تتزايد يوما بعد آخر حالات الطلاق في المجتمع، مما يشكل هزّات عنيفة في كيان الأسرة التي طالما أكد الدين الاسلامي على ضرورة الاسراع في تشييدها ثم صيانتها وحمايتها بالقيم الاخلاقية والانسانية، لكننا نرى إن قرار الطلاق البسيط والذي يجري بكلمات، يسفر عن مأساة تشرد الاطفال وضياعهم وربما انحرافهم عن طريق الصواب.
وما يزال المختصين بشۆون المجتمع والأسرة يعزون أسباب الطلاق الى وطأة الظروف الحالية التي تضغط على العائلة منها الفقر والبطالة وافرازات الحرب وأعمال العنف بمختلف اشكالها، الى جانب أسباب أخرى في مقدمتها التعارض الذي يحصل بعد الزواج بين أفكار وسلوكيات الزوجين، ولعله من هنا جاء في الحديث الشريف: (إن أبغض الحلال عند الله الطلاق)، ونجد هنالك سنّة يلتزم بها المشايخ عند تنظيمهم أوراق الطلاق الشرعية هو توجيه النصح الى الزوجين أو الى الزوج ومحاولة ثنيه عن قراره والاستغفار الى الله تعالى مما هو مقدم عليه، وتكرار السۆال عليه فيما اذا كان عازماً فعلاً على قراره دون رجعة؟
أسباب اجتماعية وأخرى نفسية
كثُر الحديث عن أسباب الطلاق في المجتمعات الاسلامية، لاسيما في المجتمع العراقي، لكن قلّ الحديث عن العلاج أو وضع الحدّ القاطع أمام ظهور تلك الاسباب والعلل، لينعمّ الزوجان بحياة هانئة دافئة كما تمنيا ذلك في فترة الخطوبة وفي الساعات الجميلة الأولى للزواج.
نبدأ أولاً بالاسباب النفسية والداخلية لأحد الزوجين أو كلاهما، حيث تبدأ جرثومة الشقاق والانفصال بالنمو بين جدران البيت الاربعة، والاسباب كثيرة منها:
1- الزواج المتأخر يوجب كثرة الطلاق بخلاف الزواج المبكر، إذ يكون من الصعب على الانسان المتقدم، سواء أكان رجلاً أم إمرأة أن يتكيفيا مع الحياة الزوجية بسهولة، فبعد ان كانا يعيشان حالة منفردة ويتحكمان بكل ويفرضان آراءهما على الأسرة والمجتمع، واذا بهما فجأة يكونان مطالبان بالتنازل للآخر، بينما يكون هذا سهلاً يسيراً – على الأغلب بالنسبة للشباب، الذين يدفعهم الحب للآخر والتفاني والتضحية قبل حبّ الأنا.
2- فقدان الثقافة الدينية التي ترسم الاطار المنظم لحياة الانسان بمجموعة من القيم والتعاليم التي ترشده الى السعادة وتحذره من المهاوي والمنزلقات.
3- الاختلاط بدون احتشام بين الرجال والنساء، لأن المرأة عاطفية بطبيعتها فانها تجد من خلال الاختلاط غير المحدود من هو أفضل من زوجها مالاً وجاهاً، فيما قد يرى الرجل من هي أفضل من زوجته بالمواصفات المتعلقة بالمرأة، لذا نجد انخفاض نسبة الطلاق في المجتمعات المحتشمة والمحافظة، بينما تزداد النسبة في المجتمعات التي يُقال عنها (منفتحة).
4- سوء خلق الطرفين أو أحدهما، وهي من الاسباب الخفيّة وغير الظاهرة في بدايات الحياة الزوجية، لكنها تتبلور وتطفو على السطح مع مرور الزمن والتعامل اليومي، حيث تظهر دفائن الانسان وسجاياه، من هنا جاء تأكيد الحديث الشريف على قضية الاخلاق وربطه مباشرة بالتديّن: (اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، بمعنى ان المتدين من دون اخلاق، يكون حاملاً بذرة الطلاق معه، حتى وان استمر زواجه سنوات.
