الكوثر والساقي والذبح العظيم - القسم الثالث
المهندس هادي جساس الذهبي 2011
يوم يكشف عن ساق
يقول الله تعالى: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ)[1].
أورد المفسرون أقوالاً كثيرة في فهم هذه الآية الكريمة وذهبوا مذاهب شتّى في تفسيرها:
1. أنّ المراد بالساق في الآية ساق الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً وثبت لديهم ذلك عن ابن مسعود[2]. وقال ابن تيمية: (ليس في ظاهر القرآن أنَّ ذلك صفة لله تعالى، لأنه قال: «يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ»، ولم يقل: عن ساق الله، ولا قال: يكشف الرب عن ساقه، وإنما ذكر ساقًا منكَّرة غير معرفة ولا مضافة، وهذا اللفظ بمجرَّده لا يدلُّ على أنها ساق الله، والذين جعلوا ذلك من صفات الله تعالى أثبتوه بالحديث الصحيح المفسِّر للقرآن، وهو حديث أبي سعيد الخدري المخرَّج في الصحيحين الذي قال فيه: «فيكشف الرب عن ساقه»)[3].
2. ذكر الرازي في تفسيره نقلاً عن الزمخشري في كشافه: (الكشف عن الساق مثل في شدة الأمر، فمعنى قوله: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ) يوم يشتد الأمر ويتفاقم، ولا كشف ثمّ، ولا ساق، كما تقول للأقطع الشحيح: يده مغلولة، ولا يد ثمّ ولا غل وإنما هو مثل في البخل)[4].
3. قال ابن قتيبة أصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى الجد فيه، يشمر عن ساقه، فلا جرم يقال في موضع الشدة: كشف عن ساقه، واعلم أنّ هذا اعتراف من أهل اللغة بأن استعمال الساق في الشدة مجاز، وأجمع العلماء على أنه لا يجوز صرف الكلام إلى المجاز إلا بعد تعذر حمله على الحقيقة، فإذا أقمنا الدلائل القاطعة على أنّه تعالى، يستحيل أنْ يكون جسماً، فحينئذ يجب صرف اللفظ إلى المجاز[5].(وقال أبو عبيدة: إذا اشتدّ الحرب والأمر قيل: كشف الأمر عن ساقه. والأصل فيه أن من وقع في شئ يحتاج فيه إلى الجد شمر عن ساقه، فاستعير الساق والكشف عنها في موضع الشدة)[6].
4.عن ابن عباس في تفسير هذه الاية: (قال: يكشف عن شدة الآخرة وقال: هي أشد ساعة تكون يوم القيامة)[7].
5. وفي مجمع البيان عن القتيبي: (أصل هذا انّ الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج الى الجد فيه يشمر عن ساقه، فاستعيرالكشف عن الساق في موضع الشدة)...تقول العرب: قامتْ الحرب على ساق، وكشفت عن ساق يريدون شدتها .. قال الشاعر: قد شمرت عن ساقها فشدوا * وجدتالحرب بكم فجدوا )[8]
6. وقيل: (يريد وقت اقتراب الأجل وضعف البدن، أي يكشف المريض عن ساقه ليبصر ضعفه، ويدعوه المؤذن إلى الصلاة فلا يمكنه أن يقوم ويخرج)[9].
7. ويمكن القول انه كناية عن تجلي اصول الحقائق، و انما استخدم القرآنالكشف عن الساق لان ساق الشيء أصله، و على هذا قيل ساق الشجرة. و يومالقيامة هو يوم الكشف عن أصل الحقائق فهنالك يكشف للناس الحق الأصل وأعمالهم)[10].
8. وقيل: يكشف عن ساق جهنم. وقيل: عن ساق العرش[11].
إثارة جديدة في معنى الساق
يقول الله تعالى: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ 42 خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ 43)[12]. بعد دراسة وتأملٍ عميقين في الآية الكريمة ومتابعةٍ للروايات الشريفة المرتبطة بتفسير هذه الآية المباركة، تبلورتْ لديّ فكرة جديدة، أرى طريقها سالكاً وجوانبها ظليلة، تبلغ الهدف بيُسر وخير وسيلة. وقد انبثقت هذه الفكرة عند ملاحظتي لرقم الآية الكريمة وهو (42) إذْ هو بقدر عدد حروف الأئمة الإثني عشر(ع)، الذين يمثلون السقاة والذادة على حوض الكوثر كما مر علينا آنفاً. إضافة الى أنّ هذاالتعبير الشريف: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ) مؤلف من 12 حرفاً بعدد السقاة الإثني عشر(ع)، وقيمته بالحساب التكراري[13]= 110 وهذا بدوره = قيمة (علي) بحساب الجمّل!. كما إنّ ورود كلمة (علي) في الآية كاملة =12 وفي هذا إشارة الى عدد السقاة والذادة على حوض الكوثر كون الإمام علي(ع) أولهم وقائدهم.
