الإمامةالقرآنية لعليٍّ (ع) :
((وَالَّذِينَيَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍوَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا))ـ الفرقان ـ74
((وَإِذِابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَلِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) ـ البقرة ـ 124
والظالمونهم المشركون
((ماكان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين 67 إن أولىالناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين 68)) ـ آلعمران ـ
وردعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ، في الآية عن قول الله لإبراهيم عليهالسّلام: من سجد لصنم دوني لا أجعله إماما. وقال صلى الله عليه وآله وسلّم: وانتهتالدعوة إليّ والى أخي عليّ ، لم يسجد أحدنا لصنم قط.
ومنالأمور الثابتة هي أنّ الأرض لا تخلو من حجة لله تعالى لأنّ وجود الإنسان المعصوم هوضرورة كونية . وقوله تعالى: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ، لا يتحقق إلاّ بوجود الإمام المعصومفي كُلّ زمان ، لأنّ النبوة انقطعت وختمت بنبينا محمد)صلى الله عليه وآله وسلّم(، ولابدّإذن أن يكون استمرار الهداية على يد الإمام المعصوم .
قالتعالى : يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) سورة الإسراء :71 )، ومعنىذلك وجود إمام حقّ للمؤمنين يدعون به في يوم القيامة ويكون سبيلهم إلى الجنة ، وبخلافهأئمة الكفر يقودون أتباعهم إلى النار . ولعلّ دعوة كُلّ أناس بإمامهم على هذا الوجهكناية عن ملازمة كُلّ تابع لمتبوعة ، والباء للمصاحبة . وفي الدر المنثور عن علي (عليهمالسّلام) أنّه قالقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم) : يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّأُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) قال: يدعى كُلّ قوم بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم.
وفيتفسير البرهان عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال : ألا تحمدون الله؟ أنّه إذا كان يومالقيامة يدعى كُلّ قوم إلى من يتولونه ، وفزعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّموفزعتم أنتم إلينا.
وفيتفسير العياشي عن الإمام الصادق (ع) قال : لا يترك الأرض بغير إمام يحلّ حلال اللهويحرّم حرامه ، وهو قول الله : يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ. ثمّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية.
وأئمةالهدى قد يكونون أنبياء كالنبي إبراهيم عليهم السّلام والنبي محمد صلى الله عليه وآلهوسلّم ، وهو سيد الأنبياء والمرسلين والأئمة ، وقد يكونون غير أنبياء ، أي أوصياء الأنبياءكأمير المؤمنين علي (ع)، والأئمة الطاهرين من ولده (ع).
الإمامةالنبوية لعليِّ (ع) :
ولوأنصف الناس الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) لاكتفوا بنص الغدير وحده دون غيرهمن النصوص الكثيرة، فقد شهد بيعة يوم الغدير جل المسلمين، وشاهدوا المراسيم التي أجراهاالرسول (صلّى الله عليه وآله) في ذلك اليوم التاريخي ، ومن العجيب كيف نسيت الأمة بعدوفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) ذلك اليوم، هذا ؛ والعهد قريب ، والرسول (صلّى اللهعليه وآله) بعد لم يدفن ، والشهود الكثر حضور.
قالالخطيب البغدادي: أبو بكر احمد بن علي، المتوفى سنة: 463 هجرية، عن أبي هريرة، قال:من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا، و هو يوم غدير خم، لمّا اخذرسول الله (ص) بيد علي بن أبي طالب (ع) فقال: " ألست أولى بالمؤمنين " ؟
قالوا:بلى يا رسول الله .
قال:" من كنت مولاه فعلي مولاه " .
فقالعمر بن الخطاب: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم.
وعنرسول الله (ص)أيضاً : قال يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاهوعاد من عاداه.
وعنرسول الله (ص): قال: علي إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله.
وعنرسول الله (ص): قال: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة .... فقال علي: أنا أوليك في الدنياوالآخرة فقال: أنت ولي في الدنيا والآخرة.
وعنرسول الله (ص): قال: قال لعلي (ع) يا علي، كذب من زعم انه يحبني ولا يحبك، انا المدينةوأنت الباب ومن أين تؤتى المدينة إلا من بابها.
وعنرسول الله (ص): قال: أنا كالشمس وعلي كالقمر وأهل بيتي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم.