5- تزايد وارتفاع المطالبات في البيت مع ارتفاع تكاليف المعيشة الى حدّ الاختناق، وهي دون شك من أهم الاسباب التي نلاحظها في معظم بلادنا، ولنا أسوة وقدوة في رسول الله (ص) حيث قال: (خير نساء أمتي أقلهن مهرا)، ولنا أن نتصفح قليلاً سيرة الأئمة الأطهار، بل وحتى الناجحين والعظماء، ونرى طبيعة حياتهم، فهل جلس أحدهم المقاعد الفخمة، أو سكن في بيت فاره، أو كان هنالك من يلبي طلباته ويخدمه كما يحصل اليوم، حيث كل شيء يتم بالضغط على الازرار والتحكم من بعد؟!
6- عدم رعاية احد الطرفين آداب المعاشرة الزوجية والعلاقة الحميمة التي طالما أكدّ عليها الاسلام وأحاديث أئمة أهل البيت، وللحقيقة فان تلكم الاحاديث والتوصيات سبقت ما توصل اليه علماء الاجتماع والمنظرون في شۆون الأسرة، فيما يتعلق بحق كلا الزوجين في المسألة الجنسية. حيث عدّها الاسلام حق أولي وأساسي في الحياة الزوجية لابد من مراعاته في حدوده والحفاظ على ستره داخل كيان العائلة.
طبعاً هنالك أسباب كثيرة وعديدة، وهي تتعدد حسب الظروف الخاصة بكلا الزوجين، وأيضاً الظروف الاجتماعية والنفسية، لكن في كل الأحوال لن تكن هذه الاسباب وغيرها نهائية وقاطعة، بل يمكن التخفيف من حدّتها وتليين المواقف وتعديل الرۆى وتغليب المصلحة الزوجية والعائلة على كل المصالح الأنانية.
أما الأسباب الاجتماعية أو الخارجية فهي كثيرة أيضاً، حيث قد لا يكون للزوجين دور مباشر في نمو بذرة الاختلاف والشقاق، إنما تأتي سهام الشقاق من الخارج، الامر الذي يضع الجميع أمام المسۆولية الاخلاقية والانسانية العظمى، من تلكم الاسباب:
1- التدخلات المستمرة وغير المبررة لعائلتي الزوجين في مختلف التفاصيل والشۆون الحياتية، مما يربك حياة هذين الزوجين، فيكونان أمام مفترق طريقين إما الانحياز لهذه الأسرة أو لتلك، وبدلاً من أن يواصل الزوجين طريقهما المستقيم، يفضّل أحدهما ترك صاحبه لعائلته وينهي المشكلة!
علماً إن التدخل والتوسط من عائلتي الزوجين ضروري وهام في أمور يطلبها الزوجين من باب الاستشارة والاستفادة من خبرات وتجارب الكبار.
2-البطالة وتدني المستوى المعيشي، وهي من الاسباب الرئيسة التي تعصف بالحياة الزوجية، وهي من الاسباب و
العوامل التي يعاني منها المجتمع العراقي ومجتمعات أخرى تعيش افرازات الحروب وأعمال العنف والازمات السياسية والاقتصادية، وهنا تكون المسۆولية مشتركة وكبيرة جداً على المسۆولين الحكوميين للحۆول دون انعكاس الازمات السياسية والامنية وغيرها على واقع الأسرة، إذ لا يحق لهم بعد ذلك إلقاء اللوم والتهمة على من يرتكب
مختلف الجرائم من قبيل السرقة والقتل والتسليب، لأن أصحاب هذه الجرائم لم يأتوا من عوائل متماسكة ومثقفة، وإنما
من عوائل الطلاق والصراع والحرب الكلامية ليل نهار.
