خرجتْ سلمى من دارِها لزيارةِ صديقتِها زينب.
استقبلتها زينبُ بترحابٍ بالغٍ كعادتها ورحَّبت بها وجلست معها في حجرتِها يتجاذبان أطرافَ الحوار، وفي أثناءِ حوارهما لَاحظتْ زينبُ أنَّ صديقتها سلمى شاردةٌ وكأنها تفكِّر في أمرٍ مَا، وهُنا سألتْها زينب قائلةً: سلمى.. أشعر أنَّ هناك أمرًا يؤرِّقك وتحاولين إخفاءَه.. أخبريني يا صديقتي فأنا صديقتُك المخلصةُ.
فجأةً أجهشتْ سلمى في البكاء وهي تقول: هناك مشكلةٌ أعاني منها يا زينب.. مشكلةٌ كبيرةٌ.
سألتْها زينبُ في قلقٍ: تحدَّثي ودعيني أشاركِّ مشكلتك فربَّما وجدنا لها حلاًّ.
وهنا أخذت سلمى تروي لها مشكلتها مع جارتِها سعاد، لقد بدأتْ تشعر أنَّ سعاد لا تحبُّها فلم تعُدْ تزورها في بيتِها كما كانت تفعلُ ولم تعد تلعبُ معها، بل حرَّضت كلَّ بناتِ الجيران كي لا يلعبْنَ معها ولذا صارتْ تشعر بالوحدة وكأنَّها منبوذةٌ من الجميع، رُغم أنها لم تؤذي جارتَها سعاد ولو بكلمةٍ واحدةٍ.
ما أن انتهتِ سلمى من حكايةِ قصَّتها حتى أخذتْ سعاد تفكِّر في اهتمامٍ، وبعد لحظاتٍ من التَّفكيرِ هتفت زينب: ما تقولينه غريبٌ حقًّا.. فجأةً تنسى سعادُ الصَّداقةَ الوطيدةَ التي بينكما وتحرِّض بناتِ الجيران أيضًا على خصامِك.
أجابتها سلمى من بين دموعها: أجلْ.. هذا ما حدث.. وأؤكِّد لك أنِّي لم أفعلْ لها شيئًا يغضبُها.
لمعتْ عينا زينب وهي تقول: وما رأيُك لو دللْتك على طريقةٍ تجعل سعاد وبنات الجيران يُحببنك من جديدٍ ولا يُخاصموكِ أبدًا.
ظهرتِ الحيرةُ على وجهِ سلمى وهي تتساءل: كيف هذا.. ما تلك الوسيلةُ التي تجعلهنَّ يعدنَ صديقاتي ويُحببْني مرَّةً أخرى؟
أجابتها زينب في ثقةٍ: كلَّما التقيتِ بهنَّ في غُدوِّك ورواحِّك قولي لهنَّ عبارةً صغيرةً.. قولي لهنَّ ( السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ).. وسترينَ خلال أيَّامٍ مفعولَ هذه الكلماتِ.
ظهرتْ علامةُ الشَّكِّ على وجهِ سلمى وهي تقول: هل أنتِ متأكِّدةٌ من كلامِك هذا؟
أجابتها زينب بثقةٍ شديدةٍ: متأكدةٌ تمامًا.. وأنتظر زيارتك الأسبوعَ القادمَ لتخبريني بالنتيجة.
مرَّ الأسبوعُ وفوجئت زينب بصديقتِها سلمى تطرق بابها في فرحٍ وسرورٍ، استقبلتْها زينبُ وأدخلتْها لحجرتِها وهي تقول: ما الأمر.. أراكِ سعيدةً جدًّا.
هتفت سلمى: وكيف لا أكون سعيدةً وقد أصبحتْ سعاد وكلُّ بنات الجيران يحببني جدًّا جدًّا جدًّا.. ولكن أخبريني بالسِّرِّ.. ما سرُّ هذه الكلمات ؟
أجابتها زينب بنبرةٍ تمتلئ بالإيمان: إنها نصيحةٌ من رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم
لمعت عينا سلمى وهي تردِّد: الآنَ عرفتُ السِّرَّ.. السَّلامُ طريقُ المحبَّةِ.
تعليق