وعنرسول الله (ص): قال: ألا ومن أحب عليا فقد أحبني، ومن أحبني رضي الله عنه، ومن رضيالله عنه كافأه الجنة.
وعنرسول الله (ص): قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب اللهورسوله ويحبه الله ورسوله.وعن رسول الله (ص): قال: لما اسري بي إلى السماء عهد إلىربي في علي ثلاث كلمات: فقال: يا محمد، فقلت: لبيك ربي. فقال: إنَّ علياً إمام المتقين،وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين.
وعنرسول الله (ص): قال: يا علي، من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد ابغضني، ومن سبك فقدسبني، لأنك مني كنفسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي.
و ماقاله (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي (عليه السلام): يا علي أنت وصيي ووارثي وأبوولدي وزوج ابنتي .. أمرك أمري، ونهيك نهيي اقسم بالله الذي بعثني بالنبوة وجعلني خيرالبرية، انك لحجة الله على خلقه، وأمينه على سره وخليفة الله على عباده.
و قوله(ص):يا علي طوبى لمن أحبك و صدق فيك و ويل لمن بغضك و كذب فيك.
قوله(ص) : يا علياً من فارقني فقد فارق الله و من فارقك فقد فارقني .
وقوله(ص) مشيراً لعلي (ع): إنَّ هذا أخي و وصيي و خليفتي من بعدي فاسمعوا له و أطيعوا.
وروىالطبراني في المعجم الكبير عن سلمان قال: قلت: يا رسول الله لكل نبي وصي فمن وصيك ؟فسكت عني ، فلما كان بعد رآني، فقال: يا سلمان فأسرعت إليه، قلت: لبيك، قال "تعلم من وصي موسى ؟ قلت: نعم يوشع بن نون، قال: لم ؟ قلت: لأنه كان أعلمهم، قال فإنوصي وموضع سري وخير من أترك بعدي ينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب.
الإمامةالعقلية لعليِّ (ع) :
يجب أن يكون الإمام معصوما من القبائح والإخلال بالواجبات
الإمام لا إمام له ولا رئيس فوق رياسته
الاقتصاد- الشيخ الطوسي - ص 189 - 196
يجبأن يكون الإمام معصوما من القبائح والإخلال بالواجبات، لأنه لو لم يكن كذلك لكانت علةالحاجة قائمة فيه إلى إمام آخر، لأن الناس إنما احتاجوا إلى إمام لكونهم غير معصومين،ومحال أن تكون العلة حاصلة والحاجة مرتفعة، لأن ذلك نقص العلة.
ولواحتاج إلى إمام لكان الكلام فيه كالكلام في الإمام الأول، وذلك يؤدي إلى وجود أئمةلا نهاية لهم أو الانتهاء إلى إمام معصوم ليس من ورائه إمام، وهو المطلوب.
وإنماقلنا "أن علة الحاجة هي ارتفاع العصمة" لأن الذي دلنا على الحاجة دلنا علىجهة الحاجة. ألا ترى أن دليلنا في وجوب الرئاسة هو أن الفساد تقل عند وجوده وانبساطسلطانه وتكثر الصلاح، وذلك لا يكون إلا ممن ليس بمعصوم لأنهم لو كانوا معصومين لكانالصلاح شاملا أبدا والفساد مرتفعا، فلم يحتج إلى رئيس يعلل ذلك.
فبانأن علة الحاجة هي ارتفاع العصمة ويجب أن تكون مرتفعة عن الإمام وإلا أدى إلى ما بينافساده.
وليسيلزم على ذلك عصمة الأمراء والحكام وإن كانوا رؤساء، لأنهم إذا لم يكونوا معصومين فلهمرئيس معصوم، وقد أشرنا إليه فلم ينتقض علينا.
والإماملا إمام له ولا رئيس فوق رياسته، فلذلك وجب أن يكون معصوما.
فإنقالوا: الأمة أيضا من وراء الإمام متى أخطأ عزلته وأقامت غيره مقامه.
قلنا:هذا باطل، لأن علة الحاجة إلى الرئيس ليست هي وقوع الخطأ بل هي جواز الخطأ عليهم، ولوكان العلة وقوع الخطأ لكان من لم يقع منه الخطأ لا يحتاج إلى إمام، وذلك خلاف الإجماع.
ثم علىما قالوه كان يجب أن تكون الأمة إمام الإمام، وذلك خلاف الإجماع.
