بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التوكّل على الله..
جاء في دعاء السراي الوارد في كتاب مهج الدعوات ((آمنا بك يا سيدي وتوكلنا عليك وسمعنا لك يا سيدي وفوضنا أمرنا إليك))..
وكلته فتوكل لي، وتوكلت عليه بمعنى: اعتمدته/ مفردات الراغب..
وقد أجاب جبرئيل عن تفسير التوكّل عندما سأله النبي (صلّى الله عليه وآله) عن التوكل على الله تعالى فقال: ((العلم بأن المخلوق لايضر ولاينفع، ولا يعطي ولايمنع، واستعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله، ولم يرج ولم يخف سوى الله، ولم يطمع في أحد سوى الله، فهذا هو التوكل))..
من هنا نفهم بأنّه لا يكتمل إيمان عبد ما لم يكن متوكّلاً على الله سبحانه وتعالى في كلّ أموره في صغيرها وكبيرها فعن الإمام الرضا (عليه السلام) ((الإيمان أربعة أركان: التوكل على الله عزوجل: والرضا بقضائه، والتسليم لأمر الله، والتفويض إلى الله))..
وهذا يعني انّ العبد ينظر الى ما دون الله سبحانه وتعالى عاجزين لا يمكن الاعتماد عليهم من غير مشيئة وتدخل الباري عزّ وجلّ، فالله تعالى بيده رزق العباد ومؤونتهم، عن الامام علي (عليه السلام) ((حسبك من توكلك أن لاترى لرزقك مجريا إلا الله سبحانه))..
وفي نفس الوقت لا يعني نفي الأسباب الطبيعية فلا يركن إليها، بل انّ المؤمن مطلوب منه أن يسعى في طلب الرزق وطلب المعونة من الغير في شؤون الحياة ولكن لا على نحو الاستقالية، بل انّ الأمر أولاً وآخراً بيد الله سبحانه وتعالى، وهذا ما يتّضح من جواب النبي (صلّى الله عليه وآله) عندما سأله أحدهم ((يا رسول اللَّه أعقلها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "اعقلها وتوكل"))، وعن الامام الصادق (عليه السلام) ((لا تدع طلب الرزق من حله فإنه أعون لك على دينك، وأعقل راحلتك وتوكل))..
ومما تجدر الاشارة اليه هو ان قبال التوكّل التواكل، ويعني أن تجلس وتنتظر رزقك وتصبر فلا تسعى اليه وتستغني عن الناس، وهذا من الأمور المذمومة التي ينهى الاسلام عنه، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) - لقوم رآهم لا يزرعون – ((ما أنتم ؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: لا، بل أنتم المتكلون))، ويروى انّه لما نزل قوله تعالى: ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)) انقطع رجال من الصحابة في بيوتهم واشتغلوا بالعبادة وثوقا بما يضمن الله لهم، فعلم النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك فعاب ما فعلوه، وقال: إني لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربه: "اللهم ارزقني" ويترك الطلب))..
لذا فانّ الاسلام يحثّ على التوكل وينهى عن التواكل، وقد مدح الله سبحانه وتعالى المتوكلين بآيات عديدة كقوله تعالى ((فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ))آل عمران : 159، وقوله تعالى ((وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))الأنفال : 49..
اللّهم اجعلنا من المتوكّلين عليك في جميع أمورنا..
تعليق