
المواكب التأريخية التي كانت ومازالت
تحيي العشرة الأولى من شهر محرم الحرام
في كربلاء المقدسة ،
وما هي التكية وقبة القاسم والمشعل ؟
تحيي سبعة أطراف بالإضافة إلى سبعة أصناف وهيئات ،
مراسيم الشعائر الحسينية منذ أكثر من مئتي سنة ،
مع الأخذ بعين الإعتبار - سيدي القارئ الكريم - ،
إن العدد الآن قد تزايد بشكل كبير ونحن في هذا التقرير
نتحدث عن المواكب والهيئات التأريخية فقط .
اشتهرت مدينة كربلاء المقدسة التي حوت الجثمان الطاهر
للمولى أبي عبدالله الحسين ( عليه السلام )
وأخيه أبي الفضل العباس ( عليه السلام )
بإقامة المآتم ونصب العزاء ولبس السواد في كل عام
وتحديداً في شهري محرم الحرام وصفر الخير .
ويجمعُ هذان الشهران مناسبتين عظيمتين ،
يحييهما ملايين المؤمنين من شتى بقاع المعمورة ،
ألا وهما زيارة العاشر من محرم الحرام يوم استشهاد سيد شباب
أهل الجنة وآل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) ،
في واقعة الطف الخالدة سنة 61هـ ،
وكذلك زيارة العشرين من صفر الخير وتسمى زيارة الأربعين
أي مضي أربعين يوماً على استشهاد الإمام ( عليه السلام )
وأيضا عودة سبايا أهل بيت النبوة من الشام حاملين رؤوس
الثلة الطاهرة التي استشهدت يوم الطف .
وقد ذكر القرآن الكريم بالإضافة الى الكثير من الروايات
الفضل الكبير لإحياء شعائر الله ،
وهاتان المناسبتان من أهمها ، ولعل الآية الكريمة :
(( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ))
وقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
( أحيوا أمرنا رحم الله من أحيى أمرنا )
يكفي لإيضاح المثوبة الكبرى لإحياء هذه الشعائر .
ولكن لابد من تسليط الضوء على هذه الشعائر وعلى الجهات
التي كانت تقيمها منذ عشرات السنين ولازالت مستمرة ،
فكما هو معتاد فإن الأيام العشرة الأولى من شهر محرم الحرام
تُحيى شعائرها من قِبَل الهيئات والمواكب الحسينية
من داخل مدينة كربلاء المقدسة ،
أما زيارة الأربعين فتكون المشاركة فيها من جميع محافظات العراق .
لهذا ونحن نعيش في هذه الأيام ،
كان من اللازم أن نسلط الضوء على من يحيي هذه الشعائر
منذ سنين ولازال مستمراً بإحيائها .
تنقسم مدينة كربلاء الى سبعة أطراف وهي طرف باب بغداد ـ
وطرف باب السلالمة ـ
وطرف باب الطاق ـ
وطرف المخيم ـ
وطرف باب النجف ـ
وطرف العباسية ـ
وطرف باب الخان ,
وكل طرف من هذه الأطراف انفرد بالخدمة وجعل لنفسه
موكباً وتكية لخدمة الإمام الحسين ( عليه السلام )
وخدمة زائريه الذين يأتون لزيارة مرقده الشريف ،
وجرى العرف من القدم أن تقوم هذه الأطراف السبعة بنصب
التكايا والنزول بمواكب العزاء من أطرافهم مروراً بحرم
العباس ( عليه السلام ) ومن ثم المرور بمنطقة بين الحرمين
الشريفين وسابقاً كانت تمر بالأزقة الممتدة من حرم العباس
الى حرم الإمام الحسين ( عليهما السلام )
وانتهاءً بحرم الإمام الحسين ( عليه السلام ) .
وهناك أصناف وهيئات جرت على هذا العرف وقامت بنصب
التكايا والنزول بمواكب عزاء أيضاً ،
وهي الصاغة و ( القندرجية ) والصفارين والقصابين ،
بالإضافة إلى موكب عزاء البلوش ، وهيأة الحيدرية ،
صنف وهيأة شباب الزينبية .