ومعهذا فلا يجوز أن يكون الشيء يحتاج إلى غيره في وقت يحتاج ذلك الغير إليه بعينه، لأنذلك يؤدي إلى حاجة الشيء إلى نفسه، وذلك لا يجوز.
وكلعلة تدعى في الحاجة إلى الإمام من قيامه بأمر الأمة وتولية الأمراء والقضاة والجهادوقبض الأخماس والزكوات وغير ذلك، فإن جميع ذلك تابع للشرع وكان يجوز أن يخلو التكليفالعقلي من جميع ذلك مع ثبوت الحاجة إلى إمام، للعلة التي قدمناها.
فإنقيل: لو كانت علة الحاجة ارتفاع العصمة وجب أن يكون من هو معصوم لا يحتاج إلى إماميكون لطفا له في ارتفاع القبيح من جهة وإن احتاج إليه لعلة أخرى غيرها من أخذ معالمالدين عنه وغير ذلك، كما نقوله في من هو أهل للإمامة في زمن إمام قبله أنه يجب أن يكونمعصوما وله إمام، لما قلناه من العلة لا لتقليل القبيح أو ارتفاعه من جهته.
يجب أن يكون الإمام أفضل من كل واحد من رعيته فيكونه أكثر ثوابا عند الله
ويجبأن يكون الإمام أفضل من كل واحد من رعيته في كونه أكثر ثوابا عند الله وفي الفضل الظاهر،يدل على كونه أكثر ثوابا ما بيناه من وجوب عصمته وإذا ثبتت عصمته فكل من أوجب العصمةله قطع على كونه أكثر ثوابا، لأن أحدا لا يفرق بين المسلمين.
وأيضافالإمام يستحق من التعظيم والتبجيل وعلو المنزلة في الدين ما لا يستحقه أحد من رعيته،وهذا الضرب من التعظيم والتبجيل لا يجوز أن تفضلا، بدلالة أنه لا يجوز فعله بالبهائموالأطفال، وإذا وجب أن يكون مستحقا دل على أنه أكثر ثوابا لأن التعظيم ينبئ عنه.
فإذاثبتت عصمته على ما قدمناه قطعنا على حصول هذه المنزلة عند الله من غير شرط، بخلاف ماشرطه في تعظيم بعضنا لبعض.
وأيضافقد دللنا على أن الإمام حجة في الشرع، فوجب أن يكون أكثر رعيته ثوابا كالنبي صلى اللهعليه وآله، فإنه إنما وجب ذلك فيه لكونه حجة في الشرع.
وأماالذي يدل على أنه يجب أن يكون أفضل في الظاهر ما نعلمه ضرورة من قبح تقديم المفضولعلى الفاضل.
ألاترى أنه يقبح من ملك حكيم أن يجعل رئيسا في الخط على مثل ابن مقلة ونظرائه من يكتبخطوط الصبيان والبقالين ويجعل رئيسا في الفقه على مثل أبي حنيفة والشافعي وغيرهما.
والعلمبقبح ذلك ضروري لا يختلف العقلاء فيه، ولا علة لذلك إلا أنه تقديم المفضول على الفاضلفيما كان أفضل منه فيه.
وإذاكان الله تعالى هو الناصب للإمام يجب أن لا ينصب إلا من هو أفضل في ظننا وعلمنا.
وإنماقلنا "إنه يجب أن يكون أفضل فيما هو إمام فيه" لأنه يجوز أن يكون في رعيتهمن هو أفضل منه فيما ليس هو إمام فيه ككثير من الصنائع والمهن وغير ذلك، والمعتبر كونهأفضل فيما هو إمام فيه.
وبذلكنجيب من قال: إن النبي صلى الله عليه وآله قدم عمرو بن العاص على فضلاء الصحابة وقدمزيدا على جعفر وهو أفضل منه وقدم خالدا أيضاعلى جعفر . وذلك أن كل هؤلاء إنما قدموا فيسياسة الحرب وتدبير الجيوش وهم أفضل في ذلك ممن قدموا عليه، وإن كانوا أولئك أفضل فيخصال دينية أو دنيوية، فسقط الاعتراض.
ولايجوز تقديم المفضول على الفاضل لعلة وعارض، لأن تقديمه عليه وجه قبح، ومع حصول وجهالقبح لا يحسن ذلك كما لا يحسن الظلم، وإن عرض فيه وجه من وجوه الحسن - ككونه نفعاللغير- لأن مع كونه ظلما، وهو وجه القبح لايحسن على حال.