وملخص الفكرة يمكن عرضه ضمن ثلاث إطروحات يصلح كل منها لأن يكون تفسيراً راجحاً للآية الشريفة:
1.إنّ كلمة (ساق) هي في الأصل ساقي من السقاية وقد حذفت ياؤها، لأنّ الاسم المنقوص إذا جاء نكرة تُحذف ياؤه ، ويعوض عنها بتنوين العوض، أو التعويض نحو قوله تعالى: (وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥمِنۡ هَادٍ 23)[14] وقوله تعالى: (أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖيَهِيمُونَ 225)[15]، وهي قاعدة نحوية معروفة[16] ، ولمّا كانت الأحاديث الشريفة تبيِّن أنّ ساقي الكوثر هو الأمام علي(ع)، بل الأئمة كلهم بين ساق وذائد، إتضح سبب الرهق والذلة من هول الصدمة التي تصيب المنحرفين عن خط الأئمة الإثني عشر(ع)، حين يُكشف عن هذه الحقيقة ويُدركون ذلك واقعاً، حيث يُدعون الى السجود كما دُعيَ الملائكة وإبليس للسجود لآدم: (وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ 34) ، ودعوة السجود الأخروية هذه سواءٌ كانت لله تعالى أو للرسول وآله(ع) في ذلك اليوم فهي بأمر الله وبالنتيجة فهي طاعة لله تعالى، ولمّا كانت الأعمال في ذلك اليوم هي نتاج وانعكاس لأعمال الدنيا وتجلٍ لها، حيث تُبلى السرائر وتُكشف الضمائر، فسيتمكن المؤمنون من إجابة الدعوة كما أجابوها في الحياة الدنيا، ولن يتمكن غيرهم من إجابة هذا الطلب الإرصادي نتيجة الكبر الذي كانوا عليه في الدنيا، حيث تُدمج أصلابهم فلا تنثني وتكون كالصياصي[17] فيختلج القرن منهم أي يُجذبون ويُقتطعون ويُؤخذ بهم الى ذات الشمال، الى النار.
إنّ دعوّة السجود في الدنيا لها مفهوم واسع يمكن أنْ نجده في الصلاة المفروضة و النافلة ونجدها في سجود الشكر و التلاوة ، ولكن تخصيص السجود هنا وارتباطه بحوض الكوثر فيه إشارة بالغة الى أمر دخول باب حطة سجدّاً لبني إسرائيل: (وَٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُولُواْ حِطَّةٞ نَّغۡفِرۡ لَكُمۡ خَطَٰيَٰكُمۡۚ وَسَنَزِيدُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ 58)[18] ، فمن المعلوم أنّ أهل البيت (ع) هم باب حطة هذه الأمة كما جاء ذلك في الروايات الشريفة[19] ، لذا تجسدّتْ هذه الدعوة صريحاً في دخول باب حطة هذه الأمة سجدّاً ، فمن دخله في الدنيا ساجداً غُفرتْ خطاياه وتمكّن من إجابة داعي السجود الأخروي : (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ ... ) ، ومنْ لم يدخله في الحياة الدنيا دُمج صلبه وأصبح كقرون البقر فلا يتمكن من السجود حينئذٍ فيؤخذ به الى النار . أجارنا الله وإياكم من سوء المنقلب والعاقبة. وسيتضح هذا المشهد أكثر لو تأملنا في الآية الشريفة: (فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةٗ سِيَٓٔتۡ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ 27)[20] فقد جاء في تفسيرها: (فإذا كان يوم القيامة ونظر أعداء أمير المؤمنين(ع) ما أعطاه الله من المنزلة الشريفة العظيمة وبيده لواء الحمد وهو على الحوض يسقي ويمنع، تسوّد وجوه أعدائه فيقال لهم: (هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ)، أي هذا الذي كنتم به تدّعون منزلته وموضعه واسمه وقوله)[21]. و قد (نقل الحاكم أبو القاسم الحسكاني بأسانيده الصحيحة عن شريك عن الأعمش أنّه قال لما رأوا ما لعلي بن أبي طالب عند الله من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا)[22].
