بأصواتٍ حزينة .. و قلوبٍ كئيبة .. و أرواحٍ والهة و دموعٍ هاملة .. و أكبادٍ مقرّحة ..بذكرى رحلة نبي الرحمة .. و شفيع الأمّة الرسول الأكرم :
محمد بن عبدالله (صلّى الله عليه و آله و سلّم)
محمد بن عبدالله (صلّى الله عليه و آله و سلّم)
الذي بَعثه الله سبحانه و تعالى منقذاً للبشرية ، و اختاره من بين الرعيّة ، ليكون هدىً و ذكراً و نوراً ؛ و اصطفاه لتبليغ الرسالة السماوية ..
نعزي صاحب العصر والزمان والأمة الإسلامية ومشرفي وإعضاء منتدى الكــــــــــفيل بذكرى وفاة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله صلاة لا يحصي لها الخلائق عددا
الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم
قال تعالى (( رَبَّنَا ءَامَنَّا بِمَا أنزَلتَ واتَّبَعنا الرَّسُولَ فَاكتُبنَا مَعَ الَّشاهِدين))
سورة آل عمران آيه53
نــســبــه الــشــريــف :
هو محمد بن عبدالله ابن عبدالمطلب ابن هاشم ابن عبد مناف ابن قصي ابن كلاب ابن مرة ابن كعب ابن لؤي ابن غالب ابن فهر ابن مالك ابن النضر ابن كنانة ابن خزيمة ابن مدركة ابن الياس ابن مضر ابن نزار ابن عدنان .
ونسب النبي ( ص) لا يختلف فيه النسابون إلى عدنان ، ولكن يختلفون فيما بعذه اختلافاً عظيماً في عددها وضبطها . فالذي ينبغي لنا التوقف فيما فوق عدنان ، لِما روي عن النبي (ص):" إذا بلغ نسبي إلى عدنان فامسكوا ".
عــقــيــدتــنــا فــيــه (ص) :
تعتقد الشيعة الإمامية بأن النبي محمد ابن عبدالله ابن عبدالمطلب النبي الأمي الهاشمي ، خاتم الأنبياء وسيدهم وأفضلهم وأعلمهم وأكرمهم وأشجعهم وأتقاهم وأزهدهم ، وأنه معصوم عن الخطأ والسهو والغلط والنسيان والخطيئة سواء في الأمورالدينية أو الدنيوية ، ومافعل ذنباً طوال حياته قط ، وأنه منذُ ولادته حتى ساعة وفاته لم يعصِ الله أبداً ، لا بجزئية ولا بكلية أبداً .
وتعتقد الشيعة أنه ماترك صلى الله عليه وآله وسلم واجباً أمره الله به إلا وفعله ، وما فعل محرماً حرمه الله حتى المكروهات .
ولم يكن صلى الله عليه وآله وسلم متعبداً بشريعة غيره من الأنبياء (ع) كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى (ع) لأنه كان نبياً في علم الله وآدم بين الماء والطين ، وله معاجز كثيره منها انشقاق القمر وتسبيح الحصى في كفه والقرآن الكريم الذي هو معجزته الخالدة ، وهو الذي بين أيدينا من دون زيادة ولا نقصان ، ومن توهم الزيادة أو النقصان فهو مشتبه أو مغالط أو مخترق ، وكلهم على غير هدى .
ولادتـــــــــــه :
قالت الإمامية بأن مولده (ص) يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول عند طلوع الفجر عام الفيل سنة 570 م في مكة المعظمة في الدار المعروفة بدار محمد بن يوسف ، وكانت بعد ذلك مسجداً والأن هي مكتبة .
وشذ من الإمامية ثقة الإسلام الشيخ الكليني ، وكذلك المسعودي صاحب كتاب مروج الذهب حيث أنهما يميلان إلى القول بولادته (ص) في اليوم الثاني عشر من الشهر نفسه ، وهونفس القول لدى جمهور السنة .
وكان والده قد توفى قبل ولادته ودُفعَ إلى حليمة السعدية لإرضاعه ، ثم عادت به في السنة الرابعة من ولادته ، وقيل السنة السادسة إلى امه ، وفي السنة السادسة خرجت أمه إلى أخواله بالمدينة المنورة لتزورهم ، فلما رجعت بهِ توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة ، ثم كفله جده عبدالمطلب (رض) إلى وفاته في السنة الثامنة من مولده وكفله عمه أبو طالب (رض) حتى توفي في السنة العاشرة للمبعث الشريف .
