أدب العطاء عند أهل البيت
( عليهم السلام )
(( مواعظ حسنة ))
العطاء إلى المحتاجين على قسمين:
1- عطاء بمقدار من المال يرفع به المنفق حاجة الفقير
الوقتية ويدفع عنه بعض المصاعب التي يواجهها
في حياته اليومية نتيحة فقد انه المال .
2- وعطاء يتميز بالمال الكثير يقدمه المعطي هدية للفقير
ليستعين به على تبديل حالته وتغيير مجاري حياته المالية
من الفقر إلى الغنى .
ونحن أمام هذين العطاءين : فالأول منهما : لا يحل مشكلة الفقير ،
ولا يعالج قضية الفقير من الجذر إذ لا يريح المحتاج ،
ويخلصه من ويلات الحرمان .
أما الثاني :
فإنه يحقق هذه الغاية وينحو نحو هذا الهدف السامي
لأنه يتناول المشكلة ،
فيعالجها من الأساس بإقتلاع جذورها العميقة ،
وبذلك تكون هدية المعطي من القسم الثاني ليس لإنعاش
الفقير فقط بل خدمة يقدمها إلى مجتمعه بتبديل عناصر لها
خطورتها بعناصر طيبة يرجى منها كل الخير .
لذلك لا عجب إذا رأينا أهل البيت (عليهم السلام ) ينحون
في عطائهم الى تحقيق هذه الغاية فنشاهد أغلب الوقائع
التي كانوا يقدمون فيها العطاء إلى المحتاجين كان الإنفاق فيها
من القسم الثاني فلم يكن عطاؤهم نزراً يقصدون به رفع
حاجة الفقير الوقتية ولئلا يرجع السائل عن بابهم بخيبة أمل ،
بل كان عطاؤهم وفيراً يقصدون فيه تبديل حالة السائل
وتغيير عنوانه من فقير عاطل إلى غني عامل .
تقول مصادر التاريخ أن الإمام الحسن بن علي ( عليهما السلام )
اعطى سائلاً قصده خمسين ألف درهماً وخمسمائة دينارٍ ،
وأعطى طيلسانه للحمال الذي جاء ينقل هذا المال ،
وفي واقعة أخرى نراه صلوات الله عليه يعطي سائلاً قصده
عشرين ألف درهم وعندما شاهد السائل هذه الأريحية ،
وهذا الكرم قال والحيرة تأخذ عليه مسالك التفكير :
يا مولاي الا تركتني أبوح بحاجتي ، وأنشر مدحتي .
فأجابه الإمام : وهو يردد هذه الأبيات :
تـجود قبـل الـسؤال أنـفسنـا خـوفاً على مـاء وجه من يسـل
إن آل البيت الهاشمي عندما يعطون شعارهم
في العطية ( إذا أعطيت فأغني ) .
وهذا معنى العطاء الجزل الذي اذا حصل أغنى من وصل إليه .
ولنقف أمام هاتين الواقعتين من عطاء الإمام ( عليه السلام )
فبالامكان أن نستفيد من خلالهما الأمور التالية :
الأمر الأول : أدب العطاء ويظهر ذلك من مبادرة الإمام بالعطاء
قبل أن يبدأ السائل بالمسألة وبذلك حفظ له كرامته فلم يمهله
ليعرض عليه حاجته وتبدو على وجهه إمارات الذل ،
بل بادره بقضاء حاجته .
وقد حصل مثل ذلك لسائل آخر في مجلس الإمام الرضا ( عليه السلام )
فقد نقل لنا أحد الرواة أن سائلاً سأل الإمام أن يعطيه مقداراً
من المال لأنه فقد نفقته فقال له :
" قد افتقدت نفقتي وما معي ما ابلغ به مرحلة فإن رأيت
أن تنهضني الى بلدي " .
ويأتي الجواب من الإمام قائلاً :
اجلس رحمك الله ،
ثم دخل الحجرة ، وخرج ،
وقد رد الباب وأخرج يده من أعلى الباب ،
وقال اين الخراساني ؟
فقال : أنا ذا .
فقال : خذ المائتي دينار فاستعن بها في مؤنتك واخرج فلا
أراك ولا تراني ثم خرج .
