بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
السلام عليكِ يا لبوة الطالبيين
لقد شرف الله تعالى ارض كربلاء على باقي البقاع لأهمية دورها الريادي في تنشيط فاعلية الدين وإعادته غضا طريا بعدما حاولت قتله بنو امية وأتباعهم روي عن الامام الصادق (عليه السلام) انها فضلت على الكعبة المشرفة وما كانت لتكتسب هذه القداسة والمنزلة العالية لولا تلك الدماء الزاكية التي سالت عليها فهي دماء الطهر سيد الشهداء الحسين وأهل بيته ومجموعة خيرة من شهداء الطف الذين كانوا معه.
فكانت عقيلة الهاشميين (عليها السلام) هي الوهج الساطع من نبل الشهادة وهي العنوان الحي الذي تفاعلت معه النفوس والأرواح لتنير دروب السالكين الى الحرية فوقفت امام الاعلام الاموي الذي حاول ان يدرج كربلاء ضمن قوائم الموتى والخارجين عن الاسلام ولهذا كان الصوت المدوي الذي ارعب الطواغيت من آل امية وكان السبيل المجاهد بحيوية الدين والمبادئ والمثل العليا التي سعت لتوضيحها للناس لتكون كربلاء ومثل هذا الدور لابد له من زينب (عليها السلام)لتوقد جذوة الثورة من جديد بعدما سعى الامويون لإطفاء النور الحسيني وهكذا كانت الاحداث الجسام والفعل الطاغوتي يشير الى فناء كربلاء لان المسعى الاموي كان ابعد من خطى جسد ورأس وإنما هو السعي لموت نهضة الاسلام اينما قامت او تقوم وأما التضحية الحسينية كان يسندها اليقين الزينبي حين ترجمته العقيلة في احدى خطبها لابن اخيها الامام زين العابدين (عليه السلام) ( ينصبون لهذا الطف علما لقبر ابيك سيد الشهداء ، لايدرس أثره ، ولا يمحى رسمه ، على كرور الليالي والأيام ، وليجتهد ن ائمة الكفر وأتباع الضلال من محوه وتطميسه ، فلا يزداد إلا علوا ) وهكذا توضحت معالم الطف الثانية برسالة عزم ونبؤة جهاد هذه المرأة العظيمة
وصف المقام
يقع مقام التل الزينبي إلى الغرب من العتبة الحسينية المقدسة على المرتفع المعروف بالتل الذي استوحى اسمه من الوقفة التاريخية لعقيلة الهاشميين في معركة الطف.
المراحل التاريخية لعمارة المقام
العمارة الأولى
كان المقام محدثاً من جدران احد البيوت القديمة في أعلى التل وفي الجدار فتحة مستطيلة , وعليها شباك برونزي في داخله وضع سراج (لالة) لعدم وجود تيار كهربائي في تلك الحقبة الزمنية وفي أسفل الشباك كانت هناك قاعدة يوضع عليها (الشمعدان ) وهو مصنوع نحاسي قديم واعلى الشباك قطعة من القاشاني عليها نقوش أثرية تحكي معركة الطف وجموع الجيوش ومصارع القتلى وكتب على الشباك نفسه اسم صانعه (عمل محمد جعفر ولد عبد الحسين سنة 1339 هجرية والقائم بخدمة المقام آنذاك هو السيد ابو القاسم اليزدي وقام برعاية المقام بعده الحاج عبد الامير بن الشيخ صالح الاسدي آل الكشوان حتى وفاته عام 1957م ومن بعده اولاده كل من الحاج سعد والحاج عبد الحسين والحاج صادق والشهيد فاضل الذي اعدمه نظام الطاغية ابان الانتفاضة الشعبانية عام 1991م ولم نهتدِ الى تاريخ تأسيس المقام . واستمرت ادارة المقام بيد المذكورين حتى نهاية عام 1997م حيث قامت وزارة الاوقاف بالسيطرة عليه وتم تعيين الشيخ هاشم الزيدي لإدارته وبعد سقوط النظام العفلقي المقبور عام 2003م وتسلم المرجعيه المباركة إدارة العتبات المقدسة في كربلاء تم ضم مقام التل الزينبي الى ادارة العتبة الحسينية المقدسة وهو الان بإشرافها ورعايتها .
العمارة الثانية
وفي عام 1400 هجري تبرع الحاج عباس الوكيل بداره الملاصقة للمقام ودمجت مع المقام فتمت التوسعة وأجريت اعمال البناء والإصلاحات بتمويل من قبل الشهيد الحاج عبد الحسين جيتا الذي اعدمه النظام الصدامي المقبور بسبب مواقفه المبدئية وكانت البناية تتكون من حرم ومصلى وقد كتبت على الكاشي الكر بلائي في اعلى المدخل الرئيسي للمقام ابيات شعرية من نظم الخطيب الحسيني المرحوم الشيخ هادي الكر بلائي رحمه الله :
هذا المقام لزينب الكُبرى العقيلة***بنت النبي ومن له أضحت سليله
بنت الوصي المرتضى أَخت الحسين***ومهجة الزهراء فاطمة البتـوله
وقفت هنا في يـوم عاشوراء***والهة لعظم مصاب اخوتها ذهوله
حرما هنا قد شيدوه لأجلها***وكذا مَصلـى يرجو بانيه قبولـه
العمارة الثالثة
عام 1419 هجري رغم المضايقات والجور الصدامي البغيض سعى قائمقام مركز كربلاء في حينها جناب المفضال السيد يوسف الحبوبي الذي كان ولا يزال معروفاً بمواقفه المشرفة بخدمة المراقد المقدسة لآل البيت عليهم السلام. وفقهُ الباري عز وجل لكل خير ومعروف بجهود هذا الرجل ومثابرته تم أِستحصال الموافقات الخاصة بتوسيع المقام وتجديده من قبل المحسن السيد ناصر شبر وتم انجاز العمل عام 1420 هجري وأدناه وصف تفصيلي للبناية الحالية:
يحيط بالبناء من الإمام سياج حديدي بارتفاع 2م يرتكز على جدران من الطابوق مغلف بالمرمر بارتفاع 50 سم تتخلله دعامات كونكريتية مغلفه بالمرمر، والسياج له ثلاث أبواب، الباب الرئيسية تقابل باب الزينبية في العتبة الحسينية المقدسة والثانية بجوار سوق الزينبية من جهة الشمال وأخرى من الجهة الثانية لمدخل السوق من جهة اليمين.
