هل سفرائه كانوا يخافون ويتّقون من عامّة الناس ؟
السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هناك مَن يقول : إنّه إذا كان الإمام المهدي قدغاب ؛ لأنّه كان خائفاً فلِمَ لم يكن سفراءه خائفين ، وقد كانوا يقولون علنا : أنّهم سفراء المهدي (عليه السلام) فلِمَ لم يكن الخطر محيط بهم أيضاً ، ثمّ ألم يخافوا أنّهم قد يكونون مراقبين لاتصالهم بالإمام ، وليمسكوا بالإمام عبر التجسس على سفراءه؟ أو ليس هذا احتمالاً وارداً ببساطة؟ أعاننا الله وإيّاكم .
الجواب : من سماحة السيّد جعفر علم الهدی
أوّلاً : السفراء كانوا يتّقون من عامّة الناس ، ولا يعترفون بالسفارة وبالنيابة الخاصّة للإمام الحجّة (عليه السلام) إلاّ عند خواصّ الشيعة .
قفد روى الشيخ الطوسي في الغيبة : (236) عن أَبُي عَبْدِ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ قَالَ : « مَا رَأَيْتُ مَنْ هُوَ أَعْقَلُ مِنَ الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِ بْنِ رَوْحٍ ، وَ لَعَهْدِي بِهِ يَوْماً فِي دَارِ ابْنِ يَسَارٍ وَ كَانَ لَهُ مَحَلٌّ عِنْدَ السَّيِّدِ وَ الْمُقْتَدِرِ عَظِيمٌ وَ كَانَتِ الْعَامَّةُ أَيْضاً تُعَظِّمُهُ ، وَ كَانَ أَبُو الْقَاسِمِ يَحْضُرُ تَقِيَّةً وَ خَوْفاً .
فَعَهْدِي بِهِ وَ قَدْ تَنَاظَرَ اثْنَانِ فَزَعَمَ وَاحِدٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صلّى الله عليه وآله) ، ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عَلِيٌّ .
وَ قَالَ الْآخَرُ : بَلْ عَلِيٌّ أَفْضَلُ مِنْ عُمَرَ ، فَزَادَ الْكَلَامُ بَيْنَهُمَا .
فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) الَّذِي اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ هُوَ تَقْدِيمُ الصِّدِّيقِ ، ثُمَّ بَعْدَهُ الْفَارُوقُ ، ثُمَّ بَعْدَهُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ ، ثُمَّ عَلِيٌّ الْوَصِيُّ ، وَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ ، وَ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا .
فَبَقِيَ مَنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ مُتَعَجِّباً مِنْ هَذَا الْقَوْلِ ، وَ كَانَتِ الْعَامَّةُ الْحُضُورُ يَرْفَعُونَهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ ، وَ كَثُرَ الدُّعَاءُ لَهُ ، وَ الطَّعْنُ عَلَى مَنْ يَرْمِيهِ بِالرَّفْضِ .
فَوَقَعَ عَلَيَّ الضَّحِكُ ، فَلَمْ أَزَلْ أَتَصَبَّرُ وَ أَمْنَعُ نَفْسِي ، وَ أَدُسُّ كُمِّي فِي فَمِي ، فَخَشِيتُ أَنْ أَفْتَضِحَ ، فَوَثَبْتُ عَنِ الْمَجْلِسِ ، وَ نَظَرَ إِلَيَّ فَتَفَطَّنَ لِي ، فَلَمَّا حَصَلْتُ فِي مَنْزِلِي فَإِذَا بِالْبَابِ يَطْرُقُ فَخَرَجْتُ مُبَادِراً فَإِذَا بِأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ رَوْحٍ - رَاكِباً بَغْلَتَهُ قَدْ وَافَانِي مِنَ الْمَجْلِسِ قَبْلَ مُضِيِّهِ إِلَى دَارِهِ .