ولوجاز أن يحسن ذلك لعلة لجاز أن يحسن تقديم الفاسق المتهتك على أهل الستر والصلاح، وتقديمالكافر على المؤمن لمثل ما قالوه، وذلك باطل.
· يجبأن يكون الإمام عالما بتدبير ما هو إمام فيه من سياسة رعيته والنظر في مصالحهم وغيرذلك بحكم العقل
· يجبأن يكون الإمام عالما بجميع الشريعة لكونه حاكما في جميعها
ويجبأن يكون الإمام عالما بتدبير ما هو إمام فيه من سياسة رعيته والنظر في مصالحهم وغيرذلك بحكم العقل.
ويجبأن يكون أيضا بعد الشرع عالما بجميع الشريعة، لكونه حاكما في جميعها.
يدلعلى ذلك أنه لا يحسن من حكيم من حكماء الملوك أن يولي وزارته والنظر في مملكته من لايحسنها أو لا يحسن أكثر من ذلك، ومتى فعل ذلك كان مضيعا لمملكته واستحق الذم من العقلاء.
وكذلكلا يحسن من أحدنا أن يوكل إنساناً على النظر في أمر ضيعته وأهله وولده وتدبير أمورهمن لا يعرف شيئا منها أو أكثرها، ومتى فعل ذلك ذموه العقلاء وقالوا له: ضيعت أمر أهلكوضيعتك والتولية في هذا الباب.
بخلافالتكليف، لأن أحدا يحسن منه أن يعرض ولده ليعلم العلوم وإن لم يحسنها ولا يحسن منهأن يجعله رئيسا فيها وهو لا يحسنها. فبان الفرق بينهما.
· لايلزم أن يكون الإمام عالما بما ليس هو إماما فيه
ولايلزم إذا قلنا أنه يجب أن يكون عالما بما أسند إليه، أن يكون عالما بما ليس هو إمامافيه كالصنائع وغير ذلك، لأنه ليس هو رئيسا فيها.
ومتىوقع فيها تنازع من أهلها ففرضه الرجوع إلى أهل الخبرة والحكم بما يقولونه.
وكلمن ولي ولاية صغرت أو كبرت كالقضاء والإمارة والجباية وغير ذلك فإنه يجب أن يكون عالمافيما أسند إليه ولا يجب أن يكون عالما بما ليس بمستند إليه، لأن من ولي القضاء لا يلزمأن يكون عالما بسياسة الجند، ومن ولي الأمارة لا يلزم أن يكون عالما بالأحكام، وهكذاجميع الولايات، ولا يلزم أيضا أن يكون عالما بصدق الشهود والمقرين على أنفسهم، لأنهإنما جعل إماما في الحكم بالظاهر دون الباطن.
· يجبأن يكون الإمام عالما بما أسند إليه في حال كونه إماما فأما قبل ذلك فلا يجب أن يكونعالما
وإنمايجب أن يكون الإمام عالما بما أسند إليه في حال كونه إماما، فأما قبل ذلك فلا يجب أنيكون عالما.
ولايلزم أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام عالما بجميع الشرع في حياة النبي صلى اللهعليه وآله، أو الحسن والحسين عليهما السلام عالمين بجميع ذلك في حياة أبيهما، بل إنمايأخذ المؤهل للإمامة العلم ممن قبله شيئا بعد شيء ليتكامل عند آخر نفس من الإمام المتقدمعليه بما أسند إليه.
ولوجاز أن يعلم الإمام كثيرا من الأحكام ويستفتي العلماء لجاز أن لا يعلم شيئا منها ويستفتيهم،وإلا فما الفرق.
والمخالفيعتبر أن يكون من أهل الاجتهاد.
ويدلأيضا على كونه عالما بجميع الشرع، أنا قد دللنا على كونه حافظا للشرع، فلو لم يكن عالمابجميعه لجوزنا أن يكون وقع فيه خلل من الناقلين أو تركوا بعض ما ليس الإمام عالما به،فيؤدي إلى أن لا يتصل بنا ما هو مصلحة، ولا تنزاح علتنا في التكليف لذلك، وذلك باطلبالاتفاق.
