق الدنيا وامتلأت أرواحهم وعقولهم ونفوسهم و وجوارحهم بحب الله ومقدراته... تمر علينا هذه الايام وكأنها الفلك الذي تدور حوله الدنيا لتتجدد في البقاء الى العام القادم... وسؤال قد يكون قديم ولكن يجب تكراره... لماذا لا تندثر واقعة كربلاء؟؟ رغم هناك الكثير في المجازر أعني التنكيل في القتل... فكثيرة هي الشواهد في العالم العربي الإسلامي والغربي، تلك التي مسحت بلدانا بسكانها لا حصر لهم ولا عد... قد يكون الجواب سهلا وبكلمتين... (إنه الحسين).. عليه السلام ولكن ايضا سؤال من هو (الحسين) عليه السلام، فكل الذي نعرفه عنه بعيدا عن علميته وشجاعته وعدله والبيئة التي تربى فيها وما اكتسبه من كرامة وشرف كونه أحد سبطي الرسول الاعظم وابن وصي رسول الله وابن بنت نبيه.. فكثير من الامور مغيبة عن شخصيته إلا واقعة كربلاء وخروجه من المدينة الى الكرب والبلاء بأمر إلهي بحت...إننا إذ نحيي شعائر هذه الفاجعة علينا أن نتذكر الحسين الإنسان، الحسين السبط، الحسين العالم، الحسين الإبي، الحسين العدل، الحسين الحق، الحسين المظلوم، الحسين الشهيد، الحسين الأب المهضوم المفجوع بأهله وابنائه واخيه عضده الأيمن والقمر الهاشمي، الحسين الرافض للظلم والخنوع، الحسين المطالب بالحق ، الحسين الإسلام والدين التضحية الكبرى...
إن واقعة الطف هي منعطف تأريخي إلهي مقدر ان يكون، ولكي يبقى فلابد أن يكون الفعل الإلهي والأمر عظيم فهو صادر من خالق السموات والأرض وماعليها ومنشيء الحياة والموت، ولابد أيضا ان يكون الفدا عظيم ايضا بقدر ما أراد له من مكانة.. فأختار الله الحسين ذلك الخلق المنشأ في عالم الذر قبل تكوين السموات والأرض... وإشارة بسيطة الى الآية الكريمة حين قال عز من قائل بسم الله الرحمن الرحيم( وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم أني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) .. برغم اختلاف المفسرين من العامة في تفسير هذه الاية إلا أنها تفسر نفسها بقدرة الله وإعجاز قرآنه... فكلمة هؤلاء هي من أسماء الإشارة التي تطلق على العاقل أسماء مخصوصة تدل على معنى مشار إليه مثلا جمع الذكور والإناث : هؤلاء ضيوف كرام ، هؤلاء ضيفات كريمات وهي ايضا أسماء إشارة للقريب مثل ( هذا ، هذه ، هذان ، هاتان ، هؤلاء )، أي ان الانوار الطاهرة المطهرة خلقت وأنشأها الله قبل كل شيء وإلا من هم هؤلاء الذي طلب القادر عز وجل ان تنبيء الملائكة باسمائهم .. رغم ان الكثير من عامة المفسرين اوعزوها الى اسماء غير عاقلة او مسميات الاشجار والدواب والاجرام السماوية وغيرها... لكنها كانت تخص الانوار الخمسة والمسجلة على العرش محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين... وهذا ليس تحيزا كوني جعفريا شيعيا لا بل هي من بديهيات العقل لو تفكر الانسان قليلا وابعد عن عقله الافكار والنزعات الطائفية ويقول الله سبحانه وتعالى ( تفكروا يا أولي