فَقَالَ لِي : يَا عَبْدَ اللَّهِ أَيَّدَكَ اللَّهُ لِمَ ضَحِكْتَ وَ أَرَدْتَ أَنْ تَهْتِفَ بِي كَأنَّ الَّذِي قُلْتُهُ عِنْدَكَ لَيْسَ بِحَقٍّ؟
فَقُلْتُ لَهُ : كَذَلِكَ هُوَ عِنْدِي .
فَقَالَ لِي : اتَّقِ اللَّهَ أَيُّهَا الشَّيْخُ فَإِنِّي لَا أَجْعَلُكَ فِي حِلٍّ تَسْتَعْظِمُ هَذَا الْقَوْلَ مِنِّي .
فَقُلْتُ : يَا سَيِّدِي رَجُلٌ يَرَى بِأَنَّهُ صَاحِبُ الْإِمَامِ وَ وَكِيلُهُ يَقُولُ ذَلِكَ الْقَوْلَ لَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ؟ وَ لَا يُضْحَكُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا ؟
فَقَالَ لِي : وَ حَيَاتِكَ لَئِنْ عُدْتَ لَأَهْجُرَنَّكَ وَ وَدَّعَنِي وَ انْصَرَفَ ».
انظر إلى شدّة تقيّة هذا حتّى عن مَن يعرف واقعه ، فكيف بغيره ؟
ثانياً : غاية ما هنالك كانت السلطة تقبض على الوكيل والسفير ، وتودعه السجن أو تقتله ، فيكون قد استشهد في سبيل الله ، أمّا الحجّة ، فإنّ له مهمّة وظيفة عظيمة ، وهي اصلاح العالم بأسره ، فليس من المعقول أن يكون حاضراً تناله يد السلطة الظالمة ، بل لابدّ أن يغيب ويختفي إلى أن تتمهّد الأمور لثورته وقيامه .
ثمّ أنّ الوكلاء والسفراء لم يعلموا بموضع الإمام (عليه السلام) حتّى يدّلوا عليه ، مضافاً إلى امكان تغيير الموضع .
السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هناك مَن يقول : إنّه إذا كان الإمام المهدي قدغاب ؛ لأنّه كان خائفاً فلِمَ لم يكن سفراءه خائفين ، وقد كانوا يقولون علنا : أنّهم سفراء المهدي (عليه السلام) فلِمَ لم يكن الخطر محيط بهم أيضاً ، ثمّ ألم يخافوا أنّهم قد يكونون مراقبين لاتصالهم بالإمام ، وليمسكوا بالإمام عبر التجسس على سفراءه؟ أو ليس هذا احتمالاً وارداً ببساطة؟ أعاننا الله وإيّاكم .
الجواب : من سماحة السيّد جعفر علم الهدی
أوّلاً : السفراء كانوا يتّقون من عامّة الناس ، ولا يعترفون بالسفارة وبالنيابة الخاصّة للإمام الحجّة (عليه السلام) إلاّ عند خواصّ الشيعة .
قفد روى الشيخ الطوسي في الغيبة : (236) عن أَبُي عَبْدِ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ قَالَ : « مَا رَأَيْتُ مَنْ هُوَ أَعْقَلُ مِنَ الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِ بْنِ رَوْحٍ ، وَ لَعَهْدِي بِهِ يَوْماً فِي دَارِ ابْنِ يَسَارٍ وَ كَانَ لَهُ مَحَلٌّ عِنْدَ السَّيِّدِ وَ الْمُقْتَدِرِ عَظِيمٌ وَ كَانَتِ الْعَامَّةُ أَيْضاً تُعَظِّمُهُ ، وَ كَانَ أَبُو الْقَاسِمِ يَحْضُرُ تَقِيَّةً وَ خَوْفاً .
فَعَهْدِي بِهِ وَ قَدْ تَنَاظَرَ اثْنَانِ فَزَعَمَ وَاحِدٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صلّى الله عليه وآله) ، ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عَلِيٌّ .