2. قد عرفتَ من الروايات الآنفة الذكر أنّ نهر الكوثر يُزود حوض الكوثر بالماء من خلال مثعبين يصبان فيه وهما تسنيم ومعين، والنهر أصله من تحت ساق العرش، وقد ذكر بعض المفسرين أنّ الساق الواردة في الآية هي ساق العرش[23]، وهنا سيكتمل المشهد حينما تجمع وتربط مع الروايات التي تشير الى أنّ اسم علي(ع) مكتوب على ساق العرش، فقد ورد عن النبي(ص) أنّه قال: (لما عُرج بي رأيتُ على ساق العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله ايّدته بعلي ونصرته به)[24].فيُصدم أعداءه ويسقط في أيديهم عندما يعرفون مقامه ومنزلته التي حباه الله تعالى بها، فلا يستطيعون السجود حينئذ وقد كانوا يُدعون وهم أصحاء معافون في الحياة الدنيا.
3. جاء في مسند أبي يعلى: (لتجدنه مشمر الإزار على ساق يذود عنه رايات المنافقين ذود غريبة الإبل)[25]. والضمير في الرواية يرجع الى الإمام علي(ع) فيكون الكشف عن ساقه وهو يذود المنافقين عن الحوض، فتكون الصدمة والمفاجأة للمنحرفين عنه فلا يستطيعون السجود حينئذ وقد كانوا يُدعون وهم أصحاء معافون في الحياة الدنيا.
بعد أن تكاملتْ أركان هذه الفكرة وأسفرتْ عن وجه مليح، بدأتُ بالبحث عن مؤيدات روائية إضافية تدعمها، وتضفي عليها المعقولية والمقبولية، وإليك بعضاً من هذه الروايات الشريفة التي تُنظِّر و تُؤصِّل لهذه الفكرة:
1. عن ابن عباس قال: قال رسول الله: من أحب علياً وأطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غداً، وكان معي في درجتي في الجنة. ومن أبغض علياً في دار الدنيا وعصاه، لم أره ولم يرني يوم القيامة، واختلج دوني وأخذ به ذات الشمال إلى النار)، تبين هذه الرواية الشريفة أنّ منْ إتبع علياً(ع) في الحياة الدنيا ورد الحوض ومن لم يتبعه ذيد عن الحوض، وتتضح الصورة أكثر إذا رُبطت مع هذه الرواية الشريفة في تفسير آية الساقي، حيث روى علي بن ابراهيم القمي مانصه: (يكشف عن الأمور التي خفيتْ وما غصبوا آل محمد حقهم. (وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) قال: يكشف لأمير المؤمنين(ع) فتصير أعناقهم مثل صياصي البقر يعني قرونها فلا يستطيعون أن يسجدوا و هي عقوبة لأنهم لم يطيعوا الله في الدنيا في أمره و هو قوله: (وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ) قال إلى ولايته في الدنياو هم يستطيعون)[26]).
2. ((خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ) أي ذليلة أبصارهم لايرفعون نظرهم عن الأرض ذلَّة ومهانة (تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ) أي تغشاهم ذلة الندامة والحسرة)[27]. ويمكن هنا أن نربط صفات الذلة الواردة في الآية والتي تصيبهم مع هذه الرواية التي تبين أنّ شفاههم ذابلة:فعن أنس بن مالك عن النبي(ص) قال: ليرفعن أناسٌ من أصحابي وأنا على الحوض فإذا عاينوني عرفتهم وأنا على الحوض قد ذبلت شفاههم فاختلجوا دوني)[28].
3. ورد عن النبي(ص) أنه قال لعلي(ع): (والذي نبأ محمداً وأكرمه إنك الذائد عن حوضي تذود عنه رجالاً كما تُذاد البعير الصادي عن الماء، بيدك عصا من عوسج كأني أنظر الى مقامك من حوضي)[29].هذه الرواية مثل باقي الروايات في أنّ المنافقين يُطردون ويُذادون عن الحوض ، لكنها تميّزت بذكر صفة الأصيد، والأصيد في اللغة: (الرجل الذي به كبر)[30]،و (رافعُ رأَسِهِ كِبْراًوهو مَجَاز وإِنما قيل للمَلِكِ: أَصْيَدُلكَوْنه يَرفَعُ رأْسَه كِبْراً)[31]. يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيۡتَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودٗا 61)[32]، جاء في تفسيرها: (هم أعداء آل محمد (ص) كلهم جرتْ فيهم هذه الآية)[33]، وقال الله عزّ وجل أيضاً: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ5)[34]، وقد جاء في تفسيرها: (وإذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم النبي من ذنوبكم « لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ » قال اللَّه تعالى « وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ » عن ولاية علي « وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ » عليه)[35]. وأساس المسألة هنا هو الكبر الذي أدّى بهم الى الصد وهذا الكبر هو الذي منع إبليس عليه اللعنة من أنْ يسجد لآدم (ع)، يقول تعالى: (قَالَ يَٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ 75)[36]، فالكبر مانع من السجود، وهنا تكرّر الأمر مع المنافقين، أتباع إبليس، حيث شُبِّهوا بالبعير الأصيد، فهم من كبرهم لم يسجدوا في دار الدنيا وهم أصحّاء معافون، أي لم يطيعوا أمر الرسول(ص) ولم يرقبوا قوله في أهل بيته(ع)، وتجلّى الأمر وبان عليهم في موقف الحوض حينما دُعوا الى السجود فلم يستطيعوا.
