فالتفت معاوية الى مروان وعمرو وقال : والله ما جَرّأها عَلَي غيركما ولا أسمعني هذا الكلام غيركما ، ثم قال : يا خالة أقصدي ودعي أساطير النساء عنكِ .
قالت : تعطيني الفي دينار والفي دينار والفي دينار !
قال : ما تصنعين بألفي دينار ؟
قالت : أزوِّج فقراء بني الحارث بن عبدالمطلب .
قال : هي لكِ ، فما تصنعين بألفي دينار ؟
قالت : أستعين بها على شدّة الزمان وزيارة بيت الله الحرام .
قال : قد أمَرتُ بها لكِ ، قال : فما تصنعين بألفي دينار ؟
قالت : أشتري بها عيناً خرّارة في أرض خوّارة تكون لفقراء بني الحارث بن عبدالمطلب .
قال : هي لكِ يا خالة ، أما والله لو كان ابن عمّكِ علي ما أمر لكِ بها !
قالت : تذكُر عليّاً فَضّ الله فاك وأجهَدَ بلاك ، ثم علا نحيبها وبكاؤها وجَعلَت تقول :
الا يا عَين وَيحك فاسعدينا *** الا فابكي أمير المؤمنينا
رُزينا خيرَ مَن رَكبَ المطايا *** وجال بها ومن ركب السفينا
ومَن لبس النعال ومَن حَذاها *** ومَن قرأ المثاني والمُبينا
اذا استقبلت وجه أبي حسين *** رأيتَ البَدر راق الناظرينا
الا فابلغ معاوية بن حَرْب *** فلا قرّت عُيون الشامتينا
أفي الشهر الحرام فَجعَتمونا *** بخير الخلق طرّاً أجمعينا
مَضى بعد النبي فَدَته نفسي *** أبو حَسَن وخير الصالحينا
كأن الناس اذ فقَدوا عَليّاً *** نَعامٌ جال في بلد سنينا
فلا والله لا أنسى عَليّاً *** وحُسنَ صلاتهِ في الراكعينا
لقد علمت قريش حيث كانت *** بأنك خيرها حَسَبا ودينا
فلا يفَرح معاوية بن حرب *** فان بقية الخلفاء فينا
قال : فبكى معاوية ثم قال : ياخالة لقد كان كما قُلتِ وأفضَل(11).
تعليق