وبعث (ص) بالرسالة في السابع والعشرين من رجب على المشهور وعمره الشريف أربعون سنة .
وقد أسريَ به (ص) ليلة السابع والعشرين من رجب ايضاً قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً .
الـــــدعـــــــــوة :
مكث (ص) عشر سنوات في مكة المكرمة وهو يدعو قومه ، حتى أذن الله تعالى له بالهجرة ليثرب(المدينة المنورة ) ، وكان في الأول من شهر ربيع الأول ، حتى وصل (ص) المدينة في الثاني عشر منه ، فأشرقت به أرجاؤها الزكية وتلقاه الأنصار ، ونزل بقباه وأسس مسجده على التقوى .
وهذا يعني أن السنة الأولى من الهجرة غير كاملة ، فهي تنقص شهرين إذا كان بداية السنة شهر محرم ، أو ستة أشهر بناءً على أن بداية السنة هو شهر رمضان المبارك .
غــــزواتــــــــه :
واصل (ص) دعوته في المدينة لمدة ثلاث عشرة سنة ، وكانت هناك غزوات وسرايا ، أشهرها غزوة بدر الكبرى ، حيث كان انتصار المسلمين الأول الذي ثبتَ الدولة الإسلامية الفتية ، ثم تلتها غزوة أحد ثم غزوة بني النضير ، ثم دات الرقاع ، ثم دومة الجندل ، ثم الخندق ، ثم غزوة الحديبية ، ثم فتح مكة المكرمة في شهر رمضان المبارك سنة ثمان للهجرة وأخيراً غزوة حنين ، وقد تخللت تلك الغزوات غزوات وسرايا كثيرة .
أولاده وبـنـــاتـــه :
للرسول (ص) ثلاث ذكور واربع إناث كما روي ، وقد ماتوا جميعهم عدا فاطمة الزهراء سلام الله عليها التي استشهدت بعده بخمسة وسبعين يوماً على التحقيق .
وله (ص) خصائص كثيرة ، منها زواجه بتسعِ نساء ، اختص بها وحده دون أمته ، ولها حكم كثيرة ، لا يسع المقام لذكرها .
حــيــاتــة بــشــكــلٍ عــام :
عاش (ص) ثلاثاً وستين سنة منها ست سنوات مع أمه (رض) وثمان سنوات مع جده عبدالمطلب (رض) وأثنتين وأربعين سنة مع عمه أبي طالب (رض) منها سبع عشر سنة في بيته وخمس وعشرين سنة في بيت زوجته الأولى خديجة (رض) وبقي بعد عمه في مكة ثلاث سنوات وفي المدينة المنورة عشر شنوات .
فضائل النبى صلى الله عليه وآله وسلم :
فى نسب النبى صلى الله عليه وآله وسلم وانه لم يخرج من سفاح من لدن آدم عليه السلام:
كنز العمال ج 6 ص 300 - قال : عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله وسلم يقول : أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن اد ابن ادد بن الهميسع بن يشحب بن نبت بن حميل بن قيدار بن اسماعيل ابن ابراهيم بن تارخ بن ناحور بن اشوع بن ارعوس بن فالغ بن عابر - وهو هود النبى - بن شانح بن ارفخشد بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن اخنوخ - وهو ادريس - بن يرد بن قينان بن انوش بن شيث ابن آدم عليه السلام . قال أخرجه الديلمى
كنز العمال ج6 ص 106 - قال كنت وآدم فى الجنة فى صلبه، وركب بى السفينة فى صلب ابى نوح ، وقذف بى فى النار فى صلب ابراهيم، لم يلتق ابواى قط على سفاح ، ولم يزل الله ينقلنى من الأصلاب الحسنة الى الأرحام الطاهرة ، صفى مهدى ، لا ينشعب شعبتان الا كنت فى خيرهما ، قد اخذ الله بالنبوة ميثاقى ، وبالإسلام عهدى ، ونشر فى التوراة والإنجيل ذكرى وبين كل نبى صفتى ، تشرق الأرض بنورى ، والغمام لوجهى ، وعلمنى كتابه ، ورقانى فى سمائه ، وشق لى اسما من اسمائه ، فذو العرش محمود وانا محمد ، وعدنى ان يحبونى بالحوض والكوثر ، وأن يجعلنى اول شافع ، وأول مشفع ، ثم اخرجنى من خير قرن لامتى ، وهم الحمادون ، يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، ( قال ) اخرجه ابن عساكر عن ابن عباس
طبقات ابن سعد - وهو الكتاب المعروف بالطبقات الكبرى - ج1 القسم 1 ص 31 - روى بسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على بن الحسين ان النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال إنما خرجت من نكاح ، ولم أخرج من سفاح من لدن آدم ، لم يصبنى من سفاح اهل الجاهلية شىء ، لم أخرج الا من طهره
فى أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم خير الناس فرقة وقبيلة وبيتا ونسبا وحسبا:
صحيح الترمذى ج2 ص 269 -
روى بسنده عن المطلب ابن ابى وداعة قال جاء العباس الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكأنه سمع شيئا فقام النبى صلى الله عليه(وآله) وسلم على المنبر فقال من أنا ؟ فقالوا أنت رسول الله ، قال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، ان الله خلق الخلق فجعلنى من خيرهم فرقة ، ثم جعلهم فرقتين فجعلنى فى خيرهم فرقة ، ثم جعلهم قبائل فجعلنى فى خيرهم قبيلة ثم جعلهم بيوتا فجعلنى فى خيرهم بيتا، وخيرهم نسب
مستدرك الصحيحين ج4 ص 73 -
روى بسنده عن عبد الله ابن عمر قال بينا نحن جلوس بفناء رسول الله صلى الله عليه ( وآله) وسلم إذ مرت امرأة فقال رجل من القوم هذه ابنة محمد صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فقال ابو سفيان ان مثل محمد فى بنى هاشم مثل الريحانة فى وسط التبن، فانطلقت المرأة فأخبرت النبى صلى الله عليه وآله وسلم فخرج النبى صلى الله عليه ( وآله) وسلم يعرف الغضب فى وجهه ، فقال ما بال اقوال تبلغنى عن اقوام، ان الله تبارك وتعالى خلق السماوات فأختار العليا فأسكنها من شاء من خلقه ، ثم خلق الخلق فأختار من الخلق بنى آدم ، وأختار من بنى آدم العرب ، واختار من العرب مضرا، وأختار من مضر قريشا ، وأختار من قريش بنى هاشم ، واختارنى من بنى هاشم ، فأنا من بنى هاشم من خيار الى خيار ، فمن أحب العرب فبحبى احبهم ، ومن ابغض العرب فببغضى ابغضهم
قصص من حياته(ص) :
النبي (صلى الله عليه وآله) والمستهزئين
كان الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل السهمي، والاسود بن عبد يغوث، والاسود بن المطلب والحارث بن طلاطله بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يستهزئون من دعوته ويهددونه بالقتل إن استمر في ذلك.
فقالوا له: يا محمد! ننتظر بك الي الظهر، فإن رجعت عن قولك وإلا قتلناك.
فدخل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) منزله، وأغلق عليه بابه مغتماً لقولهم، فأتاه جبرئيل عن الله سبحانه من ساعته فقال:
يا محمد، السلام يقرأ عليك السلام وهو يقول لك: «فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين» ـ الحجر: 94 ـ يعني أظهر أمرك لأهل مكة، وادعهم الى الايمان.
قال: يا جبرئيل، كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟
قال له: «إنا كفيناك المستهزئين» الحجر: 95، فأظهر (ص) أمره عند ذلك.
لقد انتقم الله من المستهزئين الخمسة، فقتلهم، كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه، في يوم واحد.
فأما الوليد بن المغيرة: فمرّ بنبل ـ السهام العربية ـ لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق فأصابه شضية منه فانقطع أكحله فمات وهو يقول: «قتلني رب محمد».
وأما العاص بن وائل السهمي: فإنه خرج في حاجة له الى موضع فتدهده ـ أي تدحرج ـ تحته حجر، فسقط فتقطّع قطعة قطعة، فمات وهو يقول: «قتلني رب محمد».
واما الاسود بن عبد يغوث: فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة، فاستظلّ بشجرة، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع هذا عني! فقال: ما أرى أحداً يصنع بك شيئاً إلا نفسك، فقتله وهو يقول «قتلني رب محمد».
وأما الاسود بن المطلب: فان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) دعا عليه أن يعمي الله بصره. و أن يثكله ولده، فلما كان في ذلك اليوم خرج حتى صار الى موضع أتاه جبرئيل (عليه السلام) بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي وبقي حتى أثكله الله عزّوجلّ ولده.
وأما الحارث بن الطلاطلة: فإنه خرج من بيته في السموم فتحوّل حبشياً، فرجع الى أهله فقال: أنا الحارث، فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول «قتلني رب محمد».
كل ذلك في ساعة واحدة.
وروي أيضاً أن الأسود بن الحرث أكل سمكاً مالحاً فأصابه عطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه، فمات وهو يقول: «قتلني رب محمد».