4. بعد بحث طويل عن تفسير يؤيد ماتوصلتُ إليه وجدتُ بعض ضالتي عندالملا صدرا الشيرازي حيث يذكر مانصه: (الكشف عن الساق كناية عن الظهور كما في قول العرب كشف الحرب عن ساقها ويدور في خلدي ان يكون ساق مخفف ساقي أي يكشف عن ساقي الكوثر كما ورد انّه لا يعلم حقيقة علي بن أبي طالب(ع) الا الله ومحمد(ص) ويُدعون إلى السجود أي يُدعى كل من الامام والمأمومين إلى السجود لله الواحد المعبود وهذا المعنى جعله الله قسطي بمنه وجوده)[37].
[1]. سورة القلم ، الآية 42.
[2]. روى في البخاري ومسلم ، وأخرج ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال: قال رسول الله(ص) (يوم يكشف عن ساق) قال: يكشف الله عز وجل عن ساقه.
[3]. بيان تلبيس الجهمية - ابن تيمية ج5 ص473 ، وانظر: مجموع الفتاوى، له ج6 ص394- 395.
[4]. تفسير الرازي ج30 ص93.
[5]. تفسير الرازي ج3 ص93.
[6]. تفسير القرطبي ج18 ص248.
[7]. الدر المنثور – جلال الدين السيوطي ج6 ص249.
[8]. تفسير مجمع البيان – الشيخ الطبرسي ج10 ص94.
[9]. تفسير القرطبي ج18 ص248.
[10]. من هدي القران – محمد تقي المدرسي في تفسيره للآية 42 من سورة القلم.
[11]. تفسير القرطبي ج18 ص248.
[12]. سورة القلم ، الآيتان 42 و 43 .
[13].انظر الملحق بجداول الحساب وأسلوب ورود الحروف في نهاية البحث ، للإستعانة به في فهم الإشارات العددية المذكورة في البحث ، وللإستزادة انظر الفصل الثاني من كتابي الذرية الخاتمة – بحوث في الإعجاز العددي.
[14]. سورة الزمر ، الآية 23.
[15]. سورة الشعراء ، الآية 225 .
[16]. المقصور والممدود للفراء ص45 .
[17]. أي كقرون البقر.
[18]. سورة البقرة ، الآية 58 .
[19]. تفسير فرات الكوفي ص367 ، بصائر الدرجات للصفار ص317 ، أمالي الشيخ الصدوق ص133.
[20]. سورة الملك ، الآية 27.
[21]. تفسير القمي – علي بن إبراهيم القمي -ج2 ص379.
[22]. شرح اصول الكافي – مولى محمد صالح المازندراني ج7 ص51.
[23]. انظر مثلاً تفسير الرازي 30 ص93.
[24]. تاريخ دمشق ج47 ص344 و ج42 ص336.
[25].مسند أبي يعلى: 6/174.
[26] . تفسير القمي – علي بن ابراهيم القمي ص162 ، بحارالأنوار – العلامة المجلسي ج7 ص131.
[27]. مجمع البيان – الشيخ الطبرسي ج10 ص94.
[28]. فردوس الأخبار ج3 ص444.
[29]. بحار الأنوار ج39 ص 213 ، مناقب الخوارزمي ص65 ، مناقب ابن شهر آشوب ج2 ص 162.
[30]. الكنز اللغوي- ابن السكيت في مادة صيد.
[31]. فقه اللغة – الثعالبي في مادة صيد.
[32]. سورة النساء ، الآية 61.
[33]. تفسير البرهان – البحراني ج2 ص116.
[34]. سورة المنافقون الآية 5.
[35]. البرهان - البحراني ج5 ص337. الوافي للفيض الكاشاني ج3 ص916.
[36]. سورة ص ، الآية 75.
[37]. الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة صدر الدين محمد الشيرازي ج5 ص311 – 312.
