مراحل الهدم والعدوان على العتبة
العباسية المقدسة ...
لمحة تأريخية : ( الجزء الأول )
شهدت العتبة العباسية المقدسة منذ عدة قرون خلت العديد
من الهجمات العدوانية وطالها الكثير من الدمار ،
وقد يضيق المقام بذكر كل تلك الحوادث
لو استطعنا إحصاءها منذ بدايتها ،
لكننا سنحاول جاهدين في هذا التقرير ذكر ما أحصيناه
منها ( فما لا يُدرك كلُّه لا يُترك جلُّه )
وسنقسم الحوادث وفق القرون الهجرية .
فمنذ النصف الثاني للقرن الأول من الهجرة بدأ تقتيل
وإرعاب للزائرين وتخريب واعتداء على رموز قداستها ،
سمات لازمت عتبات كربلاء المقدسة مذ وجدت لبناتها الأولى
بعد انطواء الصفحة العسكرية من ملحمة الطف الخالدة
في العاشر من محرم الحرام عام 61هـ،
حتى عندما كانت تلك المراقد الطاهرة ،
مجرد شواهد بسيطة كتلك التي توضع للقبور العادية .
والمتتبِّع لسلسلة الحوادث الكثيرة تلك ،
والتي مازالت مستمرة حتى يومنا هذا مع اختلاف
طفيف في الأساليب ،
يؤشر إلى خوف الطغاة ومتّبعي سُبُل الضلال
من هذه الرموز العظيمة ،
التي طهّرت هذه البلاد وأنارت طريق الأحرار فيه
وفي غيره من بلاد المعمورة ،
والتي يبدو أنها تُذّكِر من يعتدي عليها بخواء نهجه
وبقرب زوال ظلمه ،
خاصة إن كان من الحُكّام ،
فيحاولون لأجل ذلك طمس معالمها وحجب شمس
حقيقتها بغربال باطلهم ،
كما أنها في كل عصر - ولكونها الشاهد الحاضر -
وقبل كل ذلك تحرّض المظلومين على الثورة ضدّ الطغاة ،
رغم قلة الناصر وضعف العُدّة وتبشّرهم بالنصر ولو بعد حين .
ولعلّ الفترة التي مضت على القبر المطهّر من
بعد ملحمة الطف إلى أواخر الدولة الأموية ،
كانت أهدأ دورٍ مضى على الحائر ؛
لأنّهم اكتفوا - حسب الظاهر – بما اقترفوه من جرائم وآثام
لم يشهد التاريخ لها مثيلاً ،
جرت كلها بحق الإمام الحسين وأهل بيته
وأصحابه ( عليهم السلام ) في تلك الواقعة
وما تلاها من عذابات السبي ،
مما حدا بعبد الملك بن مروان أن يكتب إلى عامله الحجاج
بن يوسف الثقفي بقوله :
( جنّبني دماء آل أبي طالب فإنّي رأيت المُلْكَ استوحش
من آل حرب حين سفكوا دماءهم ) ،
فكان الحجّاج ممتثلاً لذلك الأمر ،
خوفاً من زوال الملك عنهم لا خوفاً من الله عزّوجلّ !! ،
متجنّبين دماء آل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) ،
ولهذا السبب أو لغيره لم يتعرّضْ الأمويون لمراقد كربلاء المقدسة
كما تعرّض لها العباسيون بعد ذلك ،
عدا أن أولئك أقاموا المخافر والرجال المدججة بالعتاد والسلاح
على أطراف كربلاء لمطاردة الزوار ومعاقبتهم بأقسى العقوبات
من القتل والصلب والتمثيل بهم ،
وأكملت الدولة العباسية الدور بعدهم على أثر انقراض دولة الأمويين ،
فسنّ العباسيون أسوأ السنن بالتعرض للحائر المقدس ،
وهدمه وما حوله .
القرن الثاني الهجري :
صبّ المنصور العباسي جام غضبه على العلويّين وآثارهم ،
وتطاول على القبر المطهّر فهدم السقيفة التي بُنيت عام 65 هـ
على قبر الإمام الحسين ( عليه السلام ) وذلك في عام 146 هـ .
وفي سنة 193 هـ أمر الحاكم هارون العباسي بهدم كربلاء كلّها ،
بضمنه البناء القائم على ضريح الإمام الحسين
وأخيه أبي الفضل العباس ( عليهما السلام ) ،
وحرث أرض القبر الشريف للإمام ( عليه السلام ) ،
وهدم الدور المحيطة به ،
وقطع السدرة المطلّة على قبر الإمام الحسين ( عليه السلام ) ،
وكان يروم بقطعها منع الزائرين لئلاّ يستظلّوا تحتها
أو ليهتدوا بها إلى القبر الشريف كمحاولة من محاولات الطغاة
الكثيرة لإخفائه ومنع الناس من زيارته على مرّ العصور ،
كل ذلك لكي لا يستلهموا منه قيم الإباء والثورة ضدّ الظالمين
مهما عتوا وكبروا - وهارون منهم طبعاً - ،
وقد فعل هارون كل ذلك من خلال أوامره الى واليه
على الكوفة موسى بن عيسى بن موسى الهاشمي .
لمزيد من التفاصيل عن الموضوع
اضغط هنا
تعليق