بسم الله الرحمن الرحيم
المحطة الأولى:
لُقب العباس بمجموعة من الألقاب الجليلة التي تعبر عن عظمة شخصيته المقدسة ومن تلك الألقاب : ( السقَّاء ، أو ساقي العطاشى ) ...
فقد روي إنه لمّا اشتد العطش على الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ، أمر أخاه العباس ( عليه السلام ) فسار في عشرين رجلاً يحملون القرب ، وثلاثين فارساً ، فجاءوا حتّى دنوا من الماء ليلاً ، وأمامهم نافع بن هلال الجملي يحمل اللواء ، فقال عمرو بن الحجّاج ، من الرجل ؟ قال نافع ، قال ما جاء بك ؟ قال : جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه ، قال : فاشرب هنيئاً ، قال : لا والله لا أشرب منه قطرة والحسين عطشان هو وأصحابه ، فقالوا : لا سبيل إلى سقي هؤلاء ، إنّما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء .
فقال نافع لرجاله : املؤا قربكم فملئوها ، وثار إليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، فحمل عليهم العباس ونافع بن هلال فكشفوهم وأقبلوا بالماء ، ثمّ عاد عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، وأرادوا أن يقطعوا عليهم الطريق فقاتلهم العباس وأصحابه حتّى ردّوهم ، وجاءوا بالماء إلى الحسين ( عليه السلام ) ، وكان هذا قبل يوم العاشر من المحرم ، وقال بعض المؤرخين كان ذلك في اليوم السابع ، ولذلك سُمي اليوم السابع بيوم العباس .
والموقف الأكبر لساقي آل الرسول هو موقفه يوم العاشر ، لمّا اشتدَّ العطش بالحسين وأهل بيته وأصحابه ( عليهم السلام) ، وسمع بكاء النساء والأطفال يشكون العطش ، بادر الساقي الغيور أبو الفضل العباس ( عليه السلام ) ، وطلب من أخيه الحسين ( عليه السلام ) السماح له بالبراز لجلب الماء ، فأذن له الحسين ( عليه السلام ) ، فحمل على القوم ، أحاطوه من كلِّ جانب ، ثم قتل وجرح عدداً كبيراً منهم ، وكشفهم وهو يقول :
لا أرهبُ الموتَ إذا الموتُ رَقَا ** حتّى أواري في المصَاليتِ لُقَى
نفسي لنفسِ المُصطَفَى الطُّهر وَقَا ** إنّي أنا العبَّاس أغدو بالسقَا
ولا أخافُ الشرَّ يوم المُلتَقَى
وصل السّاقي إلى ماء الفرات ، فغرف منه غرفة ليطفئ لَظَى عطشه ، فتذكَّر عطش الحسين (عليه السلام ) ، ورمى بالماء وهو يرتجز ويقول :
يَا نفسُ مِن بعد الحُسين هوني ** مِن بعدِهِ لا كُنتِ أن تَكُوني
هَذا الحسينُ وَارِدَ المَنونِ ** وتشرَبينَ بَاردَ المَعينِ
تاللهِ مَا هَذي فِعَال دِيني
فملأ القربة وعاد فحمل على القوم ، وقتل وجرح عدداً منهم ، ولكن ؛ حين جرى ما جرى من قطع كفيه أخذ القربة بِفَمِه ، وبينما هو جاهد أن يوصلها إلى المخيَّم ، إذ صُوِّب نحوه سهمان ، أحدهما أصابَ عينه الشريفة ، وأما الآخر فقد أصاب القِربة فَأُرِيق ماؤها ، وعندها انقطع أمله من إيصال الماء ، فصار يقاتلهم بشدة طالبا للشهادة ، حتى نالها عزيزا شريفا مهابا.
وأيضا كان يلقب بـ ( قمر بني هاشم) ...
فقد وصفه التاريخ انه كان رجلاً وسيماً جسيماً ، يركب الفرس المطهَّم ، ورجلاه تخطَّان في الأرض ، ويمكن لنا أن نفهم إنه قمر بني هاشم معنويا ، بمعنى أن إيمانه مشرقا ، وهو من الأولياء العارفين .