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنافقوا العقبة
لما كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في غزوة تبوك، مرّ على عقبة- العقبة: المرقى الصعب الوعر الضيق في الجبل- تسمى عقبة ذي فتق، وقد رام المنافقون قتل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عليها بنفر ناقته فيها، فنـزل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قبل العقبة .
وقبل منتصف الليل الأخير، أمر رسول الله بالرحيل ، وأمر مناديه فنادى: ألا يسبق رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) احد الى العقبة، ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم).
ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة فينظر من يمرّ بها ويخبر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).
فقال حذيفة: يا رسول الله! إني أتبين الشرّ في وجوه رؤساء عسكرك وإني أخاف إن قعدت في أصل الجبل، و جاء منهم من أخاف أن يتقدمك الى هناك للتدبير عليك، يحسّ بي، فيكشف عني فيعرفني ويعرف موضعي من نصيحتك فيتهمني و يخافني فيقتلني .
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): إنك إذا بلغت أصل العقبة، فا قصد اكبر صخرة
هناك الى جانب أصل العقبة.
فأدى حذيفة الرسالة، وجاء الاربعة والعشرون على جمالهم وبين أيديهم رجّالتهم – الماشي على رجليه- يقول بعضهم لبعض: من رأيتموه هاهنا كائناً من كان فاقتلوه لئلا يخبروا محمداً أنهم قد رأونا هاهنا فينكص – يرجع ــ محمد، ولايصعد هذه العقبة إلا نهاراً، فيبطل تدبيرنا عليه، وسمعها حذيفة، واستـقـصوا فلم يجدوا أحداً، وكان الله قد ستر حذيفة بالحجرعنهم، فتفرّقوا، فبعضهم صعد على الجبل وعدل عن الطريق المسلوك، وبعضهم وقف على سفح الجبل عن يمين وشمال، وهم يقولون: ألان ترون محمدا كيف اغراه بأن يمنع الناس عن صعود العقبة حتى يقطعها هو لنخلو به هاهنا فنمضي فيه تدبيرنا وأصحابه عنه بمعزل، وكل ذلك يوصله الله تعالى الى اذن حذيفة ويعيه.
فلما تمكن القوم على الجبل حيث أرادوا، نهض حذيفة وانطلق الى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حتى انقضّ بين يديه، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بما رأى وسمع .
فقال له رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): أوعرفتهم بوجوههم ؟
قال حذيفة: يا رسول الله كانو متلثمين – ما يوضع على الا نف وما حوله من ثوب أونقاب- وكنت أعرف اكثرهم بِجـمالهم، فلما فتـّشـوا الموضع فلم يجدوا أحداً، أحدروا اللثام فرأيت وجوههم وعرفتهم بأعيانهم وأسمائهم، فلان وفلان وفلان … حتى عدّ أربعة و عشرين .
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): انهض بنا يا حذيفة أنت وسلمان وعمار
وتوكلوا على الله، فإذا جزنا الثنية - الطريق العالي من الجبل- الصعبة فأذنوا اللناس أن يتبعونا.
فصعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): وهو على ناقته، وحذيفة وسلمان احدهما آخذ بحطام – زمام- ناقته يقودها، والآخر خلفها يسوقها وعمار الى جانبها، والقوم على جمالهم ورجالتهم منبثون حوالي الثنية على تلك العقبات وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وتقع به في المهوى الذي يهول الناظر إذا نظراليه من بُعده.
فلما قربت الدباب من ناقة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) جاوزتها، ثم سقطت في جانب المهوى، وناقة رسول الله (صلى الله عليه وآلهوسلم) كأنها لاتحس بشيئ من تلك القعقات التي كانت للدباب.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لعمار: إصعد الى الجبل فاضرب ـ بعصاك هذه ــ وجوه رواحلهم فارم بها. فـفعل ذلك عمار، فنفرت بهم رواحلهم وسقـط بعضهم فانكسر عضده، ومنهم من انكسرت رجله ومنهم من انكسر جنبه واشتدت لذلك أوجاعهم، فلما جبرت واندملت، بقيت عليهم آثار الكسر الى أن ماتوا.
ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لحذيفة : ((انه اعلم الناس بالمنافقين))
لقعوده في أصل الجبل ومشاهدته من مرّ سا بقا لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).
وعاد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): الى المدينة سالما وألبس الله الخزي من دبّرعليه.