الألباب) ببساطة يمكن اي شخص يتأكد لعل اليوم وبوجود الحاسوب والشبكة العنكبوتية يمكن للانسان العاقل ان يتصفح ويدرك الحقائق من خلال مقارنته بالقراءات المتعددة والمختلفة ليصل الى جوهر الحقيقة الثابتة.. بأن آل البيت عليهم السلام هم الخلق الأول قبل نشأة الاشياء كلها... وإلا كيف يقول للملائكة وبوجود آدم انبئوني بأسماء هؤلاء .. أي انهم موجودون قبل آدم أيضا في التكوين والخلق.. أرجو ان لا أكون قد خرجت عن مقصد السطور بأن الحسين عليه السلام ومقتله هو رسالة إلاهية لابد ان يمضي من حملها هداية وإبقاء للرسالة المحمدية وقد أشار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الى ذلك في اكثر من مناسبة بأن للحسين شأن عظيم حتى أنه بكى مصرعه ورآه قبل ان يكون.. دلالات كثيرة تجعل من واقعة الطف هي الركيزة الحقيقية والمنعطف الواقعي لتثبيت أن الدين لم يستقم إلا بقتل الامام الحسين سيد الشهداء وآل بيته، إننا كشيعة ومقلدي هذا المذهب العظيم بعظمة من جعله الله انسانا عظيما في خَلقِه وخُلُقِه.. حيث قال الله تعالى للرسول الاعظم ( وإنك لعلى خلق عظيم) والرسول يقول حسين مني وانا من حسين.. وذاك يعني ان امتداد الخلق العظيم في الحسين الى الائمة الاطهار الاثنى عشر لذا اننا نمثل فكرا جعله الله عظيما وعلينا ان نكون بمستوى ما قدره الله لنا.. فهو مذهب مكتوب على من يحمله ان يكون مشروع استشهاد ومركز احقاد كل الموبقين وغير الموالين لآل البيت اننا في تمثيلنا الحقيقي للمذهب نكون قد عكسنا الصورة الحقيقية للتضحية العظيمة التي قام بها الحسين عليه السلام.. لا شك هناك رواسب من استشيعوا او تشيعوا لمجرد تخريب وهدم العرى الوثقى لهذا المذهب وتشويه شعائرة بأندساسهم وتغلغلهم فيه مع مرور السنون، تلك التقليعات التي يجب ان تكون بعيدة عن الكثير من المحرمات... لكن ورغم ما نقول وهذا لا يبرر ما نفعل والبعض يقول إنها حرقة بالفؤاد وعذاب الضمير الذي يحمله كل شيعي بالفطرة يقوده الى الغريب من الافعال ربما لأنه يعاقب نفسه على ما حدث في تلك الحقبة من الزمن ... فلا يعلم الغيب سوى الله ، ولعله ايضا يريد ان يعكس صورة قدرته على التضحية بالنفس من خلال تدميرها بأدوات حادة او خلاف ذلك مع العلم أني من أول المعارضين الى ذلك، لأن عذاب الجسد حرام ويجب صونه لأنه ملك للخالق وما نحن إلا حوامل بنفس متقلبة, تحمل بداخلها المتغيرات الدنيوية وتقلبات الرغبات..
إن الحسين فكرة إلهية وجدانية جسدها الخالق بصورة أحسن تصويرها بملحمة أزلية علينا ان نتخذ من الحسين السمو الذي تمتع به .. والمعيار الحقيقي في نبذ الطاغوت وعدم الذل في سطوة من لا نحب ولا نريد.. إننا يجب ان نتمسك بمعايير ومقاييس تلك الثورة ومبادئها بشكل واعي راقي يرقى بتضحية الحسين عليه السلام... لنكن كلنا حسين بما نحمله من وعي وفطرة وتقليد... نبتعد عن ما يُشمت بنا اعداء الدين من اصحاب معاوية ويزيد، لنكن رجالا ونساء