بين الزهراء ومريم عليهما السلام
قال تعالى في حق السيدة مريم بنت عمران عليها السلام {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}
وقال الله تعالى في حق أهل البيت و منهم الزهراء عليها السلام {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.
لو تأملنا وأمعنا النظر في الفرق بين المقامين من خلال الآيتين الكريمتين؛ لوجدنا أفضلية الزهراء عليها السلام ظاهره، فأما الآية الأولى المتحدثة عن مقام السيدة مريم عليها السلام؛ ففي المجمع عن الباقر عليه السلام معنى الآية اصطفاك من ذرية الأنبياء وطهّرك من السفاح واصطفاك لولادة عيسى عليه السلام من غير فحل.(ج2 ص290-291)
فإن كانت السيدة مريم مصطفاة من ذرية الأنبياء فهي ليست بنت سيد الأنبياء، ولاشك أنّ الصفوة من سيد الأنبياء أفضل من الصفوة ممن هم دونه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمّا الطهارة من السفاح فإنّ الزهراء عليها السلام اُذهب الرجس عنها وطهّرت تطهيرا، وهنا محط الرحل وما يحرسك عن الوقوع في الوحل وهو أنه لو سلّمنا بأنّ ما ذكرته الرواية من باب ذكر المصداق وإلا فالاصطفاء والطهارة لمريم أوسع من ذلك، فإنّ آية التطهير تكشف عن مقام أعظم فإنّ الاصطفاء الرباني والاختيار الرحماني الذي يعني العناية الخاصة مراتب فلم تبيّن الآية على أي مرتبة هذا الاصطفاء والتطهير والرواية بينت لكن لو خُلينا والآية أو للتوجيه الذي ذكرناه فيبقى أنه لو قارنّا هذا النحو من التعبير عن مقام السيدة مريم بالتعبير الآخر سيظهر الفرق جلياً ساطعاً، فإنّ إذهاب الرجس هو أعلى مرتبة من الاصطفاء، والطهارة التطهيرية أعلى مراتب الطهارة وذلك بالتقريب التالي وهو أنّ الرجس مطلق يشمل الرجس المادي و المعنوي وليس على نحو اذهاب الرجس منهم ولا على نحو اذهابهم عن الرجس وهذا أعلى مراتب العناية والاصطفاء وتفصيل هذا لا يسمحه المجال و نتركه لفطنة المتأمل، وأمّا الطهارة ففي مريم لم يقل المولى وطهركم تطهيراً بل وقف عند مرتبة وطهركم والرواية تقول من السفاح فقط لكن حتى لو قلنا أوسع من ذلك والسفاح اُخذ مصداقاً فإن الزهراء عليها السلام طهرت من كل سوء ونقص ما عدا الفقر الذاتي والنقص الإمكاني لأنّ كل كمال فمن الواجد الواجب جلّ و علا وذلك يُعرف من خلال قوله تعالى وَيُطَهِّرَكُمْ ولم يقف كما وقف هناك بل قال تَطْهِيرًا أي أعلى المراتب ولا توجد مرتبة تطهيرية أعلى منها وهنا تعرف كم هو الفارق بين مريم الصغرى بنت عمران ومريم الكبرى بنت محمد (ص) ولهذا تجد الروايات الصحيحة عند المخالف قبل المؤالف تقول عن أبي البتول (ص): (...وابنتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة...) (بحار الأنوار ج 36 ص 295) ولمّا كانت مريم في الجنة ففاطمة سيدتها بل مقتضى كون الزهراء سيدة في الجنة فعليه أنّ مريم ما وصلت إلى ما وصلت إليه إلا لمّا جعلت فاطمة سيدة لها تقتدي بها وهذا يعني أنّ مريم تعرف فاطمة لأنّ ما يكشفه سيادة فاطمة في الجنة هو سيادتها في الدنيا إذ لا يعقل أنّ السيد في الآخرة ليس سيداً في الدنيا لأنّ الآخرة دار جزاء ويوم تبلى السرائر و السيد يقابله العبد المملوك الذي يجب أن يطيع سيده ولسيده حق المولوية والأمر و النهي.
