بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الهي البستني الذنوب ثوب مذلتي..
من السبل الجميلة جداً للتسامي بالنفس وفيها تتوضح حلاوة اللقاء بالله سبحانه وتعالى هي تلك التي اتخذها الامام زين العابدين (عليه السلام) في مناجاته المعروفة..
فانّك حين تذكر اسم المناجاة تحسّ بأنّ هناك علاقة جميلة ورائعة بين العبد وربّه، وحين تتمعّن بهذه الكلمة اللطيفة تجدها توحي لك بأن هناك أنس يحصل بين الداعي وربّه وخاصة انك تكون في حالة إنفراد في كلّ شيء وتتجرّد من كلّ علائق الدنيا فتنسلخ عنها وتجوب في أجواء روحانية جميلة تأخذك الى أبعد مما تتصوره حتى انّك بعدها تحسّ بأنّ أعباءً قد زالت كانت قد أثقلت كاهلك وكادت أن تقصم ظهرك..
فهي حالة شبيهة بلجوء الطفل الى أبيه ليعترف له بخطئه ويكون عادة في حالة إنكسار مصحوبة بالبكاء، فيرتمي بحضنه معترفاً مقرّاً بخطئه واعداً إياه بعدم العود مرّة ثانية راجياً منه مسامحته ومتناسياً لذنبه وخطئه..
عارفاً بأنّ هذا الحضن لن يخذله أبداً..
فكيف بربّ الأرباب وهو الرؤوف الرحيم اللطيف بعباده..
فليس للعبد إلاّ أن يلتجئ اليه راجياً رحمته طامعاً بكرمه ومغفرته، ويتجسد هذا في إحدى مناجاة سيد الساجدين (عليه السلام) من خلال مناجاة التائبين..
ويُستظهر هذا المعنى من خلال أول كلمة ننطقها من هذه المناجاة وهي (الهي)، فالنطق بها يدلّ على الانكسار واللجوء اليه تعالى من خلال ما يتبعها من كلمات تبيّن هذا المعنى..
مقرّاً الداعي بهذه الكلمة بعلوّ الخالق (عزّ وجلّ) وهو الذي لا يصفه الواصفون ولا يدرك كنهه العارفون، وفي نفس الوقت يعترف بدنوّ نفسه وحقارتها أمام بارئه مهما إزداد جاهاً ومالاً وحسباً وجسماً، فهو يبقى ذلك المخلوق الممكن الذي يمكن أن ينسفه ربّه نسفاً ويجعله نسياً منسياً وبالتالي مآله الى خالقه.. فهو بهذه الكلمة يكون العبد قد أقرّ بعبوديته لخالقه، ذليلاً حقيراً جاثياً على ركبتيه معترفاً بكلّ ذلك..
وهو مع ذلك قد عصاه، فأين المهرب منه إلاّ اليه، وهذا ما يشعر به الداعي عند قوله حقيقة (الهي) النابعة من القلب لتذيب تلك الشوائب من المعاصي والذنوب الدخيلة على هذا القلب الذي خُلق ليكون محلاً وبيتاً لله تبارك وتعالى، لا تلك الحروف الجوفاء الخالية من كلّ هذه المعاني فلا تؤثر في القلب أيّ تأثير يُذكر..
وهذه المعاصي لا يمكن أن تزول من غير أن يغفرها الله تعالى لنا، لذا جعل لنا منفذاً ندخل من خلاله، هذا المنفذ هو التوبة..
فباب التوبة هو باب من أبواب الرحمة الإلهية الذي فتحه الله تبارك وتعالى لعباده ليلجؤوا اليه كلّما غفلوا وزاغت أبصارهم عن الحق، ولولاه ما زكى أحد إلاّ ما رحم ربي..
فما دام قد وُجد هذا الباب فلنسرع لطرقه قبل فوات الأوان عسى أن تفتح لنا أبواب الرحمة والمغفرة لنكون من الناجين الفائزين..
وبعد الاستشعار بهذه الكلمة العظيمة ذكر الامام من خلال مناجاته الرائعة هذه العبارة (ألبستني الخطايا ثوب مذلّتي)..
اللباس عادة يُتخذ للستر والتزيّن والتجمّل حتى انّ البعض يتفاخر ويتمايز بهذا اللبس عن غيره، ومما تجدر الإشارة اليه هو انّ هذا اللباس من الأمور التي تلازم الانسان طوال حياته، لا يمكن أن يتخلّى عنه بالظروف الاعتيادية..
من هنا نعلم الاستعارة لهذه المفردة التي اتخذها الامام (عليه السلام)، فهو تعبير عن انّ هذه الخطايا قد صنعت ثوباً للعاصي ملازمة له لا تفارقه، وهذا الثوب لا يمكن التفاخر به بل على العكس فهو سبب للذلة والاستكانة، فيحاول من خلال هذا الاعتراف أن يبدل هذا اللباس بلباس التقوى والصلاح ((وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ))الأعراف : 26..
فبهذه الفقرة من المنجاة يستشعر الداعي بأنّ هذه الخطايا هي مبعدة عن الله سبحانه وتعالى ومقربة الى الشيطان، فتجعل القلب يسوده الظلام بدل النور، وهو يعلم بها لذلك يلجأ الى من يستطيع أن يغفرها له، ولا يتم إلاّ بالاعتراف والاقرار بها والتعاهد بعدم العود الى ارتكابها، ليتخلّص من ذلّها حتى تسمو نفسه وتزكو وترقى في سلّم الكمالات التي أرادها الله سبحانه وتعالى لها..
نسأل الله تعالى لنا ولكم لباس العزّة والتقوى
والحمد لله ربّ العالمين
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الهي البستني الذنوب ثوب مذلتي..
