إذا ما اليأس خيّبنا رجونا |
فشجعنا الرجاء على الطلاب | |
أقول اذا استطار من السواري | زفون القطر رقاص الحباب (١) | |
كأن الجو غصّ به فأومى | ليقذفه على قمم الشعاب | |
جدير أن تصافحه الفيافي | ويسحب فوقها عذب الرباب | |
اذا هتم (٢) التلاع رأيت منه |
رضاباً في ثنيّات الهضاب | |
سقى الله المدينة من محلٍ |
لباب الماء والنطف العذاب | |
وجاد على البقيع وساكنيه | رخيّ الذيل ملآن الوطاب | |
وأعلام الغري وما استباحت | معالمها من الحسب اللباب | |
وقبراً بالطفوف يضم شلواً | قضى ظمأ الى بَرد الشراب | |
وسامراً وبغداداً وطوساً | هطول الودق منخرق العباب | |
قبور تنطف العبرات فيها | كما نطف الصبير (٣) على الروابي | |
فلو بخل السحاب على ثراها | لذابت فوقها قطع السراب | |
سقاك فكم ظمئت اليك شوقاً | على عُدواء داري واقترابي | |
تجافي يا جنوب الريح عني | وصوني فضل بردك عن جنابي | |
ولا تسري إليّ مع الليالي | وما استحقبت من ذاك التراب | |
قليل أن تقاد له الغوادي | وتنحر فيه أعناق السحاب | |
أما شَرق التراب بساكنيه | فيلفظهم الى النعم الرغاب | |
فكم غدت الضغائن وهي سكرى | تدير عليهم كاس المصاب | |
صلاة الله تخفق كل يوم | على تلك المعالم والقباب | |
وإني لا أزال اكرّ عزمي | وإن قلّت مساعدة الصحاب | |
واخترق الرياح الى نسيم | تطلع من تراب أبي تراب | |
بودي ان تطاوعني الليالي | وينشب في المنى ظفري ونابي |
١ ـ السواري : جمع سارية السحاب. زفون القطر : دفاع المطر. الحباب : فقاقيع الماء.
٢ ـ الهتم : كسر الثنايا من أصلها.
٣ ـ الصبير : السحاب الذي يصير بعضه فوق بعض.
أبو نصر بن نباتة
تعليق