3- يشجع الكثير من ذوي الاختصاص على السكن المستقل، اذا كان الزوج قادرا على الاستقلالية، فكثير من البلدان يكون هذا الشرط حاضرا عند الخطوبة، لكن تتحكم في هذا الأمر القدرة المالية خصوصا مع زيادة متطلبات الحياة الاجتماعية وزيادة الإيجارات. فالمجتمعات الريفية تعد مسألة انفراد الابن وسكنه في دار مستقلة تۆدي الى غضب الأبوين وتتهم الزوجة بأنها أخذت ابنهم. وتقف الأمهات بوجه أبنائهن اذا ما أرادوا ان ينفردوا بالسكن في بيوت مستقلة ويۆدي الأمر الى الخلاف مع الزوجة ومطالبتها بالاستقلالية فتكبر المشاكل وتصل الى الطلاق. وربما يعتقد الأبوان في المناطق الريفية إن استقلال الابن عنهما بمعنى الجفاء ونكران الجميل وعدم المبرّة بالوالدين، هذا فضلاً عن التقاليد الريفية ذات الصلة بالواقع المعيشي، حيث يعتمد الأب في أمر الزراعة على أبنائه واحفاده الذين يجب أن يرثوا الأرض وما عليها، أما اذا هجروه فانه بمعنى انقطاع أمله بالحياة وبالمستقبل.
النتيجة
طبعاً هنا لابأس من الاشارة الى نقطة مضيئة تجدها بعض العوائل وليت جميع عوائلنا تقتفي الأثر، وهي احتضان الزوجة الشابة اذا حلّت في دارهم، أو الزوج الشاب الذي قد يكون بعيداً عن أهله أو وحيداً لاسباب معينة، فالمعاملة الحميمة والاخلاقية والانسانية تبعث الدفء وتعطي مختلف أسباب الشد والربط بين الأسرة الكبيرة القديمة والأسرة الشابة الحديثة النشوء،مما يجعل هذه الأسرة الحديثة متفائلة بالمستقبل وفي نفس الوقت متشجعة على التفاعل والتواصل مع الأسرة الكبيرة بل تكون عوناً وسنداً لها، وهذا بالحقيقة يقطع أي احتمال بالانفصال والتفكك.
أما الخلاصة والنتيجة التي يمكن أن نخرج بها فهي:
أولاً: بنفس المستوى الذي تكثر فيه حالات الطلاق في المجتمعات المتحضرة، تقل أيضاً المبادرة للزواج، فيكون البديل هو العلاقات المحرمة خارج كيان الأسرة والمجتمع لاشباع الغريزة الجنسية، ويكون الرجل هنا بعيداً عن المسۆولية والتكاليف وأي ازعاج آخر!
ثانياً: ان البحث عن الكماليات والظواهر المادية والرفاهية المتزايدة يجعل من الحياة الزوجية أمراً عسيراً وأحياناً مستحيلاً، ولذا نجد الاحجام وعدم الرغبة في الانجاب أو تأخيره، بل وانتشار حالات الاجهاض، ودخول الأسرة في نفق مظلم لا بصيص أمل فيه.
ولذا نرى لزاماً على الزوجين بذل المزيد من الجهد للتقارب والتفاهم بالتنازل للآخر والتضحية بموقف أو عمل معين، كما يجب على أسرة الزوجين رعاية الظروف الخاصة بالأسرة الحديثة النشوء واعطائها الفرصة لتكسب المزيد من القوة والتماسك وعدم استغلال طراوتها للاستفادة منها لمصالحها الخاصة، والأهم من كل تقع المسۆولية على الدولة ومۆسسات المجتمع المدني لأن تضع البرامج والمشاريع العاجلة للحۆول دون تفشي ظاهرة الطلاق في مجتمعاتنا، من خلال نشر الوعي الاجتماعي وتقديم المشورة في مختلف الشۆون وبكل تفاصيلها، ولا تنسى الجمعيات والمۆسسات الحكومية أو تلك التابعة للمجتمع المدني بأن تشمل برعايتها أيضاً شريحة المطلقات، اللاتي أصبحن لسبب أو لآخر ضحية المشاكل والأزمات التي ربما لا علاقة لهنّ بها.
