الصاحب بن عباد
ينقض لامعها فتحسب كاتباً | |
قد مد سطراً مذهباً بتعجّل |
ويغيب طالعها كدر قد وهى | |
من سلك غانية مشت بتدلل |
حتى إذا ما الصبح أنفذ رسله | |
أبدت شجون تفرّق وترحّل |
والفجر من رأد الضياء كأنه | |
سعدى وقد برزت لنا بتبذل |
ومضى الظلام يجر ذيل عبوسه | |
فأتى الضياء بوجهه المتهلل |
وبدا لنا ترس من الذهب الذي | |
لم ينتزع من معدنٍ بتعمل |
مرآة نور لم تُشَن بصياغة | |
كلا ولا جليت بكف الصيقل |
تسمو الى كبد السماء كأنها | |
تبغي هناك دفاع كرب معضل |
حتى اذا بلغت الى حيث انتهت | |
وقفت كوقفة سائل عن منزلِ |
ثم انثنت تبغي الحدورَ كأنها | |
طير أسفّ مخافةً من أجدلِ |
حتى اذا ما الليل كرّ ببأسه | |
في جحفل قد أتبعوه بجحفل |
طرب الصديق الى الصديق وأبرزت | |
كأس الرحيق ولم يخف من عذّل |
فالعود يُصلح والحناجر تجتلى | |
والدر يُخرز من صراح المبزل |
والعين تومئ والحواجب تنتجي | |
والعتب يظهر عطنه في أنمل |
والأذن تقضي ماتريد وتشتهي | |
من طفلة مع عودها كالمطفل |
إن شئت مرّت في طريقة معبدٍ | |
أو شئت مرت في طريقة زلزل |
تغنيك عن إبداع بدعة حسن ما | |
وصلت طرائقه بفنّ الموصلي |
فالروض بين مسهّم ومدبّج | |
ومفوّفٍ ومجزّعٍ ومهلّل |
والطير ألسنة الغصون وقد شدت | |
ليطيب لي شرب المدام السلسل |
من حُمّرٍ أو عندليب مطربٍ | |
أو زُرزرٍ أو تدرجٍ أو بلبل |
فأخذتها عاديّةً غيليّةً | |
تجلى علَيّ كمثل عين الأشهل |
قد كان ذاك وفي الصبا متنفّس | |
والدهر أعمى ليس يعرف معقلي |
حتى اذا خط المشيب بعارضي | |
خط الانابة رمتها بتبتل |
وجعلت تكفير الذنوب مدائحي | |
في سادة آل النبي المرسل |
في سادةٍ حازوا المفاخر قادةٍ | |
ورقوا الفخار بمقولٍ وبمنصُل |
تعليق