قدوة لا عبىء وعورة تتقول بنا الكثير من المذاهب الأخرى وتجعل شعائرنا قنوات فضائية تروج لجهض قيم الشعائر الحقيقية لثورة الحسين كوننا شيعة مجانين بحب آل البيت.. حد الموت، فلنترجم جنوننا تسامحا وحبا وتفهما بأننا أناس ننشد حب الصفوة الحقيقية لله التي خلق السموات والارض والبحار والسحاب وغيرها من أجلها... فليكذب من يريد الحقيقة، ولنثبتها نحن بواقعيتها من خلال تصرفاتنا وما يجب ان نحمله من خُلق آل البيت عليهم السلام ، بأنها ثابتة بلا جدال علينا أن نسمو لأن نكون من اتباع آل البيت واتباع إمام العصر والزمان، فلنكن إذن بالقدر الانساني العقائدي الحسيني بكل ما يعنية اسم الحسين عليه السلام فهو ليس أسم فقط إنما هو رسالة سماوية إلهية الى البشرية جمعاء عنوانها الحسين انا... لقد أبت الذات الإلهية إلا ان يكون الحسين من يمثلها على الأرض بأختصار، ان العدل هو اساس الحكم والتضحية هي أساس الحرية فالحرية ليس لك ان تعيش وتحقق ما تصبو وترنوه لنفسك او لجيلك إنما هي هي عِبرة ومثلا للاجيال الى ماشاء الله ان تكون.. الحرية في ان تكون إنسانا بكامل إرادتك لتختار طريقك بنفسك فلا سلطان سوى الله وقد خلق الناس كلهم سواء فلا يمكن لسلطان متجبر ان يحدث التغيير في خلق الله ويكسر النواميس الانسانية للحياة لمجرد الفوز بدنيا فانية... ان الذين قاموا على الإحاطة بالحسين ورحله أناس اختصهم الله ان يكونوا شاهدي عيان لفاجعة الأكوان ويسهموا فيها بأي شكل سواء بالمشاهدة سواء بطي اللسان أو الخذلان او القتل او المشاركة في الحرق ... بكل شيء فقط ليثبت الله قدرته انه أراد لهم ان يكونوا بلا قلب وبلا عيون فطمسها، جعلهم لا يرون سبط الرسول وآل بيته بل يرون الدنيا مقبلة عليهم بحلتها وحلاوتها... وإلا كيف لأناس شهد منهم الرسول والحسين ومنزلته عنده وحديثه عنه، ان تموت قلوبهم وتزغ عن ذكر انه ابن بنت نبيهم الوحيد على سطح الارض؟ إنها إرادة الله المحضة لأن تكتمل الرسالة رغم انها ابتدات بالاعوجاج بعد غدير خم... وانحرافهم بعد موت الرسول الاعظم، وكون الحسين امتداد لعلي الوصي عليه السلام، فناله ما نال اخيه وأباه... إلا ان الفجيعة الكبرى تجسدت بالحسين عليه السلام...لذا نجد ان الحسين خرج مدركا عواقب خروجه وإنه على الحق وكثيرة هي المؤشرات التي قالها قبل وصوله وأثناء حط رحله وفي اثناء وقبل المعركة انه مقتول لا محالة وقد خير صحابته ومن معه بالبقاء معه او الذهاب .. فأنه لا محالة صريع كربلاء وأهله، فهذا هو الابتلاء من الله العظيم مثلما ابتلى الله ابو الانبياء ابراهيم عليه السلام بأبنه اسماعيل وفداه الله بالذبح العظيم حيث قال( وفديناه بذبح عظيم) فالذبح العظيم هو الامام الحسين عليه السلام.. فمن أعظم وأجل من ابن بنت نبي الامة وخاتمها ان يكون فداء لرسالة جده وثبات دين الله على الارض... لا نبالغ نحن الشيعة إن قلنا اننا مجانين بحب آل البيت ولكن جنوننا بعقل ..
