ومما يدل على كونه علما انه يوصف بجميع الاسماء الحسنى وسائر أفعاله المأخوذة من تلك الاسماء من غير عكس، فيقال:ألله الرحمن الرحيم ويقال: رحم الله وعلم الله، ورزق الله، ولا يقع لفظ الجلالة صفة لشئ منها ولا يؤخذ منه ما يوصف به شئ منها. ولما كان وجوده سبحانه، وهو آله كل شئ يهدي إلى إتصافه بجميع الصفات الكمالية كانت الجميع مدلولا عليها به بالالتزام، وصح ما قيل إن لفظ الجلالة اسم للذات الواجب الوجود المستجمع لجميع صفات الكمال وإلا فهو علم بالغلبة لم تعمل فيه عناية غير ما يدل عليه مادة إله.واما الوصفان: الرحمن الرحيم، فهما من الرحمة، وهي وصف انفعالي وتأثر خاص يلم بالقلب عند مشاهدة من يفقد أو يحتاج إلى مايتم به أمره فيبعث الانسان إلى تتميم نقصه ورفع حاجته، إلا ان هذا المعنى يرجع بحسب التحليل إلى الاعطاء والافاضة لرفع الحاجة وبهذا المعنى يتصف سبحانه بالرحمة. والرحمن، فعلان صيغة مبالغة تدل على الكثرة، والرحيم فعيل صفة مشبهة تدل على الثبات والبقاء ولذلك ناسب الرحمن ان يدل علي الرحمة الكثيرة المفاضة على المؤمن والكافر وهو الرحمة العامة، وعلى هذاالمعنى يستعمل كثيرا في القرآن، قال تعالى: (الرحمن على العرش استوى) طه - 5.وقال (قل من كان في الضلالة فليمدد لهالرحمن مدا) مريم - 75.إلى غير ذلك، ولذلك أيضا ناسب الرحيم ان يدل على النعمة الدائمة والرحمة الثابتة الباقية التي تقاض على المؤمن كما قالتعالى: (وكان بالمؤمنين رحيم) الاحزاب - 43.وقال تعالى: (إنه بهم رؤف رحيم) التوبة- 117.إلى غير ذلك، ولذلك قيل: ان الرحمن عام للمؤمن والكافر والرحيم خاص بالمؤمن. وقوله تعالى: الحمد لله، الحمد على ماقيل: هو الثناء على الجميل الاختياري والمدح اعم منه، يقال: حمدت فلانا أو مدحته لكرمه، ويقال: مدحت اللؤلؤ علي صفائه ولا يقال: حمدته على صفائه، واللام فيه للجنس أو الاستغراق والمال هي هنا واحد.وذلك ان الله سبحانه يقول: (ذلكم الله ربكم خالق كل شئ) غافر - 62. فأفاد أن كل ما هو شئ فهو مخلوق لله سبحانه، وقال: (الذي أحسن كل شئ خلقه) السجدة - 7 فأثبت الحسن لكل شئ مخلوق من جهة أنه مخلوق له منسوب إليه، فالحسن يدور مدار الخلق وبالعكس، فلا خلق إلا وهو حسن جميل باحسانه ولا حسن إلا وهو مخلوق له منسوب إليه، وقد قال تعالى: (هو الله الواحد القهار) الزمر - 4. وقال: (وعنت الوجوه للحي القيوم) طه -111.فانباء انه لم يخلق ما خلق بقهر قاهر ولا يفعل ما فعل باجبار من مجبر بل خلقه عن علم واختيار فما من شئ إلا وهو فعل جميل اختياري له فهذا من جهة الفعل، وأما من جهة الاسم فقد قال تعالى: (الله لاإله إلا هو له الاسماء الحسنى) طه - 8.
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
تفسير سورة الفاتحة / الميزان - السيد الطباطبائي الجزء الرابع
تقليص
X
-
المشاركة الأصلية بواسطة ابوعلاء العكيلي مشاهدة المشاركةالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ الفاضل ابو محمد السيلاوي
بارك الله فيك وجزيت خيـــــــــــــرا
في ميزان حسناتك
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
المشاركة الأصلية بواسطة من نسل عبيدك احسبني ياحسين مشاهدة المشاركةوفقت كاتبنا
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
المشاركة الأصلية بواسطة أنصار المذبوح مشاهدة المشاركة
- اقتباس
- تعليق
تعليق
تعليق