لي في الطفوفِ منازلٌ ومشاهدٌ
بكتِ الحروفُ وحنّتِ الأقلامُ = وأتتْ بسودِ ثيابِها الأعوامُ
وانهَدَّتِ الأطوادُ حُزناً للثرى = ونجومُ هذا الكون والأجرامُ
حتى الأسودُ تكبّلتْ في نوحها = إذْ ليس في شرعِ الأسودِ زمامُ
وأتى الزّمانُ إلى ضريحكَ مُعولاً = تُشجيهِ مِن وقع الأسى الأيامُ
في كلِّ ثانيةٍ عويلٌ دائمٌ = مضتِ القلوبُ إليهِ والأقدامُ
لاالعينُ قدْ هجعتْ ولا قلبٌ ثوى = ولّى الرُقادُ وسارتِ الأحلامُ
لاالشّمسُ قدْ بزغتْ ولا قمرٌ أتى = أمّا النهارُ فحزنهُ الإظلامُ
يرنو إليكَ بطرفهِ متكدّراً = هيهاتِ يُسْعِدُ أصغريهِ كلامُ
إنّ الخطوبَ سهامُها في مهجتي = بئسَ الخطوبُ على الفؤادِ سهامُ
حتى الحنينُ لكربلا لا ينقضي = فإلى رباها سارتِ الأفهامُ
فتكدّرَ الإنجيلُ مِن هذا الجوى = واللوحُ والتوراةُ والإسلامُ
وانهدَّ ركنٌ للعبادِ وحاجزٌ = بعدَ الفراقِ ومنزلٌ وخيامُ
وتوشّحتْ حلل السّوادِ مدائنٌ = وبكربلا تتشرفُ الأقوامُ
مِنْ كلِّ مفجوعٍ الفؤادِ وقومِهِ = في سيرهم تتعانقُ الأعلامُ
بين المدائنِ والطفوفِ ونينوى = وعلى رُباها زادتِ الآلامُ
لي في الطفوفِ منازلٌ ومشاهدٌ = ومخيّمٌ وتلاوةٌ ومقامُ
وفجائعٌ ومدامعٌ وحوادثٌ = ومصائبٌ ونوائحٌ وكِلامُ
لي في الطفوفِ أئمةٌ لولاهُمُ = ماكانَ مكتملاً لديّ دِعامُ
لا بلدةٌ لولاهُمُ ، وهي التي = سُكنتْ، تروقُ ولا البناءُ يُقامُ
هي جنّةٌ وربوعُها دربُ السّما = وشعارُها الإيثارُ والإقدامُ
حازتْ بتيجانِ الشموخِ بقاعُها = وهل المعالي راحةٌ ومنامُ
هي كعبةٌ وطوافُها سبقَ الدُّنا = إنّ المشاعرَ سنّةٌ وقيامُ
ياكربلاءَ النيّراتِ جباهُهُم = تتعاظمين وتهبطُ الأرقامُ
فمداسُ أرجلهُمْ محجُّ قلوبنا = ونعالُهم للوالهين وسامُ
بكِ للفقيرِ حياةُ عزٍّ لمْ تكنْ = يوماً عليها الذُّلُ والإرغامُ
يمسي ويصبحُ في نعيم ربوعِها = أحرارُ هذا الكونِ والأيتامُ
ومَنِ استبيحَ حقوقهم مِن أجلها = غدراً ، بدربِكِ تُقْطَعُ الأرحامُ
ماذا أصوغُ مِن القريضِ ونثرهِ = قدْ فُتَ لي قلبٌ وهُدَّ قِوامُ
لو كمّموا الأفواهَ ما استاءَ الفتى = أملُ الفتى أن تُرفعَ الأكمامُ
مانثرُ أهلُ العشقِ في شرعِ الهوى = زيفٌ، فقدْ نثروا لكي يلتاموا
عارٌ على أهلُ الحجى أنْ يُشترى = هذا اليراعُ ويُقطعُ الإبهامُ
وإذا استوى فيهِ الشريفُ وغيرُهُ = والحافظونَ الدينَ واللّوامُ
والعارفونَ مِن الديانةِ قشرَها = ولهمْ تراويحٌ بها وقيامُ
والمطلِقون على الذقونِ لحائهم = والواقفونَ كأنّهمْ أصنامُ
والخارجونَ على الدُنا في بدعةٍ = وهُمُ إلى طاغوتهم خدامُ