المهندس هادي جساس الذهبي 2011
يوم يكشف عن ساق
يقول الله تعالى: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ)[1].
أورد المفسرون أقوالاً كثيرة في فهم هذه الآية الكريمة وذهبوا مذاهب شتّى في تفسيرها:
1. أنّ المراد بالساق في الآية ساق الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً وثبت لديهم ذلك عن ابن مسعود[2]. وقال ابن تيمية: (ليس في ظاهر القرآن أنَّ ذلك صفة لله تعالى، لأنه قال: «يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ»، ولم يقل: عن ساق الله، ولا قال: يكشف الرب عن ساقه، وإنما ذكر ساقًا منكَّرة غير معرفة ولا مضافة، وهذا اللفظ بمجرَّده لا يدلُّ على أنها ساق الله، والذين جعلوا ذلك من صفات الله تعالى أثبتوه بالحديث الصحيح المفسِّر للقرآن، وهو حديث أبي سعيد الخدري المخرَّج في الصحيحين الذي قال فيه: «فيكشف الرب عن ساقه»)[3].
2. ذكر الرازي في تفسيره نقلاً عن الزمخشري في كشافه: (الكشف عن الساق مثل في شدة الأمر، فمعنى قوله: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ) يوم يشتد الأمر ويتفاقم، ولا كشف ثمّ، ولا ساق، كما تقول للأقطع الشحيح: يده مغلولة، ولا يد ثمّ ولا غل وإنما هو مثل في البخل)[4].
3. قال ابن قتيبة أصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى الجد فيه، يشمر عن ساقه، فلا جرم يقال في موضع الشدة: كشف عن ساقه، واعلم أنّ هذا اعتراف من أهل اللغة بأن استعمال الساق في الشدة مجاز، وأجمع العلماء على أنه لا يجوز صرف الكلام إلى المجاز إلا بعد تعذر حمله على الحقيقة، فإذا أقمنا الدلائل القاطعة على أنّه تعالى، يستحيل أنْ يكون جسماً، فحينئذ يجب صرف اللفظ إلى المجاز[5].(وقال أبو عبيدة: إذا اشتدّ الحرب والأمر قيل: كشف الأمر عن ساقه. والأصل فيه أن من وقع في شئ يحتاج فيه إلى الجد شمر عن ساقه، فاستعير الساق والكشف عنها في موضع الشدة)[6].
4.عن ابن عباس في تفسير هذه الاية: (قال: يكشف عن شدة الآخرة وقال: هي أشد ساعة تكون يوم القيامة)[7].
5. وفي مجمع البيان عن القتيبي: (أصل هذا انّ الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج الى الجد فيه يشمر عن ساقه، فاستعيرالكشف عن الساق في موضع الشدة)...تقول العرب: قامتْ الحرب على ساق، وكشفت عن ساق يريدون شدتها .. قال الشاعر: قد شمرت عن ساقها فشدوا * وجدتالحرب بكم فجدوا )[8]
6. وقيل: (يريد وقت اقتراب الأجل وضعف البدن، أي يكشف المريض عن ساقه ليبصر ضعفه، ويدعوه المؤذن إلى الصلاة فلا يمكنه أن يقوم ويخرج)[9].
7. ويمكن القول انه كناية عن تجلي اصول الحقائق، و انما استخدم القرآنالكشف عن الساق لان ساق الشيء أصله، و على هذا قيل ساق الشجرة. و يومالقيامة هو يوم الكشف عن أصل الحقائق فهنالك يكشف للناس الحق الأصل وأعمالهم)[10].
8. وقيل: يكشف عن ساق جهنم. وقيل: عن ساق العرش[11].
إثارة جديدة في معنى الساق
يقول الله تعالى: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ 42 خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ 43)[12]. بعد دراسة وتأملٍ عميقين في الآية الكريمة ومتابعةٍ للروايات الشريفة المرتبطة بتفسير هذه الآية المباركة، تبلورتْ لديّ فكرة جديدة، أرى طريقها سالكاً وجوانبها ظليلة، تبلغ الهدف بيُسر وخير وسيلة. وقد انبثقت هذه الفكرة عند ملاحظتي لرقم الآية الكريمة وهو (42) إذْ هو بقدر عدد حروف الأئمة الإثني عشر(ع)، الذين يمثلون السقاة والذادة على حوض الكوثر كما مر علينا آنفاً. إضافة الى أنّ هذاالتعبير الشريف: (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ) مؤلف من 12 حرفاً بعدد السقاة الإثني عشر(ع)، وقيمته بالحساب التكراري[13]= 110 وهذا بدوره = قيمة (علي) بحساب الجمّل!. كما إنّ ورود كلمة (علي) في الآية كاملة =12 وفي هذا إشارة الى عدد السقاة والذادة على حوض الكوثر كون الإمام علي(ع) أولهم وقائدهم.