فالجنون ان تحب بشكل غير قابل للنقاش أو الشك بمحمد وآل محمد كونهم الرسالة الإلهية المحضة وإننا فطرنا على ذلك كما خلقنا الله تعالى، وبعقل ان نكون ممثلين عن المذهب وعقيدته بالسير على الخط الحقيقي الذي سار عليه الامام الحسين عليه السلام بأهله وناصريه، إننا أصحاب رسالة يجب ان نطبقها من خلال الإقتداء بماء جاء به الائمة الاطهار بشكل يرقى الى الفخر بالانتساب لهم بكل ما تعنيه الكلمة من الفخر ... فكيف نجعل الحسين عليه السلام والائمة فخورين بنا؟ يتأتى ذلك بما نحييه من شعائر حسينية هكذا اسمها حسينية اي تعود بكل تصرفاتنا وافعالنا واعمالنا الى ظل سيد الشهداء ويلام بها إن أسأنا ويزكى بها إن اعتدلنا... إنها مسئولية كبيرة عظيمة لمصيبة جلل فالتوازن قد يكون صعب والوجع الذي يتأجج بداخلها جمر لا يحتمل.. ولكن ليس اكثر من وجع الرسول الاعظم والامام علي وفاطمة الزهراء والحسن والعقيلة زينب وعلي بن الحسين وألائمة الاطهار عليهم الصلاة والسلام اجمعين.. ما أشد وجعهم وأقل وجعنا... بفاجعة سيد الشهداء، إن الاشياء بخواتيمها نحن كما أسلفت نمثل ذلك الخط من المنعطف بل الإرث فعلينا ان نحميه ونصون طهارة الدماء التي أريقت بأفعالنا وأعمالنا وأن لا نكون كبائعي القصص العجيبة، تنتهي أوجاعنا بإنتهاء العشرة ايام او الاربعينية.. ولا أقصد هنا ما يقوم به البعض او الكل من ضرب القامات او الزنجيل او اللطم المبرح على الصدور التعبير عن الوجع الحسيني الذي يحمله كل شيعي حقيقي.. ربما ترجمته ليست صحيحة لكنه بات عقبة لزهو ثورة الحسين عليه السلام ... يجب ان نترك البذخ المادي والتباهي والتمادي في الإتيان بالكثير من البدع والخزعبلات وغيرها تحت مسمى شعائر حسينية... كما قلت الحسين فكرة بها ينابيع كثيرة يمكن ان نستلهمها في حياتنا الاجتماعية ونأخذ القيم الحقيقية لتطبيقها على الواقع بشكل يفخر به الحسين بن علي عليه السلام، وما علينا إلا ان نجدد الرؤى بدون ضبابية او غشاوة فالحسين عليه السلام يمكن ان تثور من أجله وإحياء ذكره بكثير من الطرق الحضارية والاجتماعية أننا نمثل الصورة الكاملة بدون إطار الى ذلك النحر الطاهر الذي كان ثمنا لإحياء وبقاء الدين...لأن الاطار يكتمل بظهور إمام الزمان والعصر القائم للقصاص من كل موبقي ومروجي السلع الدينية الرخيصة بأسم الإسلام، الذي بات مكروها من كثرة النعرات التي حلت بقيم الاسلام وجعلته إراهابا عكس صفته الحقيقة السلام... إننا وإذا أردنا بحق ان نتسيد العالم بالسلام علينا ان نتخذ من مصيبة الحسين عليه السلام مشروعا مكملا لإحداث الفرق بين الحقيقة والضلال وإنه الهدايا الإلهية التي ارتضاها الله للجنس الآدمي بالتضحية بأعظم ذبح على وجه الأرض تعطي ثمارها بإستلهام القيم الأنسانية التي تجعلك جديرا بأن تكون من شيعة آل البيت وجدير بأن تكون مع الحسين عليه السلام والنهوض مع قائم ىل محمد عليهم الصلاة والسلام لأتمام الرسالة الإلهية.