ولقب أيضا : ( بطل الشريعة ) أو ( بطل العلقمي ) أو ( سَبع القنطرة ) ...
لأنه خاض على ذلك النهر قتالاً لم ترى العرب مثله ، حيث كان ينقّض على أعدائه كالنسر ، وهم يفرون من بين يديه كالخراف ، ولم يجدوا حيلة لإيقافه إلا بأن يبارزوه جميعا دفعة واحدة ، ومن هنا نادى المنادي : احملوا عليه من كل جانب ، ورغم إنهم شنوا عليه هجوما من كل جانب ، إلا أن شبل علي كان فيهم كالصاعقة ينقض عليهم من كل اتجاه ، حتى ظن أحدهم إنه يقاتل ألف رجل لا رجلا واحدا .
هذه الشجاعة الحيدرية والعزيمة التي أورثها إياه فارس بدر الكرار تجسدت في يوم عاشوراء ، حتى ظن الناضر إنه علي بن أي طالب أحيي من جديد ، وقد كان دافعها الأكبر إيمانا لا يلين ، وشوقا للشهادة وإصرارا في نصرة سيد شباب أهل الجنة ، مما جعله أسداً مغواراً يطحنهم طحنا .
ولقب أيضا : أنه ( باب الحوائج ) ...
وما ذاك الا كرامة من الله أعطاها لسليل الكرار و وراث الأطهار ، ولعظيم إيمانه وشدة إخلاصه ، حيث جعل الله مرقده الشريف شمسا للتائهين ، وبحرا للواردين ، وغوثا للمظطرين ، وهناك العشرات بل المئات وربما الآلاف الذين حصلت لهم الكرامات ، ممن قضى الله حوائجهم ببركة التوسل الى الله تعالى بمقام أبي الفضل (عليه السلام ) .
ونذكر هذه القصة اللطيفة ، ففي كتاب أسرار الشهادة قال العلامة الدربندي عليه الرحمة : أخبرني جمع من الثقاة في هذا الزمان ، إن أحد المؤمنين كان يزور الحسين ( عليه السلام ) في كل يوم ثلاث مرات ، وما كان يزور العباس إلا في الأسبوع مرة ، وقد رأى في المنام الصديقة الطاهرة ( عليها السلام ) ، سلّم عليها فأعرضت عنه ؛ فقال : بأبي أنت وأمي لأي تقصير تعرضين عني ؟ قالت : لإعراضك من زيارتك ابني ، قال : أنا أزور ابنك في كل يوم ، قالت : تزور ابني الحسين ( عليه السلام ) ولا تزور ابني العباس إلا قليلا
المحطة الثانية:
حينما نذكر اخو زينب وكافلها ، لا يمكن نسيان تلك الأم التي ربته وتلك الأحضان الطاهرة التي أرضعته الولاء لآل الرسول ، وتلك المرأة المتيّقنة بأمر ربها ، التي أرسلته مع أخوته للشهادة ، أقصد طبعا السيّدة فاطمة بن حزام العامرية الكلابية ، المعروفة بأمِّ البنين ( عليها السلام ) .
وقد روي أنّ الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لأخيه عقيل ـ وكان نسّابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم ـ : (( اختر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب ؛ لأتزوّجها لتلد لي غلاماً فارساً )) ، فقال له : أين أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابية العامرية ، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس ، فتزوّجها أمير المؤمنين ، فولدت له وأنجبت ، وأوّل ما ولدت العباس ( عليه السلام ) ، وبعده عبد الله ، وبعده جعفراً ، وبعده عثمان .
ولا ينسى التاريخ موقفها الزهرائي الزينبي حين سمعت بمقتل أولادها فلم تكترث ؛ وكان اهتمامها منصبا في السؤال عن الحسين ، وحين علمت بشهادته أقامت عليه الحزن ثم على أولادها ، بل كان مقتل أولادها مسليا لها ، أن قدمتهم فدائيين دون ريحانه المختار ، وسليل الزهراء البتول*****************
المحطة الأولى:
لُقب العباس بمجموعة من الألقاب الجليلة التي تعبر عن عظمة شخصيته المقدسة ومن تلك الألقاب : ( السقَّاء ، أو ساقي العطاشى ) ...