وملخص الفكرة يمكن عرضه ضمن ثلاث إطروحات يصلح كل منها لأن يكون تفسيراً راجحاً للآية الشريفة:
1.إنّ كلمة (ساق) هي في الأصل ساقي من السقاية وقد حذفت ياؤها، لأنّ الاسم المنقوص إذا جاء نكرة تُحذف ياؤه ، ويعوض عنها بتنوين العوض، أو التعويض نحو قوله تعالى: (وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥمِنۡ هَادٍ 23)[14] وقوله تعالى: (أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖيَهِيمُونَ 225)[15]، وهي قاعدة نحوية معروفة[16] ، ولمّا كانت الأحاديث الشريفة تبيِّن أنّ ساقي الكوثر هو الأمام علي(ع)، بل الأئمة كلهم بين ساق وذائد، إتضح سبب الرهق والذلة من هول الصدمة التي تصيب المنحرفين عن خط الأئمة الإثني عشر(ع)، حين يُكشف عن هذه الحقيقة ويُدركون ذلك واقعاً، حيث يُدعون الى السجود كما دُعيَ الملائكة وإبليس للسجود لآدم: (وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ 34) ، ودعوة السجود الأخروية هذه سواءٌ كانت لله تعالى أو للرسول وآله(ع) في ذلك اليوم فهي بأمر الله وبالنتيجة فهي طاعة لله تعالى، ولمّا كانت الأعمال في ذلك اليوم هي نتاج وانعكاس لأعمال الدنيا وتجلٍ لها، حيث تُبلى السرائر وتُكشف الضمائر، فسيتمكن المؤمنون من إجابة الدعوة كما أجابوها في الحياة الدنيا، ولن يتمكن غيرهم من إجابة هذا الطلب الإرصادي نتيجة الكبر الذي كانوا عليه في الدنيا، حيث تُدمج أصلابهم فلا تنثني وتكون كالصياصي[17] فيختلج القرن منهم أي يُجذبون ويُقتطعون ويُؤخذ بهم الى ذات الشمال، الى النار.
إنّ دعوّة السجود في الدنيا لها مفهوم واسع يمكن أنْ نجده في الصلاة المفروضة و النافلة ونجدها في سجود الشكر و التلاوة ، ولكن تخصيص السجود هنا وارتباطه بحوض الكوثر فيه إشارة بالغة الى أمر دخول باب حطة سجدّاً لبني إسرائيل: (وَٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُولُواْ حِطَّةٞ نَّغۡفِرۡ لَكُمۡ خَطَٰيَٰكُمۡۚ وَسَنَزِيدُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ 58)[18] ، فمن المعلوم أنّ أهل البيت (ع) هم باب حطة هذه الأمة كما جاء ذلك في الروايات الشريفة[19] ، لذا تجسدّتْ هذه الدعوة صريحاً في دخول باب حطة هذه الأمة سجدّاً ، فمن دخله في الدنيا ساجداً غُفرتْ خطاياه وتمكّن من إجابة داعي السجود الأخروي : (يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ ... ) ، ومنْ لم يدخله في الحياة الدنيا دُمج صلبه وأصبح كقرون البقر فلا يتمكن من السجود حينئذٍ فيؤخذ به الى النار . أجارنا الله وإياكم من سوء المنقلب والعاقبة. وسيتضح هذا المشهد أكثر لو تأملنا في الآية الشريفة: (فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةٗ سِيَٓٔتۡ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ 27)[20] فقد جاء في تفسيرها: (فإذا كان يوم القيامة ونظر أعداء أمير المؤمنين(ع) ما أعطاه الله من المنزلة الشريفة العظيمة وبيده لواء الحمد وهو على الحوض يسقي ويمنع، تسوّد وجوه أعدائه فيقال لهم: (هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ)، أي هذا الذي كنتم به تدّعون منزلته وموضعه واسمه وقوله)[21]. و قد (نقل الحاكم أبو القاسم الحسكاني بأسانيده الصحيحة عن شريك عن الأعمش أنّه قال لما رأوا ما لعلي بن أبي طالب عند الله من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا)[22].
