ليلة المبيت

[ابو مصطفی]

ليلة المبيت

تعرض امير المؤمنين لاول محاولة اغتيال ليلة مبيته في فراش رسول الله صلى الله عليه واله حين امره بذلك للهجرة فان القوم كانوا اجمعوا على وضع اسيافهم في جسد رسول الله صلى الله عليه واله عند الفجر فامر النبي صلى الله عليه واله امير المؤمنين عليه السلام ان يبات في فراشه فقال له امير المؤمنين عليه السلام :

او تسلم يارسول الله صلى الله عليه واله .
قال : نعم
فأطمأن امير المؤمنين عليه السلام لذلك وبات قرير العين .
عن بن عباس قال : اجتمع المشركون في دار الندوة ليتشاوروا في رسول الله صلى الله عليه واله فأتى جبرائيل رسول الله صلى الله عليه واله واخبره الخبر وامره ان لاينام في مضجعه تلك الليلة فلما اراد رسول الله صلى الله عليه واله المبيت ، امر علياعليه السلام ان يبيت في مضجعه تلك الليلة ، فبات علي عليه السلام وتغشى ببرد حضرمي ، كان رسول الله ينام فيه وجعل السيف جنبه ، فلما اجتمع اولئك النفر من قريش يطوفون ويرصدونه ، يريدون قتله ، فخرج رسول الله صلى الله عليه واله وهو جلوس على الباب عددهم خمسة وعشرون رجلا فأخذ حفنة من البطحاء ثم جعل يذرها في رؤوسهم وهو يقرأ [ يس والقرأن الحكيم ]⁽1⁾ حتى بلغ 1[ فأغشيناهم فهم لايبصرون ] فقال لهم قائل :

ما تنظرون قد والله خبتم وخسرتم ، والله لقد مر بكم ومامنكم رجل الا وقد جعل على رأسه ترابا .
فقالوا : والله ما أبصرناه .

قال : فأنزل الله عزوجل [ واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ]⁽[2]⁾

وعن انس بن مالك قال : لما توجه رسول الله صلى الله عليه واله الى الغار ومعه ابو بكر امر النبي عليا عليه السلام ان ينام على فراشه ويتوشح ببردته فبات عليا عليه السلام موطنا نفسه على القتل وجاءت رجال قريش من بطونها يريدون قتل رسول اله صلى الله عليه واله فلما ارادوا ان يضعوا فيه اسيافهم لايشكون انه محمد صلى الله عليه واله فقالوا :
ايقظوه ليجد الم القتل ويرى السيوف تأخذه فلما ايقضوه ورأوه عليا تركوه وتفرقوا في طلب رسول الله صلى الله عليه واله فانزل الله عزوجل[ ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد ]⁽[3]⁾

فالمتعرض للقتل هو امير المؤمنين عليه السلام فان رسول الله صلى الله عليه واله كان يعلم ان ابن عمه لن يقتل ولكنه عرضه لذلك الموقف ليبين للناس كافة عظيم ارتباطه به وانه فداه بنفسه ، اذ انه لو كان يعلم انهم سقتلونه ماكان ليفعل به ذلك.
عن ام هاني بنت ابي طالب قالت : لما امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله بالهجرة وانام عليا عليه السلام في فراشه ووشحه ببرد له حضرمي ثم خرج فاذا وجوه قريش على بابه فاخذ حفنة من تراب فذرها على رؤوسهم فلم يشعر به احد منهم ودخل على بيتي فلما اصبح اقبل علي وقال :
ابشري يا ام هاني فهذا جبرائيل عليه السلام يخبرني ان الله عزوجل قد انجى عليا من عدوه⁽[4]⁾
ورب قائل يقول : ان النبي صلى الله عليه واله اخبر امير المؤمنين عليه السلام بنجاته فلم عددت هذه المحاولة من محاولات الاغتيال ؟

فاقول له : اذاً على هذا الاعتبار ينبغي ان لاتعد جميع محاولات الاغتيال لان النبي صلى الله عليه واله اخبر امير المؤمنين بانه يقتل في مسجد الكوفة بضربة من عبد الرحمن ، كما ان هناك وجوها عديدة تتعلق بالبداء ليس هذا محل طرحها .
ثم ان امير المؤمنين عليه السلام كما توحي اليه بعض الاخبار، قد تعرض الى محاولات كثيرة مع هؤلاء الذين كانوا قد اقتحموا الدار عليه ، ظنا منهم انه رسول الله صلى الله عليه واله اذ انه عليه السلام تعرض منهم الى اذى كثيرا ، وليس كما يعتقد البعض من انهم كشفوا عنه البرد ثم انصرفوا لما علموا انه علي بن ابي طالب عليه السلام ، وليس بمحمد صلى الله عليه واله .
قال بن الكوا لامير المؤمنين عليه السلام :
- اين كنت حين ذكر الله نبيه وابا بكر [ ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لاتحزن ان الله معنا] .
فقال امير المؤمنين عليه السلام ويلك يابن الكوا كنت على فراش رسول الله صلى الله عليه واله وقد طرح على ريطته ، فاقبلت قريش مع كل رجل هراوة فيها شوكة ، فلم يبصروا رسول الله حين فرج ، فاقبلوا علي يضربونني بما في ايديهم ، حتى تنفض جسدي ، واصبح مثل البيض، ثم انطلقوا بي يريدون قتلي ، فقال بعضهم: لاتقتلوه ولكن أخروه واطلبوا محمدا ، قال عليه السلام : فاوثقوني بالحديد وجعلوني في بيت واستوثقوا مني ، ومن الباب بقفل ، فبينما انا كذلك اذ سمعت صوتا من جانب البيت يقول ياعلي فسكن الوجع الذي كنت اجده ، وذهب الورم الذي كان في جسدي ، ثم سمعت صوتا اخر يقول : ياعلي ، فاذا الحديد الذي في رجلي قد تقطع ثم سمعت صوتا اخر يقول : ياعلي ، فاذا الباب قد تساقط ما عليه ، وفتح ففتحت وخرجت ، وقد كانوا جاءوا بعجوز كمهاء لا تبصر، ولا تنام تحرس الباب فخرجت عليها فهي لاتعقل من النوم⁽[5]⁾.

---

([1])يس / 2

([2])الأنفال / 30 ، امالي الطوسي ج2 ص61 . ومن طريف مايروى ماذكره المحدث القمي في سفينة البحار:
ان معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة الف درهم حتى يروي ان هذه الاية نزلت في علي ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله مافي قلبه وهو الد الخصام واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد ) (204 البقرة )
وان الاية الثانية ( ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد ) (207 البقرة) نزلت في إبن ملجم .
فلم يقبل فبذل له ثلثمائة الف درهم فلم يقبل فبذل له اربعمائة الف درهم ففعل حينئذ .

([3])البقرة 207 ، عن علي بن الحسين عليه السلام في قول الله عزوجل : [ ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله ] قال نزلت في علي عليه السلام حيث بات على فراش رسول الله صلى الله عليه واله . امالي الطوسي ج2 ص61 .

([4])آمالي الطوسي ج2 ص62 .

([5])مدينة المعاجز هاشم البحراني ج1 ص70 .

[سهاد]

اللهم صل على محمد وآل محمد
آلسلآم عليك يا أمير المؤمنين
ألــــف شكر لك ع الموضوع المميز
تحياتي

[ابوعلاء العكيلي]

احسنت بارك الله فيك
في ميزان حسناتك

[أنصار المذبوح]

[من نسل عبيدك احسبني ياحسين]

وفقك الباري