ويعتقد أن هذه الأطراف أو الأصناف يبلغ عمرها حوالي
أكثر من مائتي سنة وهي تتباين في أعمارها .
كما تحمل هذه المواكب والهيئات في مسيرها أثناء العزاء ،
المشعل ( الهودج ) وقبة القاسم ،
كما أنها تنصب التكايا من اليوم الأول لشهر محرم .
ماذا يعني المشعل ( الهودج ) ؟
( الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة )
من هذا المنطلق صمم الهودج على شكل يشبه شكل السفينة
وهو يمثل سفينة النجاة وهو متعدد الفوائد في وقتها ،
والآن يرفع كظاهرة تراثية تمثل الشعار العام لسفينة النجاة ،
وكان يستخدم كشعار حسيني يضم مجموعة من مصابيح الإنارة
حتى يصبح الهودج بوزن 250 إلى 350 كغم ،
وفيه ارتكاز وسطي يعتبر مهماً في حسابات
( شيّال المشعل ) إذ يمتاز بالقوة والصبر .
ما هي التكية ؟
كانت هناك ظاهرة إنسانية واجتماعية جميلة معمول
بها في كربلاء المقدسة ،
فعندما يموت شاب - لأن موت الشاب كان يعد ظاهرة عجيبة
في حينها على عكس الوقت الحاضر - ،
كان يعد له سرداق " تكية " من السواد تعد لأجل
تجمع الشباب من أهل المحلة ،
وكان ذلك يؤدي الى زيادة في الحميمية بين الناس ،
انتقال هذه الظاهرة الى شيء أعظم ،
هو التجمع تحت راية الحسين ( عليه السلام ) الذي يخلق
شعوراً بأن المجتمعين فيها من أهل التعزية ويتقبلون التعازي .
كما أن التكية مكان تجمع الهيأة ويعد كمقر تقام فيها المآتم
وينطلق منها كما أن جميع المشاركين في العزاء يتجمعون
فيها لخدمة الموكب والزائرين الوافدين ،
وتنصب منذ اليوم الأول وترفع بعد انتهاء عزاء ركضة طويريج ،
كما إن الإنارة تكون ملونة إلى اليوم التاسع من محرم ،
ثم يصبح لون التكايا أحمراً وبعدها تطفأ .
ماذا تعني قبة القاسم أو ( الحجلة ) ؟
القاسم بن الإمام الحسن ( عليهما السلام ) ،
كان غلاماً لم يبلغ الحلم بعد في واقعة الطف ،
وحسب الروايات ،
كان على أبواب الاقتران بابنة عمه الإمام الحسين ( عليه السلام ) ،
عندما وافته المنية واستشهد في واقعة الطف .
لذا تحمل هذه المواكب المعزية في الأيام العشرة الأولى هذه
( الحجلة ) والتي ترمز لمراسيم الزفاف المتعارف عليها عند القدماء .
ومن الجدير بالذكر إن هذه المواكب والهيئات الحسينية
قد طالها ظلم اللانظام المقبور ،
وبعد أن مَنَّ الله سبحانه وتعالى على هذا البلد وهذا الشعب
بالخلاص من الطغمة البعثية التي جثت عقوداً عديدة على صدور العراقيين ، محاربة إيّاهم حتى بمعتقداتهم وشعائرهم بل كانت
تعدُّ عليهم حتى الأنفاس التي يتنفسونها .
بدأت تلك الأطراف والأصناف والهيئات بإعادة كل شعائرها
وطقوسها في جوٍّ من الحرية والأمان .
ونتيجة لتوسع مدينة كربلاء المقدسة وازدياد عدد سكانها
واتساع رقعتها الجغرافية تولدت مواكب للعزاء جديدة لتضاف
الى تلك المواكب القديمة ومنها موكب عزاء مدينة العباس
( عليه السلام ) وموكب عزاء الجمعية وموكب
عزاء الإسكان ومواكب أخرى كثيرة .











لمزيد من التفاصيل عن الموضوع
اضغط هنا
تعليق