عجائب ثورة الحسين عليه السلام
ان مفجر الثورة وقائدها ليس فقط قائد شجاع لم يرهبه الموت ولم يخيفه بطش الأمويين وقسوتهم مع خصومهم بما لديهم من ادوات الحكم ،ولكنه يمتاز بصفات أخرى أنه سليل الأنبياء ،هو من أطلق رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عليه وعلى أخيه ب( سيدا شباب أهل الجنة ) ، فهو إذن من صفوة آل الرسول فلا عجب ان يكون الفدائي الثاني الذي ابدع بالمواجهة الملحمية بعد ان كان أبيه علي بن ابي طالب الفدائي الأول .
أن ثورة كربلاء مستمرة في طريق الحياة وهي نارا ً لاتنطفئ جذوتها ، انها ثورة شبل الرسالة المحمدية، الذي قدم أعز ما يملك في سبيلها وفي سبيل استمرارها ومنع تشويه مبادئها ، لقد قدم الدم الازلي الذي أعلن الانتصار الأبدي على السيف، فكان المثل الملهم لكل ثائر في الحياة ، والحماس لكل من يتخذه مثلا ً في مواجهة الظلمة والفاسدين في كل عصر وحين ، هو الشهيد ابن الشهيد ابو الشهداء، ولا عجب لمن نشأ في ظلال الوحي ، وتنشق أريج الرسالة منذ الولادة ،ان يكون قد أعده الله لأمر عظيم ، وكما كان أحد أصحاب الكساء وكان أحد الذين باهل بهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) متحدي الدين الوليد ، فقد أصبح العنوان الابدي الذي يرفد كتاب اللة بالحجة الالهية على الخلق .
تذكر المصادر أن ولادة الأمام الحسين عليه السلام كانت في المدينة المنورة ، بعد الهجرة ببضع سنوات ،وقد نقل عن أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب (ع) أنه قال : ما كنت أسبق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الى تسميته ،وقال الرسول الأكرم : وأنا لااسبق ربي في تسميته ،فأوحى له أسم الحسين ،وأن اسمه وأسم أخيه على اسماء أولاد هارون شبر وشبير .
انه المنارة الوحيدة التي يقصدها المسلم والمسيحي و الهندوسي ومن لادين له وينصب الصابئي مواكب العزاء في طريق زواره ويقدم الخدمة لزواره.
الشيعة والحسين لم يفترقوا أبدا ً منذ لامس الدم الحسيني المطهر ارض كربلاء ولم تثنهم الظروف على اختلافها من الوصال الحسيني ،ولاعجب ان واجهوا طغيان مختلف الجبابرة ، بما يكتنزون من الحماس الحسيني وبما بثته فيهم ثورة الحسين من مثل ومبادئ وإلهام تتفجر به قرائحهم، واليوم يقدمون للعالم أجمع صورة عظيمة من صور المجد الحسيني والولاء له ، فلم نشاهد أو نسمع عن شعب تأثر وأنفعل ، كتأثر الشعب العراقي بالثورة الحسينية .
تقول السيدة زينب عليها السلام : ليجتهدن ّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محو أمرنا وتطميسه، فلا يزداد ألا ظهورا ً وعلوا .
وكما كانت السيدة زينب الصوت المدوي والهدير الاعلامي لهذه الثورة وهي تبين مبادئ الثورة والاسس والمثل التي قدم آل الرسول من أجلها كل تلك التضحيات الجليلة ، فأن شعب العراق ومنذ يوم الثورة والى الأبد يؤدي الدور ذاته ، متصديا ً لكل من عارض أو وقف بالضد من الشعائر الحسينية .
أن عظم سرها في هذه القدرة على التجدد فبقيت قبسا ً يضئ الابصار والعقول بغض النظر عن مستوى هذه العقول الثقافي ووعيها الديني ،حيث أن الاف من الشخصيات الدينية والسياسية ومختلف المستويات الثقافية تشارك في مراسم عزاء الحسين والتي لايؤدون مثلها حتى لو فقدوا أحدا ً من عوائلهم وأعزائهم .
وأذا كانت ممارساته في السابق مقتصره على حدود حركته داخل بلاده ، فاليوم ، في عصر العولمة ، يقف علما ً للعالم أجمع وعلى مرأى من الجميع يعيد مشاهد هذه الثورة الخالدة التي تأصلت في دماءه وسرت في عروقه فلم يفلح الطغاة والظالمون على أختلاف مشاربهم وطرق جبروتهم في نزعها من أوصاله .
انهم بذلك يجسدون للعالم صوت الحسين الخالد في أثير الكون :
( لم أخرج أشرا ً ولا بطرا ً بل خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي)
الصوت الذي يقض مضاجع الظلمة أيا ً كان جنسهم أو مذهبهم وفي أي مكان من الأرض وجدت عروشهم .
الشيعة اليوم يتدفقون صفوفا ً بالملايين صغارا ً ، شبابا ً ، كهولا ً ومن كلا الجنسين ، صوب الحسين ، غير عابئين بقتل الغدر الذي يؤديه بنو أمية هذا الزمان ، أنصار اللات والعزى وهبل وابو سفيان ، وكأنهم يطبقون قول الشاعر الشعبي قولا ً وفعلا ً :
( خل يفجرونه ، نجيك مكطعين )
وسط دهشة العالم ، أذ يهون الموت في طريق الحسين ويتسامى العنفوان في الشيب والشباب على حد سواء .
تساءلات العالم :
أنهم يطرحون أسئلة حائرة : ليس هناك أعداد هائلة كهذه الجموع المليونية العظيمة بدون ان تكون هناك جهات منظمة لها ومشرفة وممولة ، فمن يقوم بكل هذا ؟
ونجيبهم بسهولة : حتى لو وجدت أرقى المؤسسات التنظيمية ، حسب علومكم الادارية الحديثة ، ومع افتراض توفر الأمكانيات المادية فأنها لن تستطيع ان توجه وتنظم مسير هذه الملايين من الجموع الهادرة ،
أنها ثورة الحسين ،ودماء الحسين وال بيت الرسول وحدها التي تعطي الزخم الابدي لهذه الجموع ولمن يمدونهم بالخدمة في الطريق و على طول مئات الكيلو مترات ، إنها ثورة الخلود الحسيني الأبدي التي ان عرفتوها وعايشتوها ، فمما لاشك فيه ستنخرطون في الركب الحسيني الخالد الى الأبد .
منقول
تعليق