أغلقتُ داري أنْ تحيطَ بوسطهِ = نارٌ يكونُ بها الجميعُ حطامُ
قلبي على دين الرسولِ مُفجّعٌ = مِن بعد ما لعبتْ به الحكامُ
يؤذيهِ أنّ البازَ يُطلعُ مخلباً = أو لا يُرفرفُ للغصونِ حَمامُ
يؤذيهِ أنّ الحرّ يُسلبُ سيفهُ = أو لا يكونُ مع الفتى أرحامُ
عارٌ على ليثُ الوغى أنْ تنزوي = هذي السباعُ وتبرزُ النّعامُ
فخرجتُ في دربِ الحسينِ مُنادياً = إنّ الحسينَ شريعةٌ ونظامُ
نورُ الحسينِ كجدّهِ لا ينجلي = إنْ دامَ ليلٌ واستزادَ غمامُ
لابدُّ مِنْ ثأرٍ يريحُ قلوبنا = يوماً تكونُ من الجراحِ سهامُ
ودموعُ فخرٍ تلتقي أنهارُها = جهراً ، كما تتعانقُ الآكامُ
بكَ بعد مفترق النفوس ستتّحدْ = كلُّ القلوب وتنتهي الآلامُ
ويطيحُ عرشٌ للظلومِ وجائرٌ = ويزولُ مِن كلِّ الدُّنا الحاخامُ
سيثورُ مِنْ فرعِ الإمامةِ فارسٌ = إنْ طالَ دهرٌ واستتبَّ ظلامُ
إذْ ذاكْ يُرجى بعد طولِ غيابهِ = وتفرُّ مِنْ قبل الظهورِ لئامُ
تباً لآلِ أُميّةٍ في يومها = إنَّ الرسالةَ بالجهادِ تُدامُ
والويلُ للباقين مِن أتباعهِمْ = إنْ حانَ فجرٌ واستقامَ حسامُ
وإذا تقابلتِ الجموعُ بكربلا = زحفاً ، تُحارُ بزحفها الأفهامُ
فانظرْ أبا الشُهداءِ نهجَكَ لمْ يمتْ = ترتيلُهُ ، وسما به الإقدامُ
وهلِ اختفتْ تلك الخيامُ بكربلا = حتى كأنْ لنْ يعتريها ضِرامُ
نهجٌ رسمتَ براحتيكَ ولمْ يكنْ = يبنيهِ مِنْ غير الحسينِ هُمامُ
كمْ يستنيرُ المؤمنون ويقتدي = في نهجكَ المقدامُ والضرغامُ
فشعارُهُ للحاضرين عزيمةٌ = وبيانُهُ للقادمين َ قيامُ
وبناؤهُ بدمِ الشهادةِ يعتلي = وتُرابُهُ للساجدينَ وسامُ
منهاجُهُ درسُ الملاحمِ في الدُّنا = وقواعدٌ وشهادةٌ وذمامُ
آياتُهُ تُنجي الغيورَ مِن اللظى = تفسيرُها للعارفين إمامُ
شيّدتَ ديناً بالدّماءِ مُعزّزاً = تأوي الملوكُ إليهِ والخُدّامُ
تعلو الشريعةُ والدّماءُ مُهورها = تجثو القلوبُ ببابها والهامُ
نورٌ تجسّدَ في الطفوفِ مُقَدّساً = وتوافدتْ أُممٌ عليهِ زحامُ
ركعَ الإباءُ على ثراكَ مُسبّحاً = ودعائمُ الإيمان ِ والإسلامُ
تتحطمُ الأوثانُ عند سفوحهِ = ومدائنُ الطغيانِ فيه ركامُ
رُسُلُ الإلهِ توافدتْ لمقامِهِ = وبكلِّ حينٍ للحسينِ سلامُ
نادوا بصوتٍ ياحسينُ إلى السّما = وتزاحموا عند الضريح وحاموا
فتناثرتْ تلك المدامعُ للثرى = وتزلزلتْ مِن هولها الأهرامُ
يا بانياً للدين أسوارَ الإبا = هيهاتَ في سورِ الحسينِ قَتامُ
ألقى عليك اللهُ مِن أنوارِهِ = في العرشِ ما يرقى لها الحكامُ
نهضَ الحسينُ فقامتِ الأصحابُ = وأتتْ إليهِ الحمدُ والأنعامُ