2. قد عرفتَ من الروايات الآنفة الذكر أنّ نهر الكوثر يُزود حوض الكوثر بالماء من خلال مثعبين يصبان فيه وهما تسنيم ومعين، والنهر أصله من تحت ساق العرش، وقد ذكر بعض المفسرين أنّ الساق الواردة في الآية هي ساق العرش[23]، وهنا سيكتمل المشهد حينما تجمع وتربط مع الروايات التي تشير الى أنّ اسم علي(ع) مكتوب على ساق العرش، فقد ورد عن النبي(ص) أنّه قال: (لما عُرج بي رأيتُ على ساق العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله ايّدته بعلي ونصرته به)[24].فيُصدم أعداءه ويسقط في أيديهم عندما يعرفون مقامه ومنزلته التي حباه الله تعالى بها، فلا يستطيعون السجود حينئذ وقد كانوا يُدعون وهم أصحاء معافون في الحياة الدنيا.
3. جاء في مسند أبي يعلى: (لتجدنه مشمر الإزار على ساق يذود عنه رايات المنافقين ذود غريبة الإبل)[25]. والضمير في الرواية يرجع الى الإمام علي(ع) فيكون الكشف عن ساقه وهو يذود المنافقين عن الحوض، فتكون الصدمة والمفاجأة للمنحرفين عنه فلا يستطيعون السجود حينئذ وقد كانوا يُدعون وهم أصحاء معافون في الحياة الدنيا.
بعد أن تكاملتْ أركان هذه الفكرة وأسفرتْ عن وجه مليح، بدأتُ بالبحث عن مؤيدات روائية إضافية تدعمها، وتضفي عليها المعقولية والمقبولية، وإليك بعضاً من هذه الروايات الشريفة التي تُنظِّر و تُؤصِّل لهذه الفكرة:
1. عن ابن عباس قال: قال رسول الله: من أحب علياً وأطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غداً، وكان معي في درجتي في الجنة. ومن أبغض علياً في دار الدنيا وعصاه، لم أره ولم يرني يوم القيامة، واختلج دوني وأخذ به ذات الشمال إلى النار)، تبين هذه الرواية الشريفة أنّ منْ إتبع علياً(ع) في الحياة الدنيا ورد الحوض ومن لم يتبعه ذيد عن الحوض، وتتضح الصورة أكثر إذا رُبطت مع هذه الرواية الشريفة في تفسير آية الساقي، حيث روى علي بن ابراهيم القمي مانصه: (يكشف عن الأمور التي خفيتْ وما غصبوا آل محمد حقهم. (وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) قال: يكشف لأمير المؤمنين(ع) فتصير أعناقهم مثل صياصي البقر يعني قرونها فلا يستطيعون أن يسجدوا و هي عقوبة لأنهم لم يطيعوا الله في الدنيا في أمره و هو قوله: (وَقَدۡ كَانُواْ يُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمۡ سَٰلِمُونَ) قال إلى ولايته في الدنياو هم يستطيعون)[26]).
2. ((خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ) أي ذليلة أبصارهم لايرفعون نظرهم عن الأرض ذلَّة ومهانة (تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ) أي تغشاهم ذلة الندامة والحسرة)[27]. ويمكن هنا أن نربط صفات الذلة الواردة في الآية والتي تصيبهم مع هذه الرواية التي تبين أنّ شفاههم ذابلة:فعن أنس بن مالك عن النبي(ص) قال: ليرفعن أناسٌ من أصحابي وأنا على الحوض فإذا عاينوني عرفتهم وأنا على الحوض قد ذبلت شفاههم فاختلجوا دوني)[28].
3. ورد عن النبي(ص) أنه قال لعلي(ع): (والذي نبأ محمداً وأكرمه إنك الذائد عن حوضي تذود عنه رجالاً كما تُذاد البعير الصادي عن الماء، بيدك عصا من عوسج كأني أنظر الى مقامك من حوضي)[29].هذه الرواية مثل باقي الروايات في أنّ المنافقين يُطردون ويُذادون عن الحوض ، لكنها تميّزت بذكر صفة الأصيد، والأصيد في اللغة: (الرجل الذي به كبر)[30]،و (رافعُ رأَسِهِ كِبْراًوهو مَجَاز وإِنما قيل للمَلِكِ: أَصْيَدُلكَوْنه يَرفَعُ رأْسَه كِبْراً)[31]. يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيۡتَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودٗا 61)[32]، جاء في تفسيرها: (هم أعداء آل محمد (ص) كلهم جرتْ فيهم هذه الآية)[33]، وقال الله عزّ وجل أيضاً: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ5)[34]، وقد جاء في تفسيرها: (وإذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم النبي من ذنوبكم « لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ » قال اللَّه تعالى « وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ » عن ولاية علي « وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ » عليه)[35]. وأساس المسألة هنا هو الكبر الذي أدّى بهم الى الصد وهذا الكبر هو الذي منع إبليس عليه اللعنة من أنْ يسجد لآدم (ع)، يقول تعالى: (قَالَ يَٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ 75)[36]، فالكبر مانع من السجود، وهنا تكرّر الأمر مع المنافقين، أتباع إبليس، حيث شُبِّهوا بالبعير الأصيد، فهم من كبرهم لم يسجدوا في دار الدنيا وهم أصحّاء معافون، أي لم يطيعوا أمر الرسول(ص) ولم يرقبوا قوله في أهل بيته(ع)، وتجلّى الأمر وبان عليهم في موقف الحوض حينما دُعوا الى السجود فلم يستطيعوا.