*باحث اجتماعي
وما يزال المختصين بشۆون المجتمع والأسرة يعزون أسباب الطلاق الى وطأة الظروف الحالية التي تضغط على العائلة منها الفقر والبطالة وافرازات الحرب وأعمال العنف بمختلف اشكالها، الى جانب أسباب أخرى في مقدمتها التعارض الذي يحصل بعد الزواج بين أفكار وسلوكيات الزوجين، ولعله من هنا جاء في الحديث الشريف: (إن أبغض الحلال عند الله الطلاق)، ونجد هنالك سنّة يلتزم بها المشايخ عند تنظيمهم أوراق الطلاق الشرعية هو توجيه النصح الى الزوجين أو الى الزوج ومحاولة ثنيه عن قراره والاستغفار الى الله تعالى مما هو مقدم عليه، وتكرار السۆال عليه فيما اذا كان عازماً فعلاً على قراره دون رجعة؟
أسباب اجتماعية وأخرى نفسية
كثُر الحديث عن أسباب الطلاق في المجتمعات الاسلامية، لاسيما في المجتمع العراقي، لكن قلّ الحديث عن العلاج أو وضع الحدّ القاطع أمام ظهور تلك الاسباب والعلل، لينعمّ الزوجان بحياة هانئة دافئة كما تمنيا ذلك في فترة الخطوبة وفي الساعات الجميلة الأولى للزواج.
نبدأ أولاً بالاسباب النفسية والداخلية لأحد الزوجين أو كلاهما، حيث تبدأ جرثومة الشقاق والانفصال بالنمو بين جدران البيت الاربعة، والاسباب كثيرة منها:
1- الزواج المتأخر يوجب كثرة الطلاق بخلاف الزواج المبكر، إذ يكون من الصعب على الانسان المتقدم، سواء أكان رجلاً أم إمرأة أن يتكيفيا مع الحياة الزوجية بسهولة، فبعد ان كانا يعيشان حالة منفردة ويتحكمان بكل ويفرضان آراءهما على الأسرة والمجتمع، واذا بهما فجأة يكونان مطالبان بالتنازل للآخر، بينما يكون هذا سهلاً يسيراً – على الأغلب بالنسبة للشباب، الذين يدفعهم الحب للآخر والتفاني والتضحية قبل حبّ الأنا.
2- فقدان الثقافة الدينية التي ترسم الاطار المنظم لحياة الانسان بمجموعة من القيم والتعاليم التي ترشده الى السعادة وتحذره من المهاوي والمنزلقات.
3- الاختلاط بدون احتشام بين الرجال والنساء، لأن المرأة عاطفية بطبيعتها فانها تجد من خلال الاختلاط غير المحدود من هو أفضل من زوجها مالاً وجاهاً، فيما قد يرى الرجل من هي أفضل من زوجته بالمواصفات المتعلقة بالمرأة، لذا نجد انخفاض نسبة الطلاق في المجتمعات المحتشمة والمحافظة، بينما تزداد النسبة في المجتمعات التي يُقال عنها (منفتحة).
4- سوء خلق الطرفين أو أحدهما، وهي من الاسباب الخفيّة وغير الظاهرة في بدايات الحياة الزوجية، لكنها تتبلور وتطفو على السطح مع مرور الزمن والتعامل اليومي، حيث تظهر دفائن الانسان وسجاياه، من هنا جاء تأكيد الحديث الشريف على قضية الاخلاق وربطه مباشرة بالتديّن: (اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، بمعنى ان المتدين من دون اخلاق، يكون حاملاً بذرة الطلاق معه، حتى وان استمر زواجه سنوات.