وفـــــــاتــــــــه :
توفي (ص) في الثامن والعشرين من شهر صفر من سنة إحدى عشرة للهجرة الشريفة ، على إثر السم الذي دسته امرءة يهودية له في الطعام وهي كتف شاه قبل ثلاث سنوات ، وكانت تأتيه الحمى من أثر السم بين الفينةِ والأخرى حتى اشتدت الحمى به في الحادي والعشرين من شهر صفر ، ومرقده الشريف في المدينة المنورة في بيته (ص) وحالياً في المسجد النبوي الشريف .
الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم
قال تعالى (( رَبَّنَا ءَامَنَّا بِمَا أنزَلتَ واتَّبَعنا الرَّسُولَ فَاكتُبنَا مَعَ الَّشاهِدين))
سورة آل عمران آيه53
نــســبــه الــشــريــف :
هو محمد بن عبدالله ابن عبدالمطلب ابن هاشم ابن عبد مناف ابن قصي ابن كلاب ابن مرة ابن كعب ابن لؤي ابن غالب ابن فهر ابن مالك ابن النضر ابن كنانة ابن خزيمة ابن مدركة ابن الياس ابن مضر ابن نزار ابن عدنان .
ونسب النبي ( ص) لا يختلف فيه النسابون إلى عدنان ، ولكن يختلفون فيما بعذه اختلافاً عظيماً في عددها وضبطها . فالذي ينبغي لنا التوقف فيما فوق عدنان ، لِما روي عن النبي (ص):" إذا بلغ نسبي إلى عدنان فامسكوا ".
عــقــيــدتــنــا فــيــه (ص) :
تعتقد الشيعة الإمامية بأن النبي محمد ابن عبدالله ابن عبدالمطلب النبي الأمي الهاشمي ، خاتم الأنبياء وسيدهم وأفضلهم وأعلمهم وأكرمهم وأشجعهم وأتقاهم وأزهدهم ، وأنه معصوم عن الخطأ والسهو والغلط والنسيان والخطيئة سواء في الأمورالدينية أو الدنيوية ، ومافعل ذنباً طوال حياته قط ، وأنه منذُ ولادته حتى ساعة وفاته لم يعصِ الله أبداً ، لا بجزئية ولا بكلية أبداً .
وتعتقد الشيعة أنه ماترك صلى الله عليه وآله وسلم واجباً أمره الله به إلا وفعله ، وما فعل محرماً حرمه الله حتى المكروهات .
ولم يكن صلى الله عليه وآله وسلم متعبداً بشريعة غيره من الأنبياء (ع) كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى (ع) لأنه كان نبياً في علم الله وآدم بين الماء والطين ، وله معاجز كثيره منها انشقاق القمر وتسبيح الحصى في كفه والقرآن الكريم الذي هو معجزته الخالدة ، وهو الذي بين أيدينا من دون زيادة ولا نقصان ، ومن توهم الزيادة أو النقصان فهو مشتبه أو مغالط أو مخترق ، وكلهم على غير هدى .
ولادتـــــــــــه :
قالت الإمامية بأن مولده (ص) يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول عند طلوع الفجر عام الفيل سنة 570 م في مكة المعظمة في الدار المعروفة بدار محمد بن يوسف ، وكانت بعد ذلك مسجداً والأن هي مكتبة .
وشذ من الإمامية ثقة الإسلام الشيخ الكليني ، وكذلك المسعودي صاحب كتاب مروج الذهب حيث أنهما يميلان إلى القول بولادته (ص) في اليوم الثاني عشر من الشهر نفسه ، وهونفس القول لدى جمهور السنة .
وكان والده قد توفى قبل ولادته ودُفعَ إلى حليمة السعدية لإرضاعه ، ثم عادت به في السنة الرابعة من ولادته ، وقيل السنة السادسة إلى امه ، وفي السنة السادسة خرجت أمه إلى أخواله بالمدينة المنورة لتزورهم ، فلما رجعت بهِ توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة ، ثم كفله جده عبدالمطلب (رض) إلى وفاته في السنة الثامنة من مولده وكفله عمه أبو طالب (رض) حتى توفي في السنة العاشرة للمبعث الشريف .
وبعث (ص) بالرسالة في السابع والعشرين من رجب على المشهور وعمره الشريف أربعون سنة .
وقد أسريَ به (ص) ليلة السابع والعشرين من رجب ايضاً قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً .
الـــــدعـــــــــوة :
مكث (ص) عشر سنوات في مكة المكرمة وهو يدعو قومه ، حتى أذن الله تعالى له بالهجرة ليثرب(المدينة المنورة ) ، وكان في الأول من شهر ربيع الأول ، حتى وصل (ص) المدينة في الثاني عشر منه ، فأشرقت به أرجاؤها الزكية وتلقاه الأنصار ، ونزل بقباه وأسس مسجده على التقوى .