وتكدّرتْ شمسُ الضحى مِن يومها = وغدتْ فجائعَ بعدَهُ الأحلامُ
تتفجّعُ الأوطانُ معْ سُكانِها = والأُسدُ والحيتانُ والآرامُ
وعلى روؤس المؤمنين مصائبٌ = وعلى جبينِ الراسياتِ سجامُ
وعلى عوادي الدّهرِ خسّةُ غادرٍ = ويقودُها الإذلالُ والآثامُ
دهرٌ بوائقهُ سهامٌ كلُّها = ومِن الرماحِ ذوابلٌ وعُرامُ
صورُ الأسى تُتلى ، وأفجعُها إذا = نزلتْ بوسط ديارنا الأوغامُ
لبثتْ تصولُ بنا الفجائعُ تارةً = والغدرُ والأحقادُ والإجرامُ
ولقد يُهانُ العبقريُّ بدارهِ = ويُداسُ بيتٌ للجبانِ وهامُ
والحرُّ ليس براكعٍ يوماً لهمْ = يبقى مع الأيامِ وهْوَ عصامُ
أعرفتَ كيف أُديل عن سبط الهُدى = وعلمتَ كيف أُبيحتِ الأصنامُ
زعموكَ شخصاً للرئاسةِ طامعاً = وهلِ الرئاسةُ مشْرَبٌ وطعامُ
فثراكَ في هذا الوجودِ جنائنٌ = للهِ ثمَّ بشخصك استعصامُ
يابنَ الذين إذا الخطوبُ تناوبتْ = قاموا إلى دربِ الجهاد وحاموا
الحائزين على المفاخرِ كلِّها = فازوا ، فلا تيمٌ ولا هَدامُ
قومٌ إذا ذُكرَ الملوكُ وحزبُهُمْ = رجحتْ مناقبُهُمْ وذلَّ هشامُ
سبعونَ في سوح الجهادِ تدرّعوا = حُللَ الإباء فكبَروا مذْ قاموا
صَلَّوا على ظهر المنايا ساعةً = سجدوا على أرض الطفوف وصاموا
فانقادتِ العُليا إليهمْ والدُّنا = شرفاً ، جنانٌ أُزلفتْ ومقامُ
العرشُ مزحومُ الملائكِ حولُهُ = نِعْمَ الخلودُ يحفُّهُ الإكرامُ
ودماءُ صرعى تلتقي أنهارُها = بالمِسْكِ ما نزلتْ به أقدامُ
وجراحُ مَنْ لبوا النداء بكريلا = وعلى الدماءِ مِن الإله سلامُ
جرتِ الدماءُ مِن النحورِ ولمْ يكنْ = قبل الطفوفِ مِن الورى اقدامُ
عزمٌ أطلَّ على الخنوعِ بفكرهِ = فكأنَّ في عنقِ الإباءِ ذمامُ
تتلاطمُ الأحرارُ نحو شموخهِ = وتذلُّ عند ثباتِهِ الأحزامُ
شمسُ الكرامةِ للوجود بنانُهُ = وعلومُهُ للعالمين دوامُ
وسنانُهُ للغادرين مقابرٌ = وقناتُهُ للطامعين حمامُ
وقبابُهُ للقاصدين علامةٌ = وضريحُهُ للمؤمنين مرامُ
وحروفُهُ نهرُ العطاءِ ونهجُهُ = نورٌ إلى كلّ الورى ونظامُ
ولقد لجأتْ إلى ضريحك أرتجي = طباً إلى هذا السقيمُ يدام
وهمومَ دهرٍ لا أطيقُ بحملها = حتى كأنّ صباحَها أعوامُ
إني لتخنقني الهمومُ مع الجوى = ما لاح نسرٌ في السّما وحَمامُ
ومدامعي وقفٌ إليكَ سجمتُها = إنّ الدموعَ على الكرامِ جسامُ
ماذا أُسَطرُ في نضيدي بعدما = كلَّ البنانُ وحارتِ الأفهامُ
هجعَ الجميعُ وما هجعتُ لساعةً = قلبي يطوفُ وغيرُهُ قد ناموا
أبو حسين الربيعي " سراج " أكملت الجمعه 2/3/2012 - دبي
لا أجيز نقلها يرحمكم الله إلا بذكر اسمي مع القفصيدة ورابط المنتدى إن أمكن رجاءً
