بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى ان الاصل الاصيل عن ابن تيمية واتباعة هو ان العبادات توقيفية لا يجوز الزيادة فيها وتعتبر بدعة فيقول في هذا المجال:"فَباسْتِقْرَاء أُصُولِ الشَّرِيعَةِ نعلَم أَنَّ الْعِبَادَاتِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ أَوْ أَحَبهَا لَا يَثْبُتُ الْأَمْرُ بِهَا إلَّا بِالشَّرْعِ، وَأَمَّا الْعَادَاتُ فَهِيَ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ فِي دُنْيَاهُمْ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إلَيْه، وَالْأَصْلُ فِيهِ عَدَمُ الْحَظْرِ، فَلَا يَحْظُرُ مِنْهُ إلَّا مَا حَظَرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ هُما شَرَع اللَّهُ تَعَالَى، وَالْعِبَادَةُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَأْمُورًا بِهَا، فَمَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مَأْمُورٌ كَيْفَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ؟ وَمَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْ الْعَادَاتِ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَيْفَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَحْظُورٌ؟
وَلِهَذَا كَانَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ يقُولُون: إَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَاتِ التَّوْقِيفُ، فَلَا يُشْرَعُ مِنْهَا إلَّا مَا شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِلَّا دَخَلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) انتهى.(1)
ويقول أيضاً: (وأما قول القائل أسألك أو أقسم عليك بحق ملائكتك أو بحق أنبيائك أو بنبيك أو بالبيت الحرام ونحو ذلك فهذا النوع من الدعاء لم ينقل عن النبي ولا أصحابه ولا التابعين لهم بإحسان). (2)
إذاً لا يجوز التصرف بالعبادة بزيادة او نقيصة، لانه لم يات عن رسول الله صلى الله عليه واله.
ولا ريب ان الدعاء عبادة فلا يجوز بناء على ما تقدم الزيادة فيه يقول ابن تيمية في هذا المجال: (( لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا علي الهوى والابتداع… فليس لأحد أن يسن للناس نوعاً من الأذكار والأدعية غير المسنون ويجعلها عبادة راتبة يواظب عليها الناس كما يواظبون على الصلوات الخمس هذا ابتداع دين لم يأذن الله به… وأما اتخاذ ورد غير شرعي واستنان ذكر غير شرعي فهذا مما ينهى عنه ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار غاية المطالب ونهاية والمقاصد العلية ولا يعدل عنها إلي غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد )) (3).ا هـ
لكن لنا ان نسأل ان كانت العبادات توقيفية فما وجه فعل عمر في سنة لصلاة التراويح وهذه القضية وانة كانت غنية عن الاثبات لكن اكتفي بذكر بعض المصادر لها فقد نقل اليعقوبي في تاريخه وقال:
وفي هذه السنة سن عمر قيام شهر رمضان وكتب بذلك الى البلدان وامر أبي بن كعب وتميما الداري ان يصليا بالناس فقيل له في ذلك: ان رسول الله لم يفعله وان بابا بكر لم يفعله. فقال: ان تكن بدعة فما احسنها من بدعة.(4)
وروى البخاري بإسناده عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال: خرجت مع
عمر بن الخطاب ليلة إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه،ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط. فقال عمر: إني أرى لو اجتمع هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم. قال عمر: نعم البدعة هذه.... (5).
وأخرج هو ومسلم معا بإسنادهما عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمان،عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
قال ابن شهاب: فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأمر على ذلك - عدم الجماعة في النوافل -، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر، وصدرا من خلافة عمر رضي الله عنهما (6).
وقال ابن سعد: وهو - أي عمر - أول من سن قيام شهر رمضان، وجمع الناس على ذلك وكتب إلى البلدان، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة وجعل للناس بالمدينة قارئين قارئا يصلي بالرجال، وقارئا يصلي بالنساء (7).
وقال السيوطي: وفي سنة أربع عشرة جمع عمر الناس على صلاة التراويح (8).
1.مجموع الفتاوى: 29/16-17.
2. مجموع الفتاوى: المجلد 27، صفحة 133.
3. مجموع الفتاوى: المجلد 22صفحة 510 .
4.تاريخ اليعقوبي ج2 ص96.
5. صحيح البخاري ٣: ٥٨ كتاب الصوم باب فضل من قام رمضان.
6. صحيح البخاري ٣: ٥٨ كتاب الصوم باب فضل من قام رمضان، صحيح مسلم ١: ٥٢٣كتاب الصلاة باب (٢٥) باب الترغيب في قيام رمضان، ح ١٧٤.
7.الطبقات الكبرى لابن سعد ٣: ٢٨١، وفي إرشاد الساري ٣: ٤٢٥ رواه بلفظ آخر.
8. تاريخ الخلفاء: ١٣١.
تعليق