إن واقعة الطف هي منعطف تأريخي إلهي مقدر ان يكون، ولكي يبقى فلابد أن يكون الفعل الإلهي والأمر عظيم فهو صادر من خالق السموات والأرض وماعليها ومنشيء الحياة والموت، ولابد أيضا ان يكون الفدا عظيم ايضا بقدر ما أراد له من مكانة.. فأختار الله الحسين ذلك الخلق المنشأ في عالم الذر قبل تكوين السموات والأرض... وإشارة بسيطة الى الآية الكريمة حين قال عز من قائل بسم الله الرحمن الرحيم( وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم أني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) .. برغم اختلاف المفسرين من العامة في تفسير هذه الاية إلا أنها تفسر نفسها بقدرة الله وإعجاز قرآنه... فكلمة هؤلاء هي من أسماء الإشارة التي تطلق على العاقل أسماء مخصوصة تدل على معنى مشار إليه مثلا جمع الذكور والإناث : هؤلاء ضيوف كرام ، هؤلاء ضيفات كريمات وهي ايضا أسماء إشارة للقريب مثل ( هذا ، هذه ، هذان ، هاتان ، هؤلاء )، أي ان الانوار الطاهرة المطهرة خلقت وأنشأها الله قبل كل شيء وإلا من هم هؤلاء الذي طلب القادر عز وجل ان تنبيء الملائكة باسمائهم .. رغم ان الكثير من عامة المفسرين اوعزوها الى اسماء غير عاقلة او مسميات الاشجار والدواب والاجرام السماوية وغيرها... لكنها كانت تخص الانوار الخمسة والمسجلة على العرش محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين... وهذا ليس تحيزا كوني جعفريا شيعيا لا بل هي من بديهيات العقل لو تفكر الانسان قليلا وابعد عن عقله الافكار والنزعات الطائفية ويقول الله سبحانه وتعالى ( تفكروا يا أولي الألباب) ببساطة يمكن اي شخص يتأكد لعل اليوم وبوجود الحاسوب والشبكة العنكبوتية يمكن للانسان العاقل ان يتصفح ويدرك الحقائق من خلال مقارنته بالقراءات المتعددة والمختلفة ليصل الى جوهر الحقيقة الثابتة.. بأن آل البيت عليهم السلام هم الخلق الأول قبل نشأة الاشياء كلها... وإلا كيف يقول للملائكة وبوجود آدم انبئوني بأسماء هؤلاء .. أي انهم موجودون قبل آدم أيضا في التكوين والخلق.. أرجو ان لا أكون قد خرجت عن مقصد السطور بأن الحسين عليه السلام ومقتله هو رسالة إلاهية لابد ان يمضي من حملها هداية وإبقاء للرسالة المحمدية وقد أشار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الى ذلك في اكثر من مناسبة بأن للحسين شأن عظيم حتى أنه بكى مصرعه ورآه قبل ان يكون.. دلالات كثيرة تجعل من واقعة الطف هي الركيزة الحقيقية والمنعطف الواقعي لتثبيت أن الدين لم يستقم إلا بقتل الامام الحسين سيد الشهداء وآل بيته، إننا كشيعة ومقلدي هذا المذهب العظيم بعظمة من جعله الله انسانا عظيما في خَلقِه وخُلُقِه.. حيث قال الله تعالى للرسول الاعظم ( وإنك لعلى خلق عظيم) والرسول يقول حسين مني وانا من حسين.. وذاك يعني ان امتداد الخلق العظيم في الحسين الى الائمة الاطهار الاثنى عشر لذا اننا نمثل فكرا جعله الله عظيما وعلينا ان نكون بمستوى ما قدره الله لنا.. فهو مذهب مكتوب على من يحمله ان يكون مشروع استشهاد ومركز احقاد كل الموبقين وغير الموالين لآل البيت اننا في تمثيلنا الحقيقي للمذهب نكون قد عكسنا الصورة الحقيقية للتضحية العظيمة التي قام بها الحسين عليه السلام.. لا شك هناك رواسب من استشيعوا او تشيعوا لمجرد تخريب وهدم العرى الوثقى لهذا المذهب وتشويه شعائرة بأندساسهم وتغلغلهم فيه مع مرور السنون، تلك التقليعات التي يجب ان تكون بعيدة عن الكثير من المحرمات... لكن ورغم ما نقول وهذا لا يبرر ما نفعل والبعض يقول إنها حرقة بالفؤاد وعذاب الضمير الذي يحمله كل شيعي بالفطرة يقوده الى الغريب من الافعال ربما لأنه يعاقب نفسه على ما حدث في تلك الحقبة من الزمن ... فلا يعلم الغيب سوى الله ، ولعله ايضا يريد ان يعكس صورة قدرته على التضحية بالنفس من خلال تدميرها بأدوات حادة او خلاف ذلك مع العلم أني من أول المعارضين الى ذلك، لأن عذاب الجسد حرام ويجب صونه لأنه ملك للخالق وما نحن إلا حوامل بنفس متقلبة, تحمل بداخلها المتغيرات الدنيوية وتقلبات الرغبات..