بكتِ الحروفُ وحنّتِ الأقلامُ = وأتتْ بسودِ ثيابِها الأعوامُ
وانهَدَّتِ الأطوادُ حُزناً للثرى = ونجومُ هذا الكون والأجرامُ
حتى الأسودُ تكبّلتْ في نوحها = إذْ ليس في شرعِ الأسودِ زمامُ
وأتى الزّمانُ إلى ضريحكَ مُعولاً = تُشجيهِ مِن وقع الأسى الأيامُ
في كلِّ ثانيةٍ عويلٌ دائمٌ = مضتِ القلوبُ إليهِ والأقدامُ
لاالعينُ قدْ هجعتْ ولا قلبٌ ثوى = ولّى الرُقادُ وسارتِ الأحلامُ
لاالشّمسُ قدْ بزغتْ ولا قمرٌ أتى = أمّا النهارُ فحزنهُ الإظلامُ
يرنو إليكَ بطرفهِ متكدّراً = هيهاتِ يُسْعِدُ أصغريهِ كلامُ
إنّ الخطوبَ سهامُها في مهجتي = بئسَ الخطوبُ على الفؤادِ سهامُ
حتى الحنينُ لكربلا لا ينقضي = فإلى رباها سارتِ الأفهامُ
فتكدّرَ الإنجيلُ مِن هذا الجوى = واللوحُ والتوراةُ والإسلامُ
وانهدَّ ركنٌ للعبادِ وحاجزٌ = بعدَ الفراقِ ومنزلٌ وخيامُ
وتوشّحتْ حلل السّوادِ مدائنٌ = وبكربلا تتشرفُ الأقوامُ
مِنْ كلِّ مفجوعٍ الفؤادِ وقومِهِ = في سيرهم تتعانقُ الأعلامُ
بين المدائنِ والطفوفِ ونينوى = وعلى رُباها زادتِ الآلامُ
لي في الطفوفِ منازلٌ ومشاهدٌ = ومخيّمٌ وتلاوةٌ ومقامُ
وفجائعٌ ومدامعٌ وحوادثٌ = ومصائبٌ ونوائحٌ وكِلامُ
لي في الطفوفِ أئمةٌ لولاهُمُ = ماكانَ مكتملاً لديّ دِعامُ
لا بلدةٌ لولاهُمُ ، وهي التي = سُكنتْ، تروقُ ولا البناءُ يُقامُ
هي جنّةٌ وربوعُها دربُ السّما = وشعارُها الإيثارُ والإقدامُ
حازتْ بتيجانِ الشموخِ بقاعُها = وهل المعالي راحةٌ ومنامُ
هي كعبةٌ وطوافُها سبقَ الدُّنا = إنّ المشاعرَ سنّةٌ وقيامُ
ياكربلاءَ النيّراتِ جباهُهُم = تتعاظمين وتهبطُ الأرقامُ
فمداسُ أرجلهُمْ محجُّ قلوبنا = ونعالُهم للوالهين وسامُ
بكِ للفقيرِ حياةُ عزٍّ لمْ تكنْ = يوماً عليها الذُّلُ والإرغامُ
يمسي ويصبحُ في نعيم ربوعِها = أحرارُ هذا الكونِ والأيتامُ
ومَنِ استبيحَ حقوقهم مِن أجلها = غدراً ، بدربِكِ تُقْطَعُ الأرحامُ
ماذا أصوغُ مِن القريضِ ونثرهِ = قدْ فُتَ لي قلبٌ وهُدَّ قِوامُ
لو كمّموا الأفواهَ ما استاءَ الفتى = أملُ الفتى أن تُرفعَ الأكمامُ
مانثرُ أهلُ العشقِ في شرعِ الهوى = زيفٌ، فقدْ نثروا لكي يلتاموا
عارٌ على أهلُ الحجى أنْ يُشترى = هذا اليراعُ ويُقطعُ الإبهامُ
وإذا استوى فيهِ الشريفُ وغيرُهُ = والحافظونَ الدينَ واللّوامُ
والعارفونَ مِن الديانةِ قشرَها = ولهمْ تراويحٌ بها وقيامُ
والمطلِقون على الذقونِ لحائهم = والواقفونَ كأنّهمْ أصنامُ
والخارجونَ على الدُنا في بدعةٍ = وهُمُ إلى طاغوتهم خدامُ
