إن الله -سبحانه وتعالى- لم يذكر في كتابه الكريم امرأة باسمِها الصَريح، إلامريم عليها السلام وهذهِ ظاهرة مُلفتة في القُرآن الكريم، فقد ورد اسمها حوالي 34 مرة.. يقول تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ).. والذي جعل مريم (عليها السلام) متميزة:
أولاً: العفة.. الكلام هُنا ليسَ عن فرعون، ولا عن زَوجٍ مُشاكس، ولا عن بيئةٍ مُزعجة، وإنّما الكلام عن العِفة.. فهذه المرأة وَصلت إلى هذا المقام؛ باستحيائها وعفتها حَملت من عالم الغيب، (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا)؛ هنيئاً لها بهذا الحَمل المُبارك!.. ولكنها مع ذلك قالت: (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا)؛ فهي لا تحتمل أن يُقال بأنّها امرأة بَغية، رَغمَ أنّها تَعلم ما هيَّ فيه.
ثانياً: الإيمان.. إن العفيفات في التأريخِ كَثيرات، ولكن مَريم ابنة عِمران عندها أيضاً بعد إيماني ومعنوي، يقول تعالىوَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)؛ أي هُناك جَو عبادي، وهُناكَ قنوت، وهناك إنابة، وهناك خضوع.. وأيضاً هُناكَ إيمان مُتغلغل عَميق في الباطن.
فإذن، إن مريم تميزت لعفتها وعبادتها المتميزة، فقد اتخذت محراباً (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)؛ أيضاً طعامها كان إلهياً، كما أن منزل آسية كانَ منزلاً إلهياً.. وبالتالي، فإن من أرادَ التميز، عليهِ: بالإنابةِ، والعِفة، والإيمان العَميق؛ ليكونَ في رَكب الصالحينَ والصالحات.
تعليق