وهنا تكلم أحد الحاضرين قائلاً : جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت
فلماذا سترت وجهك عنه ؟
فقال : مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته .
أما سمعت حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
المتستر بالحسنة تعدل سبعين حجة والمذيع بالسيئة مخذول ،
والمتستر بها مغفور له .
الأمر الثاني : اغناء السائل .
إن الإمام عندما يعطي هذا المقدار من المال وبهذه الكثرة
لا يخلوا الحال فيه : فإما أن يكون من بيت مال المسلمين
حيث يتصرف فيه بحسب ولايته الشرعية وهو أعرف بصرفه .
أو أنه من ماله الشخصي ويتصرف فيه تصرفاً شخصياً .
وفي كلتا الحالتين لا يتصرف جزافاً ولا يجوز لنا أن
نقول : إنه بعمله هذا يبعثر المال .
ولعل الحكمة من ذلك هو إنعاش الفقير بإغنائه ليكون
ما يقدمه له مساعدةً لتغيير حالته من الفقر إلى الغنى
فيستعين بذلك المال على الكسب ،
والتجارة وشق طريقه في هذه الحياة على نحو أفضل مما هو عليه ،
فهو بعمله هذا ينقذ إنساناً شاءت الأقدار أن تسوقه
إلى هذا المجرى من العيش الرديء .
ولم يقتصر عطاء الإمام على السائل ،
بل كان للحمال الذي جاء لنقل المال حصة من الإحسان
حيث قدم له الإمام طيلسانه ،
ولا بد أن نعرف أن طيلسان الإمام ليس شيئاً عادياً ،
وإلا فلو كان شيئاً عادياً لما قدمه لهذا المسكين ولو كان حمالاً
إن الإمام(عليه السلام) بهذه الهدية يريد ارضاء جميع الأطراف ،
وعدم خروج فقير من الفقراء من مجلسه كسير النفس ،
ولذلك أرضى حتى الواسطة في النقل فطابت نفس الحمال
وهو يضع الطيلسان على كتفيه .
هذا لون من العطاء .
وهناك لون آخر نشاهد وقائعه تمر مع مسيرة الإمام
علي بن الحسين ( عليهما السلام )
الحياتية فإن عطاءه كان يشتمل على نحوين من الإحسان .
عطاء الإمام من القسم الأول :
تقول مصادر التاريخ ان الإمام زين العابدين ( عليه السلام )
كان يخرج في الليل وهو يحمل
(( الطعام ، والكساء ، والدراهم ، والدنانير ، وربما حمل الحطب ))
على كتقه ليوزع كل ذلك على الفقراء ،
وهو متنكر لا يريد أن يعرفه الفقراء ،
ولكنهم عرفوه بعد وفاته لأنهم افتقدوه بعد انقطاعه عنهم .
وليس هذا النوع من العطاء بعيداً عن الإمام زين العابدين( عليه السلام )
فقد تلقاه عن مسيرة جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
( عليه السلام ) وشاركه بهذه المسيرة أولاده ،
وأحفاده من أئمة أهل البيت ( صلوات الله عليهم ) وكانوا يقولون
لمن يعترض عليهم هذه الطريقة لما فيها من الانهاك ، والتعب ،
ولربما بعض الشيء من النقص عندما تصدر من أحدهم
وهو على جانب كبير من المهابة والأجلال :
" صدقة الليل تطفيء غضب الرب " .
وكان كثير من الأئمة يسيرون على هذه الطريقة مع بعض
أرحامهم وهم لا يعرفونه ولربما صدر من بعضهم
الدعاء عليه لأنه لم يصله ،
والإمام يغضي عن ذلك ولا يلتفت إليه لئلا يعرفه .
كل ذلك للحفاظ على كرامة المحتاجين والتستر
على الحالة التي هم عليها.
عطاء الإمام ( عليه السلام ) من القسم الثاني :
عتق العبيد
لظروف وأسباب قد لا تكون خافية على من درس أوضاع
الجزيرة العربية آنذاك وبقية الممالك ،
والمدن التي كان سوق العبيد فيها رائجاً ،
والتجارة بهم رابحة فإن الإسلام لم يواجه الأمة وهو
في أول المسيرة بالغاء الرقيق إذ لم يكن بالإمكان منع
ما جرى عليه العرف السائد في وقته .