وهذا يعني أن السنة الأولى من الهجرة غير كاملة ، فهي تنقص شهرين إذا كان بداية السنة شهر محرم ، أو ستة أشهر بناءً على أن بداية السنة هو شهر رمضان المبارك .
غــــزواتــــــــه :
واصل (ص) دعوته في المدينة لمدة ثلاث عشرة سنة ، وكانت هناك غزوات وسرايا ، أشهرها غزوة بدر الكبرى ، حيث كان انتصار المسلمين الأول الذي ثبتَ الدولة الإسلامية الفتية ، ثم تلتها غزوة أحد ثم غزوة بني النضير ، ثم دات الرقاع ، ثم دومة الجندل ، ثم الخندق ، ثم غزوة الحديبية ، ثم فتح مكة المكرمة في شهر رمضان المبارك سنة ثمان للهجرة وأخيراً غزوة حنين ، وقد تخللت تلك الغزوات غزوات وسرايا كثيرة .
أولاده وبـنـــاتـــه :
للرسول (ص) ثلاث ذكور واربع إناث كما روي ، وقد ماتوا جميعهم عدا فاطمة الزهراء سلام الله عليها التي استشهدت بعده بخمسة وسبعين يوماً على التحقيق .
وله (ص) خصائص كثيرة ، منها زواجه بتسعِ نساء ، اختص بها وحده دون أمته ، ولها حكم كثيرة ، لا يسع المقام لذكرها .
حــيــاتــة بــشــكــلٍ عــام :
عاش (ص) ثلاثاً وستين سنة منها ست سنوات مع أمه (رض) وثمان سنوات مع جده عبدالمطلب (رض) وأثنتين وأربعين سنة مع عمه أبي طالب (رض) منها سبع عشر سنة في بيته وخمس وعشرين سنة في بيت زوجته الأولى خديجة (رض) وبقي بعد عمه في مكة ثلاث سنوات وفي المدينة المنورة عشر شنوات .
فضائل النبى صلى الله عليه وآله وسلم :
فى نسب النبى صلى الله عليه وآله وسلم وانه لم يخرج من سفاح من لدن آدم عليه السلام:
كنز العمال ج 6 ص 300 - قال : عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله وسلم يقول : أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن اد ابن ادد بن الهميسع بن يشحب بن نبت بن حميل بن قيدار بن اسماعيل ابن ابراهيم بن تارخ بن ناحور بن اشوع بن ارعوس بن فالغ بن عابر - وهو هود النبى - بن شانح بن ارفخشد بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن اخنوخ - وهو ادريس - بن يرد بن قينان بن انوش بن شيث ابن آدم عليه السلام . قال أخرجه الديلمى
كنز العمال ج6 ص 106 - قال كنت وآدم فى الجنة فى صلبه، وركب بى السفينة فى صلب ابى نوح ، وقذف بى فى النار فى صلب ابراهيم، لم يلتق ابواى قط على سفاح ، ولم يزل الله ينقلنى من الأصلاب الحسنة الى الأرحام الطاهرة ، صفى مهدى ، لا ينشعب شعبتان الا كنت فى خيرهما ، قد اخذ الله بالنبوة ميثاقى ، وبالإسلام عهدى ، ونشر فى التوراة والإنجيل ذكرى وبين كل نبى صفتى ، تشرق الأرض بنورى ، والغمام لوجهى ، وعلمنى كتابه ، ورقانى فى سمائه ، وشق لى اسما من اسمائه ، فذو العرش محمود وانا محمد ، وعدنى ان يحبونى بالحوض والكوثر ، وأن يجعلنى اول شافع ، وأول مشفع ، ثم اخرجنى من خير قرن لامتى ، وهم الحمادون ، يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، ( قال ) اخرجه ابن عساكر عن ابن عباس
طبقات ابن سعد - وهو الكتاب المعروف بالطبقات الكبرى - ج1 القسم 1 ص 31 - روى بسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على بن الحسين ان النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال إنما خرجت من نكاح ، ولم أخرج من سفاح من لدن آدم ، لم يصبنى من سفاح اهل الجاهلية شىء ، لم أخرج الا من طهره
فى أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم خير الناس فرقة وقبيلة وبيتا ونسبا وحسبا:
صحيح الترمذى ج2 ص 269 -
روى بسنده عن المطلب ابن ابى وداعة قال جاء العباس الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكأنه سمع شيئا فقام النبى صلى الله عليه(وآله) وسلم على المنبر فقال من أنا ؟ فقالوا أنت رسول الله ، قال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، ان الله خلق الخلق فجعلنى من خيرهم فرقة ، ثم جعلهم فرقتين فجعلنى فى خيرهم فرقة ، ثم جعلهم قبائل فجعلنى فى خيرهم قبيلة ثم جعلهم بيوتا فجعلنى فى خيرهم بيتا، وخيرهم نسب
