بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِيْنَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَبِي الْقاسِمِ مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ الْطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين ..
السَّلامُ عَلَيْكُمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ..
من ينظر من خلال نوافذ التأريخ يرى نجوما لامعة في سمائه يستنير بها السائرون ويهتدي بها الضالون ويتأملها المتفكرون
ومن هذه النجوم نجم السيدة الجليلة زينب العقيلة بنت أمير المؤمنين(عليهما السلام) الذي سطع ضوءه للناظرين ولاح شعاعه أمام المبصرين .
هي زينب بنت علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، أمها فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله(صلى الله عليه وآله)
ولدت (عليها السلام) في الخامس من جمادى الأولى في السنة السادسة من الهجرة وتلقفتها أيدي المعصومين (عليهم السلام) بدءاً من أمها فاطمة الزهراء (عليها السلام) الى أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام) وانتهاءاً بسيد الكائنات والمخلوقين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد(صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين )
كان لها (عليها السلام) من الذكاء والفطنة ورجاحة العقل ما يؤهلها لتحمل المصائب والمحن منذ نعومة اظفارها وقد روي أن أباها أمير المؤمنين (عليه السلام) أجلسها وهي طفلة في حجره وأخذ يلاطفها (عليها السلام) ، فقال (عليه السلام) لها:
" يا بنية قولي : واحد "
فقالت (عليها السلام): " واحد "
فقال (عليه السلام) لها: " قولي اثنين " فسكتت،
فقال (عليه السلام) لها: " تكلمي يا قرة عيني "
فقالت (عليها السلام) : " يا أبتاه ما أطيق أن أقول اثنين بلسان أجريته بالواحد "
فضمها صلوات الله عليه إلى صدره وقبلها بين عينيها (1)
فهذه الحادثة تدل على رجاحة واتزان عقليين عندها (عليها السلام) وقوةِ فكرٍ ونضجٍ سليمٍ في عمر مبكر ، فهذا الكلام قد يغيب عن ذهن الفطن اللبيب من العلماء والمفكرين وهم في أوج مراحل فكرهم وعطائهم بينما تتفطن له هذه المرأة العظيمة وهي ما زالت في مرحلة الطفولة الظاهرية .
فزينب (عليها السلام) كانت من أولئك الذين اجتباهم الله تعالى للاضطلاع بأدوار يصعب على الكثيرين أن يؤدوا جزءاً يسيرا منها ، ومن الذين احتباهم للقيام بمهام لا يتيسر الا للخلّص القيام بها .
قال تعالى : " ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ "(2)
وقال تعالى : " تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ " (3)
يكفيها فخراً ، أن الباري جلّ وعلا قد اختار اسمها من عنده ( جلّ وعلا ) . فبعد ولادتها حملتها السيدة الزهراء (عليها السلام) الى أمير المؤمنين (عليها السلام) وقالت له :
" سمّ هذه المولودة "
فأجابها الإمام (عليه السلام) : " ما كنت لأسبق رسول الله (صلّى الله عليه وآله) "
وطلب الإمام علي(عليه السلام) من النبي (صلّى الله عليه وآله) – بعد ان عاد من سفر كان فيه - أن يسمّيها، فقال: (صلّى الله عليه وآله) :
" ما كنت لأسبق ربّي "
وهبط رسول السماء جبرائيل على النبي(صلّى الله عليه وآله) ، فقال له:
" سمّ هذه المولودة (زينب)، فقد اختار الله لها هذا الاسم "
ثم أخبر جبرئيل النبي(صلى الله عليه وآله) بما يجري عليها من المصائب , فبكى النبي(صلى الله عليه وآله) وقال :
" من بكى على مصاب هذه البنت كان كمن بكى على أخويها الحسن والحسين "(4)
____________________________________
(1) زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد - ص 48
(2) [الجمعة : 4]
(3) [البقرة : 253]
(4) وفيات الائمة - ( ص 432)
يتبع ...
تعليق