من السبل الجميلة جداً للتسامي بالنفس وفيها تتوضح حلاوة اللقاء بالله سبحانه وتعالى هي تلك التي اتخذها الامام زين العابدين (عليه السلام) في مناجاته المعروفة..
فانّك حين تذكر اسم المناجاة تحسّ بأنّ هناك علاقة جميلة ورائعة بين العبد وربّه، وحين تتمعّن بهذه الكلمة اللطيفة تجدها توحي لك بأن هناك أنس يحصل بين الداعي وربّه وخاصة انك تكون في حالة إنفراد في كلّ شيء وتتجرّد من كلّ علائق الدنيا فتنسلخ عنها وتجوب في أجواء روحانية جميلة تأخذك الى أبعد مما تتصوره حتى انّك بعدها تحسّ بأنّ أعباءً قد زالت كانت قد أثقلت كاهلك وكادت أن تقصم ظهرك..
فهي حالة شبيهة بلجوء الطفل الى أبيه ليعترف له بخطئه ويكون عادة في حالة إنكسار مصحوبة بالبكاء، فيرتمي بحضنه معترفاً مقرّاً بخطئه واعداً إياه بعدم العود مرّة ثانية راجياً منه مسامحته ومتناسياً لذنبه وخطئه..
عارفاً بأنّ هذا الحضن لن يخذله أبداً..
فكيف بربّ الأرباب وهو الرؤوف الرحيم اللطيف بعباده..
فليس للعبد إلاّ أن يلتجئ اليه راجياً رحمته طامعاً بكرمه ومغفرته، ويتجسد هذا في إحدى مناجاة سيد الساجدين (عليه السلام) من خلال مناجاة التائبين..
ويُستظهر هذا المعنى من خلال أول كلمة ننطقها من هذه المناجاة وهي (الهي)، فالنطق بها يدلّ على الانكسار واللجوء اليه تعالى من خلال ما يتبعها من كلمات تبيّن هذا المعنى..
مقرّاً الداعي بهذه الكلمة بعلوّ الخالق (عزّ وجلّ) وهو الذي لا يصفه الواصفون ولا يدرك كنهه العارفون، وفي نفس الوقت يعترف بدنوّ نفسه وحقارتها أمام بارئه مهما إزداد جاهاً ومالاً وحسباً وجسماً، فهو يبقى ذلك المخلوق الممكن الذي يمكن أن ينسفه ربّه نسفاً ويجعله نسياً منسياً وبالتالي مآله الى خالقه.. فهو بهذه الكلمة يكون العبد قد أقرّ بعبوديته لخالقه، ذليلاً حقيراً جاثياً على ركبتيه معترفاً بكلّ ذلك..
وهو مع ذلك قد عصاه، فأين المهرب منه إلاّ اليه، وهذا ما يشعر به الداعي عند قوله حقيقة (الهي) النابعة من القلب لتذيب تلك الشوائب من المعاصي والذنوب الدخيلة على هذا القلب الذي خُلق ليكون محلاً وبيتاً لله تبارك وتعالى، لا تلك الحروف الجوفاء الخالية من كلّ هذه المعاني فلا تؤثر في القلب أيّ تأثير يُذكر..
وهذه المعاصي لا يمكن أن تزول من غير أن يغفرها الله تعالى لنا، لذا جعل لنا منفذاً ندخل من خلاله، هذا المنفذ هو التوبة..
فباب التوبة هو باب من أبواب الرحمة الإلهية الذي فتحه الله تبارك وتعالى لعباده ليلجؤوا اليه كلّما غفلوا وزاغت أبصارهم عن الحق، ولولاه ما زكى أحد إلاّ ما رحم ربي..
فما دام قد وُجد هذا الباب فلنسرع لطرقه قبل فوات الأوان عسى أن تفتح لنا أبواب الرحمة والمغفرة لنكون من الناجين الفائزين..
وبعد الاستشعار بهذه الكلمة العظيمة ذكر الامام من خلال مناجاته الرائعة هذه العبارة (ألبستني الخطايا ثوب مذلّتي)..
اللباس عادة يُتخذ للستر والتزيّن والتجمّل حتى انّ البعض يتفاخر ويتمايز بهذا اللبس عن غيره، ومما تجدر الإشارة اليه هو انّ هذا اللباس من الأمور التي تلازم الانسان طوال حياته، لا يمكن أن يتخلّى عنه بالظروف الاعتيادية..
من هنا نعلم الاستعارة لهذه المفردة التي اتخذها الامام (عليه السلام)، فهو تعبير عن انّ هذه الخطايا قد صنعت ثوباً للعاصي ملازمة له لا تفارقه، وهذا الثوب لا يمكن التفاخر به بل على العكس فهو سبب للذلة والاستكانة، فيحاول من خلال هذا الاعتراف أن يبدل هذا اللباس بلباس التقوى والصلاح ((وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ))الأعراف : 26..
فبهذه الفقرة من المنجاة يستشعر الداعي بأنّ هذه الخطايا هي مبعدة عن الله سبحانه وتعالى ومقربة الى الشيطان، فتجعل القلب يسوده الظلام بدل النور، وهو يعلم بها لذلك يلجأ الى من يستطيع أن يغفرها له، ولا يتم إلاّ بالاعتراف والاقرار بها والتعاهد بعدم العود الى ارتكابها، ليتخلّص من ذلّها حتى تسمو نفسه وتزكو وترقى في سلّم الكمالات التي أرادها الله سبحانه وتعالى لها..
نسأل الله تعالى لنا ولكم لباس العزّة والتقوى
والحمد لله ربّ العالمين
تعليق