مستدرك الصحيحين ج4 ص 73 -
روى بسنده عن عبد الله ابن عمر قال بينا نحن جلوس بفناء رسول الله صلى الله عليه ( وآله) وسلم إذ مرت امرأة فقال رجل من القوم هذه ابنة محمد صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فقال ابو سفيان ان مثل محمد فى بنى هاشم مثل الريحانة فى وسط التبن، فانطلقت المرأة فأخبرت النبى صلى الله عليه وآله وسلم فخرج النبى صلى الله عليه ( وآله) وسلم يعرف الغضب فى وجهه ، فقال ما بال اقوال تبلغنى عن اقوام، ان الله تبارك وتعالى خلق السماوات فأختار العليا فأسكنها من شاء من خلقه ، ثم خلق الخلق فأختار من الخلق بنى آدم ، وأختار من بنى آدم العرب ، واختار من العرب مضرا، وأختار من مضر قريشا ، وأختار من قريش بنى هاشم ، واختارنى من بنى هاشم ، فأنا من بنى هاشم من خيار الى خيار ، فمن أحب العرب فبحبى احبهم ، ومن ابغض العرب فببغضى ابغضهم
قصص من حياته(ص) :
النبي (صلى الله عليه وآله) والمستهزئين
كان الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل السهمي، والاسود بن عبد يغوث، والاسود بن المطلب والحارث بن طلاطله بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يستهزئون من دعوته ويهددونه بالقتل إن استمر في ذلك.
فقالوا له: يا محمد! ننتظر بك الي الظهر، فإن رجعت عن قولك وإلا قتلناك.
فدخل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) منزله، وأغلق عليه بابه مغتماً لقولهم، فأتاه جبرئيل عن الله سبحانه من ساعته فقال:
يا محمد، السلام يقرأ عليك السلام وهو يقول لك: «فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين» ـ الحجر: 94 ـ يعني أظهر أمرك لأهل مكة، وادعهم الى الايمان.
قال: يا جبرئيل، كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟
قال له: «إنا كفيناك المستهزئين» الحجر: 95، فأظهر (ص) أمره عند ذلك.
لقد انتقم الله من المستهزئين الخمسة، فقتلهم، كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه، في يوم واحد.
فأما الوليد بن المغيرة: فمرّ بنبل ـ السهام العربية ـ لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق فأصابه شضية منه فانقطع أكحله فمات وهو يقول: «قتلني رب محمد».
وأما العاص بن وائل السهمي: فإنه خرج في حاجة له الى موضع فتدهده ـ أي تدحرج ـ تحته حجر، فسقط فتقطّع قطعة قطعة، فمات وهو يقول: «قتلني رب محمد».
واما الاسود بن عبد يغوث: فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة، فاستظلّ بشجرة، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع هذا عني! فقال: ما أرى أحداً يصنع بك شيئاً إلا نفسك، فقتله وهو يقول «قتلني رب محمد».
وأما الاسود بن المطلب: فان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) دعا عليه أن يعمي الله بصره. و أن يثكله ولده، فلما كان في ذلك اليوم خرج حتى صار الى موضع أتاه جبرئيل (عليه السلام) بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي وبقي حتى أثكله الله عزّوجلّ ولده.
وأما الحارث بن الطلاطلة: فإنه خرج من بيته في السموم فتحوّل حبشياً، فرجع الى أهله فقال: أنا الحارث، فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول «قتلني رب محمد».
كل ذلك في ساعة واحدة.
وروي أيضاً أن الأسود بن الحرث أكل سمكاً مالحاً فأصابه عطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه، فمات وهو يقول: «قتلني رب محمد».
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنافقوا العقبة
لما كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في غزوة تبوك، مرّ على عقبة- العقبة: المرقى الصعب الوعر الضيق في الجبل- تسمى عقبة ذي فتق، وقد رام المنافقون قتل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عليها بنفر ناقته فيها، فنـزل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قبل العقبة .