5- تزايد وارتفاع المطالبات في البيت مع ارتفاع تكاليف المعيشة الى حدّ الاختناق، وهي دون شك من أهم الاسباب التي نلاحظها في معظم بلادنا، ولنا أسوة وقدوة في رسول الله (ص) حيث قال: (خير نساء أمتي أقلهن مهرا)، ولنا أن نتصفح قليلاً سيرة الأئمة الأطهار، بل وحتى الناجحين والعظماء، ونرى طبيعة حياتهم، فهل جلس أحدهم المقاعد الفخمة، أو سكن في بيت فاره، أو كان هنالك من يلبي طلباته ويخدمه كما يحصل اليوم، حيث كل شيء يتم بالضغط على الازرار والتحكم من بعد؟!
6- عدم رعاية احد الطرفين آداب المعاشرة الزوجية والعلاقة الحميمة التي طالما أكدّ عليها الاسلام وأحاديث أئمة أهل البيت، وللحقيقة فان تلكم الاحاديث والتوصيات سبقت ما توصل اليه علماء الاجتماع والمنظرون في شۆون الأسرة، فيما يتعلق بحق كلا الزوجين في المسألة الجنسية. حيث عدّها الاسلام حق أولي وأساسي في الحياة الزوجية لابد من مراعاته في حدوده والحفاظ على ستره داخل كيان العائلة.
طبعاً هنالك أسباب كثيرة وعديدة، وهي تتعدد حسب الظروف الخاصة بكلا الزوجين، وأيضاً الظروف الاجتماعية والنفسية، لكن في كل الأحوال لن تكن هذه الاسباب وغيرها نهائية وقاطعة، بل يمكن التخفيف من حدّتها وتليين المواقف وتعديل الرۆى وتغليب المصلحة الزوجية والعائلة على كل المصالح الأنانية.
أما الأسباب الاجتماعية أو الخارجية فهي كثيرة أيضاً، حيث قد لا يكون للزوجين دور مباشر في نمو بذرة الاختلاف والشقاق، إنما تأتي سهام الشقاق من الخارج، الامر الذي يضع الجميع أمام المسۆولية الاخلاقية والانسانية العظمى، من تلكم الاسباب:
1- التدخلات المستمرة وغير المبررة لعائلتي الزوجين في مختلف التفاصيل والشۆون الحياتية، مما يربك حياة هذين الزوجين، فيكونان أمام مفترق طريقين إما الانحياز لهذه الأسرة أو لتلك، وبدلاً من أن يواصل الزوجين طريقهما المستقيم، يفضّل أحدهما ترك صاحبه لعائلته وينهي المشكلة!
علماً إن التدخل والتوسط من عائلتي الزوجين ضروري وهام في أمور يطلبها الزوجين من باب الاستشارة والاستفادة من خبرات وتجارب الكبار.
2-البطالة وتدني المستوى المعيشي، وهي من الاسباب الرئيسة التي تعصف بالحياة الزوجية، وهي من الاسباب و
العوامل التي يعاني منها المجتمع العراقي ومجتمعات أخرى تعيش افرازات الحروب وأعمال العنف والازمات السياسية والاقتصادية، وهنا تكون المسۆولية مشتركة وكبيرة جداً على المسۆولين الحكوميين للحۆول دون انعكاس الازمات السياسية والامنية وغيرها على واقع الأسرة، إذ لا يحق لهم بعد ذلك إلقاء اللوم والتهمة على من يرتكب
مختلف الجرائم من قبيل السرقة والقتل والتسليب، لأن أصحاب هذه الجرائم لم يأتوا من عوائل متماسكة ومثقفة، وإنما
من عوائل الطلاق والصراع والحرب الكلامية ليل نهار.