فقد روي إنه لمّا اشتد العطش على الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ، أمر أخاه العباس ( عليه السلام ) فسار في عشرين رجلاً يحملون القرب ، وثلاثين فارساً ، فجاءوا حتّى دنوا من الماء ليلاً ، وأمامهم نافع بن هلال الجملي يحمل اللواء ، فقال عمرو بن الحجّاج ، من الرجل ؟ قال نافع ، قال ما جاء بك ؟ قال : جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه ، قال : فاشرب هنيئاً ، قال : لا والله لا أشرب منه قطرة والحسين عطشان هو وأصحابه ، فقالوا : لا سبيل إلى سقي هؤلاء ، إنّما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء .
فقال نافع لرجاله : املؤا قربكم فملئوها ، وثار إليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، فحمل عليهم العباس ونافع بن هلال فكشفوهم وأقبلوا بالماء ، ثمّ عاد عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، وأرادوا أن يقطعوا عليهم الطريق فقاتلهم العباس وأصحابه حتّى ردّوهم ، وجاءوا بالماء إلى الحسين ( عليه السلام ) ، وكان هذا قبل يوم العاشر من المحرم ، وقال بعض المؤرخين كان ذلك في اليوم السابع ، ولذلك سُمي اليوم السابع بيوم العباس .
والموقف الأكبر لساقي آل الرسول هو موقفه يوم العاشر ، لمّا اشتدَّ العطش بالحسين وأهل بيته وأصحابه ( عليهم السلام) ، وسمع بكاء النساء والأطفال يشكون العطش ، بادر الساقي الغيور أبو الفضل العباس ( عليه السلام ) ، وطلب من أخيه الحسين ( عليه السلام ) السماح له بالبراز لجلب الماء ، فأذن له الحسين ( عليه السلام ) ، فحمل على القوم ، أحاطوه من كلِّ جانب ، ثم قتل وجرح عدداً كبيراً منهم ، وكشفهم وهو يقول :
لا أرهبُ الموتَ إذا الموتُ رَقَا ** حتّى أواري في المصَاليتِ لُقَى
نفسي لنفسِ المُصطَفَى الطُّهر وَقَا ** إنّي أنا العبَّاس أغدو بالسقَا
ولا أخافُ الشرَّ يوم المُلتَقَى
وصل السّاقي إلى ماء الفرات ، فغرف منه غرفة ليطفئ لَظَى عطشه ، فتذكَّر عطش الحسين (عليه السلام ) ، ورمى بالماء وهو يرتجز ويقول :
يَا نفسُ مِن بعد الحُسين هوني ** مِن بعدِهِ لا كُنتِ أن تَكُوني
هَذا الحسينُ وَارِدَ المَنونِ ** وتشرَبينَ بَاردَ المَعينِ
تاللهِ مَا هَذي فِعَال دِيني
فملأ القربة وعاد فحمل على القوم ، وقتل وجرح عدداً منهم ، ولكن ؛ حين جرى ما جرى من قطع كفيه أخذ القربة بِفَمِه ، وبينما هو جاهد أن يوصلها إلى المخيَّم ، إذ صُوِّب نحوه سهمان ، أحدهما أصابَ عينه الشريفة ، وأما الآخر فقد أصاب القِربة فَأُرِيق ماؤها ، وعندها انقطع أمله من إيصال الماء ، فصار يقاتلهم بشدة طالبا للشهادة ، حتى نالها عزيزا شريفا مهابا.
وأيضا كان يلقب بـ ( قمر بني هاشم) ...
فقد وصفه التاريخ انه كان رجلاً وسيماً جسيماً ، يركب الفرس المطهَّم ، ورجلاه تخطَّان في الأرض ، ويمكن لنا أن نفهم إنه قمر بني هاشم معنويا ، بمعنى أن إيمانه مشرقا ، وهو من الأولياء العارفين .
