حسن بن عليّ الوشا البجلي الواقفي([1])
الكوفي المعروف بابن بنت الياس الصيرفي
إعتنق مذهب الشيعة الإماميّة لما شاهد من براهين الإمامة من الإمام عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام)، الثامن من أئمـّة الشيعة الإماميّة.
حدّث الحسن بن عليّ الوشا قال شخصت إلى خراسان ومعي حلل وشيء للتجارة، فوردت مدينة (مرو) ليلا وكنت أقول بالوقف على موسى(عليه السلام)، فوافاني في موضع نزولي غلام اسود كأنه من أهل المدينة فقال لي: سيّدي يقول لك: وجّه اليّ بالحبرة التي معك لأكفن بها مولى لنا قد توفي.
فقلت له: ومن سيّدك؟ فقال: عليّ بن موسى(عليه السلام) فقلت: ما معي حبرة، ولا حُلّة إلاّ وقد بعتها في الطريق.
فمضى ثمّ عاد اليّ فقال: يقول سيّدي بلى قد بقيت الحبرة عندك فحلفت له أنّي ما اعلمها معي. فمضى وعاد الثالثة فقال: هي في عرض السفط الفلاني.
فقلت في نفسي: أن صحّ قوله فهي دلالة واضحة على إمامته وكانت ابنتي دفعت إليّ حبرة وقالت: أبتع لي بثمنها شيئاً مِن الفيروزج والشبه([2]) من خراسان فانسيتها، فقلت لغلامي هات هذا السفط الذي ذكره، فأخرجه اليّ وفتحه، فوجدت الحبرة في عرض ثياب فيه فدفعتها اليه، وقلت: لا آخذ لها ثمناً.
فعاد إليّ فقال: يقول سيّدي تهدي لنا ما ليس لك هذه الحبرة دفعتها إليك ابنتك فلانة وسألتك بيعها، وأن تبتاع لها بثمنها فيروزجاً وشبهاً. فاشترِ لها بهذا ما سألت، ووجّه مع الغلام الثمن الذي يساوي الحبرة بخراسان.
فتعجبتُ ممّا ورد عليّ وقلت: فو الله لأكتبنَّ له مسائل أنا شاك فيها، ثُمّ لأمتحنه في مسائل سئل ابوه عنها، فاثبتّ تلك المسائل في درج([3]) وغدوت بابه، والمسائل في كمّي ومعي صديق لي مخالف لا يعلم شرح هذا الأمر.
فلمّا وافيت بابه رأيت العرب والقوّاد والجند والموالي يدخلون إليه. فجلست ناحية وقلت في نفسي، متى أصل إلى هذا، وأنا مفكّر، وقد طال قعودي، وهممْت بالإنصراف، إذ خرج خادم يتصفح الوجوه، ويقول: أين ابن بنت الياس العنوي؟
فقلت: ها أنا ذا، فأخرج من كمّه درجاً([4]) ويقول هذا جواب مسائلك وتفسيرها. ففتحته فإذا هو تفسير ما معي في كمّي.
فقلت: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد الله ورسوله على نفسي إنك حجة الله، واستغفر الله واتوب إليه مما كنت عليه، وقمت. فقال لي رفيقي إلى أين تسرع؟ فقلت: قد قضيت حاجتي في هذا اليوم، وأنا أعود للقائه بعد هذا...([5])
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ الواقفية: فرقة من الشيعة وقفت في الإمامة على الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام) وقالت أنـّه حيّ لم يمت، ولا نعرف اليوم أحّداً منها. قال فخر الدين الطريحي(رحمه الله): والسبب الذي من اجله قيل بالوقف هو أنـّه مات(عليه السلام) وليس من قوّامه أحد إلاّ وعنده المال الكثير، وكان ذلك سبب وقوفهم وجحودهم لموته، والطمع في حطام الدنيا ادّى إلى القول بالوقف وجحودالمفترض الطاعة.
نعوذ بالله من الضلال ومن العمى بعد الرشاد. وعن الإمام الرضا(عليه السلام): إن الزيديّة والواقفيّة والنصاب بمنزلة واحدة. الرضوي: وحقّاً ما قال(عليه السلام) وكل كلامه حق، قال الله تعالى (فماذا بعد الحق إلاّ الضلال فانّى تصرفون) يونس: 32.
[2] ـ الشبه بالتحريك: النحاس الأصفر.
[3] ـ الدَرج: الذي يُكتب.
[4] ـ اي كتاباً مطوياً.
[5] ـ اثبات الوصية.
تعليق