سنّي تشيّع بعد أن اُصيب ببلاء في منامه ومن جرّائه
أيقن بصحّة مذهب الشيعة الإماميّة
في كتاب (الحبل المتين في معجزات أمير المؤمنين) عن جماعة من الثقات عن رجل كان في بغداد، قال: كنت في أكثر الأوقات أتردّد في قرى بغداد... واتّجر، وكنت في بعض الأيام قاصداً قريةً في طلب مالي، فرأيت فارساً متوجّهاً إليها أيضاً، فأوصلت نفسي إليه، فسألته عن مقصده، فأشار إلى قرية، فصاحبته، ورأيته قد شدّ فمه بلثام، فسئلته عن ذلك، فقال: لوجع في أضراسي.
فلمّامشينا قليلا سئلني أنت من أهل بغداد، أو من أهل القرى؟ فقلت: من أهل القرى، فقال: فأنت شيعي؟ قلت: لا، أنا حنفي المذهب، وأنا من المسلمين.
ـ فقال تتّقي منّي؟ لا تخف، فأخذ في لعن الثلاثة.
ـ فقلت له كيف ذلك، وأنت من أهل هذا البلد؟ ومن المسلمين، وتتكلّم بهذه الكلمات؟
ـ فقال: وكيف لا ألعنهم، ثمّ كشف اللثام عن فمه، فرأيت شفتيه قد فنيتا بالمرّة، وله وجه مهيب.
ـ فقلت: ماهذه الهيئة القبيحة، ولم صرت هكذا؟
فقال: لمحبّتهم، ثمّ شرع في قصّته، فقال: إنّ لي أخاً أكبر منّي وقد ذهب إلى الموصل، وبقي فيها خمس سنين، واختلط مع الشيعة فصار شيعيّاً، فلمّا اطّلعت على ذلك استولى عليّ الغضب ففارقته، فلمّا جاء شهر رمضان قلت في نفسي هذا أخوك فقير، ولا مال له، وأنت غنيّ، وهو وإن كان على خلاف مذهبك لكنّه فقير، فرحمته وطلبته وقلت له: كن ضيفاً لي في هذا الشهر المبارك فأجابني.
وكان إذا أتى السائل وطلب شيئاً بمحبّة الثلاثة أعرض بوجهه عنه، وتغافل عن سؤاله، وإذا طلب السائل بمحبّة عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) يناوله الخبز والحلوى، فعلمت أنـّه يكره أسماءهم، حتّى كان في بعض الأيّام أتى سائل وطلب شيئاً بمحبّة عليّ ابن أبي طالب(عليه السلام) فعزم على أن يعطيه الخبز والحلوى، فلطمته على فمه، فملأ دماً. وجعلت اسبّه كثيراً، وقلت له: كيف إذا سمعت أسماء الثلاثة أعرضت بوجهك؟ وإذا سمعت اسم عليّ بن أبي طالب لا تدري من أيّ جهة تناول السائل، وتعطيه النائل، فهجرته، وابعدته عنّي، وكنت مغموماً لذلك.
فلمّا هجعت([1]) رأيت كأنّ القيامة قد قامت، وغلبني العطش حتّى تدلّى لساني من فمي فأتلظّى منه، وإذابجماعة نورانيّين سألوني عن حالي، فقلت: أنا في غاية الجهد من العطش، فقالوا: هاهنا عليّ بن أبي طالب عن قرب منك يسقي الناس فذهبت، فرأيت شخصاً بيده جام وعنده قريب من ثمانية آلاف انسان واقفون وهو يسقيهم...([2]) فدنوت وقلت يا مولاي اسقني شربة من هذا الماء، فإنّي عطشان، فأعرض بوجهه عنّي.
فقلت: يامولاي أنا من مواليك، فقال: لستَ بمحبّ، وهذا الماء حرام على غير المحبّ. إذهب إلى الأوّل([3]) حتّى يسقيك، فقلت: لا أدري أين مكانه، فدلّني عليه، فلمّا يئست منه قصدت الصوب([4]) الذي دلّني عليه، فلمّا واخيته([5]) رأيته في النار مشتعلا، فدنوت وطلبت منه الماء. فسبّني سبّاً كثيراً، وقال: أنا في النار وأين الماء.
فرجعت إليه(عليه السلام)، وحكيت له القضيّة فقال: إذهب إلى الثاني ودلّني عليه، فذهبت إليه فرأيته أسوء حالا من الأوّل، فلمّا سألت منه أخذ أيضاً في سبّي.
فرجعت ثانياً إلى حضرته فقال(عليه السلام): إذهب إلى الثالث، ودلّني عليه، وكان أمره مثلهما، فرجعت فقلت: إنـّهم لم يجيبوني فاسقني، فقال: لست بمأذون أن أسقيك، فاشرب أنت بنفسك، فلمّا ذهبت لآخذ الماء رأيت الحوض يعلو، وتقصر يدي عنه.
فقلت: ياعليّ، إنّ يدي تقصر عنه، فقال: إنّ الله حرّمه عليك فلن تقدر أن تشرب منه. إذهب إلى الثاني وقل له: إنّ عليّ بن أبي طالب بعثني إليك لتسقيني، فذهبت إليه، فلمّا رآني قال: لماذا جئت؟ قلت: إنّ عليّ بن أبي طالب بعثني إليك لتسقيني.
فقال: أسقيك على أن تغمض عينيك، وتفتح فاك، ففعلت، فصبّ في فمي كفّاً من النار فاحترق جميع شفّتي كما ترى وشرع في سبّي، فانتبهت مذعوراً فزعاً، ورأيت شفتيّ قد فنيتا بالمرّة، فقمت وذهبت إلى بيت أخي، وسألت عنه فقيل لي ذهب إلى بعض أحبّائه للهمّ الذي أدخلتَه عليه، فذهبت إليه وناديته، فلمّاخرج ورآني على هذه الحالة بكى وسألني عن السبب فحكيت له، وآمنت على يده([6]).
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ هجع: نام بالليل.
[2] ـ قال(صلى الله عليه وآله): عليّ صاحب حوضي يوم القيامة. مناقب سيدنا عليّ ص38 ط الهند.
[3] ـ يريد به أبا بكر بن أبي قُحافة، أوّل من تقدّم على الإمام(عليه السلام) في الخلافة وحلّ محلّه(عليه السلام).
[4] ـ الجهة.
[5] ـ قصدته وتوجهت اليه.
[6] ـ دار السلام.
تعليق