خيانة
حسن الهاشمي
يساورني اليوم شعور ما أذكر أن عرفته من قبل، ولعله الإحباط يلفني لفا ويكاد أن يجهز على جهازي التنفسي، فكأن قلبي غير قلبي، وأعصابي غير أعصابي، وأنفاسي غير أنفاسي، ففي كلها انكماش وانقباض وارتعاش وفتور، وكأني كفرت بقاموس المحبة واللطف، وكأن الأذن ملّت وسئمت السماع، والعين أصابها القذى فأحجمت عن البصر، أو كأنهما تخشيان أن تسمع الواحدة وتبصر الأخرى غير ما تشتهيان، بل تسمع طنينا هنا وعواء هناك.
ثم هنالك ما يشبه الخيانة، نعم الخيانة، تدق ناقوس الخطر، ولكن على ماذا؟ يتجاهلون! وما يشبه القلق أو الخوف والوجل، ولكن مماذا؟ أيضا يتجاهلون! لكأن بعضي يزحل عن بعضي، وكل ما يتصل بي من قريب أو بعيد قد تقنع بقناع من قوس قزح حار بين ألوانه السبعة، وهكذا (الكيبورد) أخذ يرتعش بين أناملي أو أناملي ترتعش بين حروفه، وأصابعي حائرة لا دفأ فيها ولا إرادة ولا أمل ولا حراك...
وأنا بين هذا وذاك أفكر بين أمة تنهشها الخيانة، وهي مقطعة الأوصال أراها بين أنياب وحوش كاسرة ولكني لا استطيع حراكا، لأن يدي مجذوذة، ولا أستطيع صراخا لأن في فيّ ماء أجاج...
لقد نبهتني الخيانة هذه إلى نقيضها الأمانة، نبهتني الأيام إنّ أفظع الغش غش الأئمة، وأنا ما أذكر أنني فرحت يوما كما يفرح الناس، أتراني كنت حتى اليوم فوق حزن الخيانة وفرح الأمانة، أو دون ذاك وهذا؟!
استفق، يا مغفل، استفق، إنك لفي سبات عميق، أفما عرفت بعد أنها وعود معسولة خدرونا بها طيلة الزمن الغابر، أفما عرفت بعد إن الخيانة والأمانة ألفاظ يتلهون بها لا غير، وهل في الكون ما هو جدير بأن نحزن عليه أو أن نفرح به غير الخيانة والأمانة ولكن بمعناها الحقيقي وليس العهري، لا خيانة في الحياة ولا أمانة، إنها لمصداقية مفقودة، فابدأ بالبحث عنها...
حسن الهاشمي
يساورني اليوم شعور ما أذكر أن عرفته من قبل، ولعله الإحباط يلفني لفا ويكاد أن يجهز على جهازي التنفسي، فكأن قلبي غير قلبي، وأعصابي غير أعصابي، وأنفاسي غير أنفاسي، ففي كلها انكماش وانقباض وارتعاش وفتور، وكأني كفرت بقاموس المحبة واللطف، وكأن الأذن ملّت وسئمت السماع، والعين أصابها القذى فأحجمت عن البصر، أو كأنهما تخشيان أن تسمع الواحدة وتبصر الأخرى غير ما تشتهيان، بل تسمع طنينا هنا وعواء هناك.
ثم هنالك ما يشبه الخيانة، نعم الخيانة، تدق ناقوس الخطر، ولكن على ماذا؟ يتجاهلون! وما يشبه القلق أو الخوف والوجل، ولكن مماذا؟ أيضا يتجاهلون! لكأن بعضي يزحل عن بعضي، وكل ما يتصل بي من قريب أو بعيد قد تقنع بقناع من قوس قزح حار بين ألوانه السبعة، وهكذا (الكيبورد) أخذ يرتعش بين أناملي أو أناملي ترتعش بين حروفه، وأصابعي حائرة لا دفأ فيها ولا إرادة ولا أمل ولا حراك...
وأنا بين هذا وذاك أفكر بين أمة تنهشها الخيانة، وهي مقطعة الأوصال أراها بين أنياب وحوش كاسرة ولكني لا استطيع حراكا، لأن يدي مجذوذة، ولا أستطيع صراخا لأن في فيّ ماء أجاج...
لقد نبهتني الخيانة هذه إلى نقيضها الأمانة، نبهتني الأيام إنّ أفظع الغش غش الأئمة، وأنا ما أذكر أنني فرحت يوما كما يفرح الناس، أتراني كنت حتى اليوم فوق حزن الخيانة وفرح الأمانة، أو دون ذاك وهذا؟!
استفق، يا مغفل، استفق، إنك لفي سبات عميق، أفما عرفت بعد أنها وعود معسولة خدرونا بها طيلة الزمن الغابر، أفما عرفت بعد إن الخيانة والأمانة ألفاظ يتلهون بها لا غير، وهل في الكون ما هو جدير بأن نحزن عليه أو أن نفرح به غير الخيانة والأمانة ولكن بمعناها الحقيقي وليس العهري، لا خيانة في الحياة ولا أمانة، إنها لمصداقية مفقودة، فابدأ بالبحث عنها...
تعليق