وبما أن الإسلام حرص على غلق باب الرق ،
وكان هذا من الأسس الأولية لبناء المجتمع الإسلامي
لذلك عالج هذه المشكلة من طريقين :
الأول : غلق باب الرق ابتداءً إلا في حالة الحرب
بين المسلمين والكفار جهاداً ،
أو دفاعاً وبشروط يتعرض لها الفقهاء في بحوثهم الفقهية .
الثاني : تصريف ما كان موجوداً من الرقيق بفتح الباب
لعتقهم حيث جعل من جملة ما يكفر به
عند ارتكاب بعض الخطايا عتق الرقبة .
وهكذا فيمن ملك أحد العمودين جانب الإب ، أو الأم ،
فإنه يعتق عليه قهراً .
ومثل ذلك موضوع الطواريء القهرية التي تحل بالإنسان
من الأمراض وغيرها .
فإنه يعتق قهراً عند حلول ذلك الطاريء القهري كما لو قطعت يده ،
أو رجله، أو عمي وما شاكل .
وبعد كل هذا اخذ الإسلام يشوق الناس إلى التقرب
إلى الله بعتق العبيد ،
وجعل ثواباً عظيماً لمن يحرر نسمة ويخلصها من قيود العبودية .
وبذلك فتح الروافد الكثيرة لتصريف ما كان موجباً من العبيد
لينهي مشكلة تأصلت بين الناس في ذلك الوقت .
وعلى هذا سار المحسنون فكانوا يتسابقون على شراء العبيد ،
وعتقهم لوجه الله سبحانه وكان من جراء هذه الروافد
تخفيف حدة العملية الرقية ،
وكساد سوق الرقيق إلى أن وصل الأمر إلى تقلصها بل
وانها قد انعدمت في أيامنا هذه .
ولكن الملاحظ من الواقع الذي يعيشه أهل البيت ( عليهم السلام )
اتجاه هذه المشكلة انهم لم يكتفوا بتصريف العبيد بشرائهم وعتقهم
بل كانوا يقومون بأعمال أخرى تربوية واجتماعية مضافاً
إلى عملية العتق والتحرير .
فهذا الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام )
كان من المراحل الأولى التي يشتري فيها العبد يهيؤه للعتق :
يبدأ بتعليم العبد ، وتثقيفه ثقافة إسلامية ،
وتأديبية بالأداب التي يريدها الإسلام .
وبعد ذلك يعتقه لوجه الله لا على نحو الجزاء عن كفارة ليكون الغرض
من العمل هو التقرب الصرف لله سبحانه ، ونيل مرضاته .
وكان يقوم بتزويده بالمال ليساعده على الاستعانة به
في الكسب والتجارة ليشق طريقة في هذه الحياة من جديد
لا أن يكون كلاً على الناس كما كان كلاً على مولاه قبل عتقه .
وكان ( عليه السلام ) يتحين الفرص المناسبة لعتقهم ،
ويكون ذلك في موسم الأعياد من شهر رمضان ،
أو الأضحى ليضيف إلى فرحة العتق فرحة استقبال العيد بحرية كاملة .
* الانفاق في سبيل الله / عز الدين بحر العلوم ص181_185 .
رجوع 09-06-2012 عدد القراءات 3362
إن آل البيت الهاشمي عندما يعطون شعارهم
في العطية ( إذا أعطيت فأغني ) .
وهذا معنى العطاء الجزل الذي اذا حصل أغنى من وصل إليه .
ولنقف أمام هاتين الواقعتين من عطاء الإمام ( عليه السلام )
فبالامكان أن نستفيد من خلالهما الأمور التالية :
الأمر الأول : أدب العطاء ويظهر ذلك من مبادرة الإمام بالعطاء
قبل أن يبدأ السائل بالمسألة وبذلك حفظ له كرامته فلم يمهله
ليعرض عليه حاجته وتبدو على وجهه إمارات الذل ،
بل بادره بقضاء حاجته .
