الفقيه المتكلم هشام بن الحكم الشيباني الجهمي([1]) الكوفي
إعتنق مذهب الشيعة الإماميّة على يد الإمام الصادق(عليه السلام) أبي عبدالله جعفر بن محمد، الإمام السادس من أئمـّة أهل البيت(عليهم السلام)، بعد أن عجز عن الرد على اسئلة الإمام، وشاهد من هيبة الإمامة والخلافة الإهيّة ما ابهره.
روى عمر بن يزيد ما حاصله أنّ هشام بن الحكم كان يذهب مذهب الجهميّة، خبيثاً فيهم. دخل هشام على الإمام الصادق(عليه السلام)، فسأله الإمام عن مسألة حار فيها، وسأله أن يؤجّله فأجّله، فاضطرب في طلب الجواب أياماً فلم يقدر عليه ، فرجع إلى أبي عبدالله(عليه السلام) فأخبره(عليه السلام) بها. وسأله مسألة اخرى فيها فساد مذهبه. فخرج هشام مغتّما متحيّراً.
قال: فبقيت أيّاماً لا افيق من حيرتي، ثمّ سأل الإذن على الإمام، فقال(عليه السلام): لينتظرني في موضع سمّاه بالحيرة.
فسرّ هشام بذلك وسبقه إلى الموضع. قال: فأقبل(عليه السلام) على بغلة فلمّا قرب منّي هالني منظرة وارعبني، حتى بقيت لا اتفوّه، ولا ينطق لساني، ووقفت مليّا، وكان وقوفه لا يزيدني إلاّ تهيّبا وتحيّراً. فلمّا رأى ذلك منّي ضرب بغلته وسار، وعلمت انّ ما اصابني لم يكن إلاّ لأمر من الله. قال: فانصرف هشام إلى أبي عبدالله(عليه السلام)وترك مذهبه، ودان بدين الحق([2]).
(حوار بين هشام وعمرو بن عبيد المعتزلي في وجوب نصب الإمام)
ـ قال هشام: دخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجدها، فإذا انا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد... والناس يسألونه فاستفرجت الناس فافرجوا لي...
ـ قلت: أيّها العالم إنّي غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال لي: نعم.
ـ فقلت له: ألك عين؟ فقال لي: يا بني ايّ شيء هذا من السؤال، وشيء تراه كيف تسأل عنه؟؟
ـ فقلت: هكذا مسألتي. فقال: يا بني سل وان كانت مسألتك حمقاء. قلت: أجبني فيها. قال: سل.
ـ قلت ألك عين؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع بها؟ قال: أرى بها الألوان والأشخاص. قلت: ألك انف؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع به؟ قال: أشمّ به الرائحة . قلت: ألك فم؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: اذوق به الطعم. قلت: فلك اُذن؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع بها؟ قال: اسمع بها الصوت.
قلت ألك قلب؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟
ـ قال: اميّز به كلّ ما ورد على هذه الجوارح والحواس.
ـ قلت: أو ليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ قال: لا.
ـ قلت: وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة؟
ـ قال: يا بنيّ إنّ الجوارح إذا شكّت في شيء شمّته، أو رأته، أو ذاقته، أو سمعته ردّته إلى القلب، فيستقين اليقين ويبطل الشك.
ـ قال هشام: فقلت له: فإنّما أقام الله القلب لشكّ الجوارح؟
ـ قال: نعم. قلت لابدّ للقلب، وإلاّ لم تستيقن الجوارح؟ قال: نعم.
فقلت له: يا أبا مروان، فالله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماماً يصحّ لها الصحيح، وتتيقّن به ما شككتَ فيه، ويترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم وشكّهم وإختلافهم، لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم وحيرتهم، ويقيم لك إماماً لجوارحك تردّ إليه حيرتك وشكّك؟ فسكت...
ـ قال هشام: ثمّ ضمّني إليه، وأقعدني في مجلسه، وما نطق حتى قمت...([3]).
مؤلفات هشام وآثاره العلميّة:
1ـ الردّ على من قال بإمامة المفضول 2ـ الردّ على الزنادقة 3ـ الردّ على ارسطاطاليس في التوحيد 4ـ الردّ على المعتزلة وطلحة والزبير 5ـ الردّ على شيطان الطاق 6ـ الردّ على أصحاب الاثنين 7ـ الردّ على هشام الجواليقي 8ـ الردّ على أصحاب الطبايع 9ـ الوصية والردّ على منكريها 10ـ إختلاف الناس في الإمامة 11ـ المجالس في الإمامة 12ـ الدلالة على حدوث الاجسام (الأشياء) 13ـ علل التحريم 14ـ الفرائض 15ـ الإمامة 16ـ التوحيد 17ـ الجبر 18ـ القَدَر 19ـ الاستطاعة 20ـ الحكمين 21ـ الأخبار 22ـ الألفاظ 23ـ المعرفة 24ـ الميزان 25ـ التدبير 26ـ التمييز وإثبات الحجج على من خالف الشيعة 27ـ تفسير ما يلزم العباد الإقرار به([4]) وغيرها.
ولد هشام; بالكوفة، وانتقل إلى بغداد. قيل: مات سنة 199 قال ابن شهر آشوب كان ممن فتق الكلام في الإمامة وهذّب المذهب بالنظر، ورفعه الصادق(عليه السلام)في الشيوخ وهو غلام وقال: هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده.
وقوله(عليه السلام): هشام بن الحكم رائد حقنا، وسائق قولنا، المؤيّد لصدقنا، والدافع لباطل اعدائنا، من تبعه وتبع أثره تبعنا، ومن خالفه والحد فيه فقد عادانا وألحد فينا([5]).
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ الجهمي الذي يقول بمعرفة الله وحده، ليس الايمان شيء غيره (مجمع البحرين) .
[2] ـ اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات عن رجال الكشي.
[3] ـ الكافي.
[4] ـ فهرست أسماء مصنفي الشيعة، معالم العلماء.
[5] ـ معالم العلماء.
تعليق