· يجبأن يكون الإمام أشجع رعيته
ويجبأن يكون الإمام أشجع رعيته، لأنه فيهم والمنظور إليه، فلو لم يكن أشجع لجاز أن ينهزمفينهزم بانهزامه المسلمون، فيكون فيه بوار المسلمين والإسلام، فإذا يجب أن يكون أشجعهموأربطهم جأشا وأثبتهم قلبا.
غيرأن هذا يجب مع فرض العباد بالجهاد، فأما إن لم يكن متعبدا بالجهاد فلا يجب مع فرض ذلك.
· يجبأن يكون الإمام أعقل رعيته
ويجبأن يكون الإمام أعقل رعيته، والمراد بالأعقل أجودهم رأيا و أعلمهم بالسياسة.
يجب أن يكون الإمام على صورة غير منهرة ولا مشينة
ويجبأن يكون على صورة غير منهرة ولا مشينة، ولا يلزم أن يكون أحسن الناس وجها.
· يجبأن يكون الإمام منصوصا عليه
ويجبأن يكون منصوصا عليه، لما قدمناه من وجوب عصمته.
ولماكانت العصمة لا تدرك حسا ولا مشاهدة ولا استدلالا ولا تجربة ولا يعلمها إلا الله تعالى،وجب أن ينص عليه ويبينه من غيره على لسان نبي، أن المعجز لا بد أن يظهر على يده علمامعجزا عليه بينة من غيره.
غيرأن المعجز لا بد أن يستند إلى نص متقدم، لأن الإمام لا يعلم أنه إمام إلا ينص عليهنبي، فإذا نص عليه النبي أو ادعى هو الإمامة جاز أن يظهر الله تعالى على يده علما معجزا،كما نقوله في صاحب الزمان إذا ظهر، فصار النص هو الأصل.
فإنقيل: هلا جاز أن يكلف الله تعالى الأمة اختيار الإمام إذا علم الله تعالى أن اختيارهملا يقع إلا على معصوم، فيحسن تكليفهم ذلك.
قلنا:لا يعتبر بالعلم في ذلك، لأن علمه تعالى بأنهم لا يختارون إلا المعصوم لا يكفي في حسنهذا التكليف، لأنه إذا لم يكن طريقا إلى الفرق بين المعصوم وغيره وكلفوا اختيار المعصومكان في ذلك تكليف لما لا دليل عليه، وهو تكليف ما لا يطاق الذي بينا قبحه.
ويلزمعلى ذلك اختيار الأنبياء واختيار الشرائع إذا علم الله تعالى أنه لا يقع اختيارهم إلاعلى نبي وعلى ما وهو مصلحة لهم، ويلزم حسن تكليف الإخبار عن الغائبات إذا علم أنهميخبرون بالصدق، وذلك باطل.
ومنارتكب حسن ذلك كموسى بن عمران عليه السلام، قيل له: لم لا يكلف الله تعالى اعتقاد معرفتهولم ينصب عليه دليلا إذا علم أنه يتفق لهم معرفته من غير دليل.
ويلزمحسن تكليف الإخبار عن المستقبل وإن لم يتعلق بالشرائع، ومعلوم قبح ذلك ضرورة.
فإنقيل: لو نص الله تعالى على صفة وقال من كان عليها فاعلموا أنه معصوم لكان يجوز أن يكلفالاختيار لمن تلك صفته.
قلنا:يجوز ذلك إذا كان هناك طريق إلى معرفة تلك الصفة، لأن هذا نص على الجملة، والنص علىالصفة يجري مجرى النص على الغير، ولأجل هذا نص الله تعالى في الشرعيات على صفات الأفعالدون أعيان الأفعال، وكان ذلك جائزا لأن العلة تنزاح به.
فعلىهذا لو كلف الله تعالى الأمة أن يختاروا من ظاهره العدالة ثم قال لهم إن كان كذلك كانمعصوما، والأمارات على العدالة ظاهرة منصوبة معلومة بالعادة، فإن ذلك جائز، كما جازتكليفنا تنفيذ الحكم عند شهادة الشهادتين إذا ظننا عدالتهم ويكون تنفيذ الحكم معلوماوإن كانت العدالة مظنونة، وكذلك كون المختار معصوما يكون معلوما إذا اخترنا من ظاهرهالعدالة، وذلك لا ينافي النص والمعجز.
ويمكنمثل هذا الترتيب في اعتبار كثرة الثواب وكونه أفضل عند الله تعالى، لأنه لا يعلم ذلكإلا الله كالعصمة فلا بد أن ينص عليه أو يظهر معجزا.