3- يشجع الكثير من ذوي الاختصاص على السكن المستقل، اذا كان الزوج قادرا على الاستقلالية، فكثير من البلدان يكون هذا الشرط حاضرا عند الخطوبة، لكن تتحكم في هذا الأمر القدرة المالية خصوصا مع زيادة متطلبات الحياة الاجتماعية وزيادة الإيجارات. فالمجتمعات الريفية تعد مسألة انفراد الابن وسكنه في دار مستقلة تۆدي الى غضب الأبوين وتتهم الزوجة بأنها أخذت ابنهم. وتقف الأمهات بوجه أبنائهن اذا ما أرادوا ان ينفردوا بالسكن في بيوت مستقلة ويۆدي الأمر الى الخلاف مع الزوجة ومطالبتها بالاستقلالية فتكبر المشاكل وتصل الى الطلاق. وربما يعتقد الأبوان في المناطق الريفية إن استقلال الابن عنهما بمعنى الجفاء ونكران الجميل وعدم المبرّة بالوالدين، هذا فضلاً عن التقاليد الريفية ذات الصلة بالواقع المعيشي، حيث يعتمد الأب في أمر الزراعة على أبنائه واحفاده الذين يجب أن يرثوا الأرض وما عليها، أما اذا هجروه فانه بمعنى انقطاع أمله بالحياة وبالمستقبل.
النتيجة
طبعاً هنا لابأس من الاشارة الى نقطة مضيئة تجدها بعض العوائل وليت جميع عوائلنا تقتفي الأثر، وهي احتضان الزوجة الشابة اذا حلّت في دارهم، أو الزوج الشاب الذي قد يكون بعيداً عن أهله أو وحيداً لاسباب معينة، فالمعاملة الحميمة والاخلاقية والانسانية تبعث الدفء وتعطي مختلف أسباب الشد والربط بين الأسرة الكبيرة القديمة والأسرة الشابة الحديثة النشوء،مما يجعل هذه الأسرة الحديثة متفائلة بالمستقبل وفي نفس الوقت متشجعة على التفاعل والتواصل مع الأسرة الكبيرة بل تكون عوناً وسنداً لها، وهذا بالحقيقة يقطع أي احتمال بالانفصال والتفكك.
أما الخلاصة والنتيجة التي يمكن أن نخرج بها فهي:
أولاً: بنفس المستوى الذي تكثر فيه حالات الطلاق في المجتمعات المتحضرة، تقل أيضاً المبادرة للزواج، فيكون البديل هو العلاقات المحرمة خارج كيان الأسرة والمجتمع لاشباع الغريزة الجنسية، ويكون الرجل هنا بعيداً عن المسۆولية والتكاليف وأي ازعاج آخر!
ثانياً: ان البحث عن الكماليات والظواهر المادية والرفاهية المتزايدة يجعل من الحياة الزوجية أمراً عسيراً وأحياناً مستحيلاً، ولذا نجد الاحجام وعدم الرغبة في الانجاب أو تأخيره، بل وانتشار حالات الاجهاض، ودخول الأسرة في نفق مظلم لا بصيص أمل فيه.
ولذا نرى لزاماً على الزوجين بذل المزيد من الجهد للتقارب والتفاهم بالتنازل للآخر والتضحية بموقف أو عمل معين، كما يجب على أسرة الزوجين رعاية الظروف الخاصة بالأسرة الحديثة النشوء واعطائها الفرصة لتكسب المزيد من القوة والتماسك وعدم استغلال طراوتها للاستفادة منها لمصالحها الخاصة، والأهم من كل تقع المسۆولية على الدولة ومۆسسات المجتمع المدني لأن تضع البرامج والمشاريع العاجلة للحۆول دون تفشي ظاهرة الطلاق في مجتمعاتنا، من خلال نشر الوعي الاجتماعي وتقديم المشورة في مختلف الشۆون وبكل تفاصيلها، ولا تنسى الجمعيات والمۆسسات الحكومية أو تلك التابعة للمجتمع المدني بأن تشمل برعايتها أيضاً شريحة المطلقات، اللاتي أصبحن لسبب أو لآخر ضحية المشاكل والأزمات التي ربما لا علاقة لهنّ بها.
*باحث اجتماعي
تعليق