بسم الله الرحمن الرحيم
نختلف مع مخالفينا في قراءة التاريخ فنتج من هذه القراءات مواقف من الموالاة والمعاداة لاشخاص بعينهم بناء على تقييم مواقف هذه الشخصيات فمن المؤرخين من يسوق الاحداث بطريقة تجعل الشخصية التاريخية خالية من الأخطاء وتصرفاتها لها مبرراتها الشرعية ومنهم من يسوق الاحداث بطريقة مخالفة والسبب في ذلك عدم حيادية المؤرخ بسبب اتجاهه المذهبي فهو يؤرخ للاحداث بعقلية مبنية بحب او بغض الشخص المؤرخ له هذا أولا وثانيا ان التاريخ هو مجموعة من الوقائع المروية وهؤلاء الرواة تختلف اتجاهات المؤرخين في تقييمهم وبعبارة فنية انهم يختلفون في معايير الجرح والتعديل فالوقائع التي وقعت في زمان النبي صلى الله عليه واله والفترة التي تلت وفاته صلى الله عليه واله رواها الصحابة وهنا ااختلف المؤرخون فذهب بعضهم للقول بعدالة جميع الصحابة بغض النظر عما شجر بينهم وبالتالي تكون جميع رواياتهم مقبولة عند هؤلاء بينما هناك مؤرخون يخضعون الصحابة لموازين الجرح والتعديل حالهم حال باقي الرواة .والخلاصة هناك العديد من العوامل التي تؤثر في اختلافنا مع غيرنا في قراءة التاريخ ومن ضمن هذه الأمور مسالة رفض امير المؤمنين عليه السلام بيعة الناس له بعد هلاك الخليفة عثمان وقد كتب الكثير حول هذه المسألة ومنها انهم أرادوا مبايعة امير المؤمنين عليه السلام على الحكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه واله وسيرة الشيخين وهذا ما رفضه عليه السلام وقبلها بعد ان تنازلوا عن هذا الشرط يقول الشيخ السبحاني في جواب الشبهة في كتابه حوارات مع الشيخ الدرويش:
((إنّ الذين أرادوه على البيعة هم الذين بايعوا الخلفاء السابقين، وكان عثمان منهم، وقد منع حقّ كثير منهم في العطاء، فلمّا قُتِل قالوا لعلي (عليه السلام) : نبايعك على أن تَسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر لأنّهما لا يستأثران بالمال لأنفسهما ولا لأهلهما فطلبوا من علي(عليه السلام) البيعة على أن يسير بسيرتهما، فاستعفاهم وسألهم أن يطلبوا غيره ممّن يسير بسيرتهما، ثم ذكر عدم قبوله في ذيل كلامه وهو «إنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول، وان الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت» مشيراً إلى أنّ الشبهة قد استولت على العقول والقلوب، وجهل أكثر الناس محجّة الحق، ففي مثل هذه الظروف لا أقدر ان أسير فيكم بسيرة الرسول في أصحابه مستقلاًّ بالتدبير، لفساد أحوالكم، وتعذر صلاحكم.))
ومما يؤيد هذا القول هذه الرواية:
فقد روى ابن حزم في المحلى 4 : 270 من طريق سفيان بن عيينه عن جعفربن محمد عن أبيه قال : اعتل عثمان وهو بمنى فأتى علي فقيل له : صلى بالناس فقال : إن شئتم صليت لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ يعني ركعتين قالوا : لا ، إلا صلاة أميرالمؤمنين (يعنون عثمان) أربعا فأبى.
فلاحظ اخي القارئ الكريم كيف ان الناس رفضت سنة النبي صلى الله عليه واله واصروا على متابعة الخليفة الذي قتلوه بعد ذلك!!!!
فهذا هو حال المجتمع الذي أراد مبايعة امير المؤمنين عليه السلام فياترى ايقبل الامام عليعه السلام بيعتهم وقد رفض مجرد صلاة ارادوها على خلاف الشرع؟
فرفض امير المؤمنين عليه السلام نتيجة طبيعية لبيعة هؤلاء فهو اما يحكم بما انزل الله تعالى والا فلا حاجة له بحكومة تستن بسنة هؤلاء واما الامامة بمعناها القراني فهي ثابته له لم تسلب منه حتى يعيدها له هؤلاء ببيعتهم.
تعليق