بسم الله الرحمن الرحيم
الحسين (ع) مظهراً لأحكام الله تعالى
الأمة إذا ارتبطت بالقادة المعصومين (عليهم السلام) تكون عاقبتها هي المعيشة السعيدة والاستقرار والطمأنينة في الحياة لأنها مبعث لتحصيل التقوى التي هي المفتاح الرئيسي لانفتاح الخيرات والبركات.
قال تعالى : ((ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات ٍ من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوايكسبون)).
وقد ثبت عند أهل المعرفة إن أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم التحية والسلام) هم الواسطة في عالم الإمكان، وهم الوسطاء في نزول الفيوضات والبركات الإلهية من قبيل الأرزاق والأمطار.
ورد في الزيارة الجامعة : ((وبكم يُنزِّ ل الغيث وبكم يُمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بأذنه، وبكم يُنفس الهم، ويكشف الضُرَّ وعندكم ما نزلت به رسله وهبطت به ملائكته)).
عن أبي هراسة عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال:
((لو أنّ الإمام رُفع من الأرض ساعة لماجتْ بأهلها كما يموج البحر بأهلهِ)).
أما إذا ابتعدت الأمة عن قادتها المعصومين (عليهم السلام) فإنها سوف تعيش حالة الذل والهوان والمعيشة الضنيكة على المستوى المادي والمعنوي.
قال تعالى: ((ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)).
فإن مثل هذه الأمة المبتعدة عن الخليفة الإلهي الشرعي سوف تعيش الضنك بـِكِلا القسمين، وتكون ذليلة ً لجميع القوى المنحرفة سواء على مستوى النفس الأمارة بالسوء والهوى وعبادة الطواغيت والحكام المنحرفين وإظهار المودة والطاعة لهم.
إذا أرادت الأمة أن تخرج من الذلة إلى العزة، ومن الظلمة إلى النور عليها أن تسير بخطى أهل البيت (عليهم السلام).
إن الله تعالى لو أراد أن يخرج أمة ً من الأمم من ذلها وهوانها فيكون خروجها ببركاتهم ووجودهم (عليهم السلام):
((وبكم أخرَجنا الله من الذل وفرَّجَ عنا غمرات الكروب وأنقذنا من شفاُ جُرُف ِ الهلكات ومن النار)).
إن الإمام الحسين (عليه السلام) يُعتبر مُظهراً لأحكام الله سبحانه وتعالى، وشارحاً لسننه وتعاليمه من حلالٍ و حرام.
الحسين (عليه السلام) كان خروجه تمهيداً لتطبيق الحكومة الإلهية، حكومة الله في الأرض، وهي جريان أحكامه سبحانه وتعالى وجعلها هي الحاكمة في حياة البشرية، حتى تنتظم مناهج الحياة التي لا بد أن تكون كما شرَّع الإسلام بجميع التفاصيل والدقائق، وهذه الأبعاد لا يمكن أنْ تدرك بالذهن الأموي وأصحاب الأهواء الفاسدة من حكام بني أمية وقوى الانحراف.
ومن أجل أحكام الله تعالى والحكومة الربانية التي ثار من أجلها الحسين بن علي (عليهما السلام) أريقت دماءه الطاهرة على أرض العشق الإلهي، وقد ارتوت وأينعت شجرة الإسلام التي تأتي أكلها كل حين إلى يوم القيامة.
الحسين (عليه السلام) هو النور الإلهي الذي يستضاء ُ به في عالم الظلام وهو العروة الوثقى والحجة على أهل الدنيا، وإمام الهدى ومصباح الدجى وعلم التقى والمُبيّن للأوامر والنواهي الإلهية.
يقول الإمام الهادي (عليه السلام) : (( والمظهرين لأمر الله ِ ونهيه)).
إن مسؤولياتنا كبيرة وخطيرة لأننا ننتمي إلى الأم الفاطمية والأب العلوي، فيجب علينا أن نسعى لتطبيق ما يظهره ُ الأبُ العلوي والأم الفاطمية من أحكام شرعية وأوامر إلهية.
والذي ينتمي إلى هذه الأسرة الطاهرة بالتبعية أهم شيء يجب عليه أن يقوم به هو العمل في سبيل مرضاة الخالق سبحانه، وأن يكون مع الآخرين مركزا ً للوحدة والتلاحم والانسجام والمحبة والألفة، وطرد جميع المظاهر التي تدعوا إلى الفرقة والفتن ؟ هذا لأن راية الحسين (عليه السلام) هي راية الوحدة والتلاحم لا راية الفرقة والتشتت.
فلو رجع الإمام الحسين (عليه السلام) إلى ساحة الوجود وقال لنا مالكم إن لكم إماماً واحداً وأنتم متفرقون عن بعضكم، وقال لنا ما لكم لا تقرئون وتعملون بقوله تعالى :
((واعتصموا بحبل الله جميعا ً ولا تفرقوا)).
عندها ماذا يكون الجواب لريحانة رسول الله (صل الله عليه وآله وسلم)؟
ولنصلح أنفسنا ولا نخدعها بالمظاهر، فعندما نقف أمام أبو عبد الله (عليه السلام) ونزوره في زيارته المعروفة بعاشوراء بقولنا : (( إني سلمٌ لمن سالمكم وحربٌ لمن حاربكم )).
علينا أن نلتفت إلى معاني الولاء الذي هو السّلم والسخط والغضب الذي هو الحرب مع أعداء الحسين (عليه السلام) هذه المعاني التي نجدها في الزيارة العاشورائية تحمل دروساً في الاعتقاد والفكر والسلوك والأخلاق، هذه المفاهيم السامية التي نستفيد منها في ثورة الحسين (عليه السلام)، وهذا لازمه يكون أن نحب من أحب الإمام الحسين (عليه السلام) وأن نوالي كل من والاه لا أن نعيش العداوة والبغضاء والضغينة وفي نهاية المطاف نكون ضحية التنافس والتناحر المقيت الذي ليس للدين فيه أي حصة أو صلة أو علاقة.
إن في زيارة عاشوراء مجموعة من الدروس الأعتقادية والسياسية والفكرية وإظهار السخط والغضب على عدوّ أهل البيت (عليهم التحية السلام) وهي المحك الذي يتميز به النفيس من الخسيس وتقديم البراءة على الولاء أو التبريء على التولي وهي الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، وطلب المعونة على الانتقام من العدو والتوفيق في أخذ الثأر منه وإرسال النداء تلو النداء بحيث تعكس كل عبارة فيه القيَّم الفاضلة وفصولا ً لا تتحمل التردد فتفتح للإنسان طريقه، ومنها القدرة على منح الإنسان القوة والاستقامة في قطع الطريق حتى يصل إلى الحقيقة الراسخة.
تعليق