المظهر الخارجي: البناء من الخارج مغلف بالمرمر بارتفاع 3م والواجهة مغلفة بالكاشي الكربلائي وتعلوها كتيبة قرآنية من الكاشي الكربلائي كتبت عليها الآية القرآنية (إنما وليكم الله ورسوله...) وأعلى السطح توجد لوحتان ضوئيتان الأولى كتب عليها السلام عليك يا زينب الكبرى والثانية كتب عليها السلام عليك يا بنت علي المرتضى.
الصحن
أرضيته مغلفه بالمرمر ويحتوي على كيشوانية وسلم يؤدي إلى حرم النساء، وهذا الصحن تم استحداثه وضمه بعد سقوط النظام المقبور وقامت بأعماله لجنة المشاريع في العتبة الحسينية المقدسة وتبلغ مساحة الصحن 180م تقريباً.
المدخل الرئيسي
عبارة عن طارمة أمامية ترتكز على دعامتين وسلم مغلف بالمرمر، ثم باب من الخشب الساج بعرض 2م وارتفاع 4م ذي مصراعين مزخرف بالنقوش الإسلامية وفي الكتيبة كتبت الآية (إنما يريد الله ليذهب.....) وهي حفر على الخشب، ثم قوس من الكاشي الكربلائي الأخضر على شكل ظفيرة ومن الأعلى مكتوب عليها مقام التل الزينبي مؤرخ رجب 1425هـ، كما يوجد على يسار الباب الرئيسية مشبك على شكل قوس إسلامي من الكاشي الكربلائي الأخضر يطل على السوق الزينبي بجواره غرفة صغيرة يوجد فيها سلم يؤدي إلى السطح ويحوي قاطع الكهرباء...
الحرم
وتبلغ مساحته 100م تقريباً وينقسم إلى جزئين بواسطة قاطع مزجج من الوسط ، الجزء الأول منه مخصص للرجال والآخر للنساء، والحرم مغلف بالمرمر الأبيض بارتفاع 2م تعلوه كتيبة من الكاشي الكربلائي كتبت عليها مجموعة من الآيات القرآنية (إنما وليكم الله ورسوله... إنما يريد الله ليذهب... الذين أوتوا العلم درجات... قل لاأسئلكم عليه اجر..) وفي قاطع النساء كتبت الآية (إن في خلق السموات...) وفوق الكتيبة مغلف بالمرايا ونقوش إسلامية ووسط الحرم دعامتان ترتكز عليهما القبة.
المحراب
بارتفاع 4 ونصف متر تقريباً مغلف بالمرمر الأخضر الأونكس بدايته قطعة دائرية كتب عليها الآية القرآنية (إن الله اصطفى آدم .....) ثم مشبك على شكل قوس إسلامي بارتفاع 2ونصف متر تقريباً كتب عليه من الوسط وحوله لفظ الجلاله وأسماء الأئمة المعصومين عليهم السلام، يتوسطه شباك من الفضة ذو بابين، وتخريم في الوسط كتب عليه (الله اكبر) والبناء من الداخل له شباكان على شكل قوس إسلامي .
القبة
القبة من الخارج مغلفة بالكاشي الكربلائي الأخضر المعرق ومن الداخل مغلفة بالمرايا ولها ثلاث فتحات متخذه للتهوية
وقد انتهى العمل من التوسعات والتحسينات عام 1420هـ وقد تسابق الشعراء في نظم قصائدهم تخليداً لهذا الصرح العظيم ومن جملة ما قاله الشعراء القصيدة التالية لخادم الحسين الحاج محمد علي الحاج حسين الحلاق:
الله يا يوم الطفوف ومـا بدا***ظلما على الاطهار اركان الهدى
فيه الحسين وزينب صدقا بمــا***قد عاهدا الله التصبــــــر والفدا
تالله لا انسى الحسين على الثـرى***يقضي وحيدا ضاميا مســـتشهدا
فملائك الرحمن قد ذهلت لـــــــه***والحزن قد عم البرية سرمــــــدا
ولزينب الحوراء اعظم وقفــــــة***فالدين لولاها لكـــــــــــان مبددا
عظمت رزيتها وجلّ مصابــــها***لكنها تخفي الشـــــــــجون تجلدا
من للعقيلة والفواطم حولــــــــها***عطشى لواذاً من هجوم ذوي الردى
وقفت على عليائها مذهولـــــــةً***تنخى اخاها سبط طه المقتـــــــدى
من فوق هذا التل نادت زينـــــب***ادرك حريمك ياحســــين من العدى
قم للخيام فما لنا من نــــــــــاصر***هل يغتدي مني لمســـــــمعك الندا
نظرت الى شمر الخنا يرقى على***صدر ابن بني المصطفى متوعدا
بكت السماء دما وفاضت مثلـــها***ارض الطفوف على الشهيد المفتدى
رمقت الى جنب الشريعة طرفها***نادت اخي عباس ضاق بنا المدى
قم يابا الفضل العضيد مدافعـــــا***اولم تكن كفل العيال مســـــــهدا
تعليق