بقلم: الشيخ علي الشداد
قال تعالى في حق السيدة مريم بنت عمران عليها السلام {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}
وقال الله تعالى في حق أهل البيت و منهم الزهراء عليها السلام {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.
لو تأملنا وأمعنا النظر في الفرق بين المقامين من خلال الآيتين الكريمتين؛ لوجدنا أفضلية الزهراء عليها السلام ظاهره، فأما الآية الأولى المتحدثة عن مقام السيدة مريم عليها السلام؛ ففي المجمع عن الباقر عليه السلام معنى الآية اصطفاك من ذرية الأنبياء وطهّرك من السفاح واصطفاك لولادة عيسى عليه السلام من غير فحل.(ج2 ص290-291)
فإن كانت السيدة مريم مصطفاة من ذرية الأنبياء فهي ليست بنت سيد الأنبياء، ولاشك أنّ الصفوة من سيد الأنبياء أفضل من الصفوة ممن هم دونه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمّا الطهارة من السفاح فإنّ الزهراء عليها السلام اُذهب الرجس عنها وطهّرت تطهيرا، وهنا محط الرحل وما يحرسك عن الوقوع في الوحل وهو أنه لو سلّمنا بأنّ ما ذكرته الرواية من باب ذكر المصداق وإلا فالاصطفاء والطهارة لمريم أوسع من ذلك، فإنّ آية التطهير تكشف عن مقام أعظم فإنّ الاصطفاء الرباني والاختيار الرحماني الذي يعني العناية الخاصة مراتب فلم تبيّن الآية على أي مرتبة هذا الاصطفاء والتطهير والرواية بينت لكن لو خُلينا والآية أو للتوجيه الذي ذكرناه فيبقى أنه لو قارنّا هذا النحو من التعبير عن مقام السيدة مريم بالتعبير الآخر سيظهر الفرق جلياً ساطعاً، فإنّ إذهاب الرجس هو أعلى مرتبة من الاصطفاء، والطهارة التطهيرية أعلى مراتب الطهارة وذلك بالتقريب التالي وهو أنّ الرجس مطلق يشمل الرجس المادي و المعنوي وليس على نحو اذهاب الرجس منهم ولا على نحو اذهابهم عن الرجس وهذا أعلى مراتب العناية والاصطفاء وتفصيل هذا لا يسمحه المجال و نتركه لفطنة المتأمل، وأمّا الطهارة ففي مريم لم يقل المولى وطهركم تطهيراً بل وقف عند مرتبة وطهركم والرواية تقول من السفاح فقط لكن حتى لو قلنا أوسع من ذلك والسفاح اُخذ مصداقاً فإن الزهراء عليها السلام طهرت من كل سوء ونقص ما عدا الفقر الذاتي والنقص الإمكاني لأنّ كل كمال فمن الواجد الواجب جلّ و علا وذلك يُعرف من خلال قوله تعالى وَيُطَهِّرَكُمْ ولم يقف كما وقف هناك بل قال تَطْهِيرًا أي أعلى المراتب ولا توجد مرتبة تطهيرية أعلى منها وهنا تعرف كم هو الفارق بين مريم الصغرى بنت عمران ومريم الكبرى بنت محمد (ص) ولهذا تجد الروايات الصحيحة عند المخالف قبل المؤالف تقول عن أبي البتول (ص): (...وابنتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة...) (بحار الأنوار ج 36 ص 295) ولمّا كانت مريم في الجنة ففاطمة سيدتها بل مقتضى كون الزهراء سيدة في الجنة فعليه أنّ مريم ما وصلت إلى ما وصلت إليه إلا لمّا جعلت فاطمة سيدة لها تقتدي بها وهذا يعني أنّ مريم تعرف فاطمة لأنّ ما يكشفه سيادة فاطمة في الجنة هو سيادتها في الدنيا إذ لا يعقل أنّ السيد في الآخرة ليس سيداً في الدنيا لأنّ الآخرة دار جزاء ويوم تبلى السرائر و السيد يقابله العبد المملوك الذي يجب أن يطيع سيده ولسيده حق المولوية والأمر و النهي.
بقلم: الشيخ علي الشداد
تعليق