إن الحسين فكرة إلهية وجدانية جسدها الخالق بصورة أحسن تصويرها بملحمة أزلية علينا ان نتخذ من الحسين السمو الذي تمتع به .. والمعيار الحقيقي في نبذ الطاغوت وعدم الذل في سطوة من لا نحب ولا نريد.. إننا يجب ان نتمسك بمعايير ومقاييس تلك الثورة ومبادئها بشكل واعي راقي يرقى بتضحية الحسين عليه السلام... لنكن كلنا حسين بما نحمله من وعي وفطرة وتقليد... نبتعد عن ما يُشمت بنا اعداء الدين من اصحاب معاوية ويزيد، لنكن رجالا ونساء قدوة لا عبىء وعورة تتقول بنا الكثير من المذاهب الأخرى وتجعل شعائرنا قنوات فضائية تروج لجهض قيم الشعائر الحقيقية لثورة الحسين كوننا شيعة مجانين بحب آل البيت.. حد الموت، فلنترجم جنوننا تسامحا وحبا وتفهما بأننا أناس ننشد حب الصفوة الحقيقية لله التي خلق السموات والارض والبحار والسحاب وغيرها من أجلها... فليكذب من يريد الحقيقة، ولنثبتها نحن بواقعيتها من خلال تصرفاتنا وما يجب ان نحمله من خُلق آل البيت عليهم السلام ، بأنها ثابتة بلا جدال علينا أن نسمو لأن نكون من اتباع آل البيت واتباع إمام العصر والزمان، فلنكن إذن بالقدر الانساني العقائدي الحسيني بكل ما يعنية اسم الحسين عليه السلام فهو ليس أسم فقط إنما هو رسالة سماوية إلهية الى البشرية جمعاء عنوانها الحسين انا... لقد أبت الذات الإلهية إلا ان يكون الحسين من يمثلها على الأرض بأختصار، ان العدل هو اساس الحكم والتضحية هي أساس الحرية فالحرية ليس لك ان تعيش وتحقق ما تصبو وترنوه لنفسك او لجيلك إنما هي هي عِبرة ومثلا للاجيال الى ماشاء الله ان تكون.. الحرية في ان تكون إنسانا بكامل إرادتك لتختار طريقك بنفسك فلا سلطان سوى الله وقد خلق الناس كلهم سواء فلا يمكن لسلطان متجبر ان يحدث التغيير في خلق الله ويكسر النواميس الانسانية للحياة لمجرد الفوز بدنيا فانية... ان الذين قاموا على الإحاطة بالحسين ورحله أناس اختصهم الله ان يكونوا شاهدي عيان لفاجعة الأكوان ويسهموا فيها بأي شكل سواء بالمشاهدة سواء بطي اللسان أو الخذلان او القتل او المشاركة في الحرق ... بكل شيء فقط ليثبت الله قدرته انه أراد لهم ان يكونوا بلا قلب وبلا عيون فطمسها، جعلهم لا يرون سبط الرسول وآل بيته بل يرون الدنيا مقبلة عليهم بحلتها وحلاوتها... وإلا كيف لأناس شهد منهم الرسول والحسين ومنزلته عنده وحديثه عنه، ان تموت قلوبهم وتزغ عن ذكر انه ابن بنت نبيهم الوحيد على سطح الارض؟ إنها إرادة الله المحضة لأن تكتمل الرسالة رغم انها ابتدات بالاعوجاج بعد غدير خم... وانحرافهم بعد موت الرسول الاعظم، وكون الحسين امتداد لعلي الوصي عليه السلام، فناله ما نال اخيه وأباه... إلا ان الفجيعة الكبرى تجسدت بالحسين عليه السلام...لذا نجد ان الحسين خرج مدركا عواقب خروجه وإنه على الحق وكثيرة هي المؤشرات التي قالها قبل وصوله وأثناء حط رحله وفي اثناء وقبل المعركة انه مقتول لا محالة وقد خير صحابته ومن معه بالبقاء معه او الذهاب .. فأنه لا محالة صريع كربلاء وأهله، فهذا هو الابتلاء من الله العظيم مثلما ابتلى الله ابو الانبياء ابراهيم عليه السلام بأبنه اسماعيل وفداه الله بالذبح العظيم حيث قال( وفديناه بذبح عظيم) فالذبح العظيم هو الامام الحسين عليه السلام.. فمن أعظم وأجل من ابن بنت نبي الامة وخاتمها ان يكون فداء لرسالة جده وثبات دين الله على الارض... لا نبالغ نحن الشيعة إن قلنا اننا مجانين بحب آل البيت ولكن جنوننا بعقل ..
فالجنون ان تحب بشكل غير قابل للنقاش أو الشك بمحمد وآل محمد كونهم الرسالة الإلهية المحضة وإننا فطرنا على ذلك كما خلقنا الله تعالى، وبعقل ان نكون ممثلين عن المذهب وعقيدته بالسير على الخط الحقيقي الذي سار عليه الامام الحسين عليه السلام بأهله وناصريه، إننا أصحاب رسالة يجب ان نطبقها من خلال الإقتداء بماء جاء به الائمة الاطهار بشكل يرقى الى الفخر بالانتساب لهم بكل ما تعنيه الكلمة من الفخر ... فكيف نجعل الحسين عليه السلام والائمة فخورين بنا؟ يتأتى ذلك بما نحييه من شعائر حسينية هكذا اسمها حسينية اي تعود بكل تصرفاتنا وافعالنا واعمالنا الى ظل سيد الشهداء ويلام بها إن أسأنا ويزكى بها إن اعتدلنا... إنها مسئولية كبيرة عظيمة لمصيبة جلل فالتوازن قد يكون صعب والوجع الذي يتأجج بداخلها جمر لا يحتمل.. ولكن ليس اكثر من وجع الرسول الاعظم والامام علي وفاطمة الزهراء والحسن والعقيلة زينب وعلي بن الحسين وألائمة الاطهار عليهم الصلاة والسلام اجمعين.. ما أشد وجعهم وأقل وجعنا... بفاجعة سيد الشهداء، إن الاشياء بخواتيمها نحن كما أسلفت نمثل ذلك الخط من المنعطف بل الإرث فعلينا ان نحميه ونصون طهارة الدماء التي أريقت بأفعالنا وأعمالنا وأن لا نكون كبائعي القصص العجيبة، تنتهي أوجاعنا بإنتهاء العشرة ايام او الاربعينية.. ولا أقصد هنا ما يقوم به البعض او الكل من ضرب القامات او الزنجيل او اللطم المبرح على الصدور التعبير عن الوجع الحسيني الذي يحمله كل شيعي حقيقي.. ربما ترجمته ليست صحيحة لكنه بات عقبة لزهو ثورة الحسين عليه السلام ... يجب ان نترك البذخ المادي والتباهي والتمادي في الإتيان بالكثير من البدع والخزعبلات وغيرها تحت مسمى شعائر حسينية... كما قلت الحسين فكرة بها ينابيع كثيرة يمكن ان نستلهمها في حياتنا الاجتماعية ونأخذ القيم الحقيقية لتطبيقها على الواقع بشكل يفخر به الحسين بن علي عليه السلام، وما علينا إلا ان نجدد الرؤى بدون ضبابية او غشاوة فالحسين عليه السلام يمكن ان تثور من أجله وإحياء ذكره بكثير من الطرق الحضارية والاجتماعية أننا نمثل الصورة الكاملة بدون إطار الى ذلك النحر الطاهر الذي كان ثمنا لإحياء وبقاء الدين...لأن الاطار يكتمل بظهور إمام الزمان والعصر القائم للقصاص من كل موبقي ومروجي السلع الدينية الرخيصة بأسم الإسلام، الذي بات مكروها من كثرة النعرات التي حلت بقيم الاسلام وجعلته إراهابا عكس صفته الحقيقة السلام... إننا وإذا أردنا بحق ان نتسيد العالم بالسلام علينا ان نتخذ من مصيبة الحسين عليه السلام مشروعا مكملا لإحداث الفرق بين الحقيقة والضلال وإنه الهدايا الإلهية التي ارتضاها الله للجنس الآدمي بالتضحية بأعظم ذبح على وجه الأرض تعطي ثمارها بإستلهام القيم الأنسانية التي تجعلك جديرا بأن تكون من شيعة آل البيت وجدير بأن تكون مع الحسين عليه السلام والنهوض مع قائم ىل محمد عليهم الصلاة والسلام لأتمام الرسالة الإلهية.
تعليق