ويمكنأن يعرف أعيان الأئمة بضرب من التقسيم، بأن يقول إذا ثبت وجوب الإمامة والأمة في ذلكبين أقوال ثلاثة مثلا فيفسد القسمين منها فيعلم صحة القسم الآخر على ما سنبينه في أميرالمؤمنين عليه السلام والأئمة من بعده، ولا يحتاج مع ذلك إلى نص ولا معجز.
غيرأن هذا إنما إذا كانت الأحوال على ما هي عليه في شرعنا، ويمكن أن يقال قول من قال بإمامةمن ثبتت إمامته لا بد أن يستند إلى دليل، لأنه لا بد أن يكون صادرا عن دليل، فهو إماأن يكون نصا أو معجزا، فقد عاد الأمر إلى ما قلناه.
فإنقيل: كيف تدعون وجوب النص أو المعجز، ومعلوم أن الصحابة لما حاجوا في الإمامة فكل طلبهمن جهة الاختيار ولم يقل أحد أنه لا تثبت الإمامة إلا بالنص أو المعجز.
قيل:لم نسلم ذلك بل نحن نبين أنهم اختلفوا في نفس الاختيار أيضا فيما بعد، ولو سلمنا لكانإنكارهم واختلافهم في غير المختار، ويحتمل أن يكون إنكارا لنفس الاختيار ويحتمل أنيكون لغيره، وإذا احتمل أمرين سقط السؤال ـانتهى كلام الشيخ الطوسي (رض) ـ
والحالةهذه ، فلا يعقل ذو لبٍّ رشيد، أن يكون معاوية بن أبي سفيان إماماً وخليفة على المسلمينولا يكون عليٌّ (ع) !!!؟ ...
معاوية بن هند آكلة الأكباد .. الأسرة المشركة البرجوازيةالتي دخلت الإسلام كرهاً ، تكون أسرة حاكمة لأمّة الإسلام العظيم ، ولا تكون أسرة أبيطالب .. الأسرة المؤمنة التي بيدها سقاية الحجيج .. التي عبدت الله على الديانة الإبراهيميةالقديمة ..
((ماكان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ، إن أولىالناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين )) ـ آل عمران: 67 ، 68 . فهل كانت أسرة أبي سفيان هي الأسرةالتي تعبد الله على الديانة الإبراهيمية ، أم كانت أسرة آل أبي طالب (رض) ومحمد (ص)،أليست أسرة آل أبي سفيان كانت أسرة مشركة ولم تكن أسرة مؤمنة حتى فتح مكة ، ألم يكنعليُّ (ع) من أول المؤمنين من ذرية إبراهيم (ع) بنبوة محمد رسول الله (ص)،هل سجد عليٌّ(ع) لصنم من أصنام أبي سفيان ، كما سجد معاوية مع أبيه وأمّه، إذ كان عمره 23 سنةعند فتح مكة . أو كيف يكون من سجد للأصنام إماماً مفترض الطاعة ، وسبحانه وتعالى يقول: ((.. لا ينال عهدي الظالمين )) ، ولم يكن من كرّم الله وجهه إماما !!!؟
وهلتنطبق الآية الكريمة التالية على أبي سفيان وهند ومعاوية،أم تنطبق على علي وآله (ع):
((وَالَّذِينَيَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍوَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)) ؟!!!
علي(ع) ؛ الذي كفّن رسولُ الله (ص) أمَّهُ بثوبه النبوي الشريف ، وتوسد لحدها ، وكان يسميها(أمّي) !!!
علي(ع) ؛ الذي كان ينام في حضن رسول الله (ص) حتى يغفو ، وهو يحنو عليه ، ويفيض على روحهونفسه وجسده مما فيه من بركات النبوة والاصطفاء الربّاني المقدّس .
علي(ع) ؛ إبن أبي طالب (رض) الذي كان سيف ودرع رسول الله (ص) بعد الله تعالى من بطش وغدروكيد قريش المشركة .
ومعاوية؛ إبن هند التي أكلت كبد سيد الشهداء ((حمزة)) .. أسد الله ، وبطل بدر وأحد .
فأيّة نطفة فاسدة ٍٍ تلك التي تكوّنت من أب مشركٍ وأمٍّ آكلة لأكباد شهداء الإسلام من آل بيت المصطفى (ص) ؟!!!