4. بعد بحث طويل عن تفسير يؤيد ماتوصلتُ إليه وجدتُ بعض ضالتي عندالملا صدرا الشيرازي حيث يذكر مانصه: (الكشف عن الساق كناية عن الظهور كما في قول العرب كشف الحرب عن ساقها ويدور في خلدي ان يكون ساق مخفف ساقي أي يكشف عن ساقي الكوثر كما ورد انّه لا يعلم حقيقة علي بن أبي طالب(ع) الا الله ومحمد(ص) ويُدعون إلى السجود أي يُدعى كل من الامام والمأمومين إلى السجود لله الواحد المعبود وهذا المعنى جعله الله قسطي بمنه وجوده)[37].
[1]. سورة القلم ، الآية 42.
[2]. روى في البخاري ومسلم ، وأخرج ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال: قال رسول الله(ص) (يوم يكشف عن ساق) قال: يكشف الله عز وجل عن ساقه.
[3]. بيان تلبيس الجهمية - ابن تيمية ج5 ص473 ، وانظر: مجموع الفتاوى، له ج6 ص394- 395.
[4]. تفسير الرازي ج30 ص93.
[5]. تفسير الرازي ج3 ص93.
[6]. تفسير القرطبي ج18 ص248.
[7]. الدر المنثور – جلال الدين السيوطي ج6 ص249.
[8]. تفسير مجمع البيان – الشيخ الطبرسي ج10 ص94.
[9]. تفسير القرطبي ج18 ص248.
[10]. من هدي القران – محمد تقي المدرسي في تفسيره للآية 42 من سورة القلم.
[11]. تفسير القرطبي ج18 ص248.
[12]. سورة القلم ، الآيتان 42 و 43 .
[13].انظر الملحق بجداول الحساب وأسلوب ورود الحروف في نهاية البحث ، للإستعانة به في فهم الإشارات العددية المذكورة في البحث ، وللإستزادة انظر الفصل الثاني من كتابي الذرية الخاتمة – بحوث في الإعجاز العددي.
[14]. سورة الزمر ، الآية 23.
[15]. سورة الشعراء ، الآية 225 .
[16]. المقصور والممدود للفراء ص45 .
[17]. أي كقرون البقر.
[18]. سورة البقرة ، الآية 58 .
[19]. تفسير فرات الكوفي ص367 ، بصائر الدرجات للصفار ص317 ، أمالي الشيخ الصدوق ص133.
[20]. سورة الملك ، الآية 27.
[21]. تفسير القمي – علي بن إبراهيم القمي -ج2 ص379.
[22]. شرح اصول الكافي – مولى محمد صالح المازندراني ج7 ص51.
[23]. انظر مثلاً تفسير الرازي 30 ص93.
[24]. تاريخ دمشق ج47 ص344 و ج42 ص336.
[25].مسند أبي يعلى: 6/174.
[26] . تفسير القمي – علي بن ابراهيم القمي ص162 ، بحارالأنوار – العلامة المجلسي ج7 ص131.
[27]. مجمع البيان – الشيخ الطبرسي ج10 ص94.
[28]. فردوس الأخبار ج3 ص444.
[29]. بحار الأنوار ج39 ص 213 ، مناقب الخوارزمي ص65 ، مناقب ابن شهر آشوب ج2 ص 162.
[30]. الكنز اللغوي- ابن السكيت في مادة صيد.
[31]. فقه اللغة – الثعالبي في مادة صيد.
[32]. سورة النساء ، الآية 61.
[33]. تفسير البرهان – البحراني ج2 ص116.
[34]. سورة المنافقون الآية 5.
[35]. البرهان - البحراني ج5 ص337. الوافي للفيض الكاشاني ج3 ص916.
[36]. سورة ص ، الآية 75.
[37]. الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة صدر الدين محمد الشيرازي ج5 ص311 – 312.
تعليق