أغلقتُ داري أنْ تحيطَ بوسطهِ = نارٌ يكونُ بها الجميعُ حطامُ
قلبي على دين الرسولِ مُفجّعٌ = مِن بعد ما لعبتْ به الحكامُ
يؤذيهِ أنّ البازَ يُطلعُ مخلباً = أو لا يُرفرفُ للغصونِ حَمامُ
يؤذيهِ أنّ الحرّ يُسلبُ سيفهُ = أو لا يكونُ مع الفتى أرحامُ
عارٌ على ليثُ الوغى أنْ تنزوي = هذي السباعُ وتبرزُ النّعامُ
فخرجتُ في دربِ الحسينِ مُنادياً = إنّ الحسينَ شريعةٌ ونظامُ
نورُ الحسينِ كجدّهِ لا ينجلي = إنْ دامَ ليلٌ واستزادَ غمامُ
لابدُّ مِنْ ثأرٍ يريحُ قلوبنا = يوماً تكونُ من الجراحِ سهامُ
ودموعُ فخرٍ تلتقي أنهارُها = جهراً ، كما تتعانقُ الآكامُ
بكَ بعد مفترق النفوس ستتّحدْ = كلُّ القلوب وتنتهي الآلامُ
ويطيحُ عرشٌ للظلومِ وجائرٌ = ويزولُ مِن كلِّ الدُّنا الحاخامُ
سيثورُ مِنْ فرعِ الإمامةِ فارسٌ = إنْ طالَ دهرٌ واستتبَّ ظلامُ
إذْ ذاكْ يُرجى بعد طولِ غيابهِ = وتفرُّ مِنْ قبل الظهورِ لئامُ
تباً لآلِ أُميّةٍ في يومها = إنَّ الرسالةَ بالجهادِ تُدامُ
والويلُ للباقين مِن أتباعهِمْ = إنْ حانَ فجرٌ واستقامَ حسامُ
وإذا تقابلتِ الجموعُ بكربلا = زحفاً ، تُحارُ بزحفها الأفهامُ
فانظرْ أبا الشُهداءِ نهجَكَ لمْ يمتْ = ترتيلُهُ ، وسما به الإقدامُ
وهلِ اختفتْ تلك الخيامُ بكربلا = حتى كأنْ لنْ يعتريها ضِرامُ
نهجٌ رسمتَ براحتيكَ ولمْ يكنْ = يبنيهِ مِنْ غير الحسينِ هُمامُ
كمْ يستنيرُ المؤمنون ويقتدي = في نهجكَ المقدامُ والضرغامُ
فشعارُهُ للحاضرين عزيمةٌ = وبيانُهُ للقادمين َ قيامُ
وبناؤهُ بدمِ الشهادةِ يعتلي = وتُرابُهُ للساجدينَ وسامُ
منهاجُهُ درسُ الملاحمِ في الدُّنا = وقواعدٌ وشهادةٌ وذمامُ
آياتُهُ تُنجي الغيورَ مِن اللظى = تفسيرُها للعارفين إمامُ
شيّدتَ ديناً بالدّماءِ مُعزّزاً = تأوي الملوكُ إليهِ والخُدّامُ
تعلو الشريعةُ والدّماءُ مُهورها = تجثو القلوبُ ببابها والهامُ
نورٌ تجسّدَ في الطفوفِ مُقَدّساً = وتوافدتْ أُممٌ عليهِ زحامُ
ركعَ الإباءُ على ثراكَ مُسبّحاً = ودعائمُ الإيمان ِ والإسلامُ
تتحطمُ الأوثانُ عند سفوحهِ = ومدائنُ الطغيانِ فيه ركامُ
رُسُلُ الإلهِ توافدتْ لمقامِهِ = وبكلِّ حينٍ للحسينِ سلامُ
نادوا بصوتٍ ياحسينُ إلى السّما = وتزاحموا عند الضريح وحاموا
فتناثرتْ تلك المدامعُ للثرى = وتزلزلتْ مِن هولها الأهرامُ
يا بانياً للدين أسوارَ الإبا = هيهاتَ في سورِ الحسينِ قَتامُ
ألقى عليك اللهُ مِن أنوارِهِ = في العرشِ ما يرقى لها الحكامُ
نهضَ الحسينُ فقامتِ الأصحابُ = وأتتْ إليهِ الحمدُ والأنعامُ
وتكدّرتْ شمسُ الضحى مِن يومها = وغدتْ فجائعَ بعدَهُ الأحلامُ