وأيّةنطفة مباركة ٍ تلك التي تكوّنت من أب يعبد الله على الديانة الإبراهيمية ، وساقي حجيجالبيت العتيق ، وبيده مفاتيح الكعبة .. بيت إبراهيم الأول وقبلة المسلمين القادمة ـإن لم يكن قد أخفى أو أعلن إسلامه ـ وكيف لا يكون أبو طالب (رض ) مؤمناً بالله والإسلام، وهو القائل :
ولقدعلمتُ بأنَّ دينَ مُحَمَّد ٍ مِنْ خيرِ أديانِالبريةِ دينا ؟!!!
من هنا؛ بدأت مأساة الأمّة التي انخدعت بالتحكيم الغادر.. الجائر.. الضال.. التحكيم الخدعةالإسلامية الكبرى، التي أحدثت الشرخ العظيم في أمّة محمد (ص) .
فلوكانت المشكلة ؛ هي نقض عهد رسول الله (ص) يوم الغدير بالسقيفة حسب ، لكانت المأساةأهون ، زالت هذه المشكلة بتنصيب عليٍّ(ع) بشورى الأمّة لا بشورى الله ورسوله (ص).إذن؛النهايةالراشدة أصبحت مرضية لله ورسوله والأمّة ، بعد رحيل الخليفة عثمان(رض) ، فقد آثرت الأمّةعلياً (ع) على غيره من الرجال الذين كانوا حول رسول الله (ص) ، بمعنى ؛ إنَّ مشكلةالسقيفة وملابساتها انتهت ببيعة علي (ع) خليفة راشداً رابعاً بعد رسول الله (ص).
المشكلةالكبرى .. الأزمة الكبرى .. الطامّة الكبرى ، في تاريخ الإسلام ، هي قتل عليٍّ (ع)وتنصيب معاوية خليفة لرسول الله (ص) . وهذا ما جرَّ الأمّة الإسلامية إلى ويلات الحربالطائفية ، التي يشتعل فتيل فتنتها منذ عام 36 هج(معركة الجمل وعزل معاوية عن ولايةالشام) ، حتى بلغت ذروة اشتعالها يوم 19/21 رمضان 40 هج (اغتيال علي)(ع) ويوم 7صفر50هج(سمالحسن)(ع) ويوم 10محرم61هج(قتل الحسين)(ع) إلى 20صفر 1435هج الجاري وما بعده!!!
لو كانتالأمّة الإسلامية قد اكتفت بعلي(ع) إماماً وخليفة لرسول الله (ص) ـ كما في بيعة الغديرـ لما حصلت أيّة انشقاقات أو طوائف في أمّة الإسلام منذ عهد رسول الله (ص) حتى يومناهذا ، ولكانت الأمّة الإسلامية مذهباً وطائفة وفرقة ً واحدة ، هي الدين الإسلامي الحنيف.. دين محمد رسول الله (ص) .. خاتم الأديان . فأيّ ضير في عليٍّ(ع)وابنيه الحسنين(ع)ـ سيدي شباب أهل الجنة .. سبطي رسول الله ـ يحول دون ريادتهم مقاليد الخلافة في الأمّةالإسلامية؟
على أيّة حال ؛ لسنا في معرض إمكانية سحب أرشيف الأحداثالتاريخية لأزمة الخلافة بعد وفاة رسول الله(ص) وتغييره ، لكننا هنا؛ بحاجة ماسة إلىأنْ نقرأ أحداث التاريخ قراءة منصفة ، تستوجب من أبناء الإسلام جميعاً ، أن يعيدواقراءة تاريخ أمتهم الإسلامية ، قراءة جديدة ، تحقُّ حقَّ آل بيت رسول الله (ص) من أبناءعلي (ع) ، الذين توارثوا إمامة أبيهم (ع) عن جدهم (ص) من خلال أمِّهم الزهراء (ع) سيدةنساء العالمين ، وذلك تمهيداً لانتظار الفرج القريب ، في اليوم الموعود ، الذي ستملأفيه الأرض قسطاً وعدلا ، بعدما ملئت ظلماً وجورا ، بالمؤامرات والويلات و المفخخاتوالأحزمة الناسفة التي حصدت وتحصد الأبرياء من أتباع علي (ع) .. خليفةِ رسول الله المصطفى(ص) .. إمام المتقين !
رعدالدخيلي
تعليق