يا أطهر زيت في سراج
يا المع ضوء
ياصفاء الكون
يا تلاميح البهاء
يا رسول الله
ياصباحنا الأبلج
فليخشع التاريخ لكم
جئت في جاهلية الجزيرة
جزيرة الرمال الملتهبة
الشعثاء الغبراء
رجيعة الأصداء مع اجترار الإبل
لاسئمت ولا برمت
وقد ظمئت وما ارتويت
في جاهلية خرقاء ...
كل أفق هل عليه من حواليك فجر ...
في كعبة مكة قطيع من الأصنام الهزيلة
دخلتها وأنت في محاريب التأمل
وهكذا كان لك القدح المعلى
يا ابن آمنة الوديعة
ربيت تحت حنو ضلوعها
حملتك بالتسبيح ...مع الصبر والحب والحنين
وأرضعتك حليمة السعدية
برقة قلبها وحنينها ونبلها
وكان فيض حنانها مصدر در ...
وترعرعت في ظل هذه الأطناب
وكان نبعك بين ضلوع عبد المطلب
حلما وتأملا وريعان الصبي
وكان امتداد رعايتك ينتقل إلى أبي طالب
فرعاك (شيبة الحمد )
فورثت عنه - هذا الحمد
وتفتحت أسرار نبوتك
وأصبحت حديث قريش
انه سليل هاشم - أتراه يكون أعظم من هاشم ؟
أبصرت الغايات ولمحت المعا ضل
انكشفت لك صفحة الصحراء
وانفتحت أمامك خطوط القوافل
مع كل خطوة - وتحت كل خف جمل
وشعاع عينيك يبصر الأفق
وانبثقت ثورة مع الليل - وتحركت مع أول شعاع
شعاع خديجة الذي لم خيوط الغزل
خديجة ...
يا أذنا حبكت من ألياف الحنين إلى الذرى
وتدلت إليها نجوات المهامس
ياضميرا استيقظ لهفة
التهب مع همسات المشاعر
وسارت قافلة خديجة - بقيادة محمد
وعاد محمد - بين يديه النضار
له لون - له شكل - له ملمس - له عطر ...
لقد عجنته اماق السحاب .
وكان البيت الجديد -الذي ضم محمد لخديجة
بزواجهما ...مصنع الحكايات والسعادة
وكان جلال السكون
واستقرار العمق
لقد تكاملت صفات محمد
وهو على عتبة غار حراء ... راجح الخطوات
وتباشير النبوة
وصوت السماء لمحمد
فما خاف فأدثر
ولكنه تهيب الدفق الجليل
تهيب السناء
فليشهد ورقة بن نوفل
ولتشهد الجزيرة - ان مجلات الرؤى حفرت نفسها على جبين المدثر .
وأشرقت على جبين محمد جلالات النبوة
جاء محمد للجزيرة ليخلصها من وأد نفسها
دينا يوقظ العقل - ويحقق ثقافة :
(ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )
ولبى محمد النداء الأكبر
يهجع فيه كما يهجع الدوي في قلب الزوبعة
نزل يبث دعوته ومن حوله جبريل يرفرف
وانبرى له الجهل يقاوم
وخلفه الشيطان
وابتدأ الصراع
وبدأت العاصفة على مكة
والجو يكفهر - يغشاه اصفرار
والأرض كأنها مجروفة بإثقال الزوابع
ومحمد - يتحمل الوطء الثقيل
ولم تنفجر به عاصفة الصراع
واعتلى منصته بالحكمة والعقل
وبين البروق والرعود
وفي أجواء المهابة والسكون
انتشرت دعوة السماء
وكانت ليلة التاريخ- كانت هي ناصية
فجر على الأرض سنا الحق
انعم بعلي ينام في فراشه
ليشهد مع الصباح - أعظم ولادة لأنصع تاريخ
ورسمت خطوط الانطلاق
وكانت ملاحم القتال
تجمعت بني قريظة - بني قعقاع - بني النضير
ولكن ...
(إن الباطل كان زهوقا )
وانتشر العدل والإسلام
وكان القران الكريم طريق الحق
وكانت حجة الوداع
سلاما عليك ايها المودع
ماذا يفعل قبل أن تطوية يد المنون
فعل الحق والوجدان
سلم راية الإيمان
لعلي جوهرة الزمان
وأغمض عينيه مودعا
سلاما سلاما
لأنك على خلق عظيم
خالد مطلك العبودي
تعليق