تتفجّعُ الأوطانُ معْ سُكانِها = والأُسدُ والحيتانُ والآرامُ
وعلى روؤس المؤمنين مصائبٌ = وعلى جبينِ الراسياتِ سجامُ
وعلى عوادي الدّهرِ خسّةُ غادرٍ = ويقودُها الإذلالُ والآثامُ
دهرٌ بوائقهُ سهامٌ كلُّها = ومِن الرماحِ ذوابلٌ وعُرامُ
صورُ الأسى تُتلى ، وأفجعُها إذا = نزلتْ بوسط ديارنا الأوغامُ
لبثتْ تصولُ بنا الفجائعُ تارةً = والغدرُ والأحقادُ والإجرامُ
ولقد يُهانُ العبقريُّ بدارهِ = ويُداسُ بيتٌ للجبانِ وهامُ
والحرُّ ليس براكعٍ يوماً لهمْ = يبقى مع الأيامِ وهْوَ عصامُ
أعرفتَ كيف أُديل عن سبط الهُدى = وعلمتَ كيف أُبيحتِ الأصنامُ
زعموكَ شخصاً للرئاسةِ طامعاً = وهلِ الرئاسةُ مشْرَبٌ وطعامُ
فثراكَ في هذا الوجودِ جنائنٌ = للهِ ثمَّ بشخصك استعصامُ
يابنَ الذين إذا الخطوبُ تناوبتْ = قاموا إلى دربِ الجهاد وحاموا
الحائزين على المفاخرِ كلِّها = فازوا ، فلا تيمٌ ولا هَدامُ
قومٌ إذا ذُكرَ الملوكُ وحزبُهُمْ = رجحتْ مناقبُهُمْ وذلَّ هشامُ
سبعونَ في سوح الجهادِ تدرّعوا = حُللَ الإباء فكبَروا مذْ قاموا
صَلَّوا على ظهر المنايا ساعةً = سجدوا على أرض الطفوف وصاموا
فانقادتِ العُليا إليهمْ والدُّنا = شرفاً ، جنانٌ أُزلفتْ ومقامُ
العرشُ مزحومُ الملائكِ حولُهُ = نِعْمَ الخلودُ يحفُّهُ الإكرامُ
ودماءُ صرعى تلتقي أنهارُها = بالمِسْكِ ما نزلتْ به أقدامُ
وجراحُ مَنْ لبوا النداء بكريلا = وعلى الدماءِ مِن الإله سلامُ
جرتِ الدماءُ مِن النحورِ ولمْ يكنْ = قبل الطفوفِ مِن الورى اقدامُ
عزمٌ أطلَّ على الخنوعِ بفكرهِ = فكأنَّ في عنقِ الإباءِ ذمامُ
تتلاطمُ الأحرارُ نحو شموخهِ = وتذلُّ عند ثباتِهِ الأحزامُ
شمسُ الكرامةِ للوجود بنانُهُ = وعلومُهُ للعالمين دوامُ
وسنانُهُ للغادرين مقابرٌ = وقناتُهُ للطامعين حمامُ
وقبابُهُ للقاصدين علامةٌ = وضريحُهُ للمؤمنين مرامُ
وحروفُهُ نهرُ العطاءِ ونهجُهُ = نورٌ إلى كلّ الورى ونظامُ
ولقد لجأتْ إلى ضريحك أرتجي = طباً إلى هذا السقيمُ يدام
وهمومَ دهرٍ لا أطيقُ بحملها = حتى كأنّ صباحَها أعوامُ
إني لتخنقني الهمومُ مع الجوى = ما لاح نسرٌ في السّما وحَمامُ
ومدامعي وقفٌ إليكَ سجمتُها = إنّ الدموعَ على الكرامِ جسامُ
ماذا أُسَطرُ في نضيدي بعدما = كلَّ البنانُ وحارتِ الأفهامُ
هجعَ الجميعُ وما هجعتُ لساعةً = قلبي يطوفُ وغيرُهُ قد ناموا
أبو حسين الربيعي " سراج " أكملت الجمعه 2/3/2012 - دبي
لا أجيز نقلها يرحمكم الله إلا بذكر اسمي مع القفصيدة ورابط المنتدى إن أمكن رجاءً
تعليق