فأمير المؤمنين سيّد سادات أهل الدنيا و الآخرة ، و زوجته الزهراء سيّدة النساء لأنّها بضعة النبوّة ، و لحمة الرسالة ، و شمس الجلالة و دار العصمة ، و بقية النبوة ، و معدن الرحمة ، و منبع الشرف و الحكمة ، فهو السيد ابن السيد أخو السيد أبو السادة قرين السيادة و الزيادة ، فهو الوليّ الذي حُبّه أمان و بغضه هوان، ومعرفته إيقان ، و إليه الإشارة بقوله : (و لو لا فضل اللّه و رحمته) فالرحمة محمّد (صلى الله عليه وآله)، و الفضل عليّ .
دليله قوله : (قل بفضل اللّه و برحمته فبذلك فليفرحوا) يعني بدين محمد و ولاية علي ، لأنّ لأجلهما خلق الخلق ، و بهما أفاض عليه الرزق ، لأنّ كلّ ما ينظره الإنسان فهو الحسن أو الإحسان ، فالحسن هما و الإحسان لهما . أمّا الحسن دليل قوله : « أول ما خلق اللّه نوري » فهو النور الجاري في آحاد الموجودات و أفرادها ، و أمّا الإحسان فقوله : « أنا من اللّه و الكلّ منّي » فالكلّ من أجله و بأجله ، فهو الحسن و الإحسان كما قيل :
جميع ما أنظرهُ جماله***و كلّ ما خيّل لي خياله
و كلّ ما أنشقه نسيمُه***و كلّ ما أسمعه مقاله
و لي فمٌ شرّفه مديحه***و لي يدٌ كرّمها نواله
ما يعرف العشق سوى متيّم***لذلّه قيل الهوى وقاله
و ذلك لأنّه مَصدر الأشياء ، و مَن هو مَصدر الاشياء فعَودُها إليه ضرورة ، بدؤُها منك و عودها إليك ، و مَن هو المَبدأ و المَعاد فزمام الامور منوطٌ به ، فَتقُها و رَتقُها بيدك ، و مَن بيده الفتق و الرتق له الحكم و إليه ترجعون .
و لمّا طلعت شموس الأسرار من مطالع العناية ، و لمعت بوارق الأسرار من مشارق الهداية ، و عرفت أنّ الحيّ القيّوم جلّ إسمه فَضّلَ الحضرة المحمّدية أن جعل نورها هو الفيض الأول ، و جعل سائر الأنوار تشرق منها ، و تتشعشع عنها ، و جعل لها السبق الأوّل فلها السبق على الكلّ . و الرفعة على الكلّ و الإحاطة بالكلّ ، و اللّه من ورائهم محيط ، فكنت كما قيل :
تركت هوى ليلى و سعدى بمعزل***و مِلتُ الى محبوب أول منزلِ
و نادتني الأشواك ويحك هذه***منازل من تهوى فدونك فانزلِ
غزلت لهم غزلاً دقيقاً فلم أجد***له ناسجاً غيري فكسرتُ مغزلي
أو كما قيل :
نقِّل فؤادك ما استطعت من الهوى***ما الحُبُّ إلاّ للحبيب الأوّل
تعليق