في ليلة الحادي عشر من المحرم :
اذا فقدت عائلة مسلمة فقيدا عزيزا عليها , فان من أصعب المواقف عليها هو تذكّر ذلك الفقيد في الليلة التالية لليلة فقده , لذا فاننا نرى العوائل القريبة من هذه العائلة المفجوعة غالبا ما تأتي لتسلّيهم وتواسيهم وتصبّرهم على مصابهم .
وفي مثل هذه الليلة ــ ليلة الحادي عشر من المحرم ــ يا ترى كيف كان حال عائلة الحسين (عليه السلام ) ؟؟؟ !!!
بعد أن شاهدوا يوما داميا ,
بعد أن شاهدوا يوما داميا ,
شاهدوا قلوبا أشدّ قسوة من الصخر
لا ترحم طفلا صغيرا ,
ولا امرأة ضعيفة ,
ولا شيخا طاعنا ,
ولا مريضا عاجزا لا يقوى على الحركة ,
شاهدوا نفوسا أوحش من الوحوش الضارية ,
شاهدوا مسوخا بهيئة الآدميين
يتسابقون الى حرق خيام طالما عُبِدَ الله فيها ,
يتفاخرون بضرب الأطفال والنساء بالسياط ,
يتدافعون لسلب النساء أُزُرهنّ ومقانعهنّ ,
ويتباهون بجرِّ الاقراط من آذان الأطفال جرّا
ويتلذذون بخرم آذانهم ليرون الدماء تسيل منها ,
وشاهدوا أطفالاً تسحقها الخيول بحوافرها
وآخرين أحاطت بهم ألسنة النيران ,
وشــــاهـــــدوا ... وشــــاهـــــدوا ... وشــــاهـــــدوا ...
ما يعجز اللسان عن وصفه ,
وما لا يتمكن القلم من التعبير عنه .
بعد كل هذا وذاك جنّ عليهم ليل بهيم وهو يحمل هموما أشدّ سواد منه ,
و يطوي بين قِطعِهِ المظلمة آلاماً أشدّ وقعا من ضرب السياط التي لاقوها في نهارهم ,
و يطوي بين قِطعِهِ المظلمة آلاماً أشدّ وقعا من ضرب السياط التي لاقوها في نهارهم ,
فاجتمعوا
... أرامــــــــــل ... يتـــــامـــــى ... ثكـــــالـــــى ...
مع عليل ذي بدن نحيف يرتعش من شدة المرض الذي أنهكه ,
اجتمعوا في خيمة ... او ربما مكان خيمة محروقة
وهم يتذكرون أحباءهم وحماتهم الذين كانوا بجانبهم في الليلة الماضية ,
ولا يعلمون ما ينتظرهم وما سيصنع بهم أعداء الله في غد ,
ينتظرون من يأتيهم ليُسلّيهم ويعزّيهم ويخفف عنهم آلام الوحشة ,
لكن من أين يأتي مثل هذا المعزّي في تلك الأجواء المملوءة غلظة وقسوة .
ولكني أظن , بل أكاد أُجزم بأن قلوب المحبيّن والموالين
كانت حاضرة قبل أبدانهم مع تلك العائلة الطاهرة ,
قلـــوب تطوف حول الخيــام المحترقــة
فتشمّ رائحة الدخان في كلّ مكان
ثـــمّ تجــول بيـن القتلـــى
علّها تجد طفلا مجروحا فتداويه ,
او طفلة مروّعة فتصبّرها وتُهدّئ من روعتها ,
او ثاكلة تنوح على وحيدها فتعينها وتسعدها على البكاء ,
ثم ترجع هذه القلوب لترى مكان خيمة فيها لمّة من النساء والأطفال ,
نساء بواكي ,
وأطفال يتساءلون ببراءة الطفولة عن أهاليهم
فترى احدهم يسأل أمه : أماه أين أخي ,
وأخرى تقول : أماه أريد أن أرى أبي لماذا لم يأتي الليلة ليجلس
معنا كما كان يفعل في كل ليلة أريد ان أشكو له ما فعل بنا هؤلاء الرجال ,
كما وتسمع أصوات أمهات وهي تجول حافية في الظلام
بين الصخور
والأشواك القاسية ,
وبين القتلى
وقطع السلاح المتكسرة
تبحث عن أطفالها
وتنادي : بني فلان ,
ولدي حبيبي فلان
قرّة , عيني فلان ,
فلا تسمع جوابا ,
لترجع بقلب تكاد حباله تتقطع من شدة الاضطراب
فتبث شكواها الى من صارت محورا ومركزا لشتى أنواع المصائب ,
ألا وهي الحوراء
زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام) ,
فيا ساعد قلبها على تحمّل تلك الصعاب والهموم
التي لو أُلقي قسم منها على الجبال الرواسي لذابت منها .
السلام على سيدتنا ومولاتنا زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين
السلامُ عليكِ يا بنتَ رسولِ اللّه السلامُ عليكِ يا بنتَ نبىِّ اللّه السلامُ عليكِ يا بنتَ محمدٍ المصطفى سيدِ الأنبياء والمرسلين السلامُ عليكِ يا بنتَ وليِّ اللّه السلامُ عليكِ يا بنتَ عليٍّ المرتضى السلامُ عليكِ يا بنتَ سيدِ الأوصياءِ والصديقين السلامُ عليكِ يا بنتَ فاطمةَ الزهراءِ سيدةَ نساءِ العالمين السلامُ عليكُ يا أُختَ الحسنِ و الحسينِ سيدي شبابِ أهلِ الجنّةِ أجمعين السلامُ عليكِ أيتها السيدةُ الزكيةُ السلامُ عليكِ أيتها الداعيةُ الخفيةُ السلامُ عليكِ أيتها التقيةُ النقيةُ السلامُ عليكِ أيتها الرضيّةُ المرضيّةُ السلامُ عليكِ أيتها المظلومةُ السلامُ عليكِ أيتها المهمومةُ السلامُ عليكِ أيتها المغمومةُ السلامُ عليكِ أيتها المضروبةُ السلامُ عليكِ أيتها المأسورةُ السلامُ عليكِ أيتها الصّدّيقةُ الصّغرى السلامُ عليكِ أيتها الصاحبةُ المصيبةُ العظمى السلامُ عليكِ يا زينبُ الكبرى السلامُ عليكِ يا عصمةَ الصغرى أشهدُ أنّكِ كنتِ صابرةً شاكرةً مجللةً معظمةً مكرمةً محدثةً مخدرةً موقرةً فى جميع حالاتك و منقلباتك و مصيباتك و بليّاتك و امتحاناتك حتّى فى أشدّها و أمرّها .
السلام عليكم يا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة , جزاكم الله عنّ وعن الإسلام أفضل الجزاء بما صبرتم لأجل الدين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظّم الله تعالى أجورنا وأجوركم
بهذا المصاب الجلل
(( إنّا لله وإنّا إليه راجعون ))
(( ولا حولَ ولا قوّةَ الّا بالله العليّ العظيم ))
((وسيعلمُ الذينَ ظلموا أيّ منقلبٍ سينقلبون ))
تعليق