وقبل منتصف الليل الأخير، أمر رسول الله بالرحيل ، وأمر مناديه فنادى: ألا يسبق رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) احد الى العقبة، ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم).
ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة فينظر من يمرّ بها ويخبر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).
فقال حذيفة: يا رسول الله! إني أتبين الشرّ في وجوه رؤساء عسكرك وإني أخاف إن قعدت في أصل الجبل، و جاء منهم من أخاف أن يتقدمك الى هناك للتدبير عليك، يحسّ بي، فيكشف عني فيعرفني ويعرف موضعي من نصيحتك فيتهمني و يخافني فيقتلني .
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): إنك إذا بلغت أصل العقبة، فا قصد اكبر صخرة
هناك الى جانب أصل العقبة.
فأدى حذيفة الرسالة، وجاء الاربعة والعشرون على جمالهم وبين أيديهم رجّالتهم – الماشي على رجليه- يقول بعضهم لبعض: من رأيتموه هاهنا كائناً من كان فاقتلوه لئلا يخبروا محمداً أنهم قد رأونا هاهنا فينكص – يرجع ــ محمد، ولايصعد هذه العقبة إلا نهاراً، فيبطل تدبيرنا عليه، وسمعها حذيفة، واستـقـصوا فلم يجدوا أحداً، وكان الله قد ستر حذيفة بالحجرعنهم، فتفرّقوا، فبعضهم صعد على الجبل وعدل عن الطريق المسلوك، وبعضهم وقف على سفح الجبل عن يمين وشمال، وهم يقولون: ألان ترون محمدا كيف اغراه بأن يمنع الناس عن صعود العقبة حتى يقطعها هو لنخلو به هاهنا فنمضي فيه تدبيرنا وأصحابه عنه بمعزل، وكل ذلك يوصله الله تعالى الى اذن حذيفة ويعيه.
فلما تمكن القوم على الجبل حيث أرادوا، نهض حذيفة وانطلق الى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حتى انقضّ بين يديه، فأخبر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بما رأى وسمع .
فقال له رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): أوعرفتهم بوجوههم ؟
قال حذيفة: يا رسول الله كانو متلثمين – ما يوضع على الا نف وما حوله من ثوب أونقاب- وكنت أعرف اكثرهم بِجـمالهم، فلما فتـّشـوا الموضع فلم يجدوا أحداً، أحدروا اللثام فرأيت وجوههم وعرفتهم بأعيانهم وأسمائهم، فلان وفلان وفلان … حتى عدّ أربعة و عشرين .
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): انهض بنا يا حذيفة أنت وسلمان وعمار
وتوكلوا على الله، فإذا جزنا الثنية - الطريق العالي من الجبل- الصعبة فأذنوا اللناس أن يتبعونا.
فصعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): وهو على ناقته، وحذيفة وسلمان احدهما آخذ بحطام – زمام- ناقته يقودها، والآخر خلفها يسوقها وعمار الى جانبها، والقوم على جمالهم ورجالتهم منبثون حوالي الثنية على تلك العقبات وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وتقع به في المهوى الذي يهول الناظر إذا نظراليه من بُعده.
فلما قربت الدباب من ناقة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) جاوزتها، ثم سقطت في جانب المهوى، وناقة رسول الله (صلى الله عليه وآلهوسلم) كأنها لاتحس بشيئ من تلك القعقات التي كانت للدباب.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لعمار: إصعد الى الجبل فاضرب ـ بعصاك هذه ــ وجوه رواحلهم فارم بها. فـفعل ذلك عمار، فنفرت بهم رواحلهم وسقـط بعضهم فانكسر عضده، ومنهم من انكسرت رجله ومنهم من انكسر جنبه واشتدت لذلك أوجاعهم، فلما جبرت واندملت، بقيت عليهم آثار الكسر الى أن ماتوا.
ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لحذيفة : ((انه اعلم الناس بالمنافقين))
لقعوده في أصل الجبل ومشاهدته من مرّ سا بقا لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).
وعاد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): الى المدينة سالما وألبس الله الخزي من دبّرعليه.
وفـــــــاتــــــــه :
توفي (ص) في الثامن والعشرين من شهر صفر من سنة إحدى عشرة للهجرة الشريفة ، على إثر السم الذي دسته امرءة يهودية له في الطعام وهي كتف شاه قبل ثلاث سنوات ، وكانت تأتيه الحمى من أثر السم بين الفينةِ والأخرى حتى اشتدت الحمى به في الحادي والعشرين من شهر صفر ، ومرقده الشريف في المدينة المنورة في بيته (ص) وحالياً في المسجد النبوي الشريف .
تعليق