- انتحسيني ... فأنت موجود !
( اناافكر , فأنا موجود ) , قالها احدهم , واعجب بها اخرون , فأطلقوا العنان لافكارهم وخيالاتهم, واصروا على اثباتها بكل ما أوتوا من قوة , فطرحت النظريات والاراء, التي يحتمل انهالم ترد في ذهن صاحبها اصلا ! .
( اناافكر , فأنا موجود ) , قد تكون حقيقة , لكنها ليست كلها , بل هي جزءا منها , انا افكر, فأنا موجود , اثبت وجودي , لكني اغفلت حقيقتين , لابد لوجودي من واجد وحكمة , والاتكون الحقيقة ناقصة ! .
عندماافكر , اكون موجودا حقيقيا , لكن الحيوانات ايضا تفكر , مثلي تماما , وان كانت بنسباقل , الا انها تفكر على كل حال , فأن اكتفيت بذلك , اكون كالحيوانات , لا فرق بينيوبينها البته , طالما واني قد اثبت وجودي الحقيقي بالتفكير , فلابد لي لوجودي من :
1- واجدحق , موجد لوجودي .
2- الحكمةمن وجودي , فلابد لي ان افكر بالحكمة في وجودي في هذا الكون الرحب .
بذلكاسموا في تفكيري , طف كربلاء شهد نوعين من الوجود :
1- وجودعدمي حيواني ( سبعي , بهيمي ) : تمثل في معسكر ابن سعد , جميعهم كانوا يفكرون , فجميعهمموجودون , لكن تفكيرهم ناشئ ونابع من نقص , فقد طلبوا في موقفهم ذاك ما ظنوا فيه الخير, الجاه والمال , الزعامة والسيادة , السطوة والنفوذ , الشهرة وزخرف الحياة الدنيا, جعلوها اهدافا لوجودهم , غاية آمالهم , وكأن فيها تحقق المآرب , ونوال المطالب ,فماتوا كما تموت الحيوانات السبعية والبهيمية .
2- وجودانساني تكاملي : تمثل في معسكر الحسين (ع) , في كثير من النواحي , لعل ابرزها لا علىسبيل الحصر :
أ)الاهداف النبيلة : الاهداف والغايات النبيلة , هي اسمى وارقى معاني ومتطلبات الوجود.
ب)ايمان الحسين (ع) بالواجد الحق ( تركت الخلق طرا في هواك ) , مدركا بحكمة وجوده ( وأيتمتالعيال كي اراك ) , فتحقق الوجود , ومعرفة الواجد والحكمة .
ت)التحق بالحسين (ع) نوعين من الوجود في كربلاء :
ت-1- وجود صحابة : هؤلاء أحبوا الحسين (ع) , فأطاعوه , بعد ان عرفوه حق معرفته , وادركواقدره ومكانته , ثم ربطوا مصيرهم بمصيره (ع) , ووجودهم بوجوده ,فاراقوا دمائهم دونه, امامه وبين يديه , ليثبتوا ذلك , فبرهنوا عليه بما لم ولن يتكرر ! .
المعلوم, ان اصحاب الحسين (ع) اول من استشهد في ذلك اللقاء المصيري , لقاء الموجود بالعدم, حب الحسين (ع) وطاعته لا تكفي لاثبات شيء , بل ينبغي للاصحاب ان يثبتوا وجودهم بطريقين:
ت-1-1)الوجود بالموجود : اثبت الاصحاب وجودهم بوجود الحسين (ع) , طاعة وعملا , قولا وفعلا, ايمانا وتصديقا ... الخ , حتى انصهر وجودهم في وجوده (ع) اماما وقائدا , وبعبارةاخرى , ان الموجود موجد لغيره , أي ان وجود الحسين (ع) كان موجدا لاصحابه (رض) , وموجدالانصاره في مستقبل الايام والعصور.
ت-1-2)الوجود في العدم : او بالعدم , ينبغي للموجود ان يبحث عن مكان يثبت فيه وجوده , كمصباحفي ظلمة , والا لو كان المصباح بين مصابيح , لاضمحل وجوده ,وخفت نوره , وقلت فائدته, فتوجهوا نحو العدم , المتمثل بالجيش المعادي .
والالو استشهد الاصحاب بعد استشهاده (ع) , لما كان لدمائهم تلك القيمة , ولما نالوا تلكالمنزلة .
ت-2- وجود قرابة : هم كل من يمت للحسين (ع) بصلة نسب وقرابة , كانوا جميعا على معرفةتامة به (ع) , لا لقرابتهم منه , بل مدركين منزلته , عارفين بحقه (ع) , تقدموا لساحاتالمعارك , واحدا تلو الاخر , فمزجوا دمائهم بدماء الاصحاب , ليثبتوا وجودهم ايضا ,باخلاصهم وتفانيهم من اجل قضيته (ع) , فسقوا اديم الارض بتلك الدماء الطاهرة .
ث)اثبات الوجود لا ينحصر في الموت واراقه الدماء فقط , بل بحمل الراية ايضا , علما ومفهوما, قولا وفعلا , وعيا وادراكا , نظريا وتطبيقا , اعلاما وتثقيفا , فيأتي هنا دور الامامزين العابدين وزينب (ع) , فكانا الافضل في ذلك , والاقدر على تحمل المسؤولية , بكافةأعباءها ومزاياها! .
ج)( الا من ناصر ينصرنا ... الا من ذاب يذب عن حرم رسول الله ) , كلمات صدرت من الحسين(ع) قبيل استشهاده , لها مضامين كثيرة , نختار منها :
ج-1-اثبات حجية الموجود ( وجوده "ع") مقابل الوجود العدمي الحيواني ( السبعي, البهيمي ) الذ كان ممثلا بالجيش المعادي .
ج-2-فرصة اخيرة , لمن اراد ان يتخلص ويتحرر من ظلمات العدم .
ج-3-ان يكون وجوده (ع) مثبتا لوجود الاجيال القادمة , ولا يقتصر على اصحابه (رض) , فمنيتخلق بأخلاقه (ع) , قولا وفعلا , طاعة وعملا , ايمانا واستدراكا بمضامين واسباب نهضته(ع) , ملبيا النداء , بفهم واستيعاب , يكون عندها حسينيا , فهو موجود ! .
يستخلصمما تقدم , انت حسيني ( بكل مضامين نهضته (ع) المقدسة ) ... فأنت موجود ! .
حيدرالحدراوي
تعليق