وَ قَالَ الْآخَرُ : بَلْ عَلِيٌّ أَفْضَلُ مِنْ عُمَرَ ، فَزَادَ الْكَلَامُ بَيْنَهُمَا .
فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) الَّذِي اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ هُوَ تَقْدِيمُ الصِّدِّيقِ ، ثُمَّ بَعْدَهُ الْفَارُوقُ ، ثُمَّ بَعْدَهُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ ، ثُمَّ عَلِيٌّ الْوَصِيُّ ، وَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ ، وَ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا .
فَبَقِيَ مَنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ مُتَعَجِّباً مِنْ هَذَا الْقَوْلِ ، وَ كَانَتِ الْعَامَّةُ الْحُضُورُ يَرْفَعُونَهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ ، وَ كَثُرَ الدُّعَاءُ لَهُ ، وَ الطَّعْنُ عَلَى مَنْ يَرْمِيهِ بِالرَّفْضِ .
فَوَقَعَ عَلَيَّ الضَّحِكُ ، فَلَمْ أَزَلْ أَتَصَبَّرُ وَ أَمْنَعُ نَفْسِي ، وَ أَدُسُّ كُمِّي فِي فَمِي ، فَخَشِيتُ أَنْ أَفْتَضِحَ ، فَوَثَبْتُ عَنِ الْمَجْلِسِ ، وَ نَظَرَ إِلَيَّ فَتَفَطَّنَ لِي ، فَلَمَّا حَصَلْتُ فِي مَنْزِلِي فَإِذَا بِالْبَابِ يَطْرُقُ فَخَرَجْتُ مُبَادِراً فَإِذَا بِأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ رَوْحٍ - رَاكِباً بَغْلَتَهُ قَدْ وَافَانِي مِنَ الْمَجْلِسِ قَبْلَ مُضِيِّهِ إِلَى دَارِهِ .
فَقَالَ لِي : يَا عَبْدَ اللَّهِ أَيَّدَكَ اللَّهُ لِمَ ضَحِكْتَ وَ أَرَدْتَ أَنْ تَهْتِفَ بِي كَأنَّ الَّذِي قُلْتُهُ عِنْدَكَ لَيْسَ بِحَقٍّ؟
فَقُلْتُ لَهُ : كَذَلِكَ هُوَ عِنْدِي .
فَقَالَ لِي : اتَّقِ اللَّهَ أَيُّهَا الشَّيْخُ فَإِنِّي لَا أَجْعَلُكَ فِي حِلٍّ تَسْتَعْظِمُ هَذَا الْقَوْلَ مِنِّي .
فَقُلْتُ : يَا سَيِّدِي رَجُلٌ يَرَى بِأَنَّهُ صَاحِبُ الْإِمَامِ وَ وَكِيلُهُ يَقُولُ ذَلِكَ الْقَوْلَ لَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ؟ وَ لَا يُضْحَكُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا ؟
فَقَالَ لِي : وَ حَيَاتِكَ لَئِنْ عُدْتَ لَأَهْجُرَنَّكَ وَ وَدَّعَنِي وَ انْصَرَفَ ».
انظر إلى شدّة تقيّة هذا حتّى عن مَن يعرف واقعه ، فكيف بغيره ؟
ثانياً : غاية ما هنالك كانت السلطة تقبض على الوكيل والسفير ، وتودعه السجن أو تقتله ، فيكون قد استشهد في سبيل الله ، أمّا الحجّة ، فإنّ له مهمّة وظيفة عظيمة ، وهي اصلاح العالم بأسره ، فليس من المعقول أن يكون حاضراً تناله يد السلطة الظالمة ، بل لابدّ أن يغيب ويختفي إلى أن تتمهّد الأمور لثورته وقيامه .
ثمّ أنّ الوكلاء والسفراء لم يعلموا بموضع الإمام (عليه السلام) حتّى يدّلوا عليه ، مضافاً إلى امكان تغيير الموضع .
تعليق