ولقب أيضا : ( بطل الشريعة ) أو ( بطل العلقمي ) أو ( سَبع القنطرة ) ...
لأنه خاض على ذلك النهر قتالاً لم ترى العرب مثله ، حيث كان ينقّض على أعدائه كالنسر ، وهم يفرون من بين يديه كالخراف ، ولم يجدوا حيلة لإيقافه إلا بأن يبارزوه جميعا دفعة واحدة ، ومن هنا نادى المنادي : احملوا عليه من كل جانب ، ورغم إنهم شنوا عليه هجوما من كل جانب ، إلا أن شبل علي كان فيهم كالصاعقة ينقض عليهم من كل اتجاه ، حتى ظن أحدهم إنه يقاتل ألف رجل لا رجلا واحدا .
هذه الشجاعة الحيدرية والعزيمة التي أورثها إياه فارس بدر الكرار تجسدت في يوم عاشوراء ، حتى ظن الناضر إنه علي بن أي طالب أحيي من جديد ، وقد كان دافعها الأكبر إيمانا لا يلين ، وشوقا للشهادة وإصرارا في نصرة سيد شباب أهل الجنة ، مما جعله أسداً مغواراً يطحنهم طحنا .
ولقب أيضا : أنه ( باب الحوائج ) ...
وما ذاك الا كرامة من الله أعطاها لسليل الكرار و وراث الأطهار ، ولعظيم إيمانه وشدة إخلاصه ، حيث جعل الله مرقده الشريف شمسا للتائهين ، وبحرا للواردين ، وغوثا للمظطرين ، وهناك العشرات بل المئات وربما الآلاف الذين حصلت لهم الكرامات ، ممن قضى الله حوائجهم ببركة التوسل الى الله تعالى بمقام أبي الفضل (عليه السلام ) .
ونذكر هذه القصة اللطيفة ، ففي كتاب أسرار الشهادة قال العلامة الدربندي عليه الرحمة : أخبرني جمع من الثقاة في هذا الزمان ، إن أحد المؤمنين كان يزور الحسين ( عليه السلام ) في كل يوم ثلاث مرات ، وما كان يزور العباس إلا في الأسبوع مرة ، وقد رأى في المنام الصديقة الطاهرة ( عليها السلام ) ، سلّم عليها فأعرضت عنه ؛ فقال : بأبي أنت وأمي لأي تقصير تعرضين عني ؟ قالت : لإعراضك من زيارتك ابني ، قال : أنا أزور ابنك في كل يوم ، قالت : تزور ابني الحسين ( عليه السلام ) ولا تزور ابني العباس إلا قليلا
المحطة الثانية:
حينما نذكر اخو زينب وكافلها ، لا يمكن نسيان تلك الأم التي ربته وتلك الأحضان الطاهرة التي أرضعته الولاء لآل الرسول ، وتلك المرأة المتيّقنة بأمر ربها ، التي أرسلته مع أخوته للشهادة ، أقصد طبعا السيّدة فاطمة بن حزام العامرية الكلابية ، المعروفة بأمِّ البنين ( عليها السلام ) .
وقد روي أنّ الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لأخيه عقيل ـ وكان نسّابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم ـ : (( اختر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب ؛ لأتزوّجها لتلد لي غلاماً فارساً )) ، فقال له : أين أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابية العامرية ، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس ، فتزوّجها أمير المؤمنين ، فولدت له وأنجبت ، وأوّل ما ولدت العباس ( عليه السلام ) ، وبعده عبد الله ، وبعده جعفراً ، وبعده عثمان .
ولا ينسى التاريخ موقفها الزهرائي الزينبي حين سمعت بمقتل أولادها فلم تكترث ؛ وكان اهتمامها منصبا في السؤال عن الحسين ، وحين علمت بشهادته أقامت عليه الحزن ثم على أولادها ، بل كان مقتل أولادها مسليا لها ، أن قدمتهم فدائيين دون ريحانه المختار ، وسليل الزهراء البتول*****************
تعليق