وقد حصل مثل ذلك لسائل آخر في مجلس الإمام الرضا ( عليه السلام )
فقد نقل لنا أحد الرواة أن سائلاً سأل الإمام أن يعطيه مقداراً
من المال لأنه فقد نفقته فقال له :
" قد افتقدت نفقتي وما معي ما ابلغ به مرحلة فإن رأيت
أن تنهضني الى بلدي " .
ويأتي الجواب من الإمام قائلاً :
اجلس رحمك الله ،
ثم دخل الحجرة ، وخرج ،
وقد رد الباب وأخرج يده من أعلى الباب ،
وقال اين الخراساني ؟
فقال : أنا ذا .
فقال : خذ المائتي دينار فاستعن بها في مؤنتك واخرج فلا
أراك ولا تراني ثم خرج .
وهنا تكلم أحد الحاضرين قائلاً : جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت
فلماذا سترت وجهك عنه ؟
فقال : مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته .
أما سمعت حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
المتستر بالحسنة تعدل سبعين حجة والمذيع بالسيئة مخذول ،
والمتستر بها مغفور له .
الأمر الثاني : اغناء السائل .
إن الإمام عندما يعطي هذا المقدار من المال وبهذه الكثرة
لا يخلوا الحال فيه : فإما أن يكون من بيت مال المسلمين
حيث يتصرف فيه بحسب ولايته الشرعية وهو أعرف بصرفه .
أو أنه من ماله الشخصي ويتصرف فيه تصرفاً شخصياً .
وفي كلتا الحالتين لا يتصرف جزافاً ولا يجوز لنا أن
نقول : إنه بعمله هذا يبعثر المال .
ولعل الحكمة من ذلك هو إنعاش الفقير بإغنائه ليكون
ما يقدمه له مساعدةً لتغيير حالته من الفقر إلى الغنى
فيستعين بذلك المال على الكسب ،
والتجارة وشق طريقه في هذه الحياة على نحو أفضل مما هو عليه ،
فهو بعمله هذا ينقذ إنساناً شاءت الأقدار أن تسوقه
إلى هذا المجرى من العيش الرديء .
ولم يقتصر عطاء الإمام على السائل ،
بل كان للحمال الذي جاء لنقل المال حصة من الإحسان
حيث قدم له الإمام طيلسانه ،
ولا بد أن نعرف أن طيلسان الإمام ليس شيئاً عادياً ،
وإلا فلو كان شيئاً عادياً لما قدمه لهذا المسكين ولو كان حمالاً
إن الإمام(عليه السلام) بهذه الهدية يريد ارضاء جميع الأطراف ،
وعدم خروج فقير من الفقراء من مجلسه كسير النفس ،
ولذلك أرضى حتى الواسطة في النقل فطابت نفس الحمال
وهو يضع الطيلسان على كتفيه .
هذا لون من العطاء .
وهناك لون آخر نشاهد وقائعه تمر مع مسيرة الإمام
علي بن الحسين ( عليهما السلام )
الحياتية فإن عطاءه كان يشتمل على نحوين من الإحسان .
عطاء الإمام من القسم الأول :
تقول مصادر التاريخ ان الإمام زين العابدين ( عليه السلام )
كان يخرج في الليل وهو يحمل
(( الطعام ، والكساء ، والدراهم ، والدنانير ، وربما حمل الحطب ))
على كتقه ليوزع كل ذلك على الفقراء ،
وهو متنكر لا يريد أن يعرفه الفقراء ،
ولكنهم عرفوه بعد وفاته لأنهم افتقدوه بعد انقطاعه عنهم .
وليس هذا النوع من العطاء بعيداً عن الإمام زين العابدين( عليه السلام )
فقد تلقاه عن مسيرة جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
( عليه السلام ) وشاركه بهذه المسيرة أولاده ،
وأحفاده من أئمة أهل البيت ( صلوات الله عليهم ) وكانوا يقولون
لمن يعترض عليهم هذه الطريقة لما فيها من الانهاك ، والتعب ،
ولربما بعض الشيء من النقص عندما تصدر من أحدهم
وهو على جانب كبير من المهابة والأجلال :
" صدقة الليل تطفيء غضب الرب " .
وكان كثير من الأئمة يسيرون على هذه الطريقة مع بعض
أرحامهم وهم لا يعرفونه ولربما صدر من بعضهم
الدعاء عليه لأنه لم يصله ،
والإمام يغضي عن ذلك ولا يلتفت إليه لئلا يعرفه .
كل ذلك للحفاظ على كرامة المحتاجين والتستر
على الحالة التي هم عليها.
عطاء الإمام ( عليه السلام ) من القسم الثاني :
عتق العبيد
لظروف وأسباب قد لا تكون خافية على من درس أوضاع
الجزيرة العربية آنذاك وبقية الممالك ،
والمدن التي كان سوق العبيد فيها رائجاً ،
والتجارة بهم رابحة فإن الإسلام لم يواجه الأمة وهو
في أول المسيرة بالغاء الرقيق إذ لم يكن بالإمكان منع
ما جرى عليه العرف السائد في وقته .
وبما أن الإسلام حرص على غلق باب الرق ،
وكان هذا من الأسس الأولية لبناء المجتمع الإسلامي
لذلك عالج هذه المشكلة من طريقين :
الأول : غلق باب الرق ابتداءً إلا في حالة الحرب
بين المسلمين والكفار جهاداً ،
أو دفاعاً وبشروط يتعرض لها الفقهاء في بحوثهم الفقهية .
الثاني : تصريف ما كان موجوداً من الرقيق بفتح الباب
لعتقهم حيث جعل من جملة ما يكفر به
عند ارتكاب بعض الخطايا عتق الرقبة .
وهكذا فيمن ملك أحد العمودين جانب الإب ، أو الأم ،
فإنه يعتق عليه قهراً .
ومثل ذلك موضوع الطواريء القهرية التي تحل بالإنسان
من الأمراض وغيرها .
فإنه يعتق قهراً عند حلول ذلك الطاريء القهري كما لو قطعت يده ،
أو رجله، أو عمي وما شاكل .
وبعد كل هذا اخذ الإسلام يشوق الناس إلى التقرب
إلى الله بعتق العبيد ،
وجعل ثواباً عظيماً لمن يحرر نسمة ويخلصها من قيود العبودية .
وبذلك فتح الروافد الكثيرة لتصريف ما كان موجباً من العبيد
لينهي مشكلة تأصلت بين الناس في ذلك الوقت .
وعلى هذا سار المحسنون فكانوا يتسابقون على شراء العبيد ،
وعتقهم لوجه الله سبحانه وكان من جراء هذه الروافد
تخفيف حدة العملية الرقية ،
وكساد سوق الرقيق إلى أن وصل الأمر إلى تقلصها بل
وانها قد انعدمت في أيامنا هذه .
ولكن الملاحظ من الواقع الذي يعيشه أهل البيت ( عليهم السلام )
اتجاه هذه المشكلة انهم لم يكتفوا بتصريف العبيد بشرائهم وعتقهم
بل كانوا يقومون بأعمال أخرى تربوية واجتماعية مضافاً
إلى عملية العتق والتحرير .
فهذا الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام )
كان من المراحل الأولى التي يشتري فيها العبد يهيؤه للعتق :
يبدأ بتعليم العبد ، وتثقيفه ثقافة إسلامية ،
وتأديبية بالأداب التي يريدها الإسلام .
وبعد ذلك يعتقه لوجه الله لا على نحو الجزاء عن كفارة ليكون الغرض
من العمل هو التقرب الصرف لله سبحانه ، ونيل مرضاته .
وكان يقوم بتزويده بالمال ليساعده على الاستعانة به
في الكسب والتجارة ليشق طريقة في هذه الحياة من جديد
لا أن يكون كلاً على الناس كما كان كلاً على مولاه قبل عتقه .
وكان ( عليه السلام ) يتحين الفرص المناسبة لعتقهم ،
ويكون ذلك في موسم الأعياد من شهر رمضان ،
أو الأضحى ليضيف إلى فرحة العتق فرحة استقبال العيد بحرية كاملة .
* الانفاق في سبيل الله / عز الدين بحر العلوم ص181_185 .
رجوع 09-06-2012 عدد القراءات 3362
تعليق