بعد عصور من القهر والتسلط الذي عاشه أهل البيت (ع) وأتباعهم، والظلم التدويني الذي يلاحقهم في بطون الكتب، وما كُتب بأهواء السلاطين، حتى جاء التطبيل الإعلامي في فضائيات الحقد على شيعة أهل البيت (ع) وشعائرهم المقدسة، ليظهر من يدلي بتصريحات شوهاء ويقول: إن الحسين (ع) قُتل بسيف شيعته..!!
ولا أدري، هل كان الشمر ممن ينطبق عليه مفهوم التشيع لأهل البيت (ع)؟ أم أنه كان ينطبق على زمرته القتلة من أمثال: شبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، وعمر بن سعد، وحكيم بن الطفيل... تلك العصابة التي جاهدت الحسين (ع) سبط الرسول (ص)، واستباحت دمه وحريمه بغير وجه حق..؟!
وحجتهم في قولهم هذا، ودليلهم على أنهم كانوا شيعة، أنهم كانوا في جيش أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في حربه مع معاوية في صفين، ثم عدوا على ولده، بعد أن منوه بالنصرة..! وهو تدليس حقيقي، والتفاف صريح على الحقائق؛ لأن المتبصر بالتاريخ يعرف أن الظلمة وحكام الجور يأمرون بقتل الناس، وهناك من ينفذ تلك الأوامر، فمَن الذي أمر بقتل الحسين (ع) ولماذا؟ الجواب: إن يزيد بن معاوية أمر ابن زياد بقتل الحسين (ع)، والسبب: لأنه لم يبايع..!! والتاريخ عينه يخبرنا أن جماعة امتنعت عن بيعة الإمام علي (ع)، ومنهم سعد بن أبي وقاص، ولكن أمير المؤمنين (ع) لم يجبرهم على البيعة، وتركهم وشأنهم، وهو ما يُعرف - بالفكر والتطبيق المعاصر - بالديمقراطية وحرية الرأي.
إن الأُسود الأشاوس الذين نصروا الحسين (ع) بكل غالٍ ونفيس، أمثال: حبيب بن مظاهر، ومسلم بن عوسجة، وزهير بن القين، وبرير بن خضير، وعابس بن شبيب الشاكري... هم من الكوفة، ومن شيعة الحسين (ع) الخلص الأوفياء الذين وصفهم أبو الأحرار (ع)، وقال بحقهم أعظم ما قيل بحق الأصحاب على مر التاريخ البشري:
(أما بعد: فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني خيراً) (الإرشاد: الشيخ المفيد ج2/ ص91).
وكان (ع) في عرصات كربلاء، يتحدث إلى الذين باعوا دينهم لابن مرجانة وابن آكلة الأكباد بقوله: (ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان، إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون). (اللهوف في قتلى الطفوف: السيد ابن طاووس ص71).
إذن، إنهم كانوا من شيعة آل أبي سفيان وإن سكنوا الكوفة، وهم أصحاب نظرية اتباع الخليفة كائناً من يكون، لذا تراهم مع الإمام علي (ع) عندما بُويع كخليفة شرعي، ثم انقلبوا عليه مع أول ابتلاء في صفين وهو (التحكيم)، وانقسموا إلى جماعات، منهم من التحق بالخوارج، ومنهم من التحق بمعاوية، ثم اتبعوا من بعده ولده الفاجر يزيد... فهؤلاء لا يعدون من الشيعة، بل من المنافقين الذين يتبعون الشياطين في كل زمان ومكان.
فلماذا لا يذكر المبطلون عبر الفضائيات المأجورة أسماء الشيعة الحقيقيين الذين ناصروا خط الحق ومنهجه عبر التاريخ، أم أنهم من أتباع الأعور الدجال الذي